وزير الخارجية الكويتي دعا لحل سياسي في سوريا.. وطالب دمشق بوقف أعمال القتل

19 وزير خارجية شاركوا في الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية * العربي يطالب بجدول زمني لحل القضية الفلسطينية

مقعد سوريا شاغر في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالكويت أمس (رويترز)
مقعد سوريا شاغر في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالكويت أمس (رويترز)
TT

وزير الخارجية الكويتي دعا لحل سياسي في سوريا.. وطالب دمشق بوقف أعمال القتل

مقعد سوريا شاغر في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالكويت أمس (رويترز)
مقعد سوريا شاغر في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالكويت أمس (رويترز)

برز الملف السوري كأحد أهم الموضوعات التي جرى نقاشها في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب، أمس، وسط تباين في المواقف بشأن منح مقعد سوريا للمعارضة. وفي وقت قدمت فيه مصر مقترحا لوضع استراتيجية عربية موحدة لمكافحة الإرهاب، خيمت على الاجتماعات تساؤلات حول إمكانية إجراء مصالحة بين رؤساء الوفود المصرية والسعودية والإماراتية والبحرينية والقطرية، بيد أن مصادر مطلعة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن القمة سوف تتجنب أي قضية تفجر أو تثير خلافات داخلها، وقد جرى الاتفاق على توفير الحد الأدنى من التوافق.
وفي كلمته الافتتاحية أمام الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية المقرر انطلاقها غدا، أكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح، على موقف بلاده من الأزمة السورية، مشيرا إلى أهمية دعوة الأخضر الإبراهيمي المبعوث العربي والدولي للاستمرار في عمله، قائلا إنه لا وجود لحل عسكري للأزمة، وإن المفاوضات السياسية هي أفضل وسيلة لتسوية شاملة تنهي الصراع.
من جانب آخر، علمت «الشرق الأوسط» أن وزير خارجية لبنان جبران باسيل تقدم بطلب إلى وزراء الخارجية العرب خلال الجلسة المغلقة بمشروع قرار يدعو الدول العربية لتسليح الجيش اللبناني، بالاستناد إلى ما قدمته المملكة العربية السعودية من دعم في هذا الصدد وصل إلى ثلاثة مليارات دولار، إضافة إلى دعم الحكومة اللبنانية للمساهمة في حل مشكلة النازحين السوريين.
وتسلم النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الرئاسة من وزير خارجية دولة قطر خالد بن محمد العطية بصفة بلاده رئيسا للدورة السابقة للقمة العربية. وكان لافتا حضور 19 وزيرا للخارجية من أصل 21 (من دون احتساب سوريا).
وقال الشيخ صباح الخالد إن الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية المخصص للنظر في مشروع جدول أعمال القمة العربية، يعقد في ظل ظروف حرجة ودقيقة تمر بها المنطقة العربية. وأضاف أن «التطلعات المعقودة على قمة الكويت ساهمت في صياغة وتحديد بنود جدول الأعمال الذي تناول المواضيع ذات الاهتمام العربي المشترك، مراعيا المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تلزمنا انطلاقا من مبادئنا ومواثيقنا ومصالحنا المشتركة ومصيرنا الواحد بمواصلة الجهود الدؤوبة من أجل مواجهة التحديات المستمرة والمتغيرة على أسس مهنية وعلمية وخطوات منهجية مدروسة نبتغي من ورائها الصالح العام للشعوب العربية».
وذكر المسؤول الكويتي أن «الأزمة في سوريا دخلت عامها الرابع وما زال الجرح النازف يهدر دما.. والدولة السورية لا يردعها في ذلك دين أو قانون أو مبادئ إنسانية، ولا حتى موقف دولي موحد يستطيع الوقوف في وجه هذه الكارثة التي حصدت أرواح ما يزيد على 130 ألف شخص مع وجود أكثر من 5.‏2 مليون لاجئ وستة ملايين نازح إضافة إلى عشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين مما يضع المجتمع الدولي بأسره أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية وقانونية لمضاعفة الجهود لوقف هذه المأساة الأكبر في التاريخ الإنساني المعاصر».
وجدد الشيخ صباح الخالد مطالبة السلطات السورية بالكف عن شن الهجمات ضد المدنيين ووقف الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان من خلال القصف الجوي واستخدام البراميل المتفجرة ورفع الحصار عن كافة المناطق المحاصرة في مختلف أنحاء سوريا، والسماح بالخروج الآمن للمدنيين وكذلك دخول المساعدات الإنسانية والوكالات الإغاثية الدولية وفقا لقرارات جامعة الدول العربية ذات الصلة.. واستجابة لقرار مجلس الأمن 2139 بشأن الوضع الإنساني في سوريا. وطالب بضرورة محاسبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم وانتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان ضد الشعب السوري.
