منتجة «الحرة»: مهنة المتاعب بدأت بجولة حول العالم لمدة 10 أشهر

فران مايرز لـ «الشرق الأوسط» : أستعد لتقديم الموسم الثاني من «ست بـ100 راجل»

فران مايرز منتجة قناة «الحرة» الأميركية ويظهر خلفها نهر النيل (« الشرق الأوسط »)
فران مايرز منتجة قناة «الحرة» الأميركية ويظهر خلفها نهر النيل (« الشرق الأوسط »)
TT

منتجة «الحرة»: مهنة المتاعب بدأت بجولة حول العالم لمدة 10 أشهر

فران مايرز منتجة قناة «الحرة» الأميركية ويظهر خلفها نهر النيل (« الشرق الأوسط »)
فران مايرز منتجة قناة «الحرة» الأميركية ويظهر خلفها نهر النيل (« الشرق الأوسط »)

فران مايرز منتجة تلفزيونية عملت في هذا المجال منذ عام 1990 وأنتجت عشرات البرامج في مختلف المحطات باللغة الإنجليزية والإسبانية وحتى العربية. تخّرجت في جامعة سان فرانسيسكو وحصلت على شهادة عليا بالصحافة، وهي أم لثلاثة أولاد، قدمت مؤخرا برنامج «ست بـ100 راجل» على قناة «الحرة»، وتستعد لتقديم الموسم الثاني للبرنامج نفسه، من عدة عواصم، ونأمل في أن تقدم برنامجا عن المرأة العربية من السعودية إلى السودان. أبدعت في جميع أعمالها واستطاعت أن تحدث فارقًا على مستوى البرامج، إنْ من حيث الفكرة أو المضمون، من أبرز إنتاجاتها، برنامج «اليوم»، وهو نافذة حية لمشاهدي «الحرة» على كل ما هو جديد وفريد من موضوعات تهم المشاهد العربي، من بينها، الصحة، والترفيه، والرياضة، والتكنولوجيا، والبيئة، والمجتمع، والثقافة، إضافة إلى آخر الأخبار والمستجدات من الشرق الأوسط والولايات المتحدة والعالم. وجاء الحوار معها على النحو التالي:
* كيف بدأت رحلتك مع عالم الصحافة؟ وما نوع المصاعب التي واجهتك منذ بداية مسيرة العمل التلفزيوني؟
- عندما بلغت السابعة والعشرين، قررت أن أترك كل شيء وأسافر في جولة حول العالم. وهذا ما حصل، فجُلت العالم لمدة 10 أشهر، وزرت آسيا، وأوروبا، وشمال أفريقيا. كان الوقت مختلفا، لا هواتف جوالة ولا وسائل تواصل اجتماعي. رأيت العالم على حقيقته، من دون تجميل. رأيت الفقر الذي لم أؤمن بوجوده. رأيت العنصرية المتأصلة في كل المجتمعات وعلى المستويات كافة، وتعلمت كم أن البشر مرتبطون ببعضهم بعضا، بغض النظر عن أعراقهم، أو معتقداتهم، أو أصولهم، وأحدثت هذه التجربة تغييرا كبيرا في حياتي ونظرتي إلى العالم. وحصل التحول الآخر عندما نلت شهادة الماجستير في الصحافة، حيث تعلمت كيف أنقل هذه القصص المهمة للناس وأريهم حقيقة العالم من حولهم. تعلمت التمرس بقواعد هذه المهنة، وإتقان فن التمييز بين الحقيقة وسواها، واعتماد الحقيقة مصباحا ينير طريق مهنتي. في بداية طريقي المهنية، حدث تحول شكّل حياتي المهنية عندما اتصلت بي شبكة تلفزيون «تيليموندو» العالمية الناطقة باللغة الإسبانية، لأبتكر برنامجا يتضمن الأخبار والمعلومات والتسلية بلغة لا أتقنها. وهذا ما حدث، فصممت البرنامج وأنتجته، فلقي نجاحا منقطع النظير واستمر 11 عاما على الهواء. هذه التجربة علمتني أنه بإمكاني أن أنفذ ما يجول في عقلي وقلبي، وألا أسمح للجغرافيا واللغة أن تحدّا من طموحي. وبعد سنوات عدة، حدث الشيء ذاته مع قناة «الحرة»، وهذه المرة باللغة العربية، لغة لا أعرفها أيضا، والتحدي مشابه إلا أنه أكبر بكثير، فكان برنامج «اليوم» على «الحرة»، الذي يبث 3 ساعات يوميا على الهواء من خمسة بلدان في ثلاث قارات، وهذه هي السنة السابعة على نجاحه.
* كيف التحقت بقناة «الحرة الإخبارية»؟
- منذ تسعة أعوام، عرضت علي قناة «الحرة» أن أنتج برنامجا ضخما يقدم الأخبار والمعلومات، فكان برنامج «اليوم» الذي لقي نجاحا باهرا. وتوالت البرامج، كبرنامج «رايحين على فين»، و «نبض الشارع»، و «أنت ونبيلة»، والآن «ست بميت راجل». أثار العمل مع «الحرة» اهتمامي لأنها قناة حرة بالفعل بعيدة عن المحظورات، ويمكن لي أن أخبر القصة كما هي بموضوعية وتجرد.
* كم مشاهدا حول العالم يتابع قناة «الحرة»؟
- تصل قناة «الحرة» إلى قرابة 17.5 مليون مشاهد أسبوعيا.
* ما أهم إنجاز من وجهة نظرك حققتيه حتى الآن في المجال التلفزيوني؟
- أهم إنجاز في حياتي المهنية هو برنامج «اليوم». وضعت كما هائلا من الجهد لإنجاز إنتاج ضخم كهذا. أمضيت كثيرا من الوقت في الشرق الأوسط أبحث عن الفريق المناسب، أحضر لتصاميم الاستوديوهات وتنفيذها، واختيار التكنولوجيا الأنسب لتنفيذ هذا البرنامج اليومي الذي يبث من خمسة بلدان في ثلاث قارات. شعرت وكأنني «أتحدى الجاذبية» لأكمل الصورة، وكانت رحلة شيقة وممتعة معا. عندما انطلق البرنامج على الهواء، كانت لحظة رائعة، لا يماثلها شعور، زد على ذلك أنني امرأة أميركية تنتج برنامجا كهذا لمنطقة الشرق الأوسط باللغة العربية التي لا أعرفها.
* في برنامج «الحرة» «ست بـ100 راجل» ما وجهة نظرك في فكرة البرنامج؟
- رؤيتي لهذا البرنامج تتلخص في أن تخبر كل من النساء المشاركات قصتها كما هي، دون سيناريوهات معدة سابقا. بالفعل هذه شهادة على قوة كل واحدة منهن وولعها بالتقدم وتحقيق الذات وكيفية تخطي الصعاب والتحديات، مهما كانت، لبلوغ هدفها وتحقيق ذاتها.
* هل لبرنامجك الأخير (جديد «الحرة»).. «ست بـ100 راجل» علاقة بخبرتك في الحياة.. أو أنك أردت أن تقولي شيئا على لسان ضيوفك؟
- تجربتي شبيهة بتجارب هؤلاء النساء، فغالبية العاملين في الإنتاج التلفزيوني ومن يقفون خلف الكاميرا كانوا من الذكور، ورغم ذلك نجحت أنا بوصفي امرأة، وأرى أنه على كل امرأة في أي مكان أن تتخذ قرارا بشأن تحقيق أحلامها. طالما طغى الذكور على مجال الإعلام، وهذه حقيقة يجب التعايش معها. على المرأة أن تحسب الدقائق وألا تضيعها، وألا تكون ضحية الواقع، بل أن تصبح جزءا من التغيير الضروري، وهذا يجعل الرحلة أكثر إمتاعا، فالقوة تستمد من النجاح، ومع القوة يأتي التغيير. «ست بـ100 راجل»، هذه ليست مقولتي، بل هذا قول مصري قديم، لكنه صحيح جدا.
* من هو جمهورك في برنامج «ست بـ100 راجل»؟
- جمهور البرنامج العائلة كلها، رجال ونساء وأطفال، والرسالة بسيطة: يمكن للنساء تحقيق أي شيء. فقط يردن الفرصة لتحقيق ما يطمحن إليه.
* هل البرنامج ابتعد عن الصورة النمطية للمرأة التي نراها في شوارع المدن العربية؟
- يبتعد هذا البرنامج عن الصورة النمطية للمرأة لأن نساء البرنامج غير اعتياديات. بحثنا عن نساء حقيقيات يعملن على تغيير حياتهن من خلال تأسيس أعمال خاصة بهن. كان هدفنا أن نجد نساء يمكنهن أن يترجمن هذه الحقيقة على الشاشة.
* ماذا أراد أن يقدم البرنامج عبر هؤلاء النساء؟
