«الهيئة العليا» السورية تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه انهيار الهدنة

الزعبي لـ «الشرق الأوسط»: الجامعة العربية غائبة عن المشهد.. ولا مفاوضات دون الإيفاء بالاستحقاقات

قافلة من الأدوية والتجهيزات الطبية خلال توجهها إلى مضايا والزبداني شمال غرب دمشف (أ.ف.ب)
قافلة من الأدوية والتجهيزات الطبية خلال توجهها إلى مضايا والزبداني شمال غرب دمشف (أ.ف.ب)
TT

«الهيئة العليا» السورية تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه انهيار الهدنة

قافلة من الأدوية والتجهيزات الطبية خلال توجهها إلى مضايا والزبداني شمال غرب دمشف (أ.ف.ب)
قافلة من الأدوية والتجهيزات الطبية خلال توجهها إلى مضايا والزبداني شمال غرب دمشف (أ.ف.ب)

حمّلت «الهيئة العليا للمفاوضات» السورية المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه انهيار الهدنة وفشل الحل السياسي، ووجهت عتبها الأكبر على جامعة الدول العربية، حيث ترى أنها «غائبة عن المشهد السوري وصياغة محدداته». كما قالت في بيان لها معلن لها إن هناك تآمرا روسيًا - أميركيًا يساند النظام السوري ويمكّن ميليشياته الإيرانية والمرتزقة التي تصدّرها لسوريا من العراق ولبنان وأفغانستان وإيران مجهّزة بأحدث التدريبات والأسلحة الفتاكة، لضرب الشعب السوري، مع سبق الإصرار في استمراره باتباع سياسة التطهير والتجويع والحصار. ومن جهة ثانية، قال أسعد عوض الزعبي، رئيس وفد المعارضة السورية المفاوض في جنيف، أمس: «على المجتمع الدولي تحمّل مسؤولية انهيار الهدنة وفشل المفاوضات وتعثر الحل السياسي. وفي هذا المقام لن نستثني أحدا من مسؤولية ما يجري حاليا على أرض الواقع في سوريا، بما في ذلك الجامعة العربية، لأنها هي أول من يتصدى للمسألة السورية، وأولى بتزويدنا بالعتاد والسلاح والوقوف بصلابة أمام التآمر الروسي – الأميركي – الإيراني، حتى نستمد دفعة قوية ضد هذا التآمر الذي يسعى لتمكين بشار وزمرته، على حطام شعبه». وأعرب عن اعتقاده، في المقابل، أن المملكة العربية السعودية تقف في مقدمة معاوني «الهيئة العليا» من الخليجيين، بكل الوسائل الممكنة.
الزعبي أضاف أنه «في ظل هذا الواقع لا نجد مبررا للذهاب إلى جنيف أخرى، ما لم يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته كاملة وينفذ قراراته التي أصدرها وفق القرارين 2254 و2268 لإيصال المساعدات للمحاصرين وإطلاق سراح المعتقلين»، مشيرا إلى تمسك المعارضة والقوى الثورية برحيل رئيس النظام بشار الأسد والشروع في الانتقال السياسي بعد تكوين هيئة حكم كاملة الصلاحيات، منوها بأن استيفاء تلك المتطلبات، هو الضامن الوحيد لإنجاح أي مفاوضات أخرى.
وأردف الزعبي قائلا إن لدى «الهيئة العليا للمفاوضات»، عدة ملاحظات حول ملخص الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا لجولة المحادثات بين 13 و27 أبريل (نيسان) المنصرم. ولقد أكدت من خلالها التزامها بالتعاون مع الجهود الدولية للدفع بالعملية السياسية للأمام، ورفع المعاناة عن الشعب السوري بفك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة، وتمكين الوكالات الإنسانية من توصيل المساعدات إلى من هم في حاجة إليها في جميع المناطق والإفراج عن جميع المعتقلين. وأشار إلى أن غاية ما وصفه بـ«التآمر الروسي – الأميركي» حماية معاقل الأسد.
