ما لا يفهمه الغرب عن المرأة الأفغانية

برامج المعونة تجاهلت تمكين النساء من حقوقهن

قصة رضا غول أحدث أمثلة نكث وعود تحرير نساء أفغانستان من طغيان حركة طالبان، وبالتبعية طغيان الكثير من الرجال في أفغانستان («نيويورك تايمز»)
قصة رضا غول أحدث أمثلة نكث وعود تحرير نساء أفغانستان من طغيان حركة طالبان، وبالتبعية طغيان الكثير من الرجال في أفغانستان («نيويورك تايمز»)
TT

ما لا يفهمه الغرب عن المرأة الأفغانية

قصة رضا غول أحدث أمثلة نكث وعود تحرير نساء أفغانستان من طغيان حركة طالبان، وبالتبعية طغيان الكثير من الرجال في أفغانستان («نيويورك تايمز»)
قصة رضا غول أحدث أمثلة نكث وعود تحرير نساء أفغانستان من طغيان حركة طالبان، وبالتبعية طغيان الكثير من الرجال في أفغانستان («نيويورك تايمز»)

في يناير (كانون الثاني) الماضي، انتشرت قصة حدثت فصولها في أفغانستان عن سيدة في العشرين من عمرها تدعى رضا غول. بدأت المأساة عندما اعترضت رضا على خطبة زوجها لابنة الأخت التي لا يتعدى عمرها 6 – 7 سنوات كي تصبح زوجة ثانية فما كان من الزوج الغاضب إلا أن أخرج مطواة وجدع بها أنف الزوجة ثم هرب.
ومع ذيوع تفاصيل المأساة وإدانة مسؤولي الحكومة والمنظمات الحقوقية وحتى حركة طالبان للاعتداء، أصبحت رضا غول أحدث أمثلة نكث وعود تحرير نساء أفغانستان من طغيان حركة طالبان، وبالتبعية طغيان الكثير من الرجال في أفغانستان.
كانت كل تلك الوعود معيبة من البداية، إذ إن دعاة حقوق المرأة وغيرهم من النشطاء خارج أفغانستان ممن يدركون عواقب قمع المرأة، غالبا ما يقولون إن النشطاء الغربيين تعمدوا حرف الحقائق في قضية المرأة. فقد كتبت سبوغماي أكسير، وهي باحثة أفغانية تعد لدرجة الدكتوراه في كندا، أن وصف الأفغانيات «كضحايا سلبيات وكضحايا لثقافتهن، ولرجالهن، ولسياسة بلادهن» ساهم في تبرير الغزو الإمبريالي الذي تنكر في هيئة بعثات إغاثة إنسانية.
في حين خلصت لينا أبيرافي، المتخصصة في دراسة العنف ضد المرأة وعملت في أفغانستان خلال الفترة من 2002 – 2006، إلى الاستنتاج أن برامج المعونة في أفغانستان تجاهلت مشكلة أساسية، وهى أن استهداف النساء وحدهن بالدعم من دون مخاطبة الرجال قد يؤدي إلى تعقيد المطالب السياسية الهادفة إلى تمكين المرأة من حقوقها. في الواقع، فإن استمرار العنف ضد المرأة استمد أغلب وقوده من استياء الرجال، وكذلك الكثير من النساء، من الأجندة المتسارعة لفرض التغيير، وهو الاتجاه الذي يرونه مفروضا من الخارج.
تشير الباحثتان إلى فجوة كبيرة بين طريقة فهم الغرب لتجربة المرأة في أفغانستان ورؤية المرأة الأفغانية لنفسها. فطريقة تصوير المرأة الأفغانية لنفسها ولعظمتها لا تتناسب مع المظلومية التي عبر عنها عاملو الإغاثة الغربية عند وصفهم لها؛ إذ ترى المرأة الأفغانية نفسها كامرأة شجاعة تتحلى بقدر من المقدرة والقوة، ذلك أن الإسلام مهم لهن كما أن الشرف مهم لهن أيضا. وبالطبع، تتطلع الأفغانيات لنيل المزيد من الحرية، إلا أنهن يتطلعن للمساهمة بنشاط أكبر في نيل حريتهن، وفي التحكم في وتيرة وسرعة تقدمهن لحسم الصراع.
أبيرافي أكدت أن النساء الأفغانيات يدركن معاناتهن، بيد أنهن ينفرن من فكرة الاحتياج للتدخل الخارجي لنصرة قضيتهن نيابة عنهن. وفي السياق ذاته، قال المحامي رافع زكريا، إن «التدخل الإمبريالي غير قادر على تحقيق الحد الأدنى من التغيير الأخلاقي المفترض حدوثه في أفغانستان كي تنعم نساؤها بالأمان».
