«القاعدة» في اليمن تخسر مراكزها.. وحملة {التحالف} مستمرة

بعد مرور أقل من 48 ساعة على تطهير المكلا ومدن ساحل محافظة حضرموت الحياة تعود إلى وضعها الطبيعي

تنتشر في مدن اليمن الجنوبية قوة عسكرية قوامها 25 ألف جندي وما يقارب 10 آلاف من المقاومين والسكان المحليين (أ.ف.ب)
تنتشر في مدن اليمن الجنوبية قوة عسكرية قوامها 25 ألف جندي وما يقارب 10 آلاف من المقاومين والسكان المحليين (أ.ف.ب)
TT

«القاعدة» في اليمن تخسر مراكزها.. وحملة {التحالف} مستمرة

تنتشر في مدن اليمن الجنوبية قوة عسكرية قوامها 25 ألف جندي وما يقارب 10 آلاف من المقاومين والسكان المحليين (أ.ف.ب)
تنتشر في مدن اليمن الجنوبية قوة عسكرية قوامها 25 ألف جندي وما يقارب 10 آلاف من المقاومين والسكان المحليين (أ.ف.ب)

سقط المئات من عناصر تنظيم القاعدة في اليمن خلال الأيام الماضية، منذ انطلاق الحملة العسكرية لتطهير المكلا ومدن ساحل حضرموت، من خلال هجوم بحري وجوي وبري قادته قوات التحالف العربي بالاشتراك مع المقاومة الجنوبية. ونجحت الحملة العسكرية في تطهير المناطق، التي قيل بأنها ظلت مرتعا للتنظيمات الإرهابية والمجموعات المسلحة، لكن الأمر لم ينتهِ بعد، خصوصا بعد فرار بعض عناصر التنظيم إلى المحافظات المجاورة لحضرموت.
وبعد مرور أقل من 48 ساعة على تطهير المكلا، ومدن ساحل محافظة حضرموت، عادت الحياة إلى وضعها الطبيعي في المدينة، حيث شوهدت المحال التجارية تفتح أبوابها وسط فرحة عارمة تكتسي المواطنين الذين عانوا خلال عام كامل من وجود المتطرفين فيها، واستمرت الدوريات الأمنية في عملها بتمشيط المحافظة من الجيوب الإرهابية المتبقية.
وقالت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن قوات عسكرية، جميع عناصرها من أبناء حضرموت، معززة بأحدث الآليات والعربات العسكرية السعودية والإماراتية تمكنت من تطهير كامل مدن الساحل والشحر وغيل باوزير وميناء الضبة النفطي وحاضرة المحافظة المكلا بعد معارك ضارية مع الجماعات الإرهابية التي تلقت خسائر فادحة بالعتاد والأرواح.
وشرعت القوات المدعومة من التحالف بنشر قواتها العسكرية في مداخل ومخارج وسط عاصمة المحافظة المكلا كما شملت نشر وحدات عسكرية أمام المرافق الحساسة في ميناء المكلا ومطار الريان والمقار الأمنية والخدمية وسط حالة ارتياح شعبية كبيرة.
وقال اللواء فرج سالمين البحسني قائد المنطقة العسكرية الثانية قائد معركة تطهير حضرموت في تصريحات حصرية لـ«الشرق الأوسط» بأن العمليات العسكرية مستمرة في ملاحقة الإرهابيين وتمشيط المدن من الجيوب الهاربة، لافتًا أن القوات العسكرية والمقاومة الجنوبية تسيطر بالكامل على مدينتي المكلا والشحر ومديريات الساحل والشريط الساحلي كاملاً.
وأكد قائد المنطقة العسكرية الثانية أن حملات دهم واعتقالات نفذتها القوات الأمنية لعدد من منازل العناصر الإرهابية المشتبه بها وتم ضبط معامل لصناعة العبوات الناسفة المحلية، لافتًا أن العمليات العسكرية لملاحقة الإرهابيين مستمرة وستتواصل في المكلا والشحر وكل مدن ساحل حضرموت «حتى تطهير المحافظة من شرهم وفكرهم الضال والهدام». وقال: «عملنا شبكة لتنظيم هذا العمل، حيث تنتشر في هذه المدن، إضافة إلى وجود قوة عسكرية قوامها 25 ألف جندي، وما يقارب 10 آلاف من المقاومين والسكان المحليين».