من ناحية ثانية، شددت «الهيئة العليا» في موقفها على «ضرورة وقف القصف الجوي والمدفعي والهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية في سوريا، ووقف عمليات التهجير القسري وتنفيذ أحكام الإعدام وذلك وفق ما نصّت عليه المواد 12 و13 و14 من قرار مجلس الأمن 2254. والعمل على تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية، تتولى عملية الانتقال السياسي وتكفل رحيل بشّار الأسد وزمرته من الحكم وضمان محاسبتهم وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب».
ويأتي هذا الموقف بناءً على الضمانات والتعهدات الخطية التي تلقتها «الهيئة» من الكثير من القوى الدولية بضرورة تحسين الوضع الإنساني إضافة إلى التعهدات التي نقلت لها على لسان الأمين العام للأمم المتحدة، والتأكيد الخطي للمبعوث الأممي لدى سوريا دي ميستورا، باعتبار أن «المسألة الإنسانية فوق مستوى التفاوض» وأنها «لا تدخل ضمن الأجندة التفاوضية مع النظام باعتبارها حقا طبيعيا للشعب السوري»، وفق ما نص عليه قرار مجلس الأمن بصيغة التنفيذ الفوري. وبناء على ما ورد في مذكرة دي ميستورا الخميس الماضي، فإن «الهيئة العليا» أوضحت عدة نقاط من بينها أن النظام يعمل على إفشال الحل السياسي والعملية التفاوضية من خلال تصعيد جرائمه ضد المدنيين بالتزامن مع عقد المفاوضات في جنيف.
وذكرت أن طلبها تأجيل المفاوضات: «يهدف لتثبيت الالتزام ببنود الهدنة واستكمال مستلزمات الملف الإنساني للمناطق المحاصرة». وأبدت استغرابها من «عقد مفاوضات مع نظام يمعن في انتهاك الحقوق الأساسية للشعب السوري، ضاربا عرض الحائط بالقانون الدولي الإنساني بإحكام الحصار على أكثر من نصف مليون مواطن، مع استخدام الحصار والتجويع والاستمرار في سجن العشرات من الآلاف في انتهاك واضح لأدنى مبادئ الكرامة الإنسانية والقرارات الأممية».
ولفتت «الهيئة» إلى أن النظام السوري، يخرق الهدنة بصورة يومية وممنهجة بانتهاك واضح لأدنى مبادئ الكرامة الإنسانية والقرارات الأممية عبر استهداف المناطق الآهلة بالسكان بالقصف المدفعي والجوي وبالبراميل المتفجرة والقذائف العنقودية والصواريخ الفراغية والرشاشات الثقيلة وراجمات الصواريخ مستندا إلى دعم حلفائه في كل من طهران وموسكو.
ولقد رهنت «الهيئة» نجاح العملية السياسية، بضرورة معالجة الوضع الإنساني المروع بوضوح وحزم، بحيث تنجز هذه العملية خارج الإطار التفاوضي من خلال إرادة دولية لوقف انتهاكات النظام وحلفائه وحملهم على التنفيذ الفوري وغير المشروط للقرارات الأممية ذات الصلة، مشيرة إلى أن «استمرار الجدل مع النظام، بشأن تفاصيل المرحلة الانتقالية، قبل تشكيل هيئة الحكم الانتقالي يحقق مراميه في كسب الوقت، ويسهم في التغطية على جرائم الحرب التي يرتكبها، ولا يتناسب مع التصعيد العسكري، الذي يعد له النظام وإيران والميليشيات التابعة لها». وأكدت أن هناك حشدًا مستمرًا من القوات الأجنبية مع تدفق الأسلحة الثقيلة والدبابات إلى ترسانة النظام، مع تجنيد عشرات الآلاف من المرتزقة من العراق وإيران وأفغانستان ولبنان لشن عمليات عدائية واسعة النطاق في ظل صدور فتاوى طائفية بالجهاد المقدس ضد الشعب السوري على مرمى ومسمع العالم. ومن ثم دعت «مجموعة أصدقاء سوريا» بالتدخل لوقف الانتهاكات بحق الشعب السوري ومنع انهيار الهدنة وإنقاذ العملية السياسية قبل فوات الأوان.
