تونس تحتضن اجتماع مجلس وزراء داخلية دول اتحاد المغرب العربي

مخاطر تمدد «داعش» ومكافحة الإرهاب.. أهم محاور النقاش

تونس تحتضن اجتماع مجلس  وزراء داخلية دول اتحاد المغرب العربي
TT

تونس تحتضن اجتماع مجلس وزراء داخلية دول اتحاد المغرب العربي

تونس تحتضن اجتماع مجلس  وزراء داخلية دول اتحاد المغرب العربي

تطرق اجتماع مجلس وزراء داخلية دول اتحاد المغرب العربي، الذي انطلق أمس في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، والذي كان تحت إشراف هادي المجدوب وزير الداخلية التونسي، إلى عدة قضايا أمنية وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، وإعادة الاستقرار إلى دول المنطقة، ومجابهة الهجرة غير الشرعية.
وسيطر تنظيم داعش المتطرف، والمخاطر الكثيرة التي يمثلها، على معظم النقاشات المغلقة التي عقدها وزراء داخلية دول المغرب العربي، حيث تدارسوا سبل التصدي لهذا التنظيم المتشدد عبر تدعيم مجالات التنسيق الأمني، وتبادل المعلومات والتدريب المشترك للقضاء عليه.
وشكل الوضع الأمني في ليبيا وتمدد «داعش» في مدينة سرت الليبية أحد أبرز الملفات المطروحة للنقاش، ووفق مصادر مشاركة في هذا الاجتماع، فقد سلط وزراء داخلية دول اتحاد المغرب العربي جل اهتمامهم على سبل دعم حكومة الوفاق الليبية في مكافحة الإرهاب الذي يتزعمه تنظيم داعش، كما ناقشوا عدة ملفات أمنية، أبرزها تبادل المعلومات بين دولهم حول الإرهاب، وسبل دعم التعاون بينهم في تكوين رجال الأمن لمقاومة ظاهرة الإرهاب.
وحضر الاجتماع نور الدين بدوي وزير الداخلية والجماعات المحلية الجزائري، وعارف الخوجة وزير الداخلية الليبي بحكومة الوفاق الوطني، وأحمدو ولد عبد الله وزير الداخلية واللامركزية الموريتاني، وهادي المجدوب وزير الداخلية التونسي.
وتشكل هذه الدورة فرصة لتقديم مقترحات بشأن مواجهة تحديات الوضع الأمني في دول الاتحاد، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب وتهريب الأسلحة والاتجار في المخدرات.
ومن المنتظر أن يتناول البيان الختامي لأشغال الدورة السادسة الحالية لوزراء داخلية دول المغرب العربي، الإعلان عن قرارات عدة، تهم في معظمها مكافحة الإرهاب، والحد من تمدد تنظيم داعش في المنطقة، والتهديدات التي يمثلها.
وتعتبر مشاركة ليبيا في اجتماع وزراء داخلية دول اتحاد المغرب العربي، أول مشاركة خارجية رسمية لعارف الخوجة وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني الليبي، كما شارك في هذا الاجتماع الحبيب بن يحيى الأمين العام لاتحاد المغرب العربي.
وفي كلمة الافتتاح قال هادي مجدوب وزير الداخلية التونسية، إن هذا الاجتماع ينعقد في ظرف أمني حساس تعيشه منطقة المغرب العربي وجوارها الإقليمي، وقد ترتبت على ذلك الكثير من المخاطر، وعلى رأسها ظاهرة الإرهاب التي أصبحت تهدد الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى ظاهرة الاتجار بالأسلحة والجريمة المنظمة، والجرائم الإلكترونية، والهجرة غير الشرعية، والاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية.
وأضاف المجدوب أن تونس وكغيرها من بعض بلدان المنطقة العربية أصبحت تواجه مخاطر غير مسبوقة تهدد أمنها القومي، وتستهدف استقرارها السياسي ومؤسساته، ومكاسبها الاقتصادية والحضارية، معترفا بأن ظاهرة الإرهاب وانتشار التطرف تزداد تناميا وانتشارا وخطورة داخل دول المغرب العربي، وفي الجوار الأفريقي القريب منها، وكذلك عبر الامتداد الجغرافي في ساحات تبدو بعيدة من حيث المسافة، ولكنها قريبة بحكم الأهداف والتعاون والمد التضامني، والتأثير العقائدي التكفيري بين الكيانات المتشددة والتكفيرية، على حد تعبيره.
وأكد وزير الداخلية التونسية على أن هذا الاجتماع ينسجم تماما مع مضمون المادتين 14 و15 من معاهدة مراكش لسنة 1989، اللتين نصتا على أن كل اعتداء تتعرض دولة من الدول الأعضاء يعتبر اعتداء على الدول الأعضاء الأخرى، وأن هذه الأخيرة تتعهد بعدم السماح بأي نشاط أو تنظيم فوق ترابها، يمس أمن أو حرمة تراب أي منها أو استقرار نظامها السياسي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.