باسيل يستجدي لبنانيي الخليج لحضور مؤتمر «الخارجية» ويبرر مواقفه بشأن السعودية

«الشرق الأوسط» تنشر رسالة من باسيل: بيروت أدانت الاعتداء على البعثتين السعوديتين في طهران ومشهد

وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل(رويترز)
وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل(رويترز)
TT

باسيل يستجدي لبنانيي الخليج لحضور مؤتمر «الخارجية» ويبرر مواقفه بشأن السعودية

وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل(رويترز)
وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل(رويترز)

فشل وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في إقناع مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، بالعودة عن قراره مقاطعة مؤتمر «الطاقة الاغترابية»، الذي تنظمه الوزارة للمغتربين اللبنانيين حول العالم، والذي أعلن «مجلس العمل» الذي يمثل اللبنانيين العاملين في المملكة عن مقاطعته إياه بسبب مواقف وزارة الخارجية التي «خرجت عن الإجماع العربي» في مؤتمرات عربية وإسلامية عقدت في جدة والقاهرة، بعد مهاجمة سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوزير باسيل بعث برسالة إلى المجلس يناشده فيها العودة عن قرار المقاطعة، مبررا مواقفه التي اتخذها بأنها «لحماية الوحدة الوطنية الداخلية». لكن مجلس العمل، وعلى الرغم من إشادته بموقف الخارجية في قمة التعاون الإسلامي الأخيرة في إسطنبول، فإنه رفض المشاركة في المؤتمر، معتبرا ذلك بمثابة «جرس إنذار» لتدارك تداعيات هذه الأزمة، مشيرًا إلى أن هذا الموقف، هو نهائي من قبل كل اللبنانيين المقيمين في دول الخليج العربي.
وقال باسيل في الخطاب الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخته منه أن الخارجية اللبنانية أدانت تعرض البعثتين السعوديتين في طهران ومشهد، للاعتداءات الإيرانية عليها، مشيرا إلى أنه أكد ذلك خلال اجتماع استثنائي لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، بإعلان الموقف الرسمي اللبناني، الذي يتضمن إدانة واستنكار لانتهاك البعثة السعودية في إيران، وتضامن لبنان التام مع السلطات السعودية في هذا الإطار، مشيرًا إلى أنه عند عرض القرار على الوفود المشاركة، تحفظ العراق بشدة، ونبّه المندوب العماني من تداعيات المواقف المتسرعة، ارتأى لبنان النأي بالنفس عن القرار المطروح حفاظًا على التضامن العربي، ولعدم عرقلة الإجماع. وأضاف: «انطلاقا من مواقف الحكومة اللبنانية وبيانها الوزاري الذي يدعو إلى الالتزام بسياسة النأي بالنفس، تجاه تداعيات الأزمات المجاورة، وهو بالتالي لم يخرج عن الإجماع العربي، لا بل سهّل اعتماد القرار دون تحفظ».
وعلل وزير الخارجية اللبناني، لجوء لبنان إلى النأي بنفسه عن القضايا، خشية من التهديد في وحدة لبنان الداخلية، في إشارة إلى ما يسمى «حزب الله» اللبناني الحليف الاستراتيجي لإيران، حيث إن جبران باسيل تحفظ على فقرتين خلال طرح مشروع القرار المتعلق بالتدخلات الإيرانية، وتتضمن بوصف ما يسمى «حزب الله» بالإرهابي. وطلب الوزير باسيل، من مجلس الأعمال اللبناني، تصويب الانطباع السائد وإزالة اللغط الذي يحمّل هذه الوزارة مسؤولية «الأزمة المستجدة» بين لبنان ودول الخليج العربي، داعيًا المجلس إلى المشاركة في مؤتمر «الطاقة الاغترابية»، وتخصيص جلسة عمل لعرض من خلالها النجاحات اللبنانية في الخليج.
وفي المقابل، جدد مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، تأكيده على مقاطعة المؤتمر الذي سينعقد في بيروت أوائل الشهر المقبل. وأوضح ربيع الأمين، أمين سرّ مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف المجلس من مقاطعة مؤتمر (الطاقة الاغترابية)، ثابت ولن يتغيّر، خصوصا أن هذا الموقف ليس هدفا بحد ذاته، بل هو موقف وجرس إنذار لتدارك تداعيات هذه الأزمة، مشيرًا إلى أن هذا الموقف، هو نهائي من قبل كل اللبنانيين المقيمين في دول الخليج العربي.
وقال الأمين، إن رئيس مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، تلقى خطابا مباشرا وجه من خلاله على أهمية المشاركة في مؤتمر طاقات اغترابية،، مجددا دعوته للمجلس بأن لا يقاطع هذا المؤتمر، مشيرا إلى أن المجلس أصدر بيانا ردّا على هذا الخطاب، أكد فيه موقفه الثابت من هذا المؤتمر.
وأصدر المجلس بيانا جاء فيه: «تلقى رئيس مجلس العمل والاستثمار اللبناني محمد شاهين كتابا من وزير الخارجية جبران باسيل ردا على الموقف الذي كان أعلنه المجلس بمقاطعة مؤتمر طاقات اغترابية». ووفق البيان، شرح وزير الخارجية في خطابه المواقف التي أدان فيها الاعتداءات الإيرانية على السفارة السعودية في طهران ومشهد، وعلى أن الخارجية اللبنانية أكدت هذه المواقف في الكثير من المحطات. وأشاد باسيل في خطابه بدور مجلس العمل والاستثمار اللبناني في تعزيز العلاقات اللبنانية مع السعودية، وخصوصا خلال الأزمة الحالية، وحث المجلس على إعادة النظر بقراره مقاطعة مؤتمر طاقات اغترابية الذي تنظمه الخارجية اللبنانية لفعاليات المغتربين اللبنانيين حول العالم.
وعقدت الهيئة الإدارية لمجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية، اجتماعا للبحث في خطاب وزير الخارجية اللبناني، وتضمن أن المجلس رفع الصوت عاليا ومبكرًا؛ محذرًا مما وصلنا إليه اليوم، إلا أننا ومع الأسف لم نلق أذنًا صاغية، وأشاد المجلس بالمواقف المتقدمة التي اتخذتها الحكومة اللبنانية، ووزارة خارجيتها خلال مؤتمر القمة الإسلامية الأخير في إسطنبول، ويلفت إلى أنها لو كانت قد اتخذت في جدة والقاهرة لوفَّرت على اللبنانيين، المقيمين والمغتربين الكثير، وأكد المجلس الدعوة العاجلة لإنشاء خلية أزمة أو هيئة عليا لحل الأزمة مع دول الخليج العربي، مجددًا تأكيده على مقاطعة مؤتمر (الطاقة الاغترابية)، وأن هذا الموقف ليس هدفا بحد ذاته، بل هو موقف وجرس إنذار لتدارك تداعيات هذه الأزمة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم