* في فيلمه التسجيلي يوفر المخرج سم كايا صورة شاملة عن السينما التجارية التركية في أزهى عصورها وعمن صنعها وكيف تم صنعها. يختص بفترة الستينات أكثر من سواها (الفترة المعروفة باسم Yesilçam توازي حاليًا ما بات يعرف، منذ الثمانينات، بسينما «بوليوود» في الهند). ويقدّم، عبر المشاهد المنقولة من أفلام تلك الفترة وعبر مقابلات مع مخرجيها ومنتجيها، صورة بانورامية لما تم إنتاجه من أفلام للجمهور الكبير السائد وكيف كان المنتجون يحققونها بأرخص التكلفة وأسهل طرق العمل: النقل. كان ذلك يتم إما عبر اقتباس الأفلام الأميركية مشهدًا مشهدًا، أو عبر الاستعانة بمشاهد معيّنة وردت فيها وصنع ما يوازيه أو يماثله وقعًا وإدخال المشاهد حتى وإن كانت من الخيال العلمي أو الكوميديا أو من أي نوع سينمائي هوليودي معروف ضمن سياق الأفلام التركية من النوع ذاته أو من سواه. في كثير من الأحيان فإن السطو الذي شمل أعمالاً شهيرة مثل فيلم ستانلي كوبريك «سبارتاكوس» وفيلم جورج لوكاس «ستار وورز»، شمل أيضًا لطش موسيقاها لجانب أفكارها.
* Right Now، Wrong Then * إخراج: سانغ - سو هونغ * دراما عاطفية (تركيا) 2016 * فيلم بسيط المظهر والحبكة ولو أن المفاجأة على الصعيد الأخير تقع بعيد منتصف الفيلم بقليل. بطلنا (جونغ جاي - يونغ) مخرج سينمائي ذو شهرة في ربوعه يصل إلى مدينة مدعوًّا لتقديم فيلمه في مهرجان محلي. يتعرّف على رسامة شابّة (كيم مين - هي) وتستهويه عاطفيًا. يتبادلان أحاديث مطوّلة (الفيلم يتبع إيقاع الحياة) ثم تدعوه لكي يصاحبها للقاء مع صديقتين لها. تتركه وتنصرف بسبب سكره في ذلك العشاء. في اليوم التالي هو في حضور فيلمه حيث لا يعجبه الناقد الذي أدار الجلسة ويخرج من القاعة لتحضير نفسه لمغادرة البلدة. هذا هو الجزء الذي يأتي ثانيًا في العنوان «خطأ انذك» إذ بعد هذا الموقف يعيد المخرج سانغ - سو هونغ سرد الحكاية ذاتها لكن خالية من خطأي التواصل وسوء الفعل الذي قام به بطله فيسرد الفيلم ثانية من وجهة ثانية. للفيلم عذوبته التي ربما جذبت إليه حكّام مهرجان «لوكارنو» والمهرجانات الأخرى التي خرج منها بجوائز (جمع عشرة). لكنه تفعيلته ليست جديدة والتصرّف الخطأ الذي ارتكبه ليس جسيمًا أو فاصلاً كبيرًا في حياة الشخصيات بحيث كان لا بد من إعادة سرد الفيلم ثانية.
في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية. حتى الفيلم الذي ما زال النقاد حولنا يُعدّونه «أبو الواقعية» وهو «سارقو الدراجة» لڤيتوريو دي سيكا ليس واقعياً بالتجسيد الكامل. لديه حسّ واقعي وممثلون غير محترفين ومشاهد مصوّرة في الشوارع، لكن فيه قصٌ وتركيب وإطلاق عنان لحكاية.
لذا، فإن اتهام «الفستان الأبيض» بأنه فيلم غير واقعي ليس صحيحاً لأن مخرجته جيلان عوف لم تقصد تقديم هذا النوع من الأفلام. لو قصدت لفشلت تبعاً لما نراه. «الفستان الأبيض» أول وقبل كل شيء حكاية تقصد أن تنتقد حالات ناتجة عن حكاية خيالية. فتاة اسمها وردة (ياسمين رئيس) ستتزوّج في اليوم التالي لكن فستان الزفاف احترق صباحاً. هي وابنة خالتها بسمة (أسماء جلال) تنطلقان لشراء أو - على الأقل - استئجار فستان بديل. الرحلة تستمر طوال النهار ولساعة متأخرة من الليل من دون نتيجة. العراقيل متعددة، إما الأسعار عالية لا يمكن لفتاة من الطبقة الفقيرة تحمّلها أو هناك خلاف على الفستان يؤدي لمغادرة المكان بلا نتيجة، أو عندما تنجح وردة بمعاونة ابنة خالتها بسمة وصديقتها (إنجي أبو السعود) بالحصول على فستان مناسب تتعرض الفتيات لهيجان شوارعي بشع من شباب لا يحملون أي أخلاق. يتحرشون بهن ويخطفون الفستان ويدوسونه. الأمر يصل بوردة إلى التفكير بسرقة فستان، لكن شكراً لوالدتها (الجيدة سلوى محمد علي) استطاعت أن تنقذ الموقف في النهاية.
