وزير التخطيط الأردني لـ «الشرق الأوسط»: «التنسيق السعودي ـ الأردني» رد على المشككين

رئيس الديوان الملكي الأسبق: سيرسي قواعد متينة لعلاقة تقوم على المنفعة المتبادلة

الدكتور نزار عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي خلال التوقيع على محضر التنسيق السعودي - الأردني (تصوير: بندر الجلعود)
الدكتور نزار عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي خلال التوقيع على محضر التنسيق السعودي - الأردني (تصوير: بندر الجلعود)
TT

وزير التخطيط الأردني لـ «الشرق الأوسط»: «التنسيق السعودي ـ الأردني» رد على المشككين

الدكتور نزار عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي خلال التوقيع على محضر التنسيق السعودي - الأردني (تصوير: بندر الجلعود)
الدكتور نزار عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي خلال التوقيع على محضر التنسيق السعودي - الأردني (تصوير: بندر الجلعود)

أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني، عماد فاخوري، أن تشكيل مجلس التنسيق السعودي - الأردني هو رد على كل المشككين الذين يحاولون الاصطياد في الماء العكر، موضحا أن العلاقات الأردنية - السعودية كانت وما زالت على الدوام قوية ومتينة واستراتيجية على مر التاريخ.
وقال الوزير فاخوري لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة التي قام بها ولي ولي العهد السعودي إلى مدينة العقبة الأردنية بدعوة من جلالة الملك عبد الله الثاني، والزيارة التي قام بها الملك عبد الله الثاني إلى الرياض ولقاءه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وما نتج عن الزيارتين، دليل على قوة ومنعة العلاقات الأردنية - السعودية وردا صريحا على كل الأقاويل والمشككين التي تصدر من بعض الأبواق الفارغة. وأشار إلى أن اجتماعات مجلس التنسيق السعودي - الأردني ستبدأ قريبا في عمان، وستكون بوتيرة عالية ومتابعة حثيثة من قبل الجانبين للاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التوصل إليها خلال زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مدينة العقبة في الحادي عشر من الشهر الحالي.
وأضاف الوزير فاخوري أن الأولويات التي سيتم بحثها وإطلاقها ستكون في تطوير التعاون العسكري القائم بين البلدين، بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة، والتنقيب عن اليورانيوم، وإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة النووية. وكذلك التعاون في مجال التجارة، وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وفتح المزيد من الفرص أمام الصادرات الأردنية إلى السوق السعودية، وتعزيز دور رجال الأعمال في مجال التعاون التجاري والتعاون في مجال النقل، خصوصا فيما يتعلق بنقل البضائع بين البلدين ووضع الخطط المناسبة لتحقيق ذلك. ذلك إضافة إلى تعزيز الاستثمارات المشتركة في المشاريع التنموية والاستثمارية، والتي يمكن تنفيذها مع القطاع الخاص.
وقال الوزير إنه سيتم الإعلان عن تأسيس صندوق استثماري مشترك بين البلدين، للمشاركة في مشاريع كبرى في مجال الطاقة، والعقبة الاقتصادية الخاصة، وغيرها. وأشار إلى أنه سيتم إضافة بنود أخرى خلال الاجتماع الذي سيترأسه عن الجانب السعودي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، وعن الجانب الأردني رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور. وسيتم التنسيق والتشاور في مسارات متوازية في القضايا السياسية، وتعزيز العلاقة العسكرية الأمنية وجهود مكافحة الإرهاب، والملف الاقتصادي والتنموي والاستثماري.
وردّا على سؤال حول الأجندة الاقتصادية التي سيتم طرحها في الاجتماع على الجانب السعودي، قال الوزير فاخوري أننا «نعمل مع الجانب السعودي منذ فترة على المشاريع الاستثمارية وزيادة التعاون التنموي. والأولويات في المشاريع التي نتحدث عنها في مجال الطاقة وتوليد الطاقة الكهربائية والطاقة النووية، وتعدين اليورانيوم، والنقل، ومشاريع في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وغيرها من المشاريع الكبرى».
وحول موعد انعقاد الاجتماع الأول للمجلس، قال الوزير فاخوري إن الموعد يعتمد على جدول أعمال صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد السعودي، معربا عن اعتقاده بأنه سيكون هناك تسريع في وتيرة هذه الاجتماعات.
وقال إن «المجلس التنسيق وأكد الوزير المومني أن المجلس التنسيقي سيبحث الأجندة المشتركة بجل تفاصيلها، حتى تكون قابلة للتطبيق وتعزز العلاقة بين البلدين. وبالنسبة للتعاون العسكري، قال المومني إن التعاون لا يقتصر على مجال التصنيع العسكري، «وإنما سيكون في مجال التدريب وتبادل الخبرات وإجراء المناورات والتدريبات المشتركة ومكافحة الإرهاب». كما أشار إلى «وقوف الجندي الأردني مع الجندي السعودي (...) لمواجهة التحديات الإقليمية على كافة الصعد».
على صعيد متصل، قال رئيس الديوان الملكي الأسبق مبعوث الملك عبد الله الثاني الخاص للسعودية، باسم عوض الله، إن أهمية تشكيل المجلس التنسيقي السعودي - الأردني تكمن في عدة محاور، على رأسها الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين بشكل متطور وعالي المستوى يتماشى مع مستوى العلاقات السياسية القوية، ومستوى التعاون الاستراتيجي.
وأضاف عوض الله لـ«الشرق الأوسط» أن الاقتصاد يخدم هذه الأغراض السياسية والاستراتيجية والشراكة الفعلية، مشيرا إلى أن «هذا التعاون الاقتصادي يقوم على الفكر الاستثماري الذي يؤكد على ضرورة تشجيع الاستثمار ونمو الاقتصاد، كي تكون هناك استفادة للشعب الأردني من خلال خلق فرص العمل، وزيادة الإنتاجية في الاقتصاد الأردني، وزيادة الصادرات الأردنية، وتقدم في نمو بعض القطاعات التي لها علاقة بالمجالات التي يتم الاستثمار فيها». وقال إن المجلس التنسيقي سيرسي قواعد جديدة ومتينة لهذه العلاقة، تقوم على المنفعة المتبادلة بدلا مما كانت عليه في السابق من تلقي المساعدات وتشغيل العمالة الأردنية في السعودية. كما ستفتح آفاقا جديدة بشكل مختلف «يبتعد عن الروتين المتبع بين الدول العربية في اجتماعات لجان مشتركة تجتمع مرة في السنة، وتبحث موضوعا محددا، وقد لا يتم تنفيذه»، موضحا: «إننا اليوم نتحدث في مواضيع محددة بالجانب الاقتصادي والاستثماري، بالإضافة إلى الأمور السياسية والعسكرية والأمنية، سواء كان في الطاقة المتجددة أو النووية أو التعاون في مجال التعدين والتطوير والسياحة والعقبة»، مشيرا إلى أن هذه القطاعات واعدة، والسعودية لها مصلحة بها.
وأشار عوض الله إلى أن المجلس التنسيقي جاء تتويجا لعمل بدء منذ شهر يوليو (تموز) من العام الماضي، عندما كلف الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد صندوق الاستثمارات العامة بزيارة الأردن، والتعرف على المجالات التي يمكن الاستثمار فيها. وأوضح أن «العمل استمر على مدى الأشهر الماضية، حيث إنه في الاجتماع المقبل للمجلس التنسيقي في عمان الشهر المقبل، نكون قد قطعنا شوطا كبيرا في العمل في الاتفاق على كثير من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الاستثمارية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.