ما يذكر أنه قبل الاعتداء الذي تعرضت له رضا غول بوقت قصير، أدلت مصورة أفغانية تدعى سارة كريمي بتصريح في مدينة كراتشي الباكستانية قالت فيه إن «عاملي الإغاثة قد ازدادوا ثراء بفضل مشاريع تمكين المرأة الأفغانية»، وبفضل «المشاريع التي تستهدف الأقليات»، في حين ترك الكثير من المثقفات الأفغانيات البلاد في إطار موجة هجرة العقول للخارج. من الصعب عليهن تحمل ظروف العمل الخطرة والبيئة الاجتماعية الخانقة خارج التجمعات الغربية المحمية. غير أن كريمي شددت على أن هناك أفغانيات أخريات قادرات على التعبير عن أنفسهن لكن بمساعدة من المنظمات الدولية؛ حيث مكنتهم ورش العمل والتدريب من أن يسردن قصصهن الذاتية مع المعاناة بطريقتهن، لا عن طريق متحدثين غربيين يتحدثون نيابة عنهن.
يجب أن أعترف أنني قد ارتكبت نفس الخطأ أيضا عندما نظرت إلى الأفغانيات من خلال ذلك المنظور الضيق. ففي عام 1996، وفي ظل الأخبار التي تواترت عن حالهن المذري في ظل حكم طالبان، كتبت قصة قصيرة ركزت فيها على البرقع وعلى السجن المفروض عليهن في بلادهن. وفي نهاية القصة كشفت «أنني كنت أتحدث عن مستقبل قد يتكشف في أفغانستان إذا ما تجاهلنا حال أخواتنا الأفغانيات. لكن الآن أنظر إلى الخلف وأتعجب كيف كتبت تلك القصة من دون مقابلة امرأة أفغانية حقيقية. لم يحدث أن قابلت امرأة أفغانية حتى عام 2013 عندما سافرت إلى مدينة قونية التركية لحضور مؤتمر عن شعر وحياة جلال الدين الرومي. تألف وفدنا المشارك من شابتين أفغانيتين، كانت إحداهما لطيفة ومتحفظة وتعمل مديرة لمركز ثقافي بشمال أفغانستان، وتتولي تحرير مجلة شهرية تصدر عن المركز. كانت الأولى تدرس الأدب الداري بالجامعة، وكتبت أبحاثا معمقة عن «رومي»، وجمعت شعر بعض الشعراء الشباب باللغة الدارية. وكانت السيدة الأخرى شاعرة فصيحة تكتب لصحيفة نسائية وتدير محطة إذاعة في بلادها».
وتابعت: «لم تكن هاتان السيدتان من الضحايا رغم أنهما جاءتا إلى قونية عن طريق منحة، وكانت مشاريعهما في بلدهما تدار بتمويل من منظمات دولية. كانتا كما كنت في العشرينات من عمري؛ تدرسان، وتعملان لبناء حياتهما. كانتا تغطيان شعرهما طوال الوقت؛ مديرة المركز كانت تضع غطاء رأس خفيف، والشاعرة ترتدي قبعة ملونة ولفافة رأس، لكنهما كانتا تناقشان وتجادلان، وتضحكان وتغنيان معنا جميعًا في الطريق من قونية إلى قبادوقيا».
وفي أحد الأيام قام وفدنا بزيارة إلى كنيسة صغيرة لا تخلو من مهابة وعراقة. وعندما حل ضوء الصباح، اعتلت الشاعرة صخرة فوق رؤوسنا لتقرأ بعض الأبيات للرومي، ووقفنا في الأسفل مسحورين بما أسمعتنا. كانت عيناها تفيضان بمشاعر جياشة ورأسها مرفوع في فخر وإباء، وفي ضوء الشمس ووسط الأزهار والصخور الناتئة، رأيناها تتحرك بيننا بحيوية وحرية. ما زلت على اتصال بهما، والعام الماضي شاهدت بفخر انتخاب هذه الشاعرة لعضوية مجلس الشعب في بلادها، وبعدها علمت أنها تزوجت، أرسلت لها رسالة تهنئة على تلك الخطوة الشجاعة، وتحدثت عن تفاؤلي بالمستقبل في ظل ثقتي بالرجل الأفغاني الذي اختارته شريكا لحياتها». وجاء ردها: «شكرا لك، فقد بدأت حياة جديدة مليئة بالحب».
*خدمة «نيويورك تايمز»



