واشنطن تقدم مشروع قرار لمجلس الأمن معاديًا للمغرب

في بادرة أميركية معادية للمغرب، اقترحت واشنطن مشروع قرار يطالب مجلس الأمن بعودة أنشطة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء «مينورسو» بشكل كامل، بعد أن تعطلت نتيجة طرد المغرب لموظفيها المدنيين، مع إمهال الرباط والمنظمة الدولية أربعة أشهر للاتفاق على هذا الأمر.
في غضون ذلك، عبرت فرنسا وإسبانيا عن رفضهما القاطع لمشروع القرار الأميركي، حيث اعتبرت فرنسا الحليف القوي للمغرب في مجلس الأمن، أن المبادرة الأميركية يمكن، في حال تبنيها، أن تؤجج الصراع في منطقتي الساحل والصحراء.
وذكرت مصادر دبلوماسية في نيويورك أن كلا من باريس ومدريد وداكار تعمل على تعديل مشروع القرار الأميركي وتخفيف حدته، من أجل حفظ ماء وجه المغرب، لا سيما أن الرباط أعلنت أن قرارها القاضي بطرد العناصر المدنية في بعثة «مينورسو» لا رجعة فيه.
وكان المغرب قد طرد أكثر من 80 عنصرا مدنيا في البعثة الأممية كرد فعل على تصريحات أدلى بها الأمين العام بان كي مون خلال زيارته لمخيمات جبهة البوليساريو في تندوف (جنوب غربي الجزائر)، والتي وصف فيها وضعية المغرب في الصحراء بأنها احتلال، وقال: إن قراره «سيادي ولا رجعة فيه».
وينتظر أن يصوت مجلس الأمن، المؤلف من 15 دولة، اليوم الجمعة على تمديد تفويض مهمة «مينورسو»، المقرر أن ينتهي غدا السبت.
ويدعو مشروع القرار الأميركي إلى عودة كل أنشطة «مينورسو» في الصحراء على وجه السرعة، وينص على أن مجلس الأمن «يشدد على الضرورة الملحة لأن تستعيد (مينورسو) قدرتها على العمل بصورة كاملة». كما يطلب مشروع القرار من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يبلغ مجلس الأمن في غضون 4 أشهر ما إذا كانت البعثة استعادت قدرتها على العمل بصورة كاملة أم لا، وإذا جاء جواب بان كي مون سلبيا فإن مجلس الأمن يعرب عن استعداده «للنظر في أفضل السبل التي يمكن أن تسهل تحقيق هذا الهدف»، بحسب مشروع القرار الأميركي.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد طلب من مجلس الأمن أن يمارس ضغوطا على المغرب لتستأنف بعثة «مينورسو» أنشطتها كاملة بعد أن قلصت الرباط عددها. وقال بان كي مون في تقرير إلى المجلس إن مغادرة العناصر المدنية لـ«مينورسو» بطلب من الرباط «يمكن أن تستغلها عناصر متطرفة وإرهابية»، وهو ما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
وقال مصدر مطلع إن فرنسا وإسبانيا والسنغال طرحت فكرة التمديد لبعثة مينورسو على وضعها الحالي مدة شهرين إضافيين، وذلك لإتاحة الوقت أمام مزيد من التفاوض بين المغرب والأمانة العامة للأمم المتحدة.
في سياق ذلك، قال السفير الروسي فيتالي تشوركين في تصريحات صحافية إن المناقشات حول نص مشروع القرار الأميركي «لن تكون سهلة». وبعد مناقشة أولية للمسودة في جلسة مغلقة لمجلس الأمن اعتبر أنه يوجد «هامش لتحسين» النص، مشيرا إلى أن بعض الدول الأعضاء تسعى إلى تشديد لهجته.
وتجدر الإشارة إلى أن مشروع المقترح الأميركي لا ينص على أي عقوبة، أو إجراء قسري لإرغام المغرب على العدول عن قراره، علما بأنه كانت صيغة سابقة للنص تحدد مهلة شهرين فقط.
ويطلب مجلس الأمن من المغرب وجبهة البوليساريو: «مواصلة التفاوض من دون شروط مسبقة».
وطلب المغرب تجديد مهمة مينورسو مدة 12 شهرا من دون شروط، في حين كان الكثير من أعضاء المجلس (الولايات المتحدة وبريطانيا وفنزويلا وأنغولا والأوروغواي ونيوزيلندا) يريدون التثبت من قدرة البعثة على تنفيذ مهمتها، وقد أبدت هذه الدول مخاوف من تشجيع دول أخرى تنتشر فيها بعثات دولية على السعي للتخلص منها.
من جهتها، حذرت جبهة البوليساريو الانفصالية من مخاطر عودة النزاع إن لم يرغم المجلس المغرب بواسطة عقوبات على العودة عن قراره طرد أعضاء البعثة، إذ قال محمد خداد، منسق جبهة البوليساريو مع بعثة مينورسو: «إنه تحد غير مسبوق في وجه المجلس».
يذكر أن المقترح الأميركي جاء ليؤكد ما قاله العاهل المغربي الملك محمد السادس في الخطاب الذي ألقاه في القمة الخليجية - المغربية في الرياض يوم الأربعاء 20 أبريل (نيسان) الجاري، وحذر فيه من خطورة الوضع الراهن، لدرجة أن الأمر بلغ «إلى شن حرب بالوكالة، باستعمال الأمين العام للأمم المتحدة، كوسيلة لمحاولة المس بحقوق المغرب التاريخية والمشروعة في صحرائه، من خلال تصريحاته المنحازة، وتصرفاته غير المقبولة، بشأن الصحراء المغربية».
من جهته، أعلن عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية التأييد اللامشروط والمساندة المطلقة لكل الخطوات الدبلوماسية، التي يتخذها الملك محمد السادس لمواجهة القرارات غير الحيادية للأمين العام للأمم المتحدة، مؤكدا على لسان مصطفى الخلفي، وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال اجتماع مجلس الحكومة الذي عقد أمس أن وحدة الموقف تبقى «صمام أمان لمواجهة هذا الاستهداف».
وكشف الخلفي أن المجلس الأسبوعي للحكومة خصص حيزا كبيرا لمناقشة مستجدات قضية الصحراء المغربية، بناء على عرض تقدمت به مباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية، التي أطلعت المجلس على آخر المستجدات الأممية المتعلق بقضية الصحراء، منددة بما حمله تقرير الأمين العام للأمم المتحدة من مواقف تتناقض مع واجبات حياد الأمين العام.
ووعد الخلفي بالرد الرسمي للحكومة حينما سيصبح قرارا رسميا، مؤكدا أن الدولة المغربية ستتخذ الموقف المناسب في الوقت المناسب، كما انتقد الخلفي التوجهات الأممية التي عبر عنها الأمين العام للأمم المتحدة، خصوصا فيما يتعلق بالتلميح للجوء إلى خيار الاستفتاء لإنهاء نزاع الصحراء، معدا ذلك «إضعافا لمقترح الحكم الذاتي، وتمهيدا لتشجيع خيارات التقسيم والتجزئة». ونسب إلى بوعيدة قولها «إن المغرب استطاع أن يفشل الكثير من الخطوات التي استهدفته في السابق، باعتبار أن إرادة الشعوب لا تهزم، وحقوقها لا يمكن أن تكون موضع مساومة، ولأن الجبهة الداخلية للمغرب ملتفة وراء جلالة الملك لمواجهة ذلك».