شركات أميركية تحول خسائرها إلى أرباح عبر «الحيل المحاسبية»

النتائج الحقيقية لـ90 % من شركات «ستاندرد أند بورز» غير مقبولة

معظم الشركات العامة لا تستند إلى المبادئ المحاسبية المقبولة أو المعروفة (رويترز)
معظم الشركات العامة لا تستند إلى المبادئ المحاسبية المقبولة أو المعروفة (رويترز)
TT

شركات أميركية تحول خسائرها إلى أرباح عبر «الحيل المحاسبية»

معظم الشركات العامة لا تستند إلى المبادئ المحاسبية المقبولة أو المعروفة (رويترز)
معظم الشركات العامة لا تستند إلى المبادئ المحاسبية المقبولة أو المعروفة (رويترز)

تقدم الشركات بكل تأكيد أفضل نتائجها المالية وفي أبهى صورة ممكنة إذا ما أُتيحت لها الفرصة لذلك، كما أنها، وبطبيعة الحال، ستحاول إقناع المستثمرين بأن الحسابات التي يفضلونها، التي تستثنى منها بعض التكاليف المزعجة، تعكس تماما أفضل الوقائع المسجلة في العمليات، لدرجة أننا يمكننا تسميتها بعملية «الإبراز الإيجابي» ذي النزعة المحاسبية.
وما يثير الدهشة، برغم ذلك، هو مدى استعداد الجهات الرقابية للسماح بانتشار التقارير المالية الزائفة، ودرجة تقبل المستثمرين وتبنيهم لمثل تلك التقارير منخفضة المصداقية.
ونتيجة لذلك، فالشركات العامة الكبيرة، التي تعرض النتائج المالية غير المستندة على المبادئ المحاسبية المعمول بها والمقبولة في الواقع، قد انتقلت من مستوى المشكلات المتواضعة التي يمكن احتواؤها إلى مستوى المشكلات الكبرى التي تقارب حد المعضلات.
ووفقا لإحدى الدراسات التي أجريت مؤخرا عن مؤسسة التحليل والمراقبة المحاسبية، فإن 90 في المائة من الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد أند بورز 500 قد تقدمت بنتائج مالية غير مقبولة من الناحية المحاسبية خلال العام الماضي، وهي النسبة التي تشكل ارتفاعا عن نسبة 72 في المائة المسجلة في عام 2009.
ولا تزال الجهات الرقابية تطالب الشركات والمؤسسات بتقديم تقارير النتائج المالية المتوافقة مع القواعد المحاسبية المقبولة، غير أن الشركات تعمل على توجيه المستثمرين بدلا من ذلك نحو الحسابات المتكيفة مع ميولهم ورغباتهم، التي ترجع بنتائج أفضل من وجهة نظرهم.
«أعلم ذلك، أعلم ذلك»، تلك هي العبارة التي يتردد صداها كثيرا عندما يتعلق الأمر بالمحاسبة، غير أن الهوة بين الواقع والتظاهر بالواقع في عمليات هذه الشركات بدأت في الاتساع لدرجة أنها أثارت كثيرا من التساؤلات الجادة حول ما إذا كان المستثمرون يدركون على نحو كل الأعمال التي يديرونها أو الشركات التي يملكونها.
ومن بين 300 شركة كانت مسجلة خلال العام الماضي ومنذ عام 2009. كما تشير الدراسة، فإن تقارير الدخل للشركات غير المتقيدة بالقواعد المحاسبية المعترف بها قد ارتفعت بواقع 6.6 نقطة مئوية في عام 2015 بالمقارنة بالعام الماضي.
ووفق المبادئ المحاسبية المقبولة، فإن صافي الدخل في عدد الشركات نفسها البالغ 380 شركة في عام 2015 قد انخفض فعليا بواقع 11 نقطة مئوية عن صافي الدخل المسجل في عام 2014.