«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
TT

«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)

بين الحين والآخر، تتجدد فكرة «مراجعات الإخوان»، الجماعة التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، فتثير ضجيجاً على الساحة السياسية في مصر؛ لكن دون أي أثر يُذكر على الأرض. وقال خبراء في الحركات الأصولية، عن إثارة فكرة «المراجعة»، خصوصاً من شباب الجماعة خلال الفترة الماضية، إنها «تعكس حالة الحيرة لدى شباب (الإخوان) وشعورهم بالإحباط، وهي (فكرة غائبة) عن قيادات الجماعة، ومُجرد محاولات فردية لم تسفر عن نتائج».
ففكرة «مراجعات إخوان مصر» تُثار حولها تساؤلات عديدة، تتعلق بتوقيتات خروجها للمشهد السياسي، وملامحها حال البدء فيها... وهل الجماعة تفكر بجدية في هذا الأمر؟ وما هو رد الشارع المصري حال طرحها؟
خبراء الحركات الأصولية أكدوا أن «الجماعة ليست لديها نية للمراجعات». وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط»: «لم تعرف (الإخوان) عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى الأهداف»، لافتين إلى أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (محنة) للبقاء، وجميع قيادات الخارج مُستفيدين من الوضع الحالي للجماعة». في المقابل لا يزال شباب «الإخوان» يتوعدون بـ«مواصلة إطلاق الرسائل والمبادرات في محاولة لإنهاء مُعاناتهم».

مبادرات شبابية
مبادرات أو رسائل شباب «الإخوان»، مجرد محاولات فردية لـ«المراجعة أو المصالحة»، عبارة عن تسريبات، تتنوع بين مطالب الإفراج عنهم من السجون، ونقد تصرفات قيادات الخارج... المبادرات تعددت خلال الأشهر الماضية، وكان من بينها، مبادرة أو رسالة اعترف فيها الشباب «بشعورهم بالصدمة من تخلي قادة جماعتهم، وتركهم فريسة للمصاعب التي يواجهونها هم وأسرهم - على حد قولهم -، بسبب دفاعهم عن أفكار الجماعة، التي ثبت أنها بعيدة عن الواقع»... وقبلها رسالة أخرى من عناصر الجماعة، تردد أنها «خرجت من أحد السجون المصرية - بحسب من أطلقها -»، أُعلن فيها عن «رغبة هذه العناصر في مراجعة أفكارهم، التي اعتنقوها خلال انضمامهم للجماعة». وأعربوا عن «استعدادهم التام للتخلي عنها، وعن العنف، وعن الولاء للجماعة وقياداتها».
وعقب «تسريبات المراجعات»، كان رد الجماعة قاسياً ونهائياً على لسان بعض قيادات الخارج، من بينهم إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، الذي قال إن «الجماعة لم تطلب من هؤلاء الشباب الانضمام لصفوفها، ولم تزج بهم في السجون، ومن أراد أن يتبرأ (أي عبر المراجعات) فليفعل».
يشار إلى أنه كانت هناك محاولات لـ«المراجعات» عام 2017 بواسطة 5 من شباب الجماعة المنشقين، وما زال بعضهم داخل السجون، بسبب اتهامات تتعلق بـ«تورطهم في عمليات عنف».
من جهته، أكد أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «(المراجعات) أو (فضيلة المراجعات) فكرة غائبة في تاريخ (الإخوان)، وربما لم تعرف الجماعة عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو على مستوى السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى أهداف الجماعة ومشروعها»، مضيفاً: «وحتى الآن ما خرج من (مراجعات) لم تتجاوز ربما محاكمة السلوك السياسي للجماعة، أو السلوك الإداري أو التنظيمي؛ لكن لم تطل (المراجعات) حتى الآن جملة الأفكار الرئيسية للجماعة، ومقولتها الرئيسية، وأهدافها، وأدبياتها الأساسية، وإن كانت هناك محاولات من بعض شباب الجماعة للحديث عن هذه المقولات الرئيسية».

