تونس: حركة النهضة تتدارس ملف المصالحة مع رموز النظام السابق

الهمامي: تحالف النهضة والنداء يشكل خطرًا على البلاد

تونس: حركة النهضة تتدارس ملف المصالحة مع رموز النظام السابق
TT

تونس: حركة النهضة تتدارس ملف المصالحة مع رموز النظام السابق

تونس: حركة النهضة تتدارس ملف المصالحة مع رموز النظام السابق

خصصت الدورة 45 لمجلس الشورى لحركة النهضة، التي انطلقت أمس بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، والتي تتواصل إلى غاية نهاية اليوم (الأحد)، لتناول موضوع المصالحة الوطنية من خلال دعوة 150 عضوا بالمجلس إلى تدقيق مدلوله وحدوده وعلاقته بمسار العدالة الانتقالية. وتتقاطع دعوة المصالحة، التي دعا إليها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مع مبادرة العفو الوطني العام، التي طرحها راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة. ويخوض مجلس الشورى وفق مشاركين في الاجتماع في أحد أهم الملفات الخلافية بين قيادات حركة النهضة وقواعده، إذ أن ردود فعل المؤيدين لحركة النهضة تعارض في معظمها دعوة المصالحة في المجالين الاقتصادي والمالي مع رموز النظام السابق، دون المرور الإجباري على المحاسبة والاعتراف بالذنب قبل المصالحة، وطي صفحة الماضي. فيما تستبق القيادات السياسية الأحداث وتخشى من دعوات عزلها السياسي ومحاولات إبعادها عن المشهد السياسي، وتسعى تبعا لذلك إلى ضمان الاعتراف المتبادل بين قيادات حركة النهضة ورموز النظام السابق. وبهذا الخصوص، قال فتحي العيادي، رئيس مجلس الشورى، أمس في لقاء إعلامي، إن السياسة المتبعة من قبل حركة النهضة ترمي إلى تنقية المناخ السياسي من الشوائب، وإنجاح مسار الانتقال الديمقراطي ونفى أن تكون الحركة قد شطبت ملف المحاسبة من أجندتها، وقال: إنها تعمل على تجاوز أخطاء الماضي في اتجاه مصالحة شاملة بين التونسيين تفتح على المستقبل، على حد تعبيره. كما أشار العيادي إلى مواصلة مجلس الشورى متابعة خطوات الإعداد للمؤتمر العاشر للحركة، المنتظر عقده يومي 21 و22 مايو (أيار) الجاري، وهي محطة هامة ستحسم في عدة قضايا، من بينها الفصل بين الجانبين الدعوي والسياسي. وتدعم حركة النهضة مشروع المصالحة مع رموز النظام السابق، سواء ممن انتسبوا إلى حزب التجمع المنحل أو الدساترة (نسبة إلى الحزب الدستوري الذي أسسه بورقيبة)، وعبرت عن هذا التوجه من خلال اللقاء الذي جمع بداية الأسبوع لأول مرة منذ ثورة 2011 راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، مع محمد الغرياني، آخر أمين عام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل. ووصف الغرياني هذا اللقاء الأول من نوعه بين أحد رموز الثورة وأحد أركان النظام السابق، بمثابة «الخطوة الشجاعة والإيجابية في إطار المصالحة الوطنية والعفو العام الذي ينادي به الغنوشي»، ورأى في هذه الخطوة فرصة لفتح صفحة جديدة وطي الماضي، وتجاوز علاقة التصادم التي ميزت لعقود المدرسة الإصلاحية الدينية والمدرسة الدستورية، على حد قوله.
وفي السياق ذاته، دعا محسن مرزوق، المنسق العام لحركة مشروع تونس، المنشقة عن حركة نداء تونس، إلى مصالحة شاملة دون قيود ولا شروط، وذلك في محاولة لتقويض المبادرة التي تقدمت بها حركة النهضة بشأن العفو الوطني العام. وقال: إن إقفال القضايا التي تخص عددا من الإداريين، ما لم تتضمن عمليات اختلاس أموال عامة، تبقى أفضل من الإبقاء على مناخ التوتر داخل أروقة الإدارة التونسية على حد تعبيره. وعبر مرزوق في مؤتمر صحافي عن ضرورة التفاف الأطراف السياسية الديمقراطية حول المشروع العصري، الذي تقترحه أحزاب سياسية، مستثنيا حركة النهضة، وذكر في هذا المجال حزب آفاق تونس والاتحاد الوطني الحر، وحزب المبادرة، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، ومجموعة الـ57 من نداء تونس.
وفي تعليقه على لقاء رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بالأمين العام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل محمد الغرياني، اعتبر حمة الهمامي، المتحدث باسم تحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، أن الأحزاب اليمينية ليس لها برنامج ولا رؤية، ولا تملك أخلاقا أو قيما سياسية. على حد تعبيره، واعتبر على هامش أعمال المؤتمر الوطني للجبهة الشعبية أن التحالف الاستراتيجي بين حزبي النهضة والنداء يشكل خطرا على تونس، وعلى ثورتها لأنه ضم قوى من المنظومة القديمة ورموز الاستبداد والرجعية، ووصف ما يحدث في المشهد السياسي التونسي بالصفقات السياسية، على حد تعبيره.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.