وزيرة الداخلية البريطانية تؤكد ضرورة التصويت لصالح البقاء داخل «الأوروبي»

تأييد البريطانيين للبقاء يتراجع إلى 51 %

وزيرة الداخلية البريطانية تؤكد ضرورة التصويت لصالح البقاء داخل «الأوروبي»
TT

وزيرة الداخلية البريطانية تؤكد ضرورة التصويت لصالح البقاء داخل «الأوروبي»

وزيرة الداخلية البريطانية تؤكد ضرورة التصويت لصالح البقاء داخل «الأوروبي»

كشف استطلاع للرأي أمس أن تأييد البريطانيين لبقاء بلادهم داخل التكتل الأوروبي تراجع بنقطتين مئويتين إلى 51 في المائة، قبل شهرين من الاستفتاء الذي سيتقرر فيه المستقبل الأوروبي للمملكة المتحدة.
وأفادت مؤسسة «أو.آر.بي» لقياس الرأي العام لصحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية أن «التأييد لترك الاتحاد الأوروبي ارتفع بنقطتين مئويتين إلى 43 في المائة، وتراجع تأييد البريطانيين للبقاء بتراجع بنقطتين مئويتين إلى 51 في المائة».
وطالبت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي أول من أمس، بضرورة مغادرة البلاد للمعاهدة الأوروبية حول حقوق الإنسان، ولكن حثت على ضرورة البقاء في التكتل الأوروبي. وقالت ماي، في أول خطاب لها بشأن عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي في إحدى فعاليات الحملة المؤيدة للبقاء قبل استفتاء يونيو (حزيران) المقبل، إن «البقاء يجعلنا أكثر أمنا. ويجعلنا أكثر ازدهارا وأكثر تأثيرا وراء حدودنا». ورغم ذلك، طالبت الوزيرة البريطانية بضرورة مغادرة بلادها للمعاهدة الأوروبية حول حقوق الإنسان، قائلة إن «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يمكن أن تعيق يد البرلمان»، وأضافت أنها «تجعلنا أقل أمنا لعرقلتها منع ترحيل مواطنين أجانب خطرين».
وتابعت ماي: «إذا كنا نريد إصلاح قوانين حقوق الإنسان في البلد، فإن ذلك لا يعني مغادرة الاتحاد الأوروبي لكن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية واختصاص محكمته». وأكدت أن «بريطانيا لم توقع للانضمام لقوة الشرطة الأوروبية، لكنها شددت في نفس الوقت على فوائد الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالتعاون وتبادل المعلومات». وكررت دعمها المجدد لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وقالت إنه بإمكان بريطانيا التعامل مع الوضع خارج الاتحاد الأوروبي، مشددة في نفس الوقت على أن «بلادها بحاجة إلى أوروبا».
من جانبه، كشف مدير حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، روري برامفيلد لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا قررت بريطانيا أن تغادر الاتحاد الأوروبي، ستكون لها الفرصة لتقود الشؤون السياسية والاقتصادية على الساحة العالمية بدلا من التركيز فقط على منطقة اليورو»، وأضاف أن «معلومات شرطة يوروبول (وكالة تطبيق القانون الأوروبية) ليست دقيقة في بعض الحالات، ما قد يعرض المملكة المتحدة لهجوم إرهابي».
وفي خطابها، قالت الوزيرة إن «المملكة المتحدة هي خامس أكبر اقتصاد في العالم وتمتلك تحالفات تتخطى أوروبا، ورغم ذلك فإن الخروج من التكتل الأوروبي يعرض تطوير السوق الموحدة للخطر، ويمكن أن يتسبب في فقدان الكثير من المستثمرين والشركات». أوضحت أن «44 في المائة من السلع والخدمات التي تقدمها بريطانيا تذهب إلى الاتحاد الأوروبي»، لافتة إلى أن «تفكك الاتحاد الأوروبي يسبب عدم استقرار واسع النطاق بين أقرب جيراننا وأكبر الشركاء التجاريين».



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.