محاولات فردية
وقال أحمد بان إن «الحديث عن (مراجعة) كما يبدو، لم تنخرط فيها القيادات الكبيرة، فالجماعة ليس بها مُفكرون، أو عناصر قادرة على أن تمارس هذا الشكل من أشكال (المراجعة)، كما أن الجماعة لم تتفاعل مع أي محاولات بحثية بهذا الصدد، وعلى كثرة ما أنفقته من أموال، لم تخصص أموالاً للبحث في جملة أفكارها أو مشروعها، أو الانخراط في حالة من حالات (المراجعة)... وبالتالي لا يمكننا الحديث عن تقييم لـ(مراجعة) على غرار ما جرى في تجربة (الجماعة الإسلامية)»، مضيفاً أن «(مراجعة) بها الحجم، وبهذا الشكل، مرهونة بأكثر من عامل؛ منها تبني الدولة المصرية لها، وتبني قيادات الجماعة لها أيضاً»، لافتاً إلى أنه «ما لم تتبنَ قيادات مُهمة في الجماعة هذه (المراجعات)، لن تنجح في تسويقها لدى القواعد في الجماعة، خصوصاً أن دور السلطة أو القيادة في جماعة (الإخوان) مهم جداً... وبالتالي الدولة المصرية لو كانت جادة في التعاطي مع فكرة (المراجعة) باعتبارها إحدى وسائل مناهضة مشروع الجماعة السياسي، أو مشروع جماعات الإسلام السياسي، عليها أن تشجع مثل هذه المحاولات، وأن تهيئ لها ربما عوامل النجاح، سواء عبر التبني، أو على مستوى تجهيز قيادات من الأزهر، للتعاطي مع هذه المحاولات وتعميقها».
وأكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «الجماعة لم تصل لأي شيء في موضوع (المراجعات)، ولا توجد أي نية من جانبها لعمل أي (مراجعات)»، مضيفاً: «هناك محاولات فردية لـ(المراجعات) من بعض شباب الجماعة الناقم على القيادات، تتسرب من وقت لآخر، آخرها تلك التي تردد أنها خرجت من داخل أحد السجون جنوب القاهرة - على حد قوله -، ومن أطلقها صادر بحقهم أحكام بالسجن من 10 إلى 15 سنة، ولهم مواقف مضادة من الجماعة، ويريدون إجراء (مراجعات)، ولهم تحفظات على أداء الجماعة، خصوصاً في السنوات التي أعقبت عزل محمد مرسي عن السلطة عام 2013... وتطرقوا في انتقاداتهم للجوانب الفكرية للجماعة، لكن هذه المحاولات لم تكن في ثقل (مراجعات الجماعة الإسلامية)... وعملياً، كانت عبارة عن قناعات فردية، وليس فيها أي توجه بمشروع جدي».
وأكد زغلول، أن «هؤلاء الشباب فكروا في (المراجعات أو المصالحات)، وذلك لطول فترة سجنهم، وتخلي الجماعة عنهم، وانخداعهم في أفكار الجماعة»، مضيفاً: «بشكل عام ليست هناك نية من الجماعة لـ(المراجعات)، بسبب (من وجهة نظر القيادات) (عدم وجود بوادر من الدولة المصرية نحو ذلك، خصوصاً أن السلطات في مصر لا ترحب بفكرة المراجعات)، بالإضافة إلى أن الشعب المصري لن يوافق على أي (مراجعات)، خصوصاً بعد (مظاهرات سبتمبر/ أيلول الماضي) المحدودة؛ حيث شعرت قيادات الجماعة في الخارج، بثقل مواصلة المشوار، وعدم المصالحة».
وفي يناير (كانون الثاني) عام 2015، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أن «المصالحة مع من مارسوا العنف (في إشارة ضمنية لجماعة الإخوان)، قرار الشعب المصري، وليس قراره شخصياً».
وأوضح زغلول في هذا الصدد، أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (أزمة أو محنة) لبقائها، وجميع القيادات مستفيدة من الوضع الحالي للجماعة، وتعيش في (رغد) بالخارج، وتتمتع بالدعم المالي على حساب أسر السجناء في مصر، وهو ما كشفت عنه تسريبات أخيرة، طالت قيادات هاربة بالخارج، متهمة بالتورط في فساد مالي».

