رحيل المخرج الذي وضع بوند على سكة النجاح

غاي هاملتون أخرج الحربي والبوليسي والجاسوسي

هاملتون خلال تصوير أحد المشاهد  -  من «غولدفينغر»
هاملتون خلال تصوير أحد المشاهد - من «غولدفينغر»
TT

رحيل المخرج الذي وضع بوند على سكة النجاح

هاملتون خلال تصوير أحد المشاهد  -  من «غولدفينغر»
هاملتون خلال تصوير أحد المشاهد - من «غولدفينغر»

على الرغم من أن المراجع المطبوعة والإلكترونية تصف أعماله الأولى في السينما كـ«مساعد مخرج»، فإن المخرج غاي هاملتون الذي رحل في العشرين من هذا الشهر عن 93 سنة، كان يعتبر نفسه «مخرجًا مساعدًا» بما يعنيه ذلك من فارق دقيق. قال ذات مرة لمحدّثه: «الحيلة البارعة هي ألا تكون مساعد مخرج، بل أن تصبح مخرجًا مساعدًا».
عني بذلك أن يكون إلى جانب المخرج ليؤمن له ما يطلبه فنيًا عوض أن يكون الشخص المسؤول عن تأمين حاجات إدارية فقط. في كل الأحوال، كان على هاملتون العمل خمس سنوات، من العام 1947، مساعدًا قبل أن يُعهد إليه إنجاز الفيلم الأول مخرجًا سنة 1952. ثم 12 سنة بعد ذلك قبل أن تتاح له فرصة تحقيق «غولدفينغر»، الفيلم الثالث في سلسلة جيمس بوند، وأفضل الأفلام الثلاثة الأولى.
* فعل ترفيهي
وُلد غاي هاملتون في باريس في 16 سبتمبر (أيلول) سنة 1922 كون والده عمل ملحقًا صحافيًا للسفارة البريطانية في فرنسا. أظهر ميولاً صوب السينما عندما عمل مساعدًا للمخرج البرازيلي ألبرتو كافالكانتي الذي حقق أفلامه في إطار السينما البرازيلية والفرنسية من أيام السينما الصامتة، ثم البريطانية من منتصف الثلاثينات (مات سنة 1982 عن 104 سنوات). ذلك الفيلم كان تشويقيًا بوليسيًا بعنوان «أصبحت مجرمًا» من بطولة تريفور هوارد. بعده انتقل هاملتون ليعمل مساعدًا للفرنسي جوليان دوفيفييه عندما قرر ذاك تحقيق نسخته من رواية ليو تولستوي «آنا كارنينا» كإنتاج بريطاني.
كان دوفيفييه مخرجًا بارزًا في الحقبة التي سبقت ثم تلت مباشرة الاحتلال الألماني لفرنسا، لكنه لم يكن المخرج البارز الوحيد الذي عمل هاملتون تحت مظلته. في العام التالي وجد نفسه معاونًا للمخرج البريطاني كارول ريد في «المحبوب الساقط» (The Fallen Idol)، ولاحقًا عمل مساعدًا للمخرج نفسه في كلاسيكيته الشهيرة «الرجل الثالث» (1949). وبعد 3 سنوات عمل تحت إدارته مرّة ثالثة في «جزر منبوذة» (عن رواية لجوزف كونراد ومن بطولة تريفور هوارد أيضًا).
في هذا الفيلم الثالث مع كارول ريد دور لممثلة جزائرية لم تنل الكثير من الشهرة اسمها كريمة. حسب الموسوعات، كان دورها المساند في «جزر منبوذة» أول أفلامها وبعده مثّلت في نحو 15 فيلمًا. لكن اشتراكها في ذلك الفيلم الأول لها كان مناسبة تعرّف على مساعد المخرج هاملتون وهو تعارف انتهى بالزواج منه.
المخرج الأميركي اللامع جون هيوستون أخذه على المركب العابر للنهر الأفريقي في فيلمه الجيد «الملكة الأفريقية» مع همفري بوغارت وكاثرين هيبورن.
عند هذا الحد كان هاملتون قد اكتسب ما يحتاجه لخطوته التالية، وهي أن يصبح مخرجًا والنتيجة قيامه بتحقيق ثالث اقتباس عن رواية إدغار والاس «الشبيه» (The Ringer) سنة 1952، والنتيجة كانت من الجودة، بحيث انطلق منه لتحقيق أفلام تشويقية وبوليسية أخرى من بينها «جريمة يوم الاثنين» (1952) و«المتدخل» (1952) و«نداء المتحري» (1953). هذه الأفلام وأفلام هذه الفترة (الخمسينات) كانت مجزية بالنسبة للمخرج الذي سارع إلى تبني مبدأ أن الفيلم فعل ترفيهي عليه أن ينجز بحرفة فنية صحيحة. لذلك لا نجد بين هذه الأفلام المذكورة، أو سواها مثل «قصة كولديتز» (1955) و«لمسة استحواذ» (1959) و«جنازة في برلين» (1966) ما يذكر من ضعف أو هنّات.
على ذلك، كانت هناك تجربة واحدة أخفقت في التبلور جيدًا وغاي هاملتون لم يكن سعيدًا بها. في العام 1959 اختير هاملتون لتحقيق فيلم كبير بعنوان «تلميذ الشيطان»، مزيج من الكوميديا عن مسرحية جورج برنارد شو تم إسناد بطولتها إلى النجمين الأميركيين بيرت لانكاستر وكيرك دوغلاس. كلاهما نرجسيان شهيران حاولا التدخل في عمل هاملتون، لكنه قاوم ذلك وحافظ على مسافته منهما، ولو أن الضرر كان واضحًا حين العرض إذ جاء الفيلم فاترًا وخاليًا من الإثارة.
فيلم آخر حققه هاملتون تعرّض لمشكلات، إنما مختلفة. في عام 1964 قام بتحقيق فيلم من بطولة روبرت ميتشوم عنوانه «رجل في الوسط»، لكن الرقابة البريطانية لم تجز الفيلم ومنع من العرض إلى أن تم حذف مشاهد جنسية.
* بوند الأفضل
في العام نفسه، سنحت لغاي هاملتون الفرصة الذهبية، تحقيق فيلم من بطولة الشخصية الجاسوسية جيمس بوند. كانت هذه الفرصة واتته قبل عامين عندما كان الإنتاج يستعد لإطلاق الفيلمين الأولين من السلسلة «دكتور نو» و«من روسيا مع الحب»، وتم التقدم إلى هاملتون بطلب إخراجهما، لكن هاملتون آنذاك لم يكن مستعدًا للسفر لأسباب بقيت مجهولة، فاعتذر، مما دفع بالإنتاج للتوجه إلى البريطاني ترنس يونغ للغاية نفسها.
الفيلمان المذكوران كانا تمهيدًا لما بعد، لكنهما لم ينجزا النجاح الكبير الذي توخاه منتجا السلسلة ألبرت بروكولي وهاري سولتزمان (لاحقًا ما انفصلا). ما جعلهما يلجآن إلى غاي هاملتون مرّة أخرى لتحقيق الفيلم الثالث من السلسلة وهو «غولدفينغر»، وهذا لم يدع الفرصة تفوته هذه المرّة، حيث شمل تصويره مواقع في بريطانيا وسويسرا والولايات المتحدة.
«غولدفينغر» أكثر تكاملاً من الفيلمين السابقين. الحرفة أكثر جودة بدءًا من استخدام أغنية شيرلي باسي الشهيرة (بالاسم نفسه) على خلفية متماوجة من اللون الذهبي إلى تنفيذ المعارك الأخيرة داخل قلعة فورت نوكس الأميركية تبعًا للحكاية. لكن أحد أهم أسباب قوّته، الاعتناء الكبير بشخصية المجرم الأول كما أدّاه الألماني الرائع غيرت فروبي.
إنه شون كونيري من جديد مكتشفًا خطّة الملياردير المكنّى بـ«غولدفينغر» (تصفه الأغنية فتقول: «قلبه من ذهب، يحب الذهب، الذهب فقط» وتنتهي بإعادة العبارة عدة مرات) لسرقة مستودع الخزينة الأميركية نفسها. يحاول بوند كسب ثقة غولدفينغر بالتعرّف عليه، لكن غولدفينغر يعلم من هو وفي مشهد أخاذ، بعدما تم القبض على بوند وربطه فوق طاولة من حديد على أن يمر فوق جسده وميض من الليزر يشطره إلى نصفين، يحاول بوند، خائفًا، كسب الوقت فيقول: «هل تتوقع مني أن أقول شيئًا وأنا في هذه الحالة»؟ فيرد عليه غيرت فروبي بثقة: «No‪,‬ Mr‪.‬ Bond. I expect you to die» (لا مستر بوند، أتوقع لك أن تموت).
