الجزائر: نهاية الجدل حول مصير الحكم بعد عودة بوتفليقة من رحلة العلاج

عودة التساؤلات حول الجهة التي تسير البلاد أثناء غيابه

الجزائر: نهاية الجدل حول مصير الحكم بعد عودة بوتفليقة من رحلة العلاج
TT

الجزائر: نهاية الجدل حول مصير الحكم بعد عودة بوتفليقة من رحلة العلاج

الجزائر: نهاية الجدل حول مصير الحكم بعد عودة بوتفليقة من رحلة العلاج

قالت الرئاسة الجزائرية في بيان إن «الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عاد أمس إلى البلاد بعد زيارة خاصة إلى جنيف بسويسرا حيث أجرى فحوصات طبية دورية»، لكن أثناء فترة غيابه التي دامت 6 أيام، عاد الجدل من جديد حول «من يحكم الجزائر».
ولم يحمل بيان الرئاسة، الذي أعلن عن عودة الرئيس، أي تفاصيل عن رحلة العلاج، علما بأنه جرت العادة أن يجري الرئيس «فحوصاته الدورية» بفرنسا، على عكس هذه المرة التي سافر فيها إلى سويسرا. وتعد المستشفيات والمصحات الفرنسية مقصد كل المسؤولين الجزائريين عندما يصابون بالمرض. لكن مصادر قريبة من الحكومة أفادت أن عائلة الرئيس رفضت أن يعالج في فرنسا هذه المرة بسبب الزوبعة التي خلفتها صورة نشرها رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس بحسابه في «تويتر»، ظهر فيها بوتفليقة وهو معه في حالة صحية سيئة جدا. وتم ذلك أثناء زيارة فالس برفقة عدة وزراء فرنسيين، إلى الجزائر في 8 و9 من الشهر الحالي.
وفي تقدير المصادر نفسها، لم يكن ممكنا أن تمر إقامة بوتفليقة بفرنسا من دون أن تثير مزيدا من الجدل إعلاميا وسياسيا حول حالته الصحية، ومن ثم حول «هل هو من يحكم في الجزائر أو شخص آخر؟». وأبدت السلطات الجزائرية غضبا شديدا من الصورة التي نشرها فالس، وعدتها «تصرفا متعمدا خاليا من أي لياقة»، بحسب وزير الدولة ومدير الديوان برئاسة الجمهورية أحمد أويحي.
ويعاني بوتفليقة (79 سنة) من آثار الإصابة بجلطة دماغية، أفقدته التحكم في بعض حواسه من بينها النطق. فهو منذ 8 مايو (أيار) 2012 لم يتحدث للجزائريين بصفة مباشرة.
وأثناء الأيام الستة التي قضاها في سويسرا، عاد الجدل إلى الإعلام والساحة السياسية حول «الجهة التي تسير البلاد». وبالمحصلة، فقد قفز اسم السعيد بوتفليقة من جديد، وهو شقيق الرئيس وكبير المستشارين بالرئاسة، وتنسب له صلاحيات وسلطات واسعة يمارسها «من وراء ستار»، غير أن المعني لم يتحدث أبدا للصحافة ولا يعرف له أي رأي في الأحداث الجارية في البلاد ولا في القضايا الدولية. وزاد صمته من الغموض الذي يكتنف شخصيته، وهو أصغر إخوة الرئيس.
وتزامن غياب الرئيس في الأيام الماضية مع نشاط سياسي يقوم به أحد أبرز المقرَبين منه، هو وزير الطاقة سابقا شكيب خليل الذي يؤدي زيارات مكثفة لـ«الزوايا»، (مدارس تعليم القرآن)، حيث تنظم لفائدته يوميا الاحتفالات. واتخذت القضية شكل تزكية لاحتمال خلافته الرئيس بوتفليقة، رغم أنه صرَح بأنه لا يطمح في الحكم. وقال أيضا إن زياراته للأماكن الدينية «شخصية»، ولكن اللافت فيها أنها محاطة بتغطية إعلامية مكثفة، وهذا ما أعطاها طابعا سياسيا.
ونشبت أول من أمس معركة داخل مسجد بعنابة (600 كلم شرق العاصمة)، زاره خليل برفقة أعيان المنطقة، فقد طالبه ناشط سياسي معارض معروف بأن يغادر المسجد، «لأنه مكان مقدس لا تمارس فيه السياسة، وعليك أن تحل مشكلاتك مع القضاء أولا إذا أردت كرسي الرئاسة».
وكان الناشط يشير إلى مذكرة اعتقال دولية صدرت بحقه وبحق زوجته وابنيه عام 2013، لاتهامهم بتلقي رشىً في صفقات بقطاع النفط، وكان خليل حينها في الخارج، وقد عاد الشهر الماضي دون أن يتعرض للاعتقال، ما يعني، حسب مراقبين، أنه «يتم تحضيره ليكون رئيسا في المستقبل القريب».
واتهمت لويزة حنون، رئيسة حزب العمال (يسار)، أمس في مؤتمر صحافي، وزارة الشؤون الدينية بـ«الوقوف وراء حملة تلميع صورة شكيب خليل». وذكرت أنها تملك دليلا على ذلك، يتمثل في دعوة وجهتها الوزارة إلى برلمانيين من ولاية الشلف (200 كلم غرب العاصمة)، لمرافقة خليل في زيارة قام بها مطلع الأسبوع الحالي لأشهر زاوية بالولاية.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.