- نساء البرنامج هن اللاتي يميزنه من غيره، وأهميته أيضا تتمثل في نقل القصص إلى الجمهور بكل أمانة وشفافية. نعلم، أنا والفريق الرائع للبرنامج في القاهرة، ما نريد، نريد الابتعاد عن السطحية والالتصاق بالواقع والحقيقة.
* هل وجدت صعوبة في تجربة الإنتاج بلغة مختلفة مثل اللغة العربية أو الإسبانية ؟
- هذا هو بالضبط ما يؤهلني أن أنتج برامج بلغات مختلفة ومنها العربية للشرق الأوسط، كما فعلت مع برامجي الموجهة إلى أميركا اللاتينية. أنا من أصول يونانية–أميركية، وأجدادي جاؤوا إلى الولايات المتحدة من تركيا. نشأت مع ثقافات متعددة، كالتركية، واليونانية، والأميركية. ثقافتي عالمية، ومنذ الصغر، تعلمت احترام كل الشعوب ومختلف الديانات. أعلم أن برامجي تلقى استحسانا إن كانت بالعربية، أو الإسبانية، أو الإنجليزية، أو أي لغة أخرى، بسبب احترامي لمختلف الثقافات، ولكوني آخذ الوقت الكافي لأتعلم وأفهم ماذا يحب جمهور معين قبل التوجه له. من الصعب إنتاج برامج لجمهور إلا إذا احترمته وفهمت ثقافته.
* ما المفاجآت المقبلة في برامجك أو الحلقات المقبلة من «ست بـ100 راجل»؟
- لكل حلقة مفاجآتها، والبرنامج يعتمد على نمط السلسلة فالأحداث تتابع، ويفضل مشاهدة البرنامج بالتسلسل الزمني.
* هل وجدت صعوبة في إنتاج مثل هذا النوع من البرامج؟
- نعم، كان الأمر صعبا للغاية. كان من الصعب إيجاد النساء المناسبات اللاتي هن رائدات أعمال حقيقيات، وهذا تطلب من فريق العمل كثيرا من الجهد لاختيار الأفضل.
* هل يمكن أن تقدمي لقراء جريدة العرب الدولية لمحة عن برامجك المقبلة؟
- أطمح في أن أتعمق أكثر في مجال تمكين المرأة، وأن أنتج برنامجا حول هذا الموضوع، يغطي الشرق الأوسط من السعودية إلى السودان، على أن يكون برنامجا عميقا وحقيقيا يعمل على تنوير فكر النساء اللاتي يشاهدنه.
* من تجربتك الشخصية، هل تعتقدين أن هناك اختلافات كبيرة في الاهتمامات بين المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط، والمشاهدين الأميركيين، كونك شخصية إعلامية توجهت إلى هاتين الفئتين من المشاهدين؟
لم أنتج فقط برامج للمشاهدين الأميركيين، بل لكل المشاهدين في أميركا اللاتينية أيضًا، أتمتع بخلفية كبيرة عن البرامج في أميركا اللاتينية؛ لذلك خبرتي ليست مقتصرة على أميركا فقط، لأنني كنت منهمكة بشكل كبير في شؤون أميركا الوسطى وأميركا اللاتينية. لقد قدمت برامج لها علاقة مباشرة بأميركا الوسطى للشبكة العالمية لأميركا الوسطى، وكانت خبرتي على مدى 20 عاما في هذا الميدان، أي في ميدان البرامج الموجهة لأميركا اللاتينية بشكل خاص، وأنا أعتقد أن رعايا أميركا اللاتينية، رغم اختلافهم بالطبع، يشبهون العرب، رغم أن المشاهدين المصريين والتونسيين والإماراتيين أيضا يختلفون فيما يحبون مشاهدته. وهؤلاء أيضًا يختلفون عن المشاهد الأميركي. لكن فيما يتعلق بسؤالك حول حجم الاختلاف بين المشاهدين العرب والأميركيين، أستطيع القول إن هناك اختلافًا أساسيا في بعض المستويات، لكن فيما يتعلق بالاهتمامات الإنسانية الأساسية الخاصة بما يريد البشر أن يشاهدوه، فأعتقد أنها متشابهة.



فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.