كذلك طالبت «الهيئة» المجتمع الدولي «باتخاذ إجراءات تعيد الاعتبار لقرارات مجلس الأمن وتلزم الدول الأعضاء التي تساهم في الحملة ضد الشعب السوري باحترام هذه القرارات، ووقف التصعيد في سائر المحافظات السورية وخاصة في حلب، التي تحولت إلى مدينة منكوبة في ظل القصف الروسي»، مشددة على ضرورة أن تعمل هذه الدول مع الأمم المتحدة على توفير بيئة ملائمة للعملية السياسية.
ولفتت «الهيئة»إلى أن ملخص دي ميستورا: «تفادى جوهر المفاوضات وهو تحقيق عملية الانتقال السياسي كهدف وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي كوسيلة، مع ما يقتضيه ذلك من رحيل بشار الأسد وزمرته ممن تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري»، مؤكدة على أن «أي مفاوضات لا تعالج هذه المسألة لن يكتب لها التقدم والنجاح». وبينت أن بشار وزمرته فقدوا الشرعية وفق القانون الدولي، وبناء على المواقف الرسمية والمعلنة لـ«مجموعة دعم سوريا»، ولا يمكن أن تكون «الهيئة» جزءا من أي ترتيبات تعيد تأهيل الأسد ونظامه الإجرامي «بعد ولوغه في الدم السوري وارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أدانتها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان في عدة مناسبات».
ومع ذلك أكدت «الهيئة» رغبتها في توسيع مشاركة سائر السوريين في مفاوضات الحل النهائي، وإدماج كل فئات المجتمع في «حوار وطني شامل لإعادة بناء الدولة»، مشددة على أن «الإصرار على فرض أشخاص بعينهم لا يتمتعون بحيثية تمثيلية ودون اتباع معايير واضحة، يصب في الجهود التي تبذلها بعض القوى لتمييع مفهوم المعارضة من خلال إدماج مجموعات محسوبة على النظام ضمن العملية التفاوضية وتجريم المعارضة وتصنيفها في خانة الإرهاب». وأضافت أن وفدها هو الممثل الشرعي لقوى الثورة والمعارضة في سياق العملية السياسية ووفق معايير وطنية واضحة.
ثم دعت الأمم المتحدة والوسيط الدولي إلى احترام هذه المعايير «لأنها تعبر عن إرادة السوريين السياسية والعسكرية والثورية، وليست محاولات ترضية لبعض الأطراف الدولية»، مؤكدة على حماية استقلال سوريا وصيانة وحدتها أرضا وشعبا وفقا لمبادئ السيادة الوطنية، والحفاظ على مؤسسات الدولة، وإعادة هيكلة وبناء المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية. واختتمت «الهيئة» عرض مواقفها بالقول: «لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال استعادة الشرعية للشعب وليس من خلال إعادة تأهيل النظام أو عبر منحه شرعية مفقودة، من خلال إشراكه في صياغة دستور جديد للبلاد. ولقد قدمت الهيئة رؤية واضحة حول صياغة الوثائق الأساسية الحاكمة للعلاقة بين السلطة والمجتمع، إلا أن ذلك لا بد أن يكون في إطار الشرعية الجديدة المنبثقة من هيئة الحكم الانتقالي دون الوقوع في أي فراغ دستوري ولا تتفق الهيئة مع أي طرح يرى إمكانية الاستناد إلى بدائل أخرى وصياغات دستورية شكلية خارج إرادة الشعب السوري وممثليه الحقيقيين، الذين يشكلون الضمان الحقيقي لولادة سوريا الجديدة».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».