للفيلم حسنات عديدة. الحكاية نفسها جيدة الحبكة والتعرّض لواقع مجتمعي هو ليس الواقع الوحيد لكنه من لحمته. في مشاهد كثيرة تصوّر المخرجة شباباً بلا روادع أخلاقية يعيشون حياتهم بلهو مصطنع ويستمعون ويرقصون على أغاني لا فن أو معنى لها. للأسف تلجأ المخرجة في نهاية الفيلم إلى واحدة من تلك الأغنيات الشعبية التي كانت تنتقدها. ربما مضطرة لأن الأغنية هنا تعبيرٌ عن حفل الزفاف المقبل.
هناك ملامح إنسانية عديدة تبرز من ثنايا العلاقات النُّسوية كما من النقاشات بين وردة وخطيبها عصام (أحمد خالد صالح)، وتصوير متطوّر وسهل السياق من عمر أبو دومة، وتمثيل جيد من الجميع كبرت أدوارهم أم صغرت.
* عروض مهرجان البحر الأحمر.
Moon ★★
* كوردوين أيوب
* دراما مجتمعية | النمسا (2024)
دراما نسوية أخرى في شكل فيلم مختلف حققته المخرجة النمساوية (ذات الأصل الكردي) كوردوين أيوب في فيلمها الثاني. الأول أنجزته قبل عامين تحت عنوان «شمس»، والمشترك بينهما أنهما عن امرأة شابة ترفض الواقع وتُحارب ما قد يوقفها عن تحقيق استقلاليّتها. لكن الاستقلالية في فيلمها الجديد مسألة غارقة في تضارب ثقافات تقع ضحية فيها ولو لحين.
بطلتها مدرّبة ملاكمة للنساء. نتعرّف عليها سريعاً في الحلبة وفي البيت والمحيط النمساوي حيث عاشت وحيث تأمّنت حريّتها الشخصية. لا علاقة لمفهومها هذا بحقيقة ملازمة وهي أنها تحاول عبثاً التغلّب عن أحوالها المعيشية. لكن البحث عن مصدر عمل جيد يدفعها لقبول عرض من رجل أردني لديه ثلاث فتيات يريد من المدرّبة سارا (فلورنتين هولزنجر) تدريبهن على الملاكمة وفن الدفاع عن النفس. للغاية تسافر إلى الأردن وتبدأ العمل لتكتشف أن ما ينتظرها غير ما توقّعته. تصبح، رغماً عنها، جزءاً من وضعين واحد ثقافي والآخر يشوبه الغموض كونها تدرك الآن أن تدريباتها (التي ستتوقف بعد حين) ليست سوى أداة لأوضاع سياسية وعائلية غير مستتبة.
هذا فيلم عن الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا، ويمكن القبول بوجهة نظره كون الفوارق الثقافية بين تلك العربية وتلك الأجنبية أكبر من أن تُهضم، من وجهة نظر المخرجة التي ليس من السهل أو المعيب نقضها.
مشكلة هذا الناقد مع الفيلم هي أن الكاميرا المحمولة تقفز إلى الواجهة قبل الحدث وخلالها. ليس هناك سرد متواصل يشبه الاستماع إلى أسطوانة مشروخة. هو فيلم غاضب لأن بطلته غاضبة والمخرجة كذلك. الأسلوب يستعير من أفلام سابقة تعتقد أن عليها فرض طريقة العمل على المُشاهد لكي تنجح في إيصال رسالتها.
* عروض مهرجان ڤيينا
في الصالات
* من المسافة صفر ★★★ - فيلم تسجيلي مؤلف من 22 فيلماً قصيراً أشرف المخرج رشيد مشهراوي على إنتاجه يدور حول الحياة في غزة المستهدفة.
* The Damned ★★★ - فيلم رعب يختلف عن سينما هذا النوع يدور حول قرية تعيش لعنة اختياراتها عندما تفيق حائرة على سفينة جانحة.
* Wallace & Gromit: Vengeance Most Fowl ★★★★ - ينتمي إلى سلسلة «والاس وغروميت» الكرتونية الممتعة. فن التنفيذ بالدمى المتحركة مع فن الحكاية يتكاملان.
* 2073 ★★★ - نظرة داكنة أخرى على مستقبل الحياة على الأرض حيث السماء ترصد كل نفسٍ، والرافضون للتحوّلات مختبئون تحت الأرض.
★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز