أليسا الحائزة بوليتزر 2016.. من خطوط المواجهة تكتب عن معاناة النساء

مراسلة أجنبية لنحو 15 عامًا.. معروفة بخوضها العميق في غمار أكثر النزاعات رعبًا في العالم

أفغانيات يتدربن على إطلاق النار في الأكاديمية العسكرية في كابل.. وفي الإطار أليسا روبن (نيويورك تايمز)
أفغانيات يتدربن على إطلاق النار في الأكاديمية العسكرية في كابل.. وفي الإطار أليسا روبن (نيويورك تايمز)
TT

أليسا الحائزة بوليتزر 2016.. من خطوط المواجهة تكتب عن معاناة النساء

أفغانيات يتدربن على إطلاق النار في الأكاديمية العسكرية في كابل.. وفي الإطار أليسا روبن (نيويورك تايمز)
أفغانيات يتدربن على إطلاق النار في الأكاديمية العسكرية في كابل.. وفي الإطار أليسا روبن (نيويورك تايمز)

أليسا روبن، مراسلة أجنبية لنحو 15 عامًا، ومعروفه بخوضها العميق في غمار أكثر النزاعات رعبًا في العالم لتعود إلينا في أغلب الأحيان بلمحات مؤثرة عن محنة الجنود والناجين وضحايا الصراعات والعنف الذي تتعرض له النساء الأفغانيات في قندهار وهلمند وخوست والعاصمة كابل».
وقد منحت جائزة بوليتزر في مجال التقارير الدولية، يوم الاثنين الماضي، إلى أليسا روبن الجائزة الصحافية الكبرى عن عملها من على خطوط المواجهة في أفغانستان؛ حيث قال مجلس أمناء الجائزة: «كتبت (روبن) تقارير مؤثرة للغاية عن النضال من أجل تحسين حياة النساء».
وأمضت روبن، منذ أن التحقت بالعمل في جريدة لوس أنجلوس تايمز عام 1997. معظم حياتها المهنية في تغطية الأحداث في العراق، وأفغانستان والبلقان».
وبعد أن كلفتها الجريدة بالعمل في العراق وفرنسا، التحقت بالعمل في جريدة نيويورك تايمز في 2007 مراسلة أولا، ثم مديرة لمكتب بغداد، ثم أصبحت بعد ذلك مديرة لمكتب الجريدة في كابل بأفغانستان».
كان العمل مرهقا في بعض الأحيان. وفي أغسطس (آب) عام 2014. كانت روبن على متن طائرة الهليكوبتر التي تحطمت أثناء إنزال مساعدات إلى اللاجئين اليزيديين في كردستان العراق؛ مما أدى إلى إصابتها بكسور بالغة في المعصم والجمجمة. وعندما روت التجربة لاحقا من فوق سرير المستشفى في بغداد، تركز حديثها حول قلقها عن اللاجئين والطيار».
وتضيف روبن: «سمعت نفسي أتأوه مثل الجميع، وكان الأمر مؤلما جدا في تلك اللحظة، لكنني بعد ذلك حمدت الله على بقائي على قيد الحياة، كنت أراهن أن كثيرًا منهم لقي حتفه». ومن على سرير المرض كانت تسال: «كيف حال الطيار؟ هل نجا من الحادث؟ كل ما كان يريده هو المساعدة».
وعلى مدار عملها، صنعت روبن لنفسها اسما في المجال كمراسلة تتميز بشجاعتها الفريدة وذكائها الحاد، كما أنها حازت على الكثير من الجوائز، من بينها جائزة جون تشانسلر لعام 2015، تكريما لها عن مجمل إنجازاتها في مجال الصحافة.
ولم تكن البوليتزر الجائزة الوحيدة التي حازت عليها يوم الاثنين الماضي، فقد أعلنت صحيفة أتلانتك ميديا، في وقت سابق من اليوم ذاته، منحها جائزة مايكل كيلي عن سلسلة مقالاتها حول النساء في أفغانستان. وذكر بيان صحافي أن روبن قد عرضت حياتها للخطر من أجل سرد معاناة النساء بتفاصيل واضحة وشديدة الحساسية. وعملت روبن في بداية حياتها المهنية لدى مجلة أسبوعية، وكذلك لدى صحيفة «المحامي الأميركي»، وكانت قد تخرجت في جامعة براون، وحصلت على درجة الماجستير في التاريخ من جامعة كولومبيا. وتشغل حاليًا منصب مديرة لمكتب جريدة نيويورك تايمز في باريس. وفيما يلي عرض بأبرز أعمالها:
* قصور العدالة بعد مقتل سيدة أفغانية على يد الرعاع.. «نيويورك تايمز»، وتقول في سطور من قصتها التي نشرت في 26 ديسمبر (كانون الأول) 2015:
«للوهلة الأولى تبدو المحاكمة وأحكام الإدانة في مقتل فرخندة ماليكذادا انتصارا في الكفاح الطويل من أجل حقوق النساء الأفغان أمام المحاكم، لكن النظرة الأعمق توحي بغير ذلك أنه خيط رفيع في الدفاع ضد جرائم الشرف».
* ملاجئ النساء هي إحدى أكثر المخلفات استفزازية للوجود الغربي في أفغانستان نشرت بتاريخ 2 مارس (آذار) 2015.
* نضال الشرطة النسائية في أفغانستان.. نشرت القصة بتاريخ 1 مارس (آذار) 2015». وتقول روبن: «أفضت محاولة رفع شأن النساء في أفغانستان من خلال تجنيدهم في الشرطة إلى نتائج عكسية في ظل تعارض المثل الغربية مع الواقع الأفغاني».
* حالة اغتصاب في أفغانستان تسلط الضوء على الشرطة المحلية نشرت بتاريخ 27 يونيو (حزيران) 2012، وفي القصة يكشف اتهام فتاة أفغانية لوحدة الشرطة المحلية باختطافها واغتصابها النقاب عن استمرار العرف القبلي وهشاشة قوانين حماية النساء التي تم تشريعها مؤخرا، والسلطة التي يتمتع بها المسلحون.
* كيف أرادت بادية أن تموت نشرت في مجلة نيويورك تايمز بتاريخ 12 أغسطس (آب) 2009.
* مقابلة مع فتاة من العراق ترغب في القيام بتفجير انتحاري».
* المالكي يحقق مكاسب انتخابية على الرغم من المخاوف نشرت في نيويورك تايمز بتاريخ 25 يناير (كانون الثاني) 2009.
* في غرفة باردة، مذكرات عن حياة الزهور لوس أنجلوس تايمز بتاريخ 26 أغسطس (آب) 2005. تقول روبن: «فور سماع صوت التفجيرات الانتحارية، توجهت مع المترجم إلى مستشفى اليرموك، التي تمتلك واحدة من أكبر المشارح في المدينة، وهناك قابلت أبو عماد لأول مرة».
وتعكس خيارات نتائج جوائز «بوليتزر» للعام 2016 التي وزعت الاثنين في نيويورك المآسي التي تعصف بالعالم، وتعد هذه الجوائز التي تحمل اسم الصحافي جوزيف بوليتزر وقد قدمت للمرة الأولى سنة 1917 من أعرق التكريمات التي تمنح في مجال الصحافة والابتكارات الفنية. وقدمت جائزتان بشكل استثنائي في فئة صور «الأخبار العاجلة» (بريكينغ نيوز)، مع جائزة لأربعة مصورين من «نيويورك تايمز» هم: ماوريسيو ليما، وسيرغي بونوماريف، وتايلر هيكس، ودانييل إيتر عن عملهم حول اللاجئين والمخاطر التي تواجههم، فضلا عن جائزة أخرى كانت من نصيب فرق التصوير في وكالة «رويترز» التي تتبعت اللاجئين الفارين بأغلبيتهم من النزاع الدائر في سوريا في رحلة من مئات الكيلومترات محفوفة بالمخاطر. وكرمت أليسا روبين، المديرة السابقة لمكتب «نيويورك تايمز» في كابل، التي انتقلت إلى باريس في فئة «الريبورتاج الدولي» عن تغطيتها لمعاناة النساء الأفغانيات، بعد أكثر من 14 عاما من سقوط نظام حركة طالبان. وتلقت لجنة التحكيم نحو ثلاثة آلاف طلب ترشيح لهذه الجوائز التي تمنح في 22 فئة، ويحصل الفائز بجائزة الخدمة العامة على ميدالية ذهبية، في حين يقدم مبلغ مالي للآخرين بقيمة 10 آلاف دولار خلال مأدبة غداء من المزمع تنظيمها في نيويورك في الأسابيع المقبلة.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.