«هاليبرتن» و«بيكرهيوز» تفشلان في إتمام الاندماج

عملاقتا الطاقة الأميركيتان ألغتا العملية بعد معارضة خوفًا من الاحتكار

شركة هاليبرتن الأميركية للطاقة فشلت في خطط الاندماج مع بيكر هيوز (أ.ف.ب)
شركة هاليبرتن الأميركية للطاقة فشلت في خطط الاندماج مع بيكر هيوز (أ.ف.ب)
TT

«هاليبرتن» و«بيكرهيوز» تفشلان في إتمام الاندماج

شركة هاليبرتن الأميركية للطاقة فشلت في خطط الاندماج مع بيكر هيوز (أ.ف.ب)
شركة هاليبرتن الأميركية للطاقة فشلت في خطط الاندماج مع بيكر هيوز (أ.ف.ب)

بعد مشاورات دامت لشهور تهدف لعقد عملية دمج بين شركتي «هاليبرتن» و«بيكر هيوز»، كان من شأنها أن تكون الأكبر في تاريخ شركات الطاقة الطبيعية المستخرجة، تم إلغاء العملية بسبب معارضة السلطات الأميركية لدمج عملاقتي النفط والغاز، التي قد تجعلهما المتحكم الرئيسي في سوق خدمات النفط والطاقة.
وتخلت المجموعتان الأميركيتان للخدمات النفطية «هاليبرتن» و«بيكر هيوز» عن مشروع دمجهما الذي تقدر قيمته بمليارات الدولارات، بعد إخفاقهما في تجاوز معارضة سلطات «المنافسة الأميركية»، لخوفها من الإضرار بمصلحة المستهلك الأميركي. وتقدر قيمة العقد الذي يقضي بأن تشتري «هاليبرتن» مجموعة «بيكر هيوز» مقابل 34.6 مليار دولار، وتم الإعلان عن المشروع المزمع بين الشركتين في نهاية عام 2014.
وقال ديف ليسار، رئيس مجلس إدارة هاليبرتن، في بيان مشترك للمجموعتين إن «الصعوبات للحصول على التصاريح النظامية اللازمة المتبقية والظروف العامة للقطاع النفطي التي ألحقت ضررًا بالأسباب الاقتصادية للصفقة، أسفرت عن التوصل إلى أن التخلي عن الخطة هو أفضل شيء ممكن».
وانخفضت أسعار أسهم «هاليبرتن» نهاية عام 2014 تزامنًا مع انخفاض أسعار النفط عالميًا، وكانت تنوي استخدام جزء من أسهمها في تغطية مبلغ الصفقة. وحاليًا لم تعد أسهم الشركة تساوي أكثر من 28.6 مليار دولار.
فيما قال مارتن كيرغهيد، رئيس مجلس إدارة بيكر هيوز: «كانت صفقة عالمية بالغة التعقيد، ولم نتمكن في نهاية المطاف من إيجاد حل يهدئ من مخاوف سلطات ضبط المنافسة، داخل الولايات المتحدة وخارجها».
وعلى الرغم من إلغاء الصفقة، ستدفع «هاليبرتن» لـ«بيكر هيوز» قبل يوم غد، الرابع من مايو (أيار) الحالي، تعويضًا عن إلغاء الصفقة تبلغ قيمته 3.5 مليارات دولار، وفقًا لما ورد في العقد.
و«هاليبرتن» و«بيكر هيوز» متخصصتان بالخدمات المرتبطة بحفر أو بناء آبار النفط والمنصات البترولية. وهما تحتلان على التوالي المرتبتين الثانية والثالثة في العالم في الخدمات النفطية، وكان يمكن لاندماجهما أن يطيح بالمجموعة الفرنسية الأميركية «شلومبيرغيه» التي تحتل المرتبة الأولى.
وحققت «هاليبرتن» و«بيكر هيوز» مجتمعتين إيرادات بيع بلغت 39.37 مليار دولار العام الماضي، مقابل 35.48 مليار لـ«شلومبيرغيه».
وهدفت عملية التقارب إلى التصدي للأزمة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، الذي يدفع مجموعات النفط الكبرى إلى خفض استثماراتها والضغط على المجموعات المتعاقدة معها، مثل «هاليبرتن» و«بيكر هيوز»، من أجل خفض أسعارها. وبزيادة حجمها، كان يمكن لـ«هاليبرتن» أن تصبح في موقع أفضل في مفاوضاتها النفطية مع المجموعات النفطية الأخرى. لكن مسؤولي سلطات ضبط المنافسة الأميركية شعروا بالقلق من ظهور قطب يمكن أن يسيطر على أكبر حصة من السوق، وغياب منافسة يمكن أن تؤدي إلى زيادة أسعار الطاقة في وقت لاحق.
وحاولت المجموعتان إرضاء السلطات بوعدهما أنهما ستبيعان أسهمًا فيهما بعد عملية الاندماج، لكن دون جدوى. وبعد أشهر من المشاورات مع المجموعتين، بدأت إدارة مكافحة الاحتكار في وزارة العدل الأميركية مطلع أبريل (نيسان) الماضي، إجراءات قضائية لوقف عملية الاندماج بدافع أنها «يمكن أن تلغي منافسة أساسية وتخل بتوازن سوق الطاقة وتضر بالمستهلكين الأميركيين».
وعبرت وزيرة العدل الأميركية لوريتا لينش في بيان لها أول من أمس عن ارتياحها لتخلي المجموعتين عن خطتهما. وقالت إن «قرار الشركتين بالتخلي عن هذه الصفقة التي كانت ستجعل كثيرًا من أسواق الخدمات بين أيدي قطب ثنائي، هو انتصار للاقتصاد الأميركي ولكل الأميركيين».
وقال مساعدها ديفيد غيلفاند، الذي يعمل في إدارة مكافحة الاحتكار في الوزارة: «قليلة هي الأمور المهمة لاقتصادنا بدرجة أهمية النفط والغاز، لكن دمج (هاليبرتن) و(بيكر هيوز) كان سيؤدي إلى زيادة الأسعار وانخفاض الإنتاج وتراجع الابتكار في 23 منتجًا وخدمة على الأقل للحقول النفطية الأساسية، لتزويد الأمة الأميركية بالطاقة».



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».