نمط الحياة الجديدة في السعودية.. مجتمع حيوي وبيئة عامرة

يقاس بمدى سعادة السكان بالبيئة الخارجية

أمانة الرياض تزين العاصمة بساحات ومتنزهات وحدائق جديدة
أمانة الرياض تزين العاصمة بساحات ومتنزهات وحدائق جديدة
TT

نمط الحياة الجديدة في السعودية.. مجتمع حيوي وبيئة عامرة

أمانة الرياض تزين العاصمة بساحات ومتنزهات وحدائق جديدة
أمانة الرياض تزين العاصمة بساحات ومتنزهات وحدائق جديدة

ركزت رؤية الحكومة السعودية ضمن استراتيجية 2030 على خلق مجتمع حيوي وبيئة عامرة، حيث وضعت ضمن أولوياتها سعادة المواطنين والمقيمين من خلال العمل على تحسين صحتهم البدنية والنفسية والاجتماعية، لبناء مجتمع ينعم أفراده بنمط حياة صحي، ومحيط يتيح العيش في بيئة إيجابية وجاذبة.
وتعد الثقافة وكذلك الترفيه من مقومات جودة الحياة، لذا فإن الاستراتيجية ستدعم جهود المناطق والمحافظات والقطاعين غير الربحي والخاص في إقامة المهرجانات والفعاليات، وتفعيل دور الصناديق الحكومية في المساهمة في تأسيس وتطوير المراكز الترفيهية؛ ليتمكن المواطنون والمقيمون من استثمار ما لديهم من طاقات ومواهب. وسوف يشجع ذلك المستثمرين من الداخل والخارج.
وكذلك عقد الشراكات مع شركات الترفيه العالمية، وتخصيص الأراضي المناسبة لإقامة المشروعات الثقافية والترفيهية من مكتبات ومتاحف ومسارح وغيرها، ودعم الموهوبين من الكتّاب والمؤلفين والمخرجين والفنانين، إلى جانب دعم إيجاد خيارات ثقافية وترفيهية متنوّعة تتناسب مع الأذواق والفئات كافّة، ولن يقتصر دور هذه المشروعات على الجانب الثقافي والترفيهي، بل ستلعب دورًا اقتصاديا مهمًّا من خلال توفير كثير من فرص العمل.
واعتبرت الاستراتيجية أن النمط الصحّي والمتوازن من أهم مقوّمات جودة الحياة، حيث سيتم العمل على مزيد من المرافق والمنشآت الرياضية بالشراكة مع القطاع الخاص، وسيكون بمقدور الجميع ممارسة رياضتهم المفضلة في بيئة مثالية. كما ستنتشر الرياضات بأنواعها من أجل تحقيق تميزٍ رياضي على الصعيدين المحلّي والعالمي، والوصول إلى مراتب عالمية متقدمة في عدد منها.
وأشارت الاستراتيجية إلى أن المدن السعودية تنعم بمستوى عالٍ من الأمان والتطوّر. فرغم الاضطرابات المحيطة في المنطقة واتساع مساحة البلاد، فإن السعودية تتميز بالأمان، إذ تعدّ مدنها من أكثر مدن العالم أمنًا، حيث لا يتجاوز مستوى الجريمة نسبة 0.8 في المائة، لكل مائة ألف نسمة في السنة، مقارنة بالمعدّل العالمي المقدّر بـ7.6 في المائة. وسيتم العمل على المحافظة على هذا الأمان عبر تعزيز الجهود القائمة في مكافحة المخدرات، وتبني إجراءات إضافية لضمان السلامة المرورية وتقليص حوادث الطرقات وآثارها.
وقد شهدت المدن السعودية تطوّرًا كبيرًا، حيث أنشئت بنية تحتية متقدّمة، وسيستمر العمل على استكمال المتطلبات والاحتياجات التي تهيئ للمواطنين بيئة متكاملة، تشمل خدمات أساسية ذات جودة عالية من مياه وكهرباء ووسائل نقل عامة وطرقات. إلى جانب توفير كثير من المساحات المفتوحة والمسطحات الخضراء في المدن، إدراكا لحاجة كل فرد وأسرة إلى أماكن للنزهة والترفيه، وذلك بهدف الارتقاء بمستوى جودة الحياة للجميع.
وتعزز الاستراتيجية الجديدة إجراءات المحافظة على البيئة والمقدرات الطبيعية انطلاقا من تعاليم ديننا وأخلاقيًا وإنسانيًا، ومن مسؤولياتنا تجاه الأجيال القادمة، ومن المقومات الأساسية لجودة الحياة. من خلال العمل على الحد من التلوث برفع كفاءة إدارة المخلّفات والحدّ من التلوث بمختلف أنواعه، إضافة إلى مقاومة ظاهرة التصحّر، والعمل على الاستثمار الأمثل للثروات المائية عبر الترشيد واستخدام المياه المعالجة والمتجددّة، وتأسيس مشروع متكامل لإعادة تدوير النفايات، والعمل على حماية الشواطئ والمحميات والجزر وتهيئتها، بما يمكّن الجميع من الاستمتاع بها، وذلك من خلال مشروعات تموّلها الصناديق الحكومية والقطاع الخاص.