اللواء فرج سالمين البحسني أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن التنظيم الإرهابي مني بخسائر كبيرة وقتلاه عددهم بالمئات، مشيرا إلى أن دوريات تمشيط عسكرية تقوم بمهام تعقب الجيوب الهاربة والخلايا النائمة التي تتبع المخلوع علي صالح والحوثيين، وقد تم إلقاء القبض على العشرات من جنود الأمن المركزي والحرس الجمهوري الموالين للمخلوع صالح، حد قوله، وكان هناك الكثير من اتباع المخلوع صالح بين قتلى عناصر «القاعدة».
وكشف اللواء ركن البحسني تفاصيل الحملة العسكرية حصريًا لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «العملية تمت من ثلاثة محاور: من هضبة حضرموت، التي تبعد 200 كيلومتر عن المكلا، عبر ثلاثة طرق وثلاثة مسارات، وتم في صباح أول يوم القضاء على عناصر متمردة كانت في معاقلها بمعسكرات تقع على الطريق المؤدية إلى مدينة المكلا. وكان قد سبق الهجوم انطلاق عمليات عسكرية برية، مع ضربات طيران مكثفة من قوات التحالف، على معسكرات وتجمعات ومراكز سيطرة وقيادة الجماعات الإرهابية في المكلا وضواحيها، بمساندة عسكرية بحرية. وهذه الضربات الجوية والبحرية كان لها أثر كبير في شل العناصر القيادية والتجمعات الكبيرة من العناصر الإرهابية».
وأضاف البحسني: «في مساء أول يوم للحملة، تمكنت القوات العسكرية البرية المتحركة من الهضبة من الوصول إلى منطقة الريان والمطار الدولي والمعسكرات المحيطة به، وتحريرها. ومع الغروب، تمت السيطرة الكاملة على مطار المكلا الدولي، وتمت السيطرة على ميناء الضبة لتصدير النفط. وفي صباح اليوم الثاني، توجهت القوات العسكرية صوب المكلا، وتمكنت من تطهيرها من العناصر الإرهابية المتبقية، وتم تحرير المدينة والمؤسسات الاقتصادية المتبقية، وأبرزها الميناء والبنوك، وتم الإعلان رسميًا وبشكل عام عن التحرير الكامل لمدينة المكلا وساحل حضرموت».
وحول سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن حجم الخسائر التي تلقتها الجماعات الإرهابية، أوضح اللواء فرج سالمين أن الخسائر كانت كبيرة جدًا جدًا، وأنه «ما كان الإرهابيون يتصورونها»، بسبب ضربات الطيران والبحرية، لأن الغارات الجوية كانت كثيفة ودقيقة وشاملة، بعد رصد قوي جدًا للأهداف ووجود عناصر الإرهابيين فيها، وسقط المئات منهم خلالها.
ويوم الثلاثاء الماضي تمكنت الحملة العسكرية من السيطرة على ميناء الضبة النفطي الاستراتيجي، الذي خضع لسيطرة التنظيم منذ أبريل (نيسان) العام الماضي. وعقب السيطرة على هذه المرافق الهامة والاستراتيجية، طالبت قيادة المنطقة العسكرية الثانية في قوات الجيش الوطني من الموظفين مباشرة مهامهم لخدمة المواطنين.
وتشير المعلومات، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، إلى فرار الكثير من قيادات «القاعدة» باتجاه محافظة شبوة، التي أصبحت المعقل الأخير لـ«القاعدة» في جنوب اليمن، وتذكر المعلومات أن بعض القيادات انتقلت إلى القسم الشمالي من البلاد، عبر المناطق التي تخضع لسيطرة الحوثيين في شبوة.