وفي السياق ذاته، قال الوزير الكويتي إن تعثر مفاوضات «جنيف 2» بين النظام السوري والمعارضة في التوصل إلى صيغة تنفيذية لما جرى الاتفاق عليه في بيان «جنيف 1» الصادر في 30 يونيو (حزيران) 2012، يعد مدعاة للأسف والأسى.
وأضاف أنه «في الوقت الذي نقدر فيه الجهود الكبيرة التي بذلها المبعوث المشترك الأخضر الإبراهيمي، فإننا ندعوه للاستمرار في بذل المزيد من الجهود لمواصلة عمله مع جميع الأطراف لاستئناف المفاوضات، مؤكدين مجددا ودوما أنه لا حل عسكريا للأزمة في سوريا.. فالحل السياسي وطاولة المفاوضات هما الإطار الأنجع والطريق الأوحد لتسوية شاملة تنهي هذا الصراع الدامي».
وقال الشيخ صباح الخالد إن دولة الكويت بذلت من منطلق مسؤوليتها العربية والإنسانية جهودا متواصلة على الصعيدين السياسي والإنساني بهدف وقف الأزمة في سوريا ومحاولة تخفيف معاناة المتضررين جراء وطأتها المأساوية، مضيفا أن هذه الجهود السياسية جاءت ضمن الإطار العربي خلال ترؤس الكويت لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري للدورة الـ137 التي شهدت العديد من الاجتماعات المخصصة لمناقشة الوضع في سوريا على أمل أن ينصت النظام السوري للنداءات العربية.
وفي الشأن الفلسطيني، قال الشيخ صباح الخالد إن «الاعتداءات الوحشية التي شنتها إسرائيل ضد أهلنا في قطاع غزة أخيرا والحصار الجائر الذي تفرضه على القطاع وكذلك الانتهاكات المستمرة لحرمة المسجد الأقصى المبارك والخطط العنصرية المتطرفة والممنهجة في مدينة القدس الهادفة إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للمدينة وطمس إرثها الحضاري والإنساني والثقافي، واستمرار سياسة بناء المستوطنات غير الشرعية.. تحتم على المجتمع الدولي وبخاصة مجلس الأمن واللجنة الرباعية التحرك بشكل عاجل لوقف هذه التداعيات التي تعمل على نسف أي فرص حقيقية للسلام في الشرق الأوسط وذلك من خلال إلزام إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال باحترام قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، ووقف كافة انتهاكاتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية».
وأضاف أن مبادرة الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعلان عام 2014 عاما دوليا للتضامن مع الشعب الفلسطيني تؤكد مجددا مدى استمرار المجتمع الدولي في استشعاره لعمق ومأساوية القضية الأقدم في التاريخ المعاصر.
وحول منظومة العمل العربي المشترك، قال وزير الخارجية الكويتي إن عملية إصلاح تلك المنظومة «هي عملية مستمرة ومتواصلة سبقتنا إليها العديد من المنظمات الدولية والإقليمية توجب تطورات الأحداث ومستجداتها أن نتدارس وبكل شفافية ونيات صافية ما يطرح من أفكار ونماذج تهدف إلى زيادة فعالية آليات العمل العربي المشترك».
ونوه الشيخ صباح الخالد بجهود اللجنة مفتوحة العضوية لإصلاح وتطوير الجامعة العربية برئاسة دولة قطر، واللجنة الخاصة بمراجعة الميثاق وتطوير الإطار الفكري لمنظومة العمل العربي المشترك برئاسة المملكة العربية السعودية، وإصلاح وتطوير أجهزة الجامعة العربية ومهامها برئاسة جمهورية مصر العربية، وتطوير العمل الاقتصادي والاجتماعي برئاسة جمهورية العراق، وتطوير البعد الشعبي للعمل العربي برئاسة الجمهورية الجزائرية، داعيا هذه الفرق لاستكمال جهودها بالنظر في مقترحات الإصلاح والتطوير على أن تعرض على الدورات المقبلة للمجلس الوزاري.
وعن الشق الاقتصادي والاجتماعي، قال الشيخ صباح الخالد إن هذا الشق يظل أحد أبرز مرتكزات التنمية المستديمة والتطور في عالم اليوم، والذي تسعى فيه الدول إلى تحقيق معدلات نمو تضمن العيش الكريم لمواطنيها.
وأوضح أن «ما رفعه إلينا اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة من مشاريع قرارات سنرفعها بدورنا لاجتماع القمة»، معربا عن الأمل بأن تصب مشاريع القرارات في تعزيز التعاون والتنسيق العربي في المجالات الاقتصادية والتنموية المختلفة.
من جهته، قال وزير خارجية دولة قطر خالد العطية في كلمة خلال افتتاح الاجتماع إن إحلال السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بعد إيجاد حل عادل ودائم يلبي كامل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وشدد على أهمية المصالحة الفلسطينية، وقال «آن الأوان لمصالحة فلسطينية حقيقية»، مؤكدا أهمية مضاعفة الجهود للتحرك الجماعي لإنهاء الخلافات الفلسطينية ودعم وحدة فصائل الشعب الفلسطيني على الأسس التي تكفل توفير صمود الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه.
وحذر العطية من أن الأمة العربية تمر بمنعطف تاريخي تتعاظم فيه المسؤوليات وتتضاعف الأخطار، مضيفا أن «التحديات التي تواجهنا جميعا ملحة وجسيمة ولا يمكن التقليل من آثارها على العالم العربي في يومه وغده».