وقال خبراء مختصون في الصحة والبيئة لـ«الشرق الأوسط» إن تضمين الاستراتيجية الجديدة مؤشر جودة الحياة يعكس مدى اهتمام الحكومة السعودية بتحقيق التنمية المستدامة متكاملة الجوانب والتي يعد الإنسان العنصر الأهم في بنائها، حيث تركز على مخرجات التفاعل التي تتوفر للفرد ونوعية الحياة ومقدار السعادة والرضاء عن البيئة الخارجية، ومن ذلك الاهتمام بالمرافق العامة وتطويرها وتوفير مواقع الأنشطة الاجتماعية والرياضية من خلال إعادة هيكلة الأحياء السكنية، وتوفير تلك الاحتياجات؛ وفقا لمعايير الترفيه الذي يتناسب مع حاجة الأفراد.
وأكد الخبراء أن تحقيق هذا المحور من الاستراتيجية يتم من خلال قياس مؤشرات جودة الحياة والتي لا بد من أن تتركز على أربعة مجالات رئيسة تمثل أركان جودة الحياة وهي: المجال الاقتصادي، والاجتماعي، والعمراني، والبيئي، تضم فيما بينها مجالات وأهدافا فرعية تشمل باقي مجالات جودة الحياة، لتحديد بوصلة قياس التنمية من خلال المؤشرات التي تتوفر بناء على تلك المحددات.
وقال الدكتور نبيل القرشي عضو منظمة الصحة العالمية في منطقة الشرق الأوسط إن الاهتمام بالصحة العامة للسكان يساهم في تحقيق التوافق للارتقاء بمرافق الخدمات الصحية في البلاد والعمل على توفيرها وكفايتها لتحسين الظروف الصحية التي بدورها تنعكس على الاقتصاد بالإيجابية من خلال تخفيف الأمراض ومواجهتها في وقت مبكر، والعمل على التقويم المستمر وجعلها منسجمة مع النمط السكاني ومراعاة الوصول إليها بكل سهولة، إلى جانب ربط ذلك بالمعايير البيئة والاجتماعية والثقافية التي تساعد على تحسين صحة أفراد المجتمع.
من جانبه، قال حسين القحطاني الخبير البيئي إن السعودية بدأت في فرض الضوابط والأنظمة البيئة التي تساهم في تحسين جودة الهواء والماء والعمل على إدارة الترشيد وإدارة النفايات الخطرة، وهذه العوامل أسهمت في تكوين العلاقة بين جودة الحياة والتنمية المستمرة. ومن ذلك أيضا الاهتمام بتطوير الخدمات وإزالة مسببات التلوث وزيادة برامج المعالجة البيئة.
من جهتهم بين خبراء في صناعة «الترفيه» أن اهتمام الاستراتيجية بتطوير السياحة والترفيه سيحقق نقلة نوعية للسكان للاستفادة من المقومات السياحية في البلاد، وجذب السياح والزوار وإطالة مدة إقامتهم، خاصة في ظل توجه الحكومة إلى توسيع مشاركة القطاع الخاص للمساهمة في النهوض بصناعة الترفيه التي تحتاج استثمارات كبيرة.
وقال المهندس أحمد العيسى، نائب الرئيس المساعد للتراخيص في الهيئة العامة للسياحة والآثار إن الهيئة لديها مسؤولية وطنية في وضع رؤية واضحة ومعايير محددة للترفيه، فالسائح السعودي لن يقبل بترفيه متواضع المستوى، وبالطبع دور الجهات الحكومية فاعل في قطاع الترفيه، ومن الضروري التعاون بين القطاعين العام والخاص لحل المعوقات وتنمية صناعة الترفيه.
من جهته، قال ماجد الحكير نائب رئيس مجلس الإدارة في مجموعة الحكير للسياحة والترفيه إن السعودية لديها من المقومات السياحية الكثير، وهو قطاع مشجع للمستثمرين، حيث إن فئة الشباب تمثل 60 في المائة من السكان، مشيرا إلى أن دعم الحكومة بتسهيل تخصيص الأراضي أو التراخيص سيساهم في بناء صناعة واعدة وتنظيم الفعاليات والمهرجانات ورياضة السيارات، وكذا مهرجان الجنادرية الذي أسهم في دخول العوائل للمهرجانات، وبالتالي تنشيط صناعة الترفيه، لافتًا إلى أهمية فتح مدن الترفيه أمام العوائل لمزيد من الجذب.



