الرؤية الوطنية للسعودية.. دلالات كبيرة ذات أبعاد استراتيجية

تجنى ثمارها في عام 2030 باقتصاد إنتاجي متنوّع

الرؤية الوطنية للسعودية.. دلالات كبيرة ذات أبعاد استراتيجية
TT

الرؤية الوطنية للسعودية.. دلالات كبيرة ذات أبعاد استراتيجية

الرؤية الوطنية للسعودية.. دلالات كبيرة ذات أبعاد استراتيجية

دلالات كبيرة ذات أبعاد استراتيجية، تعزز فكرة الرؤية الوطنية للسعودية لما بعد النفط، التي أعلن عن بعض ملامحها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي أخيرا، فيما ينتظر أن يعلن اليوم الرؤية السعودية بشكل كامل والتي ما زال ينتظرها السعوديون.
وتؤكد هذه الخطوة على الرؤية الثاقبة، التي تتبنى فكرا اقتصاديا نوعيا، تشرع في بسط سياسات غير مسبوقة، تمكّن المملكة من استيعاب أي صدمات أو هزات اقتصادية عالمية من أي نوع كانت.
السعودية توجت رؤيتها الاستراتيجية الجديدة، بحزمة من الإجراءات التي من شأنها أن تمكن الرؤية السعودية من أن تكون ليس فقط حدثا مهما ولكن تكون واقعا معيشا، من بينها السعي لتحول شركة «أرامكو»، من شركة نفط إلى شركة طاقة صناعية، من خلال طرح بعض أسهم الشركة العملاقة، للاكتتاب العام خلال العامين المقبلين.
وسبق ذلك، إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد، يتولى رسم خريطة طريق لحاضر ومستقبل الاقتصاد السعودي، في ظل توقعات بأن ينتعش سوق الأسهم السعودية في المستقبل القريب، ويزيد من كفاءة السوق ونمو الشركات الرائدة لتتمتع بتنافسية عالية حتى تكون إضافة حقيقية للسوق المالية، لتجد لها موطئ قدم في الأسواق العالمية.
وأثمر ذلك ميلاد الجسم الاقتصادي الجديد، عن صدور عدد من القرارات الاقتصادية، من بينها، تعزيز برنامج الخصخصة لبعض القطاعات الحكومية، وتعديل نظام الشركات، وإنشاء هيئة لتوليد الوظائف، بالإضافة إلى فتح السوق أمام الشركات العالمية للاستثمار المباشر، وفرض الرسوم على الأراضي البيضاء، وإنشاء هيئة مستقلة للمقاولين، وهيئة عامة للإحصاء، بجانب هيئة لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
كما اشتملت الإصلاحات الاقتصادية الجديدة، التي كشف عنها ولي ولي العهد، على معالجة وضعية صندوق الاستثمارات العامة ومن ثم تحوله إلى أكبر صندوق سيادي في العالم، حتى تتوافق مع برنامج التحول الوطني، وبالتالي تحقيق الرؤية المستقبلية لمرحلة ما بعد النفط وجعلها واقعا معيشا خلال العقد المقبل.
الباحث الاقتصادي الدكتور عبد الحليم محيسن، يقرأ الرؤية السعودية الجديدة من عدة نوافذ تطل على ساحل الاقتصاد، مؤكدا أن القيادة السعودية أدركت منذ فترة طويلة، أهمية العمل على تمكين سياسة التنويع الاقتصادي وزيادة الصادرات السعودية، وجذب الاستثمار الأجنبي النوعي في مشروعات ذات قيمة مضافة.
وقال محيسن: «يبدو أن الرؤية السعودية الجديدة، كانت تنظر من وقت مبكر إلى أهمية تفادي المخاطر التي يمكن أن تنجم عن الاعتماد على النفط كمصدر دخل وحيد للخزينة، فحفزت الكثير من الجهات ذات الصلة في القطاع العام بأن تتجه لمراجعة وتصحيح السياسات بما يمكنها من استيعاب الصدمات والتحديات التي تواجه الاقتصاد محليا وإقليميا ودوليا في ظل الصراعات والتوترات التي تعج بها منطقة الشرق الأوسط».
وفي هذا الإطار، قال رجل الأعمال عبد الله المليحي رئيس الغرفة العربية - السريلانكية: «الرؤية السعودية الجديد، رؤية اقتصادية شاملة، ستمكن المملكة من تعزيز الاقتصاد المعرفي والاقتصاد الإنتاجي المتنوع في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية، فضلا عن الاستثمار في العنصر البشري وتأهيله وتدريبه، ليكون حلقة من حلقات العمل المشترك الناجح».
ولفت المليحي، إلى أن السياسات الاقتصادية الاستثمارية والتجارية المنفتحة على دول العالم، في ظل التدفق الذي تشهده السوق السعودية لمختلف أنواع المجالات ذات القيمة المضافة، ستساهم في تحقيق هذه الرؤية الجديدة، وستمكن الاقتصاد السعودي من تجاوز تحديات المرحلة الحالية في ظل انخفاض أسعار البترول وتعدد مصادر الطاقة.
من ناحيته، قال الباحث الاقتصادي الدكتور الصادق إدريس: «أتوقع أن تهتم الرؤية السعودية الجديدة، بتعزيز توطين الصناعات والإنتاج المحلي وتعظيم الصادر السعودي بتنافسية عالية جدا، كون أن الصناعة تمثل ركيزة أساسية لتحقيق أي تحول اقتصادي نحو اقتصاد المعرفة، وذلك من خلال ربط التعليم بالصناعة، وبالتالي خلق تنافسية عالية في الإنتاج بجودة عالية لتعظيم الصادر إلى الخارج بكفاءة عالية».
وشدد إدريس على ضرورة توطين الصناعة في المجالات المهمة، لتعظيم مساهمتها في الناتج الإجمالي المحلي والتي ما زالت تمثل 11 في المائة فقط، في ظل توقعات بالعمل على رفع هذه النسبة إلى نحو 20 في المائة بحلول 2020. منوها بضرورة العمل على تسريع الجهود لتفعيل آليات عمل المدن الصناعية مع التوسع في المجال إلى آفاق أرحب وأشمل.
رجل الأعمال محمد الحمادي عضو إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض يرى أن الرؤية السعودية التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، تشتمل على فسحة كبيرة من مجالات التعاون بين القطاعين العام والخاص في شتى المجالات والقطاعات، بجانب تشجيعها لجذب الاستثمار الأجنبي النوعي ودعم الاستثمار الوطني في مختلف المجالات، ما من شأن ذلك تنمية الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب السعودي من الجنسين.
وتوقع الحمادي أن تحقق السياسات الاقتصادية الجديدة، الرؤية السعودية التي تستهدف تحقيق التنمية المستدامة وتقوية الاقتصاد وتوليد فرص عمل كبيرة للشباب السعودي، وبالتالي تجاوز التحديات التي تنجم عن الاعتماد على منتج النفط فقط، داعيا إلى ضرورة تمكين القطاع الخاص المحلي بأن يكون الشريك الأول في التنمية الاقتصادية وتحقيق هذه الرؤية الوطنية.
من جهته، يعتقد الباحث الاقتصادي صلاح برناوي أن الرؤية السعودية، ستحقق عدة مزايا، أولها توسيع مصادر الدخل حتى لا يكون النفط القدح المعلى فيها، وبالتالي تعزيز التنويع الاقتصادي والاستثماري وحتى التجاري، ما من شأنه أن يجعل من برنامج التحول الوطني، المعادلة الأقوى الجديدة في مسيرة العمل الاقتصادي، وعكس كل النسب القديمة لصالح، ومعالجة زيادة الصادر وتقليل المستورد، حيث إن الوردات تقدر سنويا بأكثر من 650 مليار ريال (173.3 مليار دولار).



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.