وعد العطية أن قرارا أمميا بوقف إطلاق النار في سوريا هو السبيل الوحيدة الآن لإنهاء عمليات القتل والتدمير التي يرتكبها النظام السوري ضد السوريين والبدء في عملية انتقال سياسي في سوريا ينعم من خلالها الشعب السوري بالحرية والكرامة.
وشدد العطية على أن المراحل الانتقالية الصعبة التي تمر بها بعض الدول العربية تتطلب الحوار الوطني الجاد على مختلف مستوياته وتغليب المصالح الوطنية كمقدمة للاستقرار لأن حالة الفوضى والإرهاب وعدم الاستقرار تتعارض والمصالح الوطنية والعربية.
وقام وزير خارجية دولة قطر في نهاية كلمته بتسليم رئاسة القمة العربية وما يتبعها من رئاسة اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا واللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية إلى دولة الكويت في الدورة العادية الـ25. وقال العطية إن رئاسة الكويت ستكون فاعلة بما يخدم قضايا الشعوب العربية ويعزز مسيرة العمل العربي المشترك والمضي به نحو آفاق أوسع.
بدوره، تحدث الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي عن ملف فلسطين وكل ما يتصل بالمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، ودور اللجنة الوزارية التي تتابع مسار عملية السلام ومرجعيات الحل والأسس التي يجب أن تلتزم بها إسرائيل. وطالب العربي بأهمية الانتقال من مرحلة إدارة النزاع إلى حله وفق توقيت زمني محدد.
وحول الأزمة السورية قال العربي في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لوزراء الخارجية العرب إن الأزمة السورية التي تدخل عامها الرابع لا بد من إصدار قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فيها. وأشار إلى أن الإبراهيمي سوف يلقي بيانا حول الموقف الراهن. وأضاف العربي أن المطلوب هو تنفيذ قرار تشكيل هيئة حاكمة انتقالية لوضع الأزمة على مسار الحل السياسي بما يضمن الحفاظ على سيادة سوريا واستقرارها.
وفي ما يتعلق بجدول أعمال القمة أشار العربي إلى تضمنه جملة من الموضوعات المهمة المتعلقة بالتحديات التي تواجه الأمن القومي العربي وبتطوير التعاون العربي في جميع المجالات. وأضاف أنه على رأس هذه الموضوعات مبادرة ملك البحرين حول إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان ومبادرة الأمين العام للجامعة العربية بشأن استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة. وذكر أن جدول الأعمال يتضمن كذلك الموضوعات ذات الصلة بتطوير الجامعة لتمكينها من الاضطلاع بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها. وأعرب عن شكره لدولة الكويت لاستضافتها مؤتمري المانحين من أجل دعم الوضع الإنساني في سوريا، كما تقدم بالشكر إلى دول الجوار السوري، الأردن ولبنان والعراق ومصر، لاستضافتها اللاجئين السوريين.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الكويت مشاركة 13 ملكا ورئيس دولة من بينهم أمير قطر الأمير تميم بن حمد آل ثاني الذي سيرأس وفد بلاده للمشاركة في القمة العربية التي تنطلق أعمالها غدا (الثلاثاء)، أعلنت دول الخليج ممثليها لحضور القمة، حيث سيمثل الإمارات العربية المتحدة عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الفجيرة الشيخ حمد الشرقي.
وسيرافق الشرقي وفد يضم رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام الشيخ راشد بن حمد الشرقي، ووزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، ووزير الدولة سلطان الجابر، ومندوب الإمارات الدائم لدى الجامعة العربية محمد الظاهري، ومساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية أحمد الجرمن، ومدير ديوان حاكم الفجيرة محمد الظنحاني، ومستشار حاكم الفجيرة سيف السماحي، والقائم بأعمال سفارة الإمارات لدى الكويت بالإنابة عارف الطنيجي.
كما أعلنت المنامة أن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة أناب ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة لرئاسة وفد البحرين.
وسيرأس وفد عمان أسعد بن طارق آل سعيد، ويضم الوفد الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي، ووزير النقل والاتصالات أحمد الفطيسي، ووزير التنمية الاجتماعية محمد الكلباني، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية أحمد الحارثي، وسفير السلطنة المعتمد لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية خليفة الحارثي، وسفير السلطنة المعتمد لدى دولة الكويت حامد آل إبراهيم، والمستشار بمكتب ممثل السلطان خليفة البادي، والمستشار بمكتب ممثل السلطان سيف الصوافي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.