بعد 3 عقود على الكارثة النووية.. «تشرنوبيل» المحظورة تتحول إلى مصدر للخشب

أوكرانيون يتجاوزون الحظر ويتاجرون بقطع أشجار ملوثة بالإشعاع

أوكرانيون يزورون مبنى كان مدرسة في منطقة تشيرنوبيل المحظورة (نيويورك تايمز)
أوكرانيون يزورون مبنى كان مدرسة في منطقة تشيرنوبيل المحظورة (نيويورك تايمز)
TT

بعد 3 عقود على الكارثة النووية.. «تشرنوبيل» المحظورة تتحول إلى مصدر للخشب

أوكرانيون يزورون مبنى كان مدرسة في منطقة تشيرنوبيل المحظورة (نيويورك تايمز)
أوكرانيون يزورون مبنى كان مدرسة في منطقة تشيرنوبيل المحظورة (نيويورك تايمز)

يصعب أحيانا تمييز الطريق المهجور الذي يقطع الغابة بعد أن غطته أغصان الأشجار المتساقطة وأوراق الأشجار والطحالب التي تسللت بين شقوق ما تبقى من الإسفلت.
«من الأفضل الابتعاد عن الطحالب»، بحسب أرتور كلميكوف، المرشد الأوكراني الشاب الذي صاحبنا للمنطقة المحظورة التي تحيط بالمفاعل النووي ببلدة تشرنوبيل، التي أصبحت مهجورة منذ الكارثة التي حلت بها عام 1986. مضيفا أن الطحالب قد تكون مشعة ولا تزال تحمل الإشعاع، وقد تحمله للسطح مجددا كلما نمت. وأضاف، أن الأهم هو «الانتباه للغبار الذي تنثره الرياح، فقد يكون مشبعا بالبلاتينيوم المميت».
وعلى الرغم من الأخطار التي وصلت أدنى مستوياتها هذه الأيام، باستثناء وقت هبوب الرياح، ناهيك عن مخاطر الاعتقال، يعيش كلميكوف هنا في منزله. وقال كلميكوف «في مدينة كييف، أشعر بأن رأسي ممتلئ.. هنا أشعر بالاسترخاء (...) المكان هنا ألطف». واكتشف كلميكوف وزملاؤه المكتشفون غير الرسميين لمنطقة تشرنوبيل، والذين لا يزالون في العشرينات من عمرهم ويطلقون على أنفسهم اسم «المتعقبون»؛ أن هناك مساحات شاسعة من الأشجار المقطوعة في الغابة «المحمية».
وقام كلميكوف، مبرمج الكومبيوتر الذي اكتشف مساحات من الأشجار المقطوعة أثناء استكشافه المنطقة خلال عطلة نهاية الأسبوع، بإبلاغ منظمة «أوقفوا الفساد»، وهي إحدى جمعيات المجتمع المدني التي تأسست في أوكرانيا عقب «ثورة ميدان»، أو ثورة الكرامة، التي قامت لإرساء عهد جديد في ظل حكومة نظيفة في أوكرانيا.
وتعليقا على ما اكتشفته فيما وصفتها بـ«أقذر بقعة في أرض أوكرانيا»، قالت منظمة «أوقفوا الفساد» إنه بناءً على الأدلة التي تقدم بها المتعقبون، فما زالت صفقات البيروقراطيين الذين يديرون المنطقة تُبرم تحت الطاولة كالعادة، ولا تزال تجارتهم منتعشة. وفي الذكرى الـ30 لكارثة تشرنوبيل التي حلت أول من أمس، وفي ظل الاضطرابات التي تشهدها أوكرانيا، علقت المنظمة بأن «هيئة إدارة المنطقة المعزولة» قد غضت الطرف عن عملية قطع الأخشاب التي تجري في بلدة تشرنوبيل.
وتبلغ مساحة المنطقة المعزولة، وهو الاسم المتعارف عليه للمنطقة، 18 ميلا مليئة بالإشعاع ومحاطة بسياج من الأسلاك الشائكة، ومن غير المسموح دخولها؛ ولذلك يتعين على الوفود الزائرة والرحلات السياحية التي يصاحبها مرشد سياحي أن تسلك طرقا محددة. وخارج هذه المناطق التي يرتادها السياح باستمرار، وفق منظمة «أوقفوا الفساد»، يتنكر البعض في صورة عاملين بمجال حماية الغابات لمنع قطع الأشجار ليقوموا هم أنفسهم بقطعها، ونقل كميات ضخمة من أشجار الصنوبر ليجري بيعها بعد ذلك في أوكرانيا ورومانيا، حيث يعاد تصديرها إلى باقي أنحاء أوروبا.
«في البداية اعتقدنا أن تلك مجرد حوادث فردية ولا تشكل أهمية، لكن عندما بدأنا في تحري الأمر، اتضح لنا أن المشكلة أضخم مما نتصور وأن الأمر منظم»، حسب فلاديمير فينكوف، كبير محامي مجموعة «أوقفوا الفساد». وأفاد فينكوف بأنه «رغم أن الخشب المستخدم في بناء المنازل لا يتوهج في الظلام، فإنه يشكل تهديدا لمن يعيشون في المنزل»، مضيفا أن «الخطر كبير هنا، فقد وضعنا أيادينا على منظومة استمرت في العمل لعقود، واستمر الفساد على حاله في ظل الحكومات المتعاقبة».
واليوم بات معدل الإشعاع في المنطقة ربع ما كان عليه عقب حدوث الانفجار والحريق الكارثي، حيث يشير جهاز قياس جرعة الإشعاع في المنطقة إلى 100 «ميركروزيفرت»، ما يعادل جرعة الإشعاع التي يتعرض لها المسافر خلال رحلة بالطائرة لعبور الأطلسي. غير أن هناك أخطارا كامنة، فمثلا جرى وضع جهاز «جيغر» لقياس جرعة الإشعاع وأخذ الجهاز في الاهتزاز. ورغم ذلك، علّق كلميكوف بلامبالاة، وقال: إن «الأمر ليس بهذه الخطورة، فبعض الناس تخاف من الإشعاع».
وفي مقابلة صحافية جرت بمكتب فيتالي بيتروك في كييف، مدير هيئة إدارة المنطقة المحظورة، أنكر بيتروك حدوث أي تقطيع غير قانوني لأخشاب الصنوبر منذ تعيينه في منصبه في سبتمبر (أيلول) الماضي. ومنذ الثورة في أوكرانيا، تعاقب على الهيئة 5 مديرين، شأن باقي قطاعات أوكرانيا التي لم تشهد استقرارا في المناصب.
وعقب حرائق الغابات، قام قاطعو الأخشاب بقطع الأشجار المحروقة لمنع انتشار حشرات الخشب، وقطعوا الحواجز وسدوا الطرقات لعمل أعمدة الكهرباء. ومنذ عام 2004، جرى تقنين تجارة الأخشاب في المنطقة، شريطة أن تجتاز اختبار الإشعاع. ويعد بيتروك محاميا علنيا للنشاط التجاري المتزايد في المنطقة، من ضمنها قطع الأخشاب.
وتمكنا من زيارة المنطقة المحظورة، بعد أن حصل كلميكوف وحزبه على تصاريح، على عكس ما اعتاد عليه في السابق من زيارات سرية لهذا المكان. مررنا ببيت مهجور على جانب الطريق وبحوزتنا جهاز «جيغر» للكشف الإشعاعي، وشاهدنا ملابس أطفال عتيقة معلقه بالمكان لينتابنا إحساس مخيف بأننا وصلنا إلى نهاية العالم.
يهدف الحظر الذي فرض على المنطقة، التي شكلت تجربة مهمة للصناعة النووية، إلى الحد من تداعيات خطورة الحادثة المميتة التي شهدها المفاعل النووي، إذ لم يتبق بالمنطقة سوى أقل من 200 شخص بعد إجلاء نحو 100 ألف مواطن. بيد أن تقطيع الأخشاب في منطقة ما بعد نهاية العالم في غابات تشرنوبيل ينطوي على عدد من المخاطر الصحية، حيث تمتص الأشجار والطحالب الإشعاع من التربة، ويتسبب تقطيع الأشجار أيضا في إثارة التربة والغبار؛ ما يحرك الغبار الإشعاعي الكامن ويسرع من عملية التآكل.
وفي منطقة ما على امتداد الطريق وفي وسط الغابة، تستطيع رؤية منطقة بساتين وقد جرى تقطيع أشجار الصنوبر بداخلها بوضوح، وبالقرب منها رقعة أرض محروقة. «انظر، لم يلمسوا الأشجار الميتة»، بحسب كلميكوف، مشيرا إلى الأشجار السوداء التي استمرت واقفة بعد موتها.
وأضاف كلميكوف، أنه «مع تعاقب الحكومات، لم ينتبه أحد، والناس لم تضيع هذه الفرصة لجني المزيد من المال»، في إشارة إلى قاطعي الأخشاب، لافتا إلى أن «الجميع يعرف أن الناس المهمين فقط هم من يجنون هذا المال».

*خدمة «نيويورك تايمز»



ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».