ومن الحقائق المذهلة الأخرى أن هناك 30 شركة ممن شملتهم الدراسة حققت «خسائر» بموجب القواعد المحاسبية المقبولة في عام 2015. ولكنها وعلى نحو سحري قدمت نتائج تفيد بتحقيق الأرباح عندما طبقوا الرياضيات بالأسلوب الخاص بهم.
وأغلب تلك الشركات كانت في قطاع الطاقة، الذي شهد دمارا كبيرا إثر التراجع العالمي لأسعار النفط، ولكن كانت هناك أيضا شركات الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات من بين تلك المجموعة.
* كيف يمكن لشركة تحويل الخسائر إلى أرباح؟
يتم ذلك عن طريق استبعاد التكاليف من إدارة الأعمال، ومن بين أكثر النفقات شيوعا التي تستبعدها تلك الشركات من حساباتها هي تكاليف إعادة الهيكلة والاستحواذ، والتعويضات المستندة على الأسهم، وشطب الأصول المتعثرة.
تكثر حالات الإبداع في عالم المحاسبة الواسع الطليق في أيامنا هذه، ولقد خلصت الدراسة كذلك إلى أن ما يقرب من 10 في المائة من الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد أند بورز 500، التي استخدمت الأرقام الملفقة قد استبعدت التكاليف التي تندرج تحت تصنيف «أخرى» من نتائج التقارير المالية.
ويشتمل هذا التصنيف المذكور على نفقات اختراقات البيانات (مثالا بشركة هوم ديبوت)، وتوزيعات الأرباح على الأسهم المفضلة مثالا بشركة (فرونتير للاتصالات)، وتعويضات الفصل من العمل (مثالا بشركة إتش أند أر بلوك).
ولكن تلك هي التكاليف الفعلية، كما يقول جاك تشيسيلسكي، ناشر دورية التحليل والمراقبة المحاسبية «إن التجاهل الانتقائي للحقائق يؤدي إلى إهمال من جانب المستثمرين في تقدير أداء الشركة، كما يؤدي إلى اتخاذ قرارات الاستثمار المتهورة». والأهم من ذلك، كما يضيف، عندما يتجاهل المستثمرون التكاليف المتعلقة بالاستحواذ أو التعويضات المستندة على الأسهم، فإنهم يمنحون المديرين الحرية المطلقة في إدارة كل موارد المساهمين.
ويسبب الأمر الحيرة لبعض من خبراء المحاسبة، خاصة أن لجنة الأوراق المالية والبورصة لم تتخذ أي إجراءات صارمة من أجل كبح جماح هذه الممارسات.
كان لين تيرنر وهو كبير المحاسبين في لجنة الأوراق المالية والبورصة خلال فترة التسعينات، وهي الفترة التي بدأت الأرقام الصورية الملفقة في الظهور والانتشار، ولقد وضعت قواعد جديدة آنذاك لمكافحة هذه الممارسات، كما قال في مقابلة أجريت معه مؤخرا، غير أن اللجنة لا تعمل على إنفاذ هذه القواعد الآن.
على سبيل المثال، كما يقول السيد تيرنر، تبدو بعض الشركات كأنها تنتهك المتطلبات من حيث عرضها للأرقام غير المتفق عليها من الناحية المحاسبية، ولكن في زوايا غير بارزة من الملفات المالية التي يقدمونها بأكثر من الأرقام التي تتبع القواعد والمبادئ المحاسبية.
وأضاف السيد تيرنر يقول: «ينبغي للجنة الرقابية أن تفرض تنفيذ القواعد المعمول بها، إنهم بذلك يعملون على إيجاد ثقافة طلب الصفح بدلا من طلب الاستئذان، ولا يؤدي ذلك إلا إلى نتائج وخيمة في النهاية».
وكما يحدث، فإن اللجنة في خضم مراجعة متطلبات الإفصاح للشركات والنظر إلى السبل لتحسين القواعد المعمول بها «لصالح كل من الشركات والمستثمرين».
تبدو تلك كفرصة عظيمة للتصدي لمشكلات الأرقام الملفقة، ولكن مثل هذه المسألة لا يبدو أنها تحظى بالأهمية القصوى من وجهة نظر لجنة الأوراق المالية والبورصة في الوقت الحالي.
وأعربت كارا شتاين، وهي مفوضة لدى لجنة الأوراق المالية والبورصة، عن قلقها من تلك الممارسات في بيان علني بتاريخ 13 أبريل (نيسان) الحالي.
ومن بين الأسئلة التي لم تكن لجنة الأوراق المالية والبورصة تطرحها، كما قالت السيدة شتاين «هل ينبغي أن تكون هناك تغييرات على قواعد العمل لدينا للتصدي للانتهاكات في تقديم الإفصاحات غير المتوافقة مع المعايير المحاسبية، التي قد تكون ذات طبيعة مضللة بالنسبة إلى المستثمرين؟»
ومع الانتخابات الرئاسية التي تلوح في الأفق، كما يقول السيد تشيسيلسكي، أنه من غير المرجح ظهور أي تغييرات ذات مغزى في ذلك النوع من الإفصاحات في أي وقت قريب؛ مما يعني أن المستثمرين سوف يستمرون في الظلام مع عدم إفصاح الشركات عن التفاصيل المتعلقة بما يستبعدونه من حسابات الأرباح أو التدفقات النقدية.
وبالنظر إلى تكاليف إعادة الهيكلة، فهي أكثر التكاليف استبعادا من جانب الشركات من النتائج المالية في هذه الأيام.
يقول السيد تشيسيلسكي في المقابلة الشخصية: «لماذا لا تفصح الشركات وتقول هذا هو برنامج إعادة الهيكلة الذي سوف يستغرق استكماله أربع سنوات كاملة، وإليكم الأرقام المعبرة عن ذلك؟ إن برامج إعادة الهيكلة تكلف الشركات أموالا، فلماذا لا تواجه الشركات الأمر على حقيقته بخصوص توقعاتهم المالية؟ إذا ما فعلت كل الشركات بصورة مستمرة، فسوف يعكس ذلك قدرا كبيرا من الواقع الحقيقي».
ويتفق السيد تيرنر، كبير المحاسبين السابقين في لجنة الأوراق المالية والبورصة، مع ذلك، إن ما يحتاج إليه المستثمرون، كما يقول، هو صورة واضحة وصريحة لكل التفاصيل والبنود - للتكاليف والأرباح على حد سواء - مما تعده الشركات من الأمور غير العادية أو غير المتكررة في عملياتها المالية، وينبغي عرض هذه التفاصيل في الحواشي الملحقة بالبيانات المالية.
وأضاف السيد تيرنر يقول: «إننا بحاجة إلى فرض المطالبة بالكشف عن الجيد والقبيح في التقارير المالية، فإذا كان لديك بند كبير غير متكرر، عليك الإفصاح عن ذلك مثلما تفصح تماما عن النفقات غير المتكررة في الشركة، ثم ينبغي لك مطالبة المحاسبين الحصول على قدر من المسؤولية لتدقيق مثل هذه البنود».
بطبيعة الحال، فإن بعض الأرقام الخيالية التي تسلط الشركات الضوء عليها هي أسوأ من غيرها؛ حيث إن استبعاد القيمة المنخفضة لأحد الأصول ليست بأسوأ الجرائم المرتكبة، ولكن عند استبعاد نفقات التقاضي التي يجري إنفاقها في كل فصل، وذلك من قبيل الترتيبات منخفضة الجودة المحاسبية، وهي أيضا من الأمور البغيضة للغاية.
وخلاصة القول بالنسبة إلى المستثمرين، وفقا للسيد تشيسيلسكي والسيد تيرنر، هو تجاهل جاذبية ذلك النوع من التظاهر، فربما تكون أرقام الواقع الحقيقي أقل مما يمكن أن يثلج الصدر، ولكنها أقل كذلك من أن تثير المفاجآت القبيحة التي قد يسفر عنها الإبراز للجوانب الإيجابية فحسب.
*خدمة «نيويورك تايمز»



