الميليشيات تقصف أحياء سكنية بالوازعية.. واحتدام المعارك في الضباب

محافظ تعز يناقش ملف تسفير جرحى المحافظة برعاية «مركز الملك سلمان للإغاثة»

فتاة يمنية بالقرب من مأوى مؤقت بمخيم للمشردين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم  في شمال محافظة عمران (أ.ب)
فتاة يمنية بالقرب من مأوى مؤقت بمخيم للمشردين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في شمال محافظة عمران (أ.ب)
TT

الميليشيات تقصف أحياء سكنية بالوازعية.. واحتدام المعارك في الضباب

فتاة يمنية بالقرب من مأوى مؤقت بمخيم للمشردين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم  في شمال محافظة عمران (أ.ب)
فتاة يمنية بالقرب من مأوى مؤقت بمخيم للمشردين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في شمال محافظة عمران (أ.ب)

شنت ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، قصفا عنيفا وبشكل هستيري على الأحياء السكنية ومواقع المقاومة الشعبية في مدينة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، بالأسلحة الثقيلة، في محاولة للسيطرة على مواقع جديدة واستعادة المواقع التي تم دحرهم منها من قبل قوات الشرعية؛ الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
وبينما تواصل الميليشيات الانقلابية قصفها العنيف من مواقع تمركزها بما فيها في مناطق المكلل وتلة الضنين وجبل هان في تعز، تواصل في الوقت ذاته حصارها المطبق والخانق على المدينة وتمنع دخول المواد الغذائية والدوائية والطبية والإغاثية وكل المستلزمات بما فيها المشتقات النفطية.
وشنت الميليشيات الانقلابية قصفا عنيفا على القرى التي لم ينزح سكانها بعد في مديرية الوازعية، إحدى بوابات لجج الجنوبية الواقعة غرب مدينة تعز، وذلك بعدما هجرت أكثر من 35 ألفا من سكان المديرية، وطلبت قبل يومين من بقية القرى خروج سكانها، بقوة السلاح، بالإضافة إلى شن قصف عنيف على عزلة الاقروض في المسراخ، جنوب تعز، واحتدام معارك عنيفة بين قوات الشرعية؛ الجيش الوطني والمقاومة العشبية، من جهة، والميليشيات الانقلابية من جهة أخرى، في جبهة الضباب، غرب المدينة، في محاولة من الميليشيات للتقدم نحو معسكر الدفاع الجوي.
وقال قيادي في المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح تستمر في خرق الهدنة، وقامت بقصف عزلة الاقروض في مديرية المسراخ التي تم تطهيرها قبل شهرين من الآن، حيث قامت بإطلاق صاروخ (كاتيوشا) على قرية (دبة) في الاقروض من مواقع تمركزها في دمنة خدير، مما أدى إصابة كثيرين بحالات اختناق نتيجة استنشاقهم غازات غير معروفة جراء القصف الذي شنته الميليشيات».
وأضاف: «شهدت مواقع عدة اشتباكات عنيفة بين أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح من جهة أخرى، بما فيها منطقة الخلل وفي الضباب، وكذا في ثعبات والدفاع الجوي، وتمكن فيها الأبطال من صد محاولات الميليشيات التقدم نحو مواقع قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية».
ومنذ بدء سريان الهدنة الأممية، حصدت الميليشيات الانقلابية في محافظة تعز أكثر من 40 شهيدا و500 جريح، وفجرت 11 منزلا سكنيا، في حين أصبحت تعز تشهد تصعيدا غير مسبوق، الأمر الذي يؤكد أن تعز لن تدخل طور تنفيذ الهدنة ولم يسمعوا بها إلا فقط على الأوراق، حيث تستمر الخروقات من خلال القنص والقصف والتهجير والحشد والدفع بتعزيزات عسكرية إلى محيط تعز.
من جهة أخرى، واصل محافظ تعز علي المعمري، زياراته لجرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من أبناء المحافظة في مستشفيات مدينة عدن الجنوبية، حيث شملت الزيارة مستشفيات البريهي والوالي والنقيب، والتقى بجرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية واستمع لهمومهم ومطالبهم.
وخلال لقاء المحافظ في المستشفى النقيب علوي النوبة وكيل محافظة عدن، ناقش معه ملف تسفير الجرحى برعاية «مركز الملك سلمان للإغاثة»، مؤكدا أهمية التسريع باستكمال إجراءات السفر لجرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، نظرا للمعاناة التي يواجهها الجرحى.
وكشف المحافظ المعمري عن لجنة تابعة لوزارة الصحة ستقوم بالنزول إلى المستشفيات منتصف الأسبوع الحالي للالتقاء بجرحى الجيش والمقاومة ورفع التقارير والبيانات الخاصة بالجرحى الذين يحتاجون إلى السفر بدعم «مركز الملك سلمان للإغاثة».
على الجانب الإنساني، وبينما تواصل الميليشيات الانقلابية حصارها على مدينة تعز، دشنت مؤسسة التواصل والتنمية، أول قافلة إغاثية أطفال مدينة تعز مقدمة من مؤسسة «الرحمة العالمية» بدولة الكويت، وجمعية «أطباء حول العالم - تركيا»، وذلك تحت شعار: «أنا طفل ﻻ أطيق الجوع».
وقال مدير «مؤسسة التواصل»، عبد الله البناء، إن «المؤسسة قامت بتدشين أول قافلة إغاثية أطفال مدينة تعز الذين يعانون من سوء تغذية حاد، واستهدفت كثيرا من المستشفيات بتعز ومستشفيات الأمومة والطفولة؛ منها المستشفى (اليمني السويدي للأمومة والطفولة)، و(المظفر التخصصي) و(التعاون)، وقدمت كميات من المكملات الغذائية لفئة الأطفال من عمر شهر إلى عمر السنة».
وأضاف أن «المشروع يهدف إلى التخفيف من الأعباء المادية للأسر في تعز، نظرا لارتفاع أسعار حليب الأطفال والمكملات الغذائية في السوق المحلية، وبأن وزعت المكملات الغذائية والبسكويت الخاص بالأطفال والحليب بما يقدر بـ6 أطنان، واستفاد من المشروع 2500 طفل في مديريات القاهرة والمضفر وصالة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.