مجلس الأنبار يتهم واشنطن وبغداد بعرقلة تحرير المدينة

رئيس اللجنة الأمنية لـ«الشرق الأوسط»: ما يحصل في الفلوجة من كوارث إنسانية تتحمله الحكومة العراقية

مجلس الأنبار يتهم واشنطن وبغداد بعرقلة تحرير المدينة
TT

مجلس الأنبار يتهم واشنطن وبغداد بعرقلة تحرير المدينة

مجلس الأنبار يتهم واشنطن وبغداد بعرقلة تحرير المدينة

أكد نائب رئيس اللجنة الأمنية في البرلمان العراقي، النائب عن محافظة الأنبار، حامد المطلك أمس، على أن ما يجري في الفلوجة من كوارث إنسانية تتحمله الحكومة العراقية والجانب الأميركي، وعليهما تحمل المسؤولية بشكل كامل وإنقاذ أرواح الأهالي.
وقال المطلك في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «المئات من أهالي الفلوجة تعرضوا للموت جوعًا بينما سقط الآلاف منهم قتلى جراء القصف الوحشي الذي تتعرض له المدينة منذ سنوات عبر سقوط عشرات الآلاف من القذائف والبراميل المتفجرة، واستمرار هذه الجريمة تتحمله الحكومة العراقية والجانب الأميركي الذي يقود قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي». وتابع المطلك: «كنا نأمل من الحكومة المركزية وقوات التحالف الدولي أن تمطر سماء الفلوجة بالمساعدات الغذائية والطبية، ولكن بدل ذلك أمطرت أهالي المدينة بآلاف القذائف والبراميل المتفجرة التي حصدت أرواح آلاف الأبرياء ظلما وعدوانا، وأصبحت مدن الأنبار بشكل عام ومدينة الفلوجة بشكل خاصة مسرحًا للحرب نيابةً عن العالم أجمع، مما أدى إلى نزوح الملايين من ديارهم ومقتل وإصابة الآلاف منهم جراء الحرب ضد التنظيم الإرهابي».
وأضاف المطلك أن «السكوت على الكارثة الإنسانية التي باتت تحصد أرواح المدنيين العزل المحاصرين حصارًا مزدوجًا داخل الفلوجة ويموتون جوعًا أو حرقًا بنيران القصف الوحشي، يعد بمثابة العقوبة على أهالي المدينة الذين دافعوا عن مدينتهم وتصدوا للاحتلال الأميركي»، وأضاف: «ولا بد من تحرك فوري وجاد لتحرير المدينة وإنقاذ الأبرياء وليس عبر الوعود والخطابات الرنانة، ولا بد من الكف عن إطلاق الشعارات والصيحات الطائفية التي يروج لها البعض، مثل (يجب مسح الفلوجة) و(يجب تدمير الفلوجة)؛ فالفلوجة ليست «داعش»، وهي أول من حاربت هذا التنظيم المتطرف»، وأفاد بأن «على العبادي والقادة السياسيين أن يعززوا الروح الوطنية ولا يستمعوا إلى الشعارات الطائفية التي تهدف إلى تمزيق البلد».
ومن جانبه، اتهم مجلس محافظة الأنبار أمس جهات «خارجية وسياسية» بعرقلة تحرير الفلوجة لـ«إبقاء خطرها على العاصمة بغداد»، وأكد وجود «ضغوطات» تؤخر معركة تحريرها، رغم الانتهاء من جميع الاستعدادات القتالية والعسكرية، فيما كشف عن استعداد المئات من أهالي المدينة للتعاون مع القوات الأمنية.
وقال عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار راجع بركات العيساوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «تأخر معركة تحرير مدينة الفلوجة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي وراءه ضغوطات خارجية وسياسية، رغم الانتهاء من جميع الاستعدادات القتالية والعسكرية»، مبينًا أن «جهات خارجية وسياسية تريد إبقاء الفلوجة تحت سيطرة (داعش) لإبقاء خطرها على العاصمة».