وفي الوقت الذي تثار الشكوك حول علاقة تربط الحوثيين وعناصر تنظيم القاعدة، أكد مستشار الرئيس اليمني، عضو الوفد الحكومي لمشاورات الكويت، ياسين مكاوي أن توجيه الحوثيين وصالح قذائفهم الصاروخية والمدفعية باتجاه عقبة ثرة الواقعة بين أبين والبيضاء، يؤكد «لنا حقيقة دعمها للجماعات الإرهابية ومنها (القاعدة) في أبين»، واعتبر مكاوي، في تصريح صحافي له، ذلك «دليلا واضحا على خضوع الجماعات الإرهابية وتبعيتها للتحالف الانقلابي (الحوثي - صالح) ومن خلفهم إيران التي تسعى للإضرار بأمن اليمن والمنطقة العربية».
بدوه قال العميد عادل الحالمي مدير أمن محافظة لحج أن القوات الأمنية والمقاومة الجنوبية مستمرة في ملاحقة الجماعات الإرهابية التي يمولها ويحركها المخلوع علي عفاش لإظهار الجنوب بؤرة حاضنة للإرهاب، وهي آخر ورقة ضغط كان يستخدمها المخلوع لابتزاز الغرب، ويتم تحريكها لزعزعة الأمن والاستقرار بالمحافظات الجنوبية لإفشال جهود التحالف في إدارة المناطق المحررة حد قوله.
قائد شرطة لحج أكد في تصريحات حصرية لـ«الشرق الأوسط» أن 75 في المائة من لحج باتت مطهرة من الإرهابيين وأن الجماعات الإرهابية فقط تتواجد في مديرتي الحوطة وتبن وأطرافهما، قائلاً بأن الحملات الأمنية مستمرة في تعقب الإرهابيين وقد تم اعتقال وحجز العشرات.
وذهب الكاتب والمحلل السياسي الحضرمي علي الكثيري في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إلى القول بأن حضرموت وبالذات ساحلها قد تنفس حريته بعد الملحمة الرائعة والبطولية التي نسجتها قوات النخبة الحضرمية والجيش الوطني والمقاومة الوطنية الجنوبية بإسناد ودعم التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة والدور المتميز للإمارات العربية المتحدة الشقيقة وهي الملحمة التي توجت بتحرير مدينة المكلا ومدن ساحل حضرموت. ومضى الكثيري قائلاً الحدث هام جدًا لحضرموت، لأول مرة منذ نصف قرن تقوم بعمل عسكري بأبنائها وقائد منها، وإن بدعم التحالف، لكن حضرموت في المقدمة. حضرموت تنتصر، حضرموت قاتلت بالفعل وببسالة وجدارة، وأنها عندما تتحرك تبدع، ليس في العلم والحضارة والسماحة ولكن أيضًا في الدفاع عن أرضها بل وعن نهجها السمح الصافي المتميز وعن حضارتها كمشعل نور للجنوب العربي كله، مضيفًا اليوم ثبت باليقين القاطع أن تلك الفئة الضالة الباغية دخيلة وطارئة على حضرموت وعلى كل محافظات الجنوب وأن القوى اليمنية «الشمالية» النافذة هي التي صنعتها ورعتها طوال الخمسة والعشرين عاما من إخضاعها للجنوب حد قوله.
وكان وفد الحوثيين والمخلوع صالح المشارك في مفاوضات الكويت أول من أمس قد رفض التوقيع على بيان مشترك يؤيد عمليات التحالف العربي العسكرية ضد الجماعات الإرهابية في المكلا ومدن ساحل حضرموت معتبرين ذلك تدخلاً خارجيًا وهو ما فضح دعواتهم بأن «القاعدة» تسيطر على المناطق المحررة وأن قوات الشرعية والتحالف فشلت في تأمين وإدارة المحافظات الجنوبية المحررة على حد زعمها.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.