«واشنطن بوست»: آن الأوان لـ«الخطة باء» في سوريا

اعتبرت أن سياسة أميركا تحولت إلى روتين مقزز

«واشنطن بوست»: آن الأوان  لـ«الخطة باء» في سوريا
TT

«واشنطن بوست»: آن الأوان لـ«الخطة باء» في سوريا

«واشنطن بوست»: آن الأوان  لـ«الخطة باء» في سوريا

قالت صحيفة «واشنطن بوست»، في افتتاحيتها أمس، إن القصف المدمر لمستشفى في حلب مساء الأربعاء – والذي قتل ما لا يقل عن 50 من المدنيين، بمن فيهم عاملون في الحقل الطبي وعدد من الأطفال – لم يكن مجرد حادثة عارضة أو مفاجئة، فمنذ أسابيع ونظام بشار الأسد يعلن عن نيته استعادة الجانب الشرقي من حلب الذي تسيطر عليه المعارضة، بمساعدة «شركائنا الروس»، بحسب تعبير رئيس وزراء نظام الأسد.
واعتبرت الصحيفة، أن تفجير المستشفيات وأسواق المواد الغذائية، يعد مكونا معياريا لحملات الأسد العسكرية، التي تهدف إلى طرد المدنيين خارج المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وبحلول يوم السبت، كان الهجوم على حلب قد دخل يومه التاسع؛ ومع هذا لا يزال المسؤولون في الولايات المتحدة والأمم المتحدة يسيرون وراء سراب أن «وقف الأعمال العدائية» الذي يقولون: إنه بدأ في 27 فبراير (شباط)، والذي لم يحترمه نظام الأسد بالكامل قط، ما زال قائما بطريقة ما. فقد قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، جون كيربي، بينما كان عمال الإنقاذ يسحبون الأطفال من بين ركام جناح الأطفال بالمستشفى: «أعتقد بأننا لا نزال نرى أنها (الهدنة) ما زالت قائمة إلى حد بعيد».
واعتبرت الافتتاحية، أن سياسة الولايات المتحدة في سوريا تطورت إلى روتين مقزز. ففي حين يتفاوض الوزير كيري مع روسيا حول خطوات إنهاء العنف، يؤكد على أن الولايات المتحدة ستلجأ إلى «الخطة باء»، في حال فشلت هذه المفاوضات. بعد ذلك تسخر روسيا والنظام السوري من الاتفاقات، ويواصلان قصف المدنيين والهجوم على المعارضين المدعومين من الغرب، ويدين كيري الفظائع كما فعل يوم الخميس، عندما أعلن نفسه «غاضبا» من «الهجمة العمدية على منشأة طبية معروفة».
ثم بعد ذلك، ومتناسيا كلامه السابق عن خطة باء، والكلام للصحيفة، يعود كيري إلى الروس بمناشدة جديدة من أجل التعاون. هذا هو ما حدث بعد قصف المستشفى: وزارة الخارجية تلتزم من جديد بـ«العملية السياسية»، وفقا لكيربي، الذي ذهب إلى حد وصف الخطة باء بأنها «وهمية». ويوم الجمعة، أعلنت هدنة جزئية جديدة، بداية من السبت في ضواحي دمشق ومنطقة اللاذقية الساحلية. أما حلب، التي تتعرض لهجوم من النظام، فقد تم استبعادها.
واقع الأمر أنه يبدو أن هناك خطة باء أميركية، وفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال»، التي أفادت مؤخرا أن الخطة تتضمن إمداد المعارضين السوريين بأسلحة أقوى، يمكن أن تشمل صواريخ قادرة على إسقاط الطائرات والمروحيات السورية. وشاعت على نطاق واسع تقارير مفادها أن كيري نفسه ضغط من أجل مزيد من المساعدات للمعارضة كسبيل لكسب ورقة ضغط على نظام الأسد وروسيا. غير أنه، كما هو الحال على امتداد الحرب الأهلية السورية، تم تجميد التحرك في هذا الاتجاه من قبل الرئيس أوباما الذي، من منطلق خشيته أن يزيد التدخل الأميركي الوضع سوءا، يرفض أي خطوة من شأنها تحسين الأوضاع.
ورأت الصحيفة أنه ينبغي للفظائع الأخيرة أن تدفع إدارة أوباما إلى إعادة النظر في قراراتها، فالإجراءات التي من شأنها تعزيز قوة المعارضة، وإسقاط الطيران الحكومي تتجاوز كونها الرد الأخلاقي المناسب على القصف العمدي للمستشفيات والمستودعات الغذائية. ومن منظور براغماتي، تمثل هذه الإجراءات السبيل الوحيد لإرغام نظام الأسد وحلفائه على التفاوض بجدية بشأن مستقبل سوريا. وانتهت افتتاحية الـ«واشنطن بوست»، إلى أنه «لا يزال لدى الرئيس الفرصة لتخفيف آثار أخطائه السابقة وخلق مسار نحو السلام في سوريا، وعليه أن يستغل هذه الفرصة».



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.