أعداد المعتقلين في غوانتانامو تتقلص.. وإغلاقه لا يزال بعيدًا

آخر دفعة أفرج عنها 9 يمنيين تم ترحيلهم إلى السعودية

أعداد المعتقلين في غوانتانامو تتقلص.. وإغلاقه لا يزال بعيدًا
TT

أعداد المعتقلين في غوانتانامو تتقلص.. وإغلاقه لا يزال بعيدًا

أعداد المعتقلين في غوانتانامو تتقلص.. وإغلاقه لا يزال بعيدًا

«خلال مرآة وسياج الأسلاك المتشابكة يمكن رؤية حفنة من المحتجزين الملتحين في قمصان قطنية متهدلة، يتحركون بغير هدى داخل زنازين في سجن خليج غوانتانامو الحربي، تحرسهم أعداد أكبر بكثير من الجنود الأميركيين». هذا هو عالم سجن أميركا الذي تلاحقه الانتقادات، وهذا هو المشهد الذي يبرز كيف أن عنصر الوقت والخيارات، ينفد أمام الرئيس الأميركي باراك أوباما لتحقيق وعده بإغلاق المجمع قبل أن يترك منصبه في يناير (كانون الثاني).
قلص أوباما عدد نزلاء المعتقل إلى 80 محتجزا، وهو أقل عدد منذ ما بعد فتحه بقليل؛ امتثالا لقرار من الرئيس السابق جورج دبليو بوش؛ بغرض احتجاز المشتبه بضلوعهم في أعمال إرهابية ممن اعتقلوا في الخارج عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. لكن مسؤولين أميركيين في واشنطن يقولون: «إن الرئيس يواجه عقبات سياسية وقانونية ربما تحول دون تحقيق هدفه بإخلاء مركز الاحتجاز بالقاعدة البحرية الأميركية في كوبا».
ومع هذا، هناك دلائل متزايدة بدت خلال جولة لممثلي وكالات إعلامية جرى تنظيمها بدقة هذا الأسبوع، على أن الأنشطة آخذة في الانحسار في المعتقل الذي يحوي الآن الكثير من الزنازين الخاوية».
وفي الوقت الذي تتقلص فيه أعداد النزلاء، وكانت آخر دفعة أفرج عنها 9 يمنيين تم ترحيلهم إلى السعودية السبت الماضي، فإن «المشاركة فيما كان يوما إضرابا واسعا عن الطعام تنحسر أيضا».
ويجري تغذية أقل من 5 نزلاء قسرا، حسبما صرح كبير المسؤولين الطبيين في المعتقل للصحافيين، بينما كان يعرض كرسيا يجري ربط المحتجز فيه وتغذيته مرتين يومين من خلال «أنابيب تدخل الجسم من الأنف». لكن لم يطرأ تغير يذكر على القوة البالغ قوامها 1100 عسكري المكلفة بتأمين أماكن الحجز المتعددة في غوانتانامو، التي تراوح بين مجمعات لحسني السير والسلوك وبين الحجز الانفرادي