جدل في إسرائيل بشأن أهمية زيارة ينوي نتنياهو القيام بها إلى 3 دول أفريقية

خبراء أكدوا أن كينيا وأوغندا وبوروندي لا تملك المال.. وإن امتلكته فلن تسارع إلى الدعم

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو
TT

جدل في إسرائيل بشأن أهمية زيارة ينوي نتنياهو القيام بها إلى 3 دول أفريقية

بنيامين نتنياهو
بنيامين نتنياهو

مع استعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للقيام بزيارة إلى ثلاث من دول أفريقيا، بعد شهرين، وزرع الأوهام بأن هذه الزيارة ستعود على إسرائيل بأرباح طائلة، كشفت مصادر مطلعة على السياسة الخارجية في تل أبيب أن تجارب الماضي لا تحمل أية بشرى لإسرائيل في القارة الأفريقية، «لأنها دول فقيرة لا تمتلك المال ولا تتمتع بتدريج عال في سياسة دفع الديون».
وقالت هذه المصادر إن نتنياهو يبني آمالاً عظيمة عند الجمهور حول زيارته كينيا وأوغندا وبوروندي (وربما دولة رابعة لم تُحدّد بعد)، ولكن هناك من يخشى في وزارة الخارجية في القدس (الغربية) من أن تكون خيبة الأمل أكبر من الأمل. المعروف أن إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية مع 40 من أصل الدول الـ48 في أفريقيا. وتعمل سفارات إسرائيلية في عشر دول هي، بالإضافة إلى مصر، كل من: جنوب أفريقيا، كينيا، نيجيريا، الكاميرون، أنغولا، إثيوبيا، إريتريا، غانا، ساحل العاج، والسنغال. أما باقي الدول ففيها سفراء غير مقيمين. وتملك 15 دولة من دول القارّة سفارات دائمة في إسرائيل.
وحول تاريخ العلاقات بين الطرفين، يقول خبير الشؤون الاستراتيجية، يوسي ميلمان: «شهدت سنوات الستينات العهد الذهبي في العلاقات الإسرائيلية - الأفريقية، حين كانت إسرائيل ترسل إلى القارّة مرشدين زراعيين، وأطباء، ومستشارين عسكريين، وممثلي شركات البناء. وكان يُنظر إلى إسرائيل في تلك القارّة، آنذاك، حتى لو لم يكن الأمر صحيحًا مائة في المائة، باعتبارها دولة مثالية، وهي، على العكس من الدول العظمى الكولونيالية والإمبريالية، تقدّم المساعدات لدوافع طاهرة. انتهى هذا العصر في أعقاب حرب الأيام الستة، حين قامت إسرائيل باحتلال المناطق العربية. وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، طرأ تصعيد آخر، وقامت معظم دول أفريقيا بقطع علاقاتها الدبلوماسيّة مع إسرائيل التي وجدت، من طرفها، حليفًا جديدا في القارّة: نظام الأبارتهايد العنصري في جنوب أفريقيا. هذه وصمة عار لن تنمحي في تاريخ العلاقات الخارجية والأمن الإسرائيليين».
وأضاف ميلمان أن «ثلاثة مرتكزات تنبني عليها هذه العلاقة: هي دبلوماسية، واقتصادية، وعسكرية. في المجال الدبلوماسي، تنظر وزارة الخارجية إلى هذه الدول باعتبارها كتلة تصويت بإمكانها التأثير على، بل ومنع، قرارات مناهضة لإسرائيل في الأمم المتحدة وفي مؤسساتها، إلى جانب المنتديات الدولية الأخرى. ورغم أن دول أفريقيا تميل إلى التصويت ككتلة واحدة وفقا لقرار تمّ اتخاذه في (الاتحاد الأفريقي)، فإن مصادر في وزارة الخارجية تشير إلى سوابق حدثت فيها شقوق في هذه الكتلة، حيث صوتت دول معينة لصالح قرارات وبطريقة معاكسة للموقف الموحّد. المجال الثاني، الاقتصادي، مؤسس على موقع أفريقيا في نظر إسرائيل كما هو حالها في نظر العالم كلّه، كقوّة اقتصاديّة صاعدة وسوق محتملة لتسويق البضائع والخدمات. حتّى اللحظة، لم تقم إسرائيل باستغلال جميع الإمكانيات الكامنة. الميزان التجاري ثنائي الاتجاه بين إسرائيل وسائر دول القارّة يصل بالكاد إلى مليار دولار، غالبيتها في مجال الماس بالذّات. وأما المجال الثالث، الذي تسعى من خلاله إسرائيل إلى تحسين موقعها في أفريقيا فهو المجال الاستراتيجي، الأمني - العسكري والاستخباراتي. فرغم الجمود الطارئ على تصدير المنتجات الأمنيّة خلال العامين الماضيين، فإن إسرائيل لا تزال تُعدّ من ضمن الدول العشر الأولى المصدرة للسلاح في العالم. فبحسب معطيات وزارة الدفاع المنشورة هذا الشهر، كان إجمالي الصادرات الأمنية في العام الماضي 5.66 مليار دولار. إلا أن مبلغ 163 مليونًا من ضمن هذا المبلغ، وهو ما يوازي 2.5 في المائة كان يصدر إلى دول أفريقية. أسباب هذا كلّه هي اقتصادية في الأساس. فصحيح أن الصناعات الأمنية الإسرائيلية معنية بأن تبيع كميات أكبر، إلا أنها لا تؤمن بفكرة الوجبات المجانية للفقراء. المشكلة تكمن في أن معظم الحكومات الأفريقية فقيرة. وهي لا تملك مالا لكي تدفع نقدا مقابل السلاح، وهي تستصعب الحصول على ضمانات اعتماديّة للأمر. فحتى الدول الغنية كأنغولا ونيجيريا، التي امتلكت خلال العقدين الأخيرين سلاحًا وتجهيزات أمنية واستخبارية بقيمة مئات ملايين الدولارات، قد علقت خلال العام الماضي في أزمة بسبب انخفاض أسعار النفط».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم