وزير الزراعة السوداني: «الرؤية السعودية 2030» نقلة نوعية ومواردنا جاهزة للاستثمار

قال لـ «الشرق الأوسط» إن الرياض لديها التقنية للتطور العلمي في مجال الزراعة

فلاح سوداني في حقل لزراعة الرز في وادي مدني جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
فلاح سوداني في حقل لزراعة الرز في وادي مدني جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

وزير الزراعة السوداني: «الرؤية السعودية 2030» نقلة نوعية ومواردنا جاهزة للاستثمار

فلاح سوداني في حقل لزراعة الرز في وادي مدني جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)
فلاح سوداني في حقل لزراعة الرز في وادي مدني جنوب الخرطوم (أ.ف.ب)

كشف وزير الزراعة السوداني البروفسور إبراهيم الدخيري لـ«الشرق الأوسط» أن إعلان السعودية أمس عن رؤيتها «2030»، التي تعتمد جزءا منها للاستثمار في القطاع الزراعي في السودان، نقلة نوعية تستحق الدراسة، وأن تكون أنموذجا للعالم.
وقال الوزير إن بلاده ترحب برؤية «السعودية 2030» بوصفها (استجابة لمستجدات الواقع)، وتدعمها عبر استعدادها لدعم هذه الرؤية بإتاحة إمكانياتها الزراعية أمام الاستثمارات السعودية، التي تأتي داعمة لمبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس عمر البشير، لتكون الرؤية التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز دافعة بقوة لمزيد من التعاون الاقتصادي والزراعي.
وقال وزير الزراعة السوداني إن قرار مجلس الوزراء السعودي الذي أجيزت فيه خطة «السعودية 2030»، التي حملت تنوع الاستثمار الزراعي، خصوصا في السودان، قرار يعمل على تكاتف الدول العربية، خاصة أن بلده السودان يمتلك موارد زراعية كبير، تتمثل في الأراضي الزراعية الخصبة والكبيرة، والمياه الوفيرة، وما يملكه من خبرات زراعية.
وأبدى الوزير حاجة بلاده لرؤوس الأموال والتقنية الزراعية التي تمتلكها السعودية، وقال إن تكاملهما مع الموارد السودانية «تصويب باتجاه هدف واقعي وسهل المنال».
وأشاد بروفسور الدخيري باستفادة المملكة من التقنية الزراعية وتوظيفها للتطور العلمي في مجال الزراعة وزيادة الإنتاجية، ما جعل منها واحدة من الدول الأكثر استفادة من هذه التقنية، وأضاف: «توجه السعودية الجديد نحو الاستثمار الزراعي في السودان، تصويب إضافي يصيب الهدف ويخلق حيوية ويسهم في تطوير للمنطقة».
وقال الدخيري: «أنا - وزير الزراعة -، أرحب بالتوجه السعودي للاستثمار الزراعي في السودان، ولدي تفاهمات بذلك مع زميلي وزير الزراعة السعودي، وهو تفاهم يقوم على مبادرة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز والرئيس عمر البشير، التي لقيت الدعم والتأييد من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بدعمه الاستثمار في السودان».
وأشار الوزير السوداني إلى الاتفاقيات التي وقعت بين المملكة العربية السعودية والسودان بحضور الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس عمر البشير 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وقضت بتنفيذ المملكة مشروعات استثمارية ضخمة بالسودان بكلفة 6 مليارات دولار، دعمًا لمبادرة الأمن الغذائي العربي التي تدعمها المملكة، وتوقيع أربع اتفاقيات تتضمن محطة كهرباء في بورتسودان بطاقة ألف ميغاواط، وبناء سدود كجبار والشريك ودال، لدعم مشروعات الزراعة والري بالسودان، وقال: «ما توصل إليه الرئيس البشير والملك سلمان دليل على توفر الإرادة السياسية للعمل معًا لصالح الإقليم، وستكون استثمارات السعودية في السودان نموذجًا للتعاون المشترك، إضافة إلى ما يملكه السودان من ثروة حيوانية كبيرة تعد الأكبر في أفريقيا».
وأوضح الوزير أن البلدين توصلا سابقًا إلى ما أسماه الدبلوماسية الرئاسية، التي أثمرت عن توقيع إطاري لقيام استثمارات سعودية ضخمة في البلاد، أجازها مجلس الوزراء السوداني في جلسة مشهودة «من غير شروط».
وعد الدخيري صدور قرارات مجلس الوزراء السعودي الأخيرة المتعلقة برؤية «السعودية 2030»، استكمالاً لهذه التوجهات، وتعهد بمقابلتها بحماس الملك سلمان والرئيس البشير أنفسهما، وترجمتها والمشاريع المتضمنة لها إلى واقع.
وقطع الوزير السوداني بأن التوجهات الاستثمارية السعودية الجديدة تتسق مع مبادرة الرئيس البشير للأمن الغذائي العربي، التي دخلت طور التنفيذ ووضع لها برنامجًا تنفيذيًا، وقال: «نأمل في أن تتكامل الحلقات، بما يأتي بالخير للسودان والسعودية والإقليم في أفريقيا وآسيا بتحقيق الأمن الغذائي، لأن الذي يملك قوته يكون أكثر استقلالية، وصدري وقلبي مفتوحان لتحقيق ما نرجوه من هذا التحدي الكبير».
وتعد السعودية من أكبر المستثمرين في الزراعة في السودان، ويتوقع أن تبلغ الاستثمارات السعودية في السودان 15 مليار دولار خلال العام 2016 بعد أن كانت في حدود 11 مليار دولار العام الماضي.
وأعلن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور في الرابع من الشهر الحالي عن قرب افتتاح مشروع زراعي سعودي لزراعة مليون فدان في شهر يوليو (تموز) المقبل.
ويعد مشروع «كفاءة» المملوك لشركة الراجحي الدولية، واحدًا من الاستثمارات السعودية الكبيرة في مجال إنتاج القمح والأعلاف في مساحة تبلغ 400 ألف فدان برأسمال (500) مليون ريال سعودي، إضافة إلى مشروع شركة «كراون» المملوك لرجال أعمال سعوديين، ويعمل في مجال الألبان واللحوم في مساحة تقدر بأربعة آلاف فدان، ومشروع «أمطار» الذي يبلغ رأس ماله 150 مليون دولار في مساحة 15 ألف فدان، ومشروع «مسمع» السعودي برأس مال 10 مليون دولار، ومشروع ألبان «الصافي»، ومشروع «المراعي»، ومشروع «حائل»، وإعادة تأهيل مصنع «كريمة» لتعليب الخضر والفاكهة بشراكة سودانية سعودية بكلفة 14 مليون دولار، فيما تستثمر «نادك» السعودية (81) مليون ريال في مساحة تبلغ 60 ألف فدان بولاية شمال كردفان، بالإضافة إلى مشاريع زراعية أخرى في مناطق متفرقة من السودان.
وأعلن الرئيس عمر البشير ضمن كلمته في ملتقى السودان للاستثمار، الذي نظمه السودان مع الصندوق السعودي للتنمية والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات ومجموعة الاقتصاد والأعمال، في فبراير الماضي، عن دعمه وحرصه على الاستثمارات السعودية في السودان، وتعهد بالعمل على حمايتها وتوفير الدعم لها، وإزالة كل العقبات التي تعترضها من أجل مصلحة الشعبين الشقيقين.
كما ذكر وزير المالية السعودي إبراهيم العساف، في كلمته للمنتدى نفسه، أن بلاده عازمة على زيادة تدفق رؤوس الأموال وتطوير الاستثمارات المشتركة مع السودان، ودعا رجال الأعمال السعوديين إلى النظر في فرص الاستثمار في السودان وبناء شراكات فعالة.
وفي مارس (آذار) الماضي أعلنت وزارة الاستثمار السودانية عن اتجاه لتشكيل لجنة لحصر الاستثمارات السعودية لتذليل المعوقات والمشاكل التي تواجهها.
ونقلت تقارير صحافية في ذلك الوقت أن وزير الدولة بالاستثمار، مسؤول ملف الاستثمار السعودي، أسامة فيصل، قال إن وزارته شرعت في تقديم مقترحات جديدة لجذب الاستثمارات خاصة في مجال الأمن الغذائي.
ويتيح السودان فرصًا واسعة للاستثمار الزراعي، بوصفه أحد ثلاثة بلدان أفريقية من حيث المساحة، ومن أهم بلدان العالم التي تتوفر لها المياه والأراضي الصالحة للزراعة، التي تقدر بنحو 200 مليون فدان، بجانب موارد مياه وفيرة من الأمطار والأنهار والمياه السطحية والجوفية، بالإضافة إلى الثروة الحيوانية المُقدرة بـ103 ملايين رأس من الأبقار والأغنام والضأن والإبل، إلى جانب الأيدي العاملة والخبرات الزراعية.
وأعلنت وزارة الاستثمار السودانية يناير (كانون الثاني) الماضي عن اكتمال الدراسات التي أجرتها الجامعة العربية لتنفيذ مبادرة الرئيس السوداني للأمن الغذائي العربي، عبر الاستثمار الزراعي والحيواني في السودان، مؤكدة عرض الدراسات في القمة العربية المقبلة بتونس.
وأطلق الرئيس البشير في الدورة الثالثة للقمة العربية الاقتصادية الاجتماعية بالعاصمة السعودية الرياض 2013. مبادرة سودانية للأمن الغذائي، استجابة لمبادرة جلالة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، بأن يوفر السودان أراضي زراعية متميزة، وأن تقوم الصناديق العربية بتمويل هذا الاستثمار الذي يغطي احتياجات العالم العربي.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.