العرب يعقدون «الوزاري السيبراني» الأول… والرياض مقراً للمجلس

صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)
صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)
TT

العرب يعقدون «الوزاري السيبراني» الأول… والرياض مقراً للمجلس

صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)
صورة تذكارية لوزراء الأمن السيبراني العرب خلال اجتماعهم الأول في العاصمة السعودية الرياض (وام)

احتضنت العاصمة السعودية الرياض، الاثنين، الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني، وذلك بحضور المسؤولين المعنيين بمجال الأمن السيبراني في الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

وشهد الاجتماع توقيع «اتفاقية المقر» وبموجبه تكون الرياض مقراً دائماً لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، وشدّد ‏المهندس ماجد المزيد، محافظ «هيئة الأمن السيبراني» السعودية، على أن ترحيب القادة بإنشاء مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، يأتي تأكيداً لأهمية الأمن السيبراني في صناعة التنمية والرخاء والاستقرار، فضلاً عن كونه ركناً أصيلاً في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليّين، مشيراً إلى حرص القادة العرب على أهمية تعزيز التعاون العربي المشترك في هذا القطاع.

وافتتح أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أعمال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، وثمّن جهود السعودية «التي بادرت بإنشاء هذا المجلس المهم»، وأضاف: «في هذا الوقت بالتحديد الذي يشهد العالم فيه تحديات وتهديدات مربكة في مجال المعلوماتية والأمن السيبراني، مما يجعل العمل العربي الجماعي الوسيلة المثلى لبناء نظام متين نقف فيه كعرب معاً في هذه الجبهة الخطيرة».

وأشاد المتحدث باسم الأمين العام، بـ«جهود السعودية ومبادرتها الرائدة لإنشاء هذا المجلس المهم»، معرباً عن تطلّعه إلى أن يمثل المجلس الجديد «إضافةً نوعية لمنظومة العمل العربي المشترك، بما يعكس سعي الدول العربية في مواكبة ما يشهده قطاع التكنولوجيا من تحولات وتطورات متسارعة في السنوات الأخيرة».

وأوضح جمال رشدي، المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن السنوات الأخيرة شهدت اهتماماً وتركيزاً من الجامعة العربية وأجهزتها ومجالسها المتخصصة على بعض الملفات المرتبطة بتطورات ومتطلبات العصر الحديث، مثل قضايا التغير المناخي والاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني، وتابع «هذا الاهتمام والجهد الذي بُذل، نتج عنه كثير من الأفكار والمقررات التي جرى تبنيها واعتمادها على مستوى القادة في أكثر من مناسبة».

ورأى رشدي أن ذلك «يُساعد المجلس الجديد على الاستفادة من مخزون الخبرات العربية المتراكمة في هذا المجال»، بالإضافة إلى البناء على الأفكار والمقررات الصادرة عن الأجهزة والمجالس المتخصصة، لتأسيس إطار عربي موحد لمكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية الفضاء السيبراني العربي. على حد وصفه.

من جانبه نوّه المهندس عبد الرحمن آل حسن، نائب محافظ الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في السعودية، بالتفاعل الكبير من الدول العربية للمشاركة في أعمال المجلس، وتوقيع اتفاقية المقر مع جامعة الدول العربية، مشيراً إلى عزم بلاده على مواصلة هذه الجهود بما يحقق النمو والازدهار للمنطقة العربية.

وشهد الاجتماع، توقيع «اتفاقية المقر» بين السعودية وجامعة الدول العربية، لتكون العاصمة السعودية الرياض مقراً لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، وتعيين الدكتور إبراهيم الفريح أميناً عاماً للمجلس لمدة خمس سنوات. كما ناقش الاجتماع ضمن جدول أعماله عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين الدول العربية، على غرار إعداد الاستراتيجية العربية للأمن السيبراني، وإقامة التمارين السيبرانية المشتركة، ومجموعة من أوراق العمل المقدمة من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، بهدف تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني على المستوى العربي.

كان قادة الدول العربية قد اعتمدوا النظام الأساسي لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الـ33، الذي انعقد في العاصمة البحرينية المنامة، في مايو (أيار) الماضي، ورحب مجلس الجامعة بمبادرة السعودية بإنشاء مجلس وزاري يختص بشؤون الأمن السيبراني، وتضمّن النظام الأساسي للمجلس أن يعمل تحت مظلة مجلس الجامعة، ويتخذ من مدينة الرياض في السعودية مقراً دائماً له، ويكون للمجلس أمانة عامة ومكتب تنفيذي في دولة المقر.