شركات النفط العالمية تتبنى خفض الإنفاق على صفقات الاستحواذ والدمج الكبرى

الشرق الأوسط الأقل نصيبًا من تلك العمليات

بلغت قيمة عمليات الدمج والاستحواذ 81.5 مليار دولار العام الماضي (أ.ب)
بلغت قيمة عمليات الدمج والاستحواذ 81.5 مليار دولار العام الماضي (أ.ب)
TT

شركات النفط العالمية تتبنى خفض الإنفاق على صفقات الاستحواذ والدمج الكبرى

بلغت قيمة عمليات الدمج والاستحواذ 81.5 مليار دولار العام الماضي (أ.ب)
بلغت قيمة عمليات الدمج والاستحواذ 81.5 مليار دولار العام الماضي (أ.ب)

تعتزم شركات النفط العالمية تبني خطط جديدة تركز فيها على خفض النفقات ورفع مستوى محافظها الاستثمارية، من خلال عقد صفقات استحواذ ذات مستوى أقل من عمليات الاندماج الكبرى.
وأكد خبراء اقتصاديون أن منطقة الشرق الأوسط ستكون الأقل نصيبا في عمليات الدمج والاستحواذ، نتيجة خفض الإنفاق المالي لدى الشركات العاملة في المنطقة، بينما ستكون الصين صاحبة النصيب الأكبر في تلك العمليات، حسب رؤيتها الجديدة في سوق الطاقة.
وأوضح تقرير لشركة «أيه تي كيرني» المتخصصة في بحوث النفط والطاقة، والذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن أسعار النفط المتدنية ستدفع شركات النفط والغاز التي تمر بأزمة على البحث عن مشترين للقيام بإعادة هيكلة خلال العام الحالي، حيث تتطلع إلى موازنة الانخفاض الحاد الذي طرأ على النفقات الرأسمالية والتكاليف من خلال تصفية الاستثمارات وعمليات الدمج والاستحواذ.
وأشار التقرير إلى أن الشركات التي تعاني من ضعف في الميزانيات العمومية ستُدفع إلى التخلص من الأصول، والبحث عن شركاء لدعم وضعها المالي مع تضاؤل خيارات التمويل، بينما تحظى الشركات التي تتمتع بوضع مالي أقوى بفرصة استخلاص القيمة من الروابط ما بين الاحتياطي وعمليات الدمج.
وقال ريتشارد فورست، الشريك العالمي الرئيسي للممارسات في قطاع الطاقة لدى «أيه تي كيرني» إن الفترة المقبلة ستوفر فرصة أكبر للمشترين، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن نشهد زيادة في الأصول والشركات المطروحة للبيع.
وبالعودة إلى التقرير الذي أشار إلى أنه على الرغم من هبوط أسعار النفط منذ منتصف 2014، لا تزال شركات الإنتاج الخليجية منخفضة التكلفة مولدة للأرباح، ومع ذلك، سيؤدي استمرار الضغوط المالية إلى دفع الكثير من الدول وشركات النفط الوطنية إلى التركيز على الكفاءات التشغيلية الداخلية والتنويع الاقتصادي، عوضًا عن الاندفاع نحو عمليات الدمج والاستحواذ الدولية واسعة النطاق، ومع التركيز المتزايد على تشكيل القيمة وتوليد الوظائف والتنويع الاقتصادي، ستظهر فرص شراكة جديدة للاعبين الدوليين.
وشهدت عمليات الدمج والاستحواذ ضمن قطاع النفط والغاز نشاطًا محدودًا خلال العام الماضي، حيث اقتصرت على بعض الصفقات الكبرى، مثل صفقة استحواذ «رويال داتش شل» على «بي جي جروب» التي بلغت قيمتها 81.5 مليار دولار، كما ارتفعت قيمة صفقات نقل النفط الخام بنسبة 68 في المائة، مع تصدر صفقة «انرجي ترانسفير إيكويتي – ويليامز» لقائمة الصفقات، وساهمت شركة «ماستر ليمتد بارتنرشيبس» بشكل كبير في هذه الزيادة، حيث مثلت أكثر من نصف إجمالي قيمة الصفقات.
وبين التقرير أن كلا من شركات «بي بي»، و«شيفرون»، و«شيل»، أعلنت عن مبيعات في الأصول تتجاوز قيمتها الكلية 45 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأشار التقرير إلى أن حجم الصفقات انخفض بنسبة 13 في المائة، فإذا تم استبعاد تأثير صفقة الاستحواذ بقيمة 81.5 مليار دولار بين «شل» و«بي جي» في العام الماضي، فإن إجمالي حجم الصفقات سينخفض بنسبة 54 في المائة كما انخفض إجمالي حجم صفقات قطاع خدمات الآبار النفطية بنسبة 61 في المائة، وإذا ما استبعدنا صفقة «كاميرون إنترناشونال – شلمبرجير»، فستقتصر الصفقات العشر الكبرى على شراء المستثمرين الماليين لأصول النفط والغاز، بدلاً من أن تقوم بذلك الشركات الموجودة ضمن القطاع.
وأوضح التقرير أن التقلبات الأخيرة في الأسعار أدت إلى خلق تباين في توقعات التقييم بين المشترين والباعة، وبالتالي تأخير اتخاذ قرارات الدمج والاستحواذ.
وتركّز الشركات على الحفاظ على السيولة النقدية وعلى خفض التكاليف، ولكنها سرعان ما استنفدت جميع خياراتها، مما دفعها إلى البحث عن سبل أفضل، وتغيير هيكلية الاستراتيجيات التي تتبعها.
وبحسب التقرير فإن الوضع الراهن يمثل فرصة كبيرة لمن يمتلك القوة المالية المطلوبة، فقد تستفيد الشركات، بما فيها شركات النفط الوطنية المنتقاة، من المناخ السائد حاليًا لتأمين الاحتياطات أو لتوسيع العمليات، في حين يستعد المستثمرون الماليون بنشاط لعقد الصفقات، ومن المتوقع أن تكون هناك موجة من الصفقات مقابل أي ارتفاعات سريعة غير عادية في أسعار النفط التي تستمر لبضعة فصول.
وتوقع التقرير أن تحظى الشركات المستقلة الأقوى على فرصة الاستحواذ على الأصول بخصومات كبيرة، حيث تلعب مواثيق الديون وعمليات إعادة التصميم دورًا أكبر في الحث على إطلاق عمليات الدمج والاستحواذ، وسوف يبحث المستثمرون الماليون عن الفرص السانحة لتشغيل رؤوس الأموال، مستهدفين مستويات متعددة من الدخل، من خلال اتباع نماذج متعددة للاندماج والاستحواذ.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».