تونس تحتضن اجتماع لجنة الحوار السياسي الليبي وسط غياب ممثلي المؤتمر الوطني السابق

إيطاليا تقترح رفع الحظر عن الأسلحة في ليبيا

تونس تحتضن اجتماع لجنة الحوار السياسي الليبي وسط غياب ممثلي المؤتمر الوطني السابق
TT

تونس تحتضن اجتماع لجنة الحوار السياسي الليبي وسط غياب ممثلي المؤتمر الوطني السابق

تونس تحتضن اجتماع لجنة الحوار السياسي الليبي وسط غياب ممثلي المؤتمر الوطني السابق

سجل اجتماع لجنة الحوار السياسي الليبي، الممثلة للأطراف الليبية الموقعة على اتفاق الصخيرات بالمغرب، الذي انعقد أمس في تونس، غياب ممثلي المؤتمر الوطني السابق عن هذا الاجتماع، في خطوة قد تكون مؤشرا على صعوبة الحوار السياسي بين الفرقاء السياسيين الليبيين، وتضاؤل فرص الاقتراب من حل للأزمة الليبية.
وأشارت تقارير ليبية على صلة بالأطراف المشاركة في هذا الاجتماع، الذي انطلق أمس في أحد فنادق العاصمة، إلى تغيب كل من عبد الرحمن السويحلي وصالح المخزوم، وفتحي باشاغا وسليمان الفقي، فيما كانت جميع أطراف الحوار الليبي الأخرى حاضرة في هذا الاجتماع.
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، التي يترأسها الألماني مارتن كوبلر، قد أبلغت الأسبوع الماضي لجنة الحوار بعقد جلسة للحوار السياسي في تونس، وحددت جدول الأعمال في بندين أساسيين، هما مناقشة منح الثقة لحكومة فائز السراج، والتشاور حول مجلس الدولة الاستشاري برئاسة عبد الرحمن السويحلي، وإعلان هذا المجلس تدشين أعماله في العاصمة الليبية طرابلس، غير أن البعثة الأممية أجلت جلسة الحوار لأسبوع.
من جهته، أعلن فضيل الأمين، عضو لجنة الحوار السياسي الليبي، انطلاق الاجتماع الليبي في العاصمة التونسية، دون تحديد سبب انعقاد الاجتماع. غير أن مصادر دبلوماسية تونسية أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن المأزق السياسي الحالي في ليبيا، وتواصل عجز الأطراف الليبية على التوافق حول حكومة التوافق برئاسة فائز السراج، هو الذي دعا إلى مثل هذا الاجتماع، الذي ترعاه الأمم المتحدة التي تدعم المصالحة السياسية التي تقودها حكومة السراج، وعدت أن هذا الوضع الصعب يجعل من إرساء دعائم الدولة في ليبيا، ومن ثم بسط نفوذها على الأراضي الليبية ودحر تنظيم داعش، الذي يهدد دول المغرب العربي بأسرها، أمرا مؤجلا إلى وقت آخر.
وعلى صعيد متصل بالأزمة الليبية، أعلن وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، أمس، أنه يؤيد رفع الحظر عن الأسلحة لحكومة الوفاق الليبية في طرابلس.
وقال جنتيلوني أمام مجلس النواب «لنكن واضحين. لترسيخ حكومة (فائز) السراج، من الضروري أن يتمكن من التحرك للتصدي للإرهاب».
وأضاف قائلا: «وبالتالي إذن، يجب تعديل الحظر للسماح باتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب، وعلينا القيام بذلك لصالح الحكومة الشرعية»، موضحا أن على حكومة الوفاق أن تستفيد أيضا من الموارد النفطية.
لكن الحظر على الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة في 2011 انتهك مرارا لصالح مجموعات مسلحة عدة تنشط في ليبيا.
ومطلع الأسبوع أشارت الصحافة الإيطالية إلى تسليم أكثر من ألف آلية عسكرية لم يعرف مصدرها بوضوح، للواء خليفة حفتر والعناصر التابعين له في طبرق شرق البلاد، علما بأن اللواء حفتر، قائد القوات العسكرية في شرق البلاد، يرفض دعم حكومة السراج. وأكد جنتيلوني، أن بلاده ليست على وشك إرسال قوات إلى ليبيا؛ لأن حكومة السراج لم تقدم طلبا بعد في هذا الشأن. لكن في مطلع الأسبوع أشارت بعض الصحف الإيطالية إلى طلب مساعدة للدفاع عن آبار النفط.
وقال الوزير: «ليس هناك أي تدخل عسكري مطروح حاليا في ظل عدم طلب الحكومة الليبية، ومن دون تقييم يجريه مجلس الأمن الدولي».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.