مثير أيضًا مساعد غولدفينغر القاتل الياباني (هارولد ساكاتا) الذي يعتمر قبعة فولاذية إذا ما رماها على إنسان قطع رأسه. طبعًا، كان لا بد من أن ينجو بوند في كل مرّة ومن كل مأزق، وهذا مؤسف لأن عدوّيه كانا أفضل منه في معركتي التخطيط والقتال.
نال «غولدفينغر» نجاحًا كبيرًا تجاوز نجاح الفيلمين السابقين وتم التعاقد معه على الفيلم الرابع «الماس للأبد» (1971)، لكن هاملتون طلب بعض الوقت ريثما ينتهي من فيلمين من خارج السلسلة. أولهما الفيلم الجاسوسي غير البوندي «جنازة في برلين»، الذي يتبع سلسلة هاري بالمر كما أداها بنجاح مايكل كين، والفيلم الحربي الضخم «معركة بريطانيا» (1969).
شهد «الماس للأبد» (1971) نجاحًا مضطردًا لهاملتون في لعبة بوند، كذلك لم يخل فيلمه البوندي الثالث «عش ودع الموت» (1973) من حسنات، ولو أنه بات تلقائيًا أكثر مما يجب. لكن النتيجة في المرّة الرابعة كانت أفضل من الثالثة، وذلك عندما حقق فيلمه الأخير في هذه السلسلة وهو «الرجل ذو المسدس الذهبي» (1974) هذه المرة مع بوند جديد هو روجر مور بعدما قرر كونيري الاعتزال. ثم كان من المفترض قيام هاملتون بإخراج بوند خامس له هو «الجاسوس الذي أحبني» لكن المهمّة ذهبت إلى لويس غيلبرت.
* جوهرة
بعد هذه الجولة عاد هاملتون إلى الفيلم الحربي فأخرج «قوّة عشرة من نافارون» (1978) مع روبرت شو وباربرا باخ (من اكتشافات بوند) وإدوارد فوكس وفرانكو نيرو وهاريسون فورد. ثم مال إلى رواية أغاثا كريستي «المرآة انشرخت» التي قامت ببطولتها أنجيلا لانسبوري، وبعده نفّذ عملاً لغزيًا موازيًا كتبه المسرحي أنطوني شافر، لكنه لم ينجز النجاح المتوخى.
في منتصف الثمانينات عاد هاملتون إلى سينما الأكشن الجاسوسية. هذه المرّة عرضت عليه شركة أميركية تحقيق فيلم يكون بمثابة «بايلوت» لسلسلة جديدة من الأفلام مأخوذة عن رواية «المدمر» لرتشارد سابير. العنوان المختار للفيلم هو «ريمو ويليامر: المغامرة تبدأ». كل شيء كان في مكانه باستثناء أن الفيلم كان طري الجوانب وطويل التمهيد حتى إذا حان وقت التسخين كان الفيلم وصل إلى نهايته. بالتالي انتكس المشروع و«المغامرة تبدأ» انتهت أيضًا عند هذا الحد. أدرك هاملتون، وكان بلغ الثالثة والستين من العمر أنه يريد أن يتوقف. وبالفعل أنجز فيلمًا واحدًا بعد ذلك (كوميديا بعنوان «جرب هذا للقياس» Try This for Size) لكن أحدًا لم يعره اهتمامًا.
أعمال هاملتون في الخمسينات كانت من الجودة الحرفية والفنية بحيث قادته إلى أفلام الستينات والسبعينات الأكبر حجمًا والأقوى عرضًا. وكلا هذين العقدين هو أفضل سنوات حياة هاملتون المهنية.
في الشأن ذاته فإن «غولدفينغر» هو الجوهرة الذهبية فعلاً في حياة المخرج. وعلى الرغم من تعدد وتمدد أفلام بوند من ذلك الحين إلى اليوم، إلا أنه يبقى النموذج الأصلح لعمل يختزل كل بوند إلى عميل بالكاد يستطيع أن يبقى حيًّا.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».