وأضاف العيساوي أن «جهات معروفة تعد الفلوجة بطاقة رابحة رغم الظروف الصعبة التي يمر بها أهالي المدينة الذين يتعرضون للجوع والقتل من قبل (داعش)»، مؤكدًا أن «(داعش) يعيش حالة انهيار داخل المدينة، مع وجود المئات من أهالي المدينة المستعدين للتعاون مع القوات الأمنية في حال انطلاق عمليات التحرير».
ولم يكن أمام أبناء مدينة الفلوجة حل من أجل إنقاذ عائلاتهم التي تواجه مخاطر الموت جوعًا أو حرقًا بنيران مسلحي «داعش» والقصف الحكومي سوى تنفيذ عمليات مسلحة لإنقاذ أرواح المدنيين المحاصرين داخل مدينة الفلوجة، حيث قام مسلحون تابعون لقوات «فرسان الغربية» من تنفيذ عمليات مسلحة داخل المدينة مهددين التنظيم المتطرف بقتل مسلحيه في حال استمرار محاصرتهم من قبل مسلحي التنظيم واستخدامهم دروعًا بشرية. كما تستمر معاناة أكثر من 105 آلاف مواطن من أهالي مدينة الفلوجة الذين تساقط منهم العشرات جوعًا بسبب الحصار المزدوج الذي يفرضه تنظيم داعش عليهم من داخل المدينة والحصار المفروض من قبل القوات الحكومية على جميع مخارج ومداخل المدينة، الأمر الذي جعل بعض الأهالي يفكرون بالانتحار أو المخاطرة بأرواحهم عن طريق الهرب من المدينة تحت نيران مسلحي «داعش»، الذين يمنعهم من الخروج وهددهم بالقتل إذا ما حاولوا الفرار من المدينة المنكوبة، بينما تساقط آلاف الضحايا من المدنيين جراء القصف اليومي بالبراميل المتفجرة من قبل المروحيات وقذائف المدفعية بحسب مسؤولين حكوميين. وفي سياق متصل، كشف مصدر في قيادة عمليات الأنبار أن ستة من عناصر تنظيم داعش قتلوا بنيران مسلحين تابعين لقوات «فرسان الغربية» وسط مدينة الفلوجة. وقال المصدر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحين يستقلون سيارة مدنية فتحوا نيران أسلحتهم الكاتمة للصوت صوب سيطرة تابعة لـ(داعش) في منطقة حي الجولان وسط مدينة الفلوجة، مما أدى إلى مقتل ستة من عناصر التنظيم الإرهابي». وأضاف أن «المهاجمين تمكنوا من تنفيذ العملية والانسحاب دون وقوع أي إصابات في صفوف القوة المهاجمة»، مشيرًا إلى أن «الهجوم جاء بعد أن قام عناصر التنظيم بمنع أهالي المدينة من الخروج باتجاه القطعات العسكرية».
وبين المصدر أن «أهالي المدينة وزعوا منشورات تحذر التنظيم الإجرامي من منعهم من مغادرة مدينتهم متوعدين بقتل المزيد من عناصر التنظيم بعد إعلان مجموعة مسلحة لم تعرف باسمها داخل مدينة الفلوجة عزمها على قتال التنظيم لحين خروجه من المدينة».
وأعلنت قيادة عمليات الأنبار بأن القوات الأمنية على أهبة الاستعداد في جميع قواطعها العسكرية، على خلفية الأزمة السياسية التي شهدتها العاصمة بغداد. وقال قائد العمليات اللواء الركن إسماعيل المحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية على أهبة الاستعداد في مختلف قواطعها العسكرية»، مبينًا أنه «تم إعلان حالة إنذار شديدة، على خلفية الأزمة السياسية التي شهدتها العاصمة بغداد، ومن الممكن أن تؤثر تلك الأزمة على القطعات العسكرية في مختلف قواطع العمليات»، مؤكدًا أن «الوضع الأمني مسيطر عليه بشكل كامل، وأن تنظيم داعش لم يستطع تنفيذ أي خرق أمني».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».