جس نبض
وعن ظهور فكرة «المراجعات» على السطح من وقت لآخر من شباب الجماعة. أكد الخبير الأصولي أحمد بان، أن «إثارة فكرة (المراجعة) من آن لآخر، تعكس حالة الحيرة لدى الشباب، وشعورهم بالإحباط من هذا (المسار المغلق وفشل الجماعة)، وإحساسهم بالألم، نتيجة أعمارهم التي قدموها للجماعة، التي لم تصل بهم؛ إلا إلى مزيد من المعاناة»، موضحاً أن «(المراجعة أو المصالحة) فكرة طبيعية وإنسانية، وفكرة يقبلها العقل والنقل؛ لكن تخشاها قيادات (الإخوان)، لأنها سوف تفضح ضحالة عقولهم وقدراتهم ومستواهم، وستكشف الفكرة أمام قطاعات أوسع».
برلمانياً، قال النائب أحمد سعد، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إن «الحديث عن تصالح مع (الإخوان) يُطلق من حين لآخر؛ لكن دون أثر على الأرض، لأنه لا تصالح مع كل من خرج عن القانون، وتورط في أعمال إرهابية - على حد قوله -».
وحال وجود «مراجعات» فما هي بنودها؟ أكد زغلول: «ستكون عبارة عن (مراجعات) سياسية، و(مراجعة) للأفكار، ففي (المراجعات) السياسية أول خطوة هي الاعتراف بالنظام المصري الحالي، والاعتراف بالخلط بين الدعوة والسياسة، والاعتراف بعمل أزمات خلال فترة حكم محمد مرسي... أما الجانب الفكري، فيكون بالاعتراف بأن الجماعة لديها أفكار عنف وتكفير، وأنه من خلال هذه الأفكار، تم اختراق التنظيم... وعلى الجماعة أن تعلن أنها سوف تبتعد عن هذه الأفكار».
وعن فكرة قبول «المراجعات» من قبل المصريين، قال أحمد بان: «أعتقد أنه يجب أن نفصل بين من تورط في ارتكاب جريمة من الجماعة، ومن لم يتورط في جريمة، وكان ربما جزءاً فقط من الجماعة أو مؤمناً فكرياً بها، فيجب الفصل بين مستويات العضوية، ومستويات الانخراط في العنف».
بينما أوضح زغلول: «قد يقبل الشعب المصري حال تهيئة الرأي العام لذلك، وأمامنا تجربة (الجماعة الإسلامية)، التي استمرت في عنفها ما يقرب من 20 عاماً، وتسببت في قتل الرئيس الأسبق أنور السادات، وتم عمل (مراجعات) لها، وبالمقارنة مع (الإخوان)، فعنفها لم يتعدَ 6 سنوات منذ عام 2013. لكن (المراجعات) مشروطة بتهيئة الرأي العام المصري لذلك، وحينها سيكون قبولها أيسر».
يُشار إلى أنه في نهاية السبعينات، وحتى منتصف تسعينات القرن الماضي، اُتهمت «الجماعة الإسلامية» بالتورط في عمليات إرهابية، واستهدفت بشكل أساسي قوات الشرطة والأقباط والأجانب. وقال مراقبون إن «(مجلس شورى الجماعة) أعلن منتصف يوليو (تموز) عام 1997 إطلاق ما سمى بمبادرة (وقف العنف أو مراجعات تصحيح المفاهيم)، التي أسفرت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وقتها، على إعلان الجماعة (نبذ العنف)... في المقابل تم الإفراج عن معظم المسجونين من كوادر وأعضاء (الجماعة الإسلامية)».
وذكر زغلول، أنه «من خلال التسريبات خلال الفترة الماضية، ألمحت بعض قيادات بـ(الإخوان) أنه ليس هناك مانع من قبل النظام المصري - على حد قولهم، في عمل (مراجعات)، بشرط اعتراف (الإخوان) بالنظام المصري الحالي، وحل الجماعة نهائياً».
لكن النائب سعد قال: «لا مجال لأي مصالحة مع (مرتكبي جرائم عنف ضد الدولة المصرية ومؤسساتها) - على حد قوله -، ولن يرضى الشعب بمصالحة مع الجماعة».