إيران والعبث بالأمن القومي العربي

إيران والعبث بالأمن القومي العربي
TT

إيران والعبث بالأمن القومي العربي

إيران والعبث بالأمن القومي العربي

تصر إيران على الاستمرار في عبثها بالأمن القومي العربي؛ فمن تعطيل الدولة في لبنان، الى دعم الحوثيين في اليمن، مروراً بإثارة الفتنة في البحرين، الى تدمير سوريا عبر حليفها نظام الأسد، وليس آخرها إشعال الأزمة السياسية التي تعصف بالحكومة العراقية ومجلس نوابها.
أظهرت التحركات السياسية في بغداد، كيف تتحكم إيران بالمشهد السياسي العراقي، عبر ذهاب حليفها الأول المالكي إلى بيروت حيث الذراع الايراني الأوثق حزب الله، تبعه زعيم التيار الصدري، فيما بدا أنه اجتماع برعاية إيرانية للتوافق على صيغة سياسية ترضي القيادات في طهران.
الاطماع الإيرانية في الوطن العربي لها جذور تاريخية ممتدة؛ ففي نظرة سريعة الى التاريخ الرابط بين العراق وايران نجد ان العلاقات العراقية - الإيرانية هي علاقات تمتاز بالتوترات والحروب والهواجس، وعبر التاريخ حيث اندلعت أكثر من ثلاثين معركة بين العراق وإيران منذ عهد كورش الأول في سنة 650 قبل الميلاد وانتهاء بعصر الدولة الصفوية الذي انتهى سنة 1738 طيلة هذه الفترة كان هناك صراع على السلطة في العراق بين الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية ثم بين المملكتين العراقية والشاهنشاهية الإيرانية ثم في عهد الجمهوريتين العراقية والايرانية، فالخلاف تأريخي والأزمة كبيرة بين البلدين.
لا تكف إيران عن التدخل في الشأن العراقي، بداية من دعم الميليشيات الموالية لها ومروراً بدعم فصيل شيعي حكومي على فصيل آخر ونهاية بمحاولة بسط نفوذها على الأقاليم السنية بالعراق؛ وهو ما تحاول فعله حاليا، ويرى مراقبون عسكريون أن تدفق الأسلحة الإيرانية الثقيلة والنوعية المستمر على الميليشيات الشيعية يأتي لتعزيز قدراتها العسكرية، بحيث تصبح قادرة على التحكم بالوضع السياسي والأمني في العراق والضغط على الحكومات المتعاقبة وحماية مصالح إيران في العراق.
وفي حديث له اعتبر الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، أن ولاية الفقيه عامل أساسي في الحفاظ على وحدة العراق وشعب العراق وأضاف “لا يمكن الدفاع عن الإسلام بدون نظرية ولاية الفقيه، وفي العراق أثبتت ولاية الفقيه بأنها هي من كانت العامل الأساسي في وحدة العراقيين بكافة أطيافهم في وقت الأزمات الكبيرة" . وأضاف "لولا إيران وولاية الفقيه لكانت المراقد المقدسة الشيعية بالعراق في خطر حقيقي"، مشيرا إلى أنه خلال أسبوع واحد توحد الشعب العراقي تحت راية ولاية الفقيه للدفاع عن العراق ضد التكفيريين عندما تقدموا إلى العاصمة بغداد، معتبرا ان الاستقرار الذي ينعم به العراق اليوم "يعتبر من بركات ولاية الفقيه على الشعب العراقي.
رئيس جمعية مجلس علماء باكستان الشيخ طاهر محمود الأشرفي، حذر من خطر التدخل الإيراني السافر في شؤون الدول الإسلامية وما له من نتائج كارثية على أمن المنطقة. وأوضح في بيان صحافي صادر عنه أمس (الاحد)، في مدينة لاهور أن تدخل إيران في شؤون الدول العربية والإسلامية ودعمها للميليشيات الإرهابية قد حوّل كلاً من سوريا والعراق واليمن إلى ساحات للصراع الطائفي. وأضاف أن المخططات الهدامة لإيران في المنطقة أدت إلى إضعاف الأمة الإسلامية، مشيراً إلى أن ما نشاهده في سوريا اليوم يعكس صورة واضحة للمجازر التي يمارسها النظام السوري بدعم إيراني ضد الشعب السوري البريء. وبيّن أن المخططات الإيرانية باتت مكشوفة، ويجب على الأمة الإسلامية التصدي لهذه المخططات من خلال مكافحة أنشطة ميليشياتها وعناصرها في تنظيم "داعش".
كما دعا الشيخ الأشرفي المجتمع الدولي والدول الإسلامية إلى ضرورة التحرك من أجل وقف مجازر بشار الأسد في سوريا، وحل الأزمة السورية بطريقة تضمن قطع اليد الإيرانية في سوريا والقضاء على نظام بشار الأسد.
العراقيون بدأو يستشعرون بمرور الوقت انهيار بلادهم بفعل النفوذ الإيراني الذي نشر الطائفية واستجلب الخوف والفوضى والاستبداد والفساد لبلاد ما بين النهرين النفطية الغنية. والطريق الوحيد لإنقاذ العراق من المحنة التي يمر بها، تکمن في إنهاء تدخل النظام الايراني؛ حيث بات يشکل خطرا ليس على العراق فحسب وانما على المنطقة کلها، بل ويمکن القول إن التدخلات الاجنبية الاخرى التي جرت وتجري في العراق هي بسبب تدخلات هذا النظام والذي أثبتت الاحداث والتطورات إنه فعلا وکما قالت الزعيمة الايرانية المعارضة مريم رجوي، أخطر من القنبلة الذرية بمائة مرة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم