فرعون: إنهاء الشغور الرئاسي يحتاج إلى توافق داخلي.. وإيران تملي على «حزب الله» التعطيل

وزير السياحة اللبناني يؤكد لـ «الشرق الأوسط» أن رؤية «السعودية 2030» تمثل خططًا عصرية متقدمة تحفظ المملكة واقتصادها

فرعون: إنهاء الشغور الرئاسي يحتاج إلى توافق داخلي.. وإيران تملي على «حزب الله» التعطيل
TT

فرعون: إنهاء الشغور الرئاسي يحتاج إلى توافق داخلي.. وإيران تملي على «حزب الله» التعطيل

فرعون: إنهاء الشغور الرئاسي يحتاج إلى توافق داخلي.. وإيران تملي على «حزب الله» التعطيل

أكّد وزير السياحة اللبناني ميشال فرعون أنّ موضوع جهاز أمن الدولة أصبح في عهدة رئيس الحكومة تمام سلام، مشيرًا إلى أنه «خلافًا لما أشار إليه البعض، لم يحصل أي تلاسن مع سلام في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، بل نقاش اتسم بالصراحة وهو صديق حقيقي على الصعيد الشخصي وأكنّ له كلّ احترامٍ وتقدير».
ولفت فرعون إلى أن جملة معطيات إقليمية تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية والتعطيل يأتي من جهة إقليمية أي إيران التي تملي على ما يُسمى «حزب الله» للسير في خيار التعطيل، مشيرًا إلى أنّ الأوضاع الأمنية مستقرة على الرغم من الانقسامات السياسية، موضحًا أن ذلك يعود للدور الذي يضطلع به الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية كافة، ناهيك إلى الغطاء السياسي الداخلي والخارجي الجامع لهما.
وزير السياحة اللبناني أشار، إلى أنّ العلاقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية تاريخية ووثيقة وسبق له أن ضرب بيده على طاولة مجلس الوزراء شاجبا تعرض بعض وزراء ما يسمى «حزب الله» للمملكة العربية السعودية ودول الخليج كونه يدرك مدى متانة هذه العلاقة وما قدمته المملكة ودول الخليج إلى لبنان من دعمٍ على كافة المستويات، متفهمًا تحذيرات دول الخليج لرعاياها من القدوم إلى لبنان في ظلّ ما يجري في المنطقة وخصوصًا على مستوى الحرب السورية وفي سياق الحملات التي تطاول الرياض ودول الخليج.
وثمّن الوزير فرعون رؤية السعودية للعام 2030 واعتبرها بمثابة خريطة طريق اقتصادية مالية إنمائية تنموية آخذة في الاعتبار انخفاض أسعار النفط والتطورات السياسية والعسكرية في المنطقة وهذه الخطة التي أطلقها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سيكون لها دورها الريادي المستقبلي للشعب السعودي وأيضًا تحصّن المملكة اقتصاديا وماليًا وعلى كافة الصعد.
حديث الوزير ميشال فرعون جاء في حوارٍ مع «الشرق الأوسط»، وهذا نصّه:
* أشارت بعض المعلومات الإعلامية إلى تلاسن حصل بينك وبين رئيس الحكومة تمام سلام حول أزمة جهاز أمن الدولة، ماذا تردّ حيال هذا الموضوع؟
- أولاً وبكل صدقٍ، لم يحصل لا من قريبٍ أو بعيد أي تلاسن مع رئيس الحكومة تمام سلام الذي هو صديقٌ شخصي حقيقي وثمة صداقة تربطنا قديمًا ولا يمكن تحت أي طائل ومهما حصل من تباين سياسي أن تصل الأمور إلى تلاسن أو ما شابه، فهذا الأمر لم يحدث لا في الماضي ولا حاضرًا ولا مستقبلاً، بل نقاش اتسم بالصراحة جرى في مجلس الوزراء حول جهاز أمن الدولة. وهو بدأ منذ أشهر مع الرئيس سلام وغيره قبل أن نصل إلى هذا الشلل في هذه المؤسسة وصولاً إلى وقف المعاملات والمخصصات السريّة، وقد سبق لي أن حذّرت من هذه المسألة وما قد نصل إليه من مشكلة سياسية وأمنية وحيث تحول هذا الموضوع إلى مزايدات طائفية كما توقعت في مرحلة معينة، وهذا أمر مؤسف بأن نقحم هذا الجهاز الذي له دوره الوطني والأمني ليس لطائفة معينة وإنما على المستوى الوطني العام إلى ما وصلنا إليه من مزايدات وخلافات وتنظيرات لا طائل منها لأن هدفنا تصحيح هذا الخلل وعودة الأمور إلى نصابها الصحيح وهذا حقٌ مكتسب لتلك المؤسسة التي لها إنجازاتها في مكافحة الإرهاب وأمور كثيرة، أما الاتهام بالطائفية فلا يفيد بل سيرتدّ على أصحابه.
وأضاف: تعهد الرئيس سلام بإيجاد الحلول للجانب الإداري والمالي الذي لا يستوجب حلّ الخلاف كونها تقع ضمن صلاحيات مدير عام أمن الدولة بانتظار حلّ العقدة في مجلس القيادة الذي يعيق التطوع في المؤسسة ولا سيما الترقيات كونه يستطيع كمرجعية إدارية أي رئيس الحكومة، وكنائب رئيس المجلس الأعلى للدفاع أن يحلّ هذه المشاكل التي لها الطابع الإداري الصرف أكثر من المعطى السياسي.
لذا الأمور الإدارية والمالية لا علاقة لها بهذا المجلس، حيث يستطيع رئيس الحكومة {كما وعد} حلّها خلال بضعة أسابيع. وهذا طبعًا من مسؤوليته ونحن سنتابع الأمر في مجلس الوزراء.
من هنا نتفهم انزعاج الرئيس سلام من بعض المزايدات، وسبق وحاولنا التخفيف من الضجة الإعلامية خلال المهلة التي وعد فيها رئيس الحكومة بالتوصل إلى الحلّ إنما ذلك خارج إرادتنا.. فهناك من يريد خلق الإشكالات والدخول في معمعة إعلامية وسياسية وحفلة مزايدات لا مثيل لها.
أما بالنسبة للنقاش الذي حصل مع الرئيس سلام، فقد كان هادئًا إلى أبعد الحدود ومعظم الوزراء ينتظرون الحلول القادمة لإعادة تسيير عمل جهاز أمن الدولة الذي له دوره وموقعه ويبقى من ضمن المؤسسات الأمنية التي تعمل لمكافحة الإرهاب ولمصلحة كلّ اللبنانيين ولأمنهم واستقرارهم.
* إذن من تتهمون من الجهات السياسية التي تعطل عمل هذا الجهاز؟
- الواضح عندما يقع خلاف بين مدير ونائبه، فورًا تبدأ التدخلات السياسية من كلّ حدبٍ وصوب وتضخم الأمور في ظلّ محاولات الضغط على الاثنين معًا. وهذا ما حصل، وقد حذّرنا منه. والسؤال لماذا تمّ وقف بعض المعاملات في السراي الحكومي والمستحقات المالية بغياب رئيس للجمهورية؟ فذلك سؤالٌ مشروع واستغلال هذا الوضع أي الفراغ الرئاسي وهذا له انعكاسات سلبية على الروح الميثاقية والوطنية لكلّ الأفرقاء دون استثناء.
* لماذا حتى الآن لا يوجد رئيس جمهورية، وماذا لمست خلال اجتماعاتك مع مرجعيات إقليمية ودولية على بيّنة من هذا الاستحقاق؟
- لا شك أن ما يجري اليوم من إشكالات كثيرة في جهاز أمن الدولة وسواه، إنما مرده للشغور الرئاسي الذي ينعكس بوضوح تام على مجمل مؤسسات الدولة وعلى الوضع العام بكلّ تجلياته، إنما لا نزال حتى الآن نعيش الاتفاق السياسي ولو بالحدّ الأدنى، إنما ينحصر هذا الاتفاق بدعم الحكومة والاستقرار إلى دعم الجيش والمؤسسات الأمنية من خلال غطاء داخلي وخارجي بدأ في أواخر العام 2013 عندما شكّلت الحكومة الحالية والتي تبقى تعمل طالما هناك فراغ رئاسي من جهة ومن جهة أخرى الاتفاق السياسي عامل أمان واستقرار في البلد في ظلّ ما تعيشه المنطقة من حروبٍ وتحولات ومتغيرات خطيرة جدًا ولها تداعياتها على الساحتين الإقليمية والدولية، إضافة إلى الدور الذي يضطلع به الجيش اللبناني الذي استطاع وما زال من تسجيل قفزات نوعية في مكافحة الإرهاب وضربه متزامنًا مع دور كلّ المؤسسات الأمنية التي تعمل على الإمساك بالأمن وتأمين شبكة أمان واستقرار للمواطن اللبناني، لذا هذا الاستقرار ما زال قائمًا حتى الآن على الرغم من الخلافات والانقسامات السياسية باتجاهات متعدّدة، كذلك الرئيس سلام يقوم بتسيير الأعمال بصبر وثبات وحكمة وهذا له دوره الوطني في هذه الظروف الاستثنائية التي يجتازها البلد والمنطقة.
* يعني لا رئيس جمهورية في هذه المرحلة؟
- بالنسبة لرئاسة الجمهورية، لنكن واقعيين وصريحين وموضوعيين، الحلّ يحتاج إلى جملة عناوين إقليمية ودولية وأيضًا نحتاج إلى توافق داخلي بين سائر المكونات السياسية على اختلاف توجهاتها، وهذه الأمور مجتمعة غير متوفرة أو متاحة في هذه المرحلة، إضافة إلى ارتباط ما يجري في سوريا من حرب مدمرة. ذلك له انعكاساته على الداخل اللبناني، خصوصًا بعد تعثّر مؤتمر جنيف وما يحصل في المنطقة بشكل عام.. فهذه الأوضاع تؤدي إلى بقاء الفراغ الرئاسي مستمرًا إلى وقتٍ طويل لا نعرف إلى متى.
* من يعطل هذا الاستحقاق؟
- لا شك أن بعض القوى الإقليمية تعطل انتخاب رئيسٍ للجمهورية وتحديدًا إيران التي تملي على ما يسمى «حزب الله» في هذا السياق أي السير في التعطيل وهذا ما نراه بوضوح من خلال مقاطعة ما يسمى «حزب الله» وحلفائه جلسات انتخاب الرئيس.
* كيف تقرأ اتفاق «بيت الوسط البلدي» حول بلدية بيروت؟
- لبلدية بيروت ميزاتٌ ورمزية يجب علينا احترامها والسير بها دومًا في كل الاستحقاقات، وهذا ما تبدى خلال لقاء بيت الوسط من خلال هذه الجمعة الوطنية وفي إطار التفاهم السياسي الطائفي والميثاقي مع كل الأحزاب والتيارات السياسية عبر احترام هذه الخصوصية ومبدأ المناصفة والتمثيل الواسع لمعظم القوى إن لم يكن كلها. ولقد شاركت على المستوى الشخصي في «خياطة» هذا الاتفاق بين الأطراف المسيحية الذي تمّ التوصل إليها من خلال تفاهم بدأ صعبًا إنما وصلنا إلى الغاية المرجوة والمتوخاة وهي المناصفة واحترام هذه المعادلة.
* لماذا لم يشارك ما يُسمى «حزب الله» في بلدية بيروت؟
- ربما أراد عدم التدخل وله خصوصيته وظروفه السياسيّة واعتبارات أخرى دفعته بأن يكون خارج هذه اللعبة وعدم المشاركة في بلدية بيروت.
* كونك وزيرا للسياحة، هل من دورٍ لك لعودة الخليجيين للاصطياف في الربوع اللبنانية؟
- للحضور الخليجي عبر الاصطياف في لبنان علامة فارقة ودورٌ تاريخي وذكريات الزمن الجميل في سياق ما كنّا نشهده من الإخوة الخليجيين الذين يعتبرون لبنان بلدهم الثاني، وهذا ما نتمنى العودة إليه في أقرب فرصة ممكنة. ولنكن واضحين ثمة ظروف سياسية وأمنية تحول دون حضور السعوديين والخليجيين بشكل عام إلى لبنان منذ العام 2011 في هذه المرحلة الاستثنائية وهناك تحذيرات من دول الخليج لرعاياها من القدوم إلى لبنان. أنا أحترم رأيهم وآسف لهذا الخيار على اعتبار ثمة أمنٌ مستتب في لبنان في حال قرّروا العودة إليه.
ولكن يمكنني القول: إننا تمكنا من تسجيل إنجازات وقفزة نوعية على المستوى السياحي من العام 2013 إلى المرحلة الراهنة حيث وصلنا في العام 2015 إلى 170 مهرجانًا فنيًا على مستوى راقٍ وعلى مساحة الوطن. والآن ثمة مهرجاناتٍ في الصيف ذات نوعية عالمية في مناطق كثيرة والأمور تسير بخطى ثابتة على الرغم من كلّ الأجواء والظروف الراهنة. دون أن ننسى أن الصيف المنصرم شكل ضربة موجهة للموسم السياحي من خلال أزمة النفايات ولكن هناك تحضيرات ومهرجانات سيكون لها وقعها المحلي والعربي والعالمي من خلال دور وزارة السياحة بتشجيع السياحة الريفية وهذه المهرجانات الفنية والثقافية، دون حصول أي إشكالات أمنية، فنحن نحمي السائح كما نحمي عائلتنا وهذا خطٌ أحمر بالنسبة إلينا.
* كيف تقرأ العلاقة بين لبنان والسعودية ومع الخليج بشكل عام؟
- بداية لا أرى أي تراجع عن قرار السعودية ودول الخليج بشأن عودة رعاياهم إلى لبنان، وإن كنت آسفًا لهذه القرارات، إنما ليس باستطاعة أحد أن يمحو هذا التاريخ المجيد من خلال علاقة لبنان والمملكة العربية السعودية ودول الخليج، إذ إن هناك أيادي بيضاء للمملكة تجاه كلّ اللبنانيين وعلى مختلف طوائفهم ومذاهبهم.
والخطأ التاريخي كان خروج لبنان عن الإجماع العربي في مؤتمر القاهرة، ومن الطبيعي أن نكون إلى جانب الإجماع من خلال إدانة ما تعرضت له سفارة المملكة في طهران والقنصلية في مشهد من اعتداءات، وغير الطبيعي أن يخرج الموقف اللبناني عن هذا الإجماع.
* من يتحمل مسؤولية تدهور هذه العلاقات؟
- ذلك يعود لظروف إقليمية معروفة الاتجاهات والدوافع إلى حلفاء هذا الطرف الإقليمي في لبنان أي ما يسمى «حزب الله». وهنا أذكّر ما جرى على طاولة مجلس الوزراء من سجال بسبب الخروج عن الإجماع العربي يومها ضربت على طاولة مجلس الوزراء وتصديت لبعض الوزراء الذين شنّوا هجومًا على دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وقلت لهم بحدّة: «إن هذا الكلام لا يمت إلى الحقيقة بصلة ويهدد مصالح اللبنانيين في دول الخليج التي لم تتردد يومًا في توفير كل أشكال الدعم للبنان وطلبت شطب كلامه من محضر الجلسة واعتبار أن كلّ ما صدر عنه كأنه لم يكن».
وهنا ألفت إلى أن الرئيس بشارة الخوري ووزير الخارجية هنري فرعون هما من طلبا بأن تكون القرارات نافذة على الدول في مقابل الإجماع العربي الذي هو لصالح لبنان والدبلوماسية اللبنانية، وكان لهما دورٌ متقدم في هذا الإطار، لذا هناك تساؤلات حيال ما جرى في الآونة الأخيرة عبر الخروج عن هذا الإجماع.
* كيف ترى رؤية السعودية لعام 2030 التي أطلقها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز؟
- إنّها رؤية شاملة ومدروسة رسمت خريطة طريق لمستقبل المملكة تماشيا مع الظروف والمتغيرات السياسية والاقتصادية والمالية ومرحلة ما بعد النفط، وهذه الرؤية تحصّن الوضعين الاقتصادي والمالي للمملكة، وعليه هذه الرؤية المتكاملة سيكون لها شأنها ودورها نحو مستقبلٍ زاهر للمملكة من خلال هذه الخطة الحديثة والعلمية المتطورة وهذه الحلول المقترحة والتي من الطبيعي ستنعكس إيجابًا على مستقبل الشباب السعودي ودورهم في مرحلة ما بعد النفط وأمام انخفاض أسعاره أي ما بعد الثورة النفطية. إنها الحداثة والتطور التي تسعى إليه المملكة في سياق خطط عصرية عملية أراها عوامل متقدمة جدا تحفظ المملكة واقتصادها ودورها عبر هذه البنود والنقاط التي تحدث عنها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.