هيت بلا حياة مدنية والمهجرون يشكون من «تعاسة المخيمات»

رئيس مجلسها لـ «الشرق الأوسط» : تم تحرير ثلثيها والقتال يدور لتحرير الجزء الباقي

نقل المدنيين من جسر بزيبز في هيت إلى مطار بغداد لإرسالهم إلى إقليم كردستان («الشرق الأوسط»)
نقل المدنيين من جسر بزيبز في هيت إلى مطار بغداد لإرسالهم إلى إقليم كردستان («الشرق الأوسط»)
TT

هيت بلا حياة مدنية والمهجرون يشكون من «تعاسة المخيمات»

نقل المدنيين من جسر بزيبز في هيت إلى مطار بغداد لإرسالهم إلى إقليم كردستان («الشرق الأوسط»)
نقل المدنيين من جسر بزيبز في هيت إلى مطار بغداد لإرسالهم إلى إقليم كردستان («الشرق الأوسط»)

أكد المسؤول الإداري والأمني لقضاء هيت، أن قوات الجيش العراقي حررت الجزء الأكبر من مدينة هيت من تنظيم داعش الإرهابي، وأن القتال الآن يدور لتحرير الجانب الآخر من المدينة، التي تقع في الجزء الشمالي نهر الفرات، مشيرا إلى أن «مركز قضاء هيت ينقسم إلى قسمين، الجزء الجنوبي الذي يمتد على مساحة ثلثي المدينة، والجزء الآخر الذي يقع في الجانب الآخر من نهر الفرات ويحتل ثلث مساحة المدينة، وهذا الجزء ما يزال بيد تنظيم داعش الإرهابي».
وتحدث محمد مهمد المحمدي، رئيس المجلس المحلي ورئيس اللجنة الأمنية لقضاء هيت لـ«الشرق الأوسط»، من على أطراف المدينة، أمس، وقال: «قمنا بإخلاء المدينة من جميع ساكنيها من المدنيين، البالغ عددهم أكثر من 70 ألف شخص من أعالي هيت، يضاف إليهم المهجرون من بقية الفلوجة والرمادي، إلى مخيمي (الكيلو 60) الذي يبعد عن مركز هيت 100 كيلومترا (كلم)، ومخيم (الكيلو 18) الذي يبعد مسافة 60 كيلومترا (كلم) عن مركز المدينة»، مشيرا إلى أن «عدد سكان قضاء هيت يبلغ 170 ألف نسمة موزعين على ثلاث نواحٍ، هي البغدادي وكبيسة والفرات، وتتبع لها سبع قرى تقع على امتداد نهر الفرات».
ويقسم مركز مدينة هِيْت نهر الفرات، حيث يقع القسم القديم، وهو الأكبر (صوب الشامية) شرق النهر، والقسم الجديد (حي البكر والجمعية) غرب النهر، وتقع إلى الشمال من مدينة الرمادي بمسافة 70 كيلومترا (كلم)، وتبعد عن بغداد مسافة 190كيلومترا (كلم).
وأضاف المحمدي أن «غالبية أهالي المدينة غادروها منذ أكثر من سنة بسبب سيطرة (داعش) عليها، بينما بقي 20 في المائة من سكانها، وهم الذين تمكنا من إخراجهم مؤخرا، إنقاذا لهم من العمليات العسكرية بعد أن تحول القتال بين قوات الجيش وتنظيم داعش إلى قتال شوارع»، منوها أن «تنظيم داعش بعد انسحاب مقاتليه إلى الجانب الآخر من نهر الفرات بدأ يقصف المدينة وسكانها بقنابل الهاون، حيث لا تفصل بينهم وبين مركز المدينة سوى عرض النهر البالغ 300 متر فقط». وقال إنه «تم نقل النساء والأطفال مباشرة إلى المخيمات، بينما تم التدقيق بهويات الرجال في أجهزة الكومبيوتر لتتأكد من عدم وجود عناصر من (داعش) مندسين بين الأهالي، وقد تم الكشف عن عدد من الذين تعاونوا مع (داعش)، وليسوا من القياديين، وأودعوا لدى القوات الأمنية لاستجوابهم».