«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)
زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)
TT

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)
زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي» المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية، ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري»؛ لتعزيز التعاون ورفع الكفاءة في القطاع، ما يسهم في تحقيق تطلعات المملكة نحو تنمية عقارية مستدامة.

ويواصل معرض «سيتي سكيب العالمي»، المنعقد في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات بملهم شمال العاصمة السعودية، استقبال عدد كبير من الزوار للاستفادة من الخدمات العقارية والحلول السكنية والتمويلية المقدمة، ما يعزز جودة الحياة، ويدعم «رؤية 2030» في رفع نسبة تملّك المواطنين إلى 70 في المائة.

وأكد الرئيس التنفيذي لـ«المربع الجديد»، مايكل دايك، لـ«الشرق الأوسط»، تبنّي الابتكار في الوجهة الأحدث بالعالم لإنشاء أكبر داون تاون بالرياض، في خطوة نحو تحسين جودة الحياة.

الدفع بالابتكار

ويُعد «المربع الجديد» أحد أهم المشاريع الطموحة في استراتيجية «صندوق الاستثمارات العامة»، لإعادة تعريف التنمية الحضرية في المملكة، واستحداث قطاعات واعدة. وقد جرى الإعلان عنه في 16 فبراير (شباط) من عام 2023.

مجسم لوجهة «المربع الجديد» في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

وأشاد دايك، خلال حديثه على هامش فعاليات معرض «سيتي سكيب العالمي»، بمشاركة «المربع الجديد» في هذا الحدث، بوجود عدد من الشركات المحلية والدولية لعرض الأصول والمشاريع العقارية بالمملكة وتطويرها في المستقبل.

وقال دايك: «يفخر (المربع الجديد) بكونه مساهماً في (رؤية السعودية 2030)، حيث نساعد في تحسين جودة الحياة، والدفع بالابتكار في الوجهة، ما يؤدي، في نهاية المطاف، إلى النمو في المرحلة المقبلة».

تطوير الفرص

ولفت إلى أن مشاركة «المربع الجديد» في معرض «سيتي سكيب العالمي»، لعرض أحدث داون تاون في العالم بوصفها منطقة سياحية مستقبلية تتناغم فيها التقنيات مع الاستدامة لخلق تجربة استثنائية، مؤكداً أنه يجري العمل مع الشركاء المحليين والدوليين على تطوير أفضل الفرص.

وكان دايك قد قال، في تصريح، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن المشروع سيبدأ العمل بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2030، مؤكداً أنه «سيكون مفتوحاً عندما تستضيف العاصمة السعودية معرض إكسبو الدولي من أكتوبر 2030 إلى مارس (آذار) 2031».

دعم المطورين

إلى ذلك، كرّم وزير البلديات والإسكان، ماجد الحقيل، خلال معرض «سيتي سكيب العالمي»، 95 مطوراً عقارياً من الذين اجتازوا «برنامج الدعم والتمكين للتطوير العقاري»، بينهم 31 مطوراً تميزوا بأدائهم وتحقيقهم معايير البرنامج. وأكد وكيل وزارة البلديات والإسكان لتحفيز المعروض السكني والتطوير العقاري، عبد الرحمن الطويل، في كلمته خلال الحفل، اهتمام الوزارة بتكريم المطورين المتميزين، مشيراً إلى الدور الكبير الذي يؤديه «برنامج الدعم والتمكين للتطوير العقاري» في رفع كفاءة القطاع العقاري وتعزيز المهنية فيه، بما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030».

وأوضح أن هذا التكريم يأتي في إطار حرص الوزارة على استدامة القطاع العقاري، والاستجابة للطلب المتزايد على الوحدات السكنية، مشيراً إلى أن برنامج «الدعم والتمكين» تأتي في إطار الدعم غير المحدود والجهود التي تبذلها وكالة تحفيز المعروض السكني والتطوير العقاري للارتقاء بصناعة التطوير العقاري في المملكة.

اتفاقيات استراتيجية

وأضاف: «نسعى في وكالة تحفيز المعرض السكني والتطوير العقاري لتقديم خدمات الدعم والمساندة والتدريب والتأهيل لمنسوبي القطاع، ليتمكن المقاولون والمطورون العقاريون المشاركون في البرنامج، وبدعم من شركاء النجاح، من الحصول على عدد من الامتيازات، من بينها شهادة تأهيل مطور عقاري، وتقديم ضمانات من خلال برنامج «كفالة» للجهات التمويلية، تمكّنهم من الحصول على دعم من الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت» من خلال برنامج «جدير»، بالإضافة إلى الاعتماد من الشركة الوطنية للإسكان، والحصول على شهادة تأهيل المطورين العقاريين لمشاريع البيع على الخريطة من برنامج «وافي».