وقال رئيس المجلس المحلي واللجنة الأمنية لقضاء هيت إن «تنظيم داعش كان قد دخل إلى هيت عن طريق سوريا والأنبار، فالمدينة مفتوحة وهناك العشرات من الطرق الترابية تربطها بالنواحي وبالبر والجزيرة، وهي محايدة لسوريا والأردن والمملكة العربية السعودية ومنفتحة باتجاه راوة والموصل والرمادي والفلوجة وصلاح الدين من جهة الجزيرة، ما يجعلها مدينة استراتيجية ومهمة للتنظيم الإرهابي». وتابع قوله: «عدد مقاتلي (داعش) الذين سيطروا على هيت كانوا أكثر من 1500 عنصر، غالبيتهم عراقيون من أهل المدينة ومن باقي مدن الأنبار، بينهم جنسيات عربية وغربية، لافتا إلى أن قسما منهم فر باتجاه الأراضي السورية، بينما يقاتل القسم الآخر من وراء النهر للبقاء في الجانب الثاني من المدينة».
وينشغل المجلس المحلي في هيت حاليا، بإخلاء العوائل العالقة عند جسر بزيبز منذ أكثر من عشرة أيام، حيث تمنعهم السلطات الأمنية من الدخول إلى بغداد، ويقول المحمدي «استحصلنا بصعوبة بالغة على الموافقات الأمنية لنقلهم غدا بواسطة الحافلات من جسر بزيبز إلى مطار بغداد مباشرة لإرسالهم إلى إقليم كردستان»، مبديا أسفه «لإجبإرنا بتقديم تعهد بعدم توقف الباصات داخل بغداد وإنزال أي شخص في العاصمة وكأنهم ليسوا عراقيين، بينما يسمح بدخول الأجانب من دول الجوار بلا جوازات سفر». وتابع: «إن السلطات الأمنية تمنع حتى المرضى والجرحى من عبور جسر بزيبز إلا بواسطة سيارة الإسعاف، ولدينا قريب دفع 900 دولار لسائق سيارة الإسعاف الحكومية ليعبر به الجسر نحو بغداد».
في داخل هيت يبدو المشهد متشابكا للغاية، فقوات الجيش العراقي تقاتل للعبور إلى الضفة الأخرى، وفي الوقت نفسه تفكك العبوات الناسفة والألغام التي تركها التنظيم الإرهابي وتحاول إخراج العوائل العالقة بين الألغام، «وبعضهم يرفض ترك بيته والذهاب إلى ذل المخيمات»، حسب إيضاح الناشط المدني مصطفى قحطان الهيتي المتطوع في (جمعية الإصلاح) وهي من منظمات المجتمع المدني.
وصرح الهيتي لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من داخل هيت، حيث كانت أصوات انفجارات قنابل الهاون والرصاص يسمع جليا، بأن مدينة هيت خالية من المدنيين باستثناء بعض الأفراد الذين يرفضون إخلاءهم، رغم أن الأوامر تقضي بخروجهم حفاظا على حياتهم، مشيرا إلى أن «هذه العوائل، أخبرتنا بالحرف الواحد أنها تفضل الموت في بيوتها على أن أن تعيش بذل في المخيمات التي أعدت للاجئين». واصفا المخيمات التي تم نقل أهالي هيت إليها بـ«البائسة للغاية»، فهي مجرد خيام مرمية في الصحراء في ظل درجات حرارة عالية وبلا أي خدمات، لا يوجد فيها ماء ولا كهرباء ولا حمامات أو مرافق صحية، «حيث تعاني النساء والأطفال من تعاسة الأوضاع، وهم يصرون على العودة إلى بيوتهم مهما كلف الأمر، لكن وجود العبوات المتفجرة التي تركها الدواعش تمنع عودتهم».
الهيتي باق في المدينة برفقة مقاتلي الجيش العراقي، لإيصال المساعدات من ماء وطعام وأدوية لمن تبقى من أهالي المدينة وكذلك للمهجرين منها، وقد أشاد بتعاون الأهالي الذين تركوا المدينة «خاصة أصحاب المحلات التجارية والصيدليات الذين اتصلوا بنا ووافقوا على فتح محلاتهم والاستفادة من الموجود فيها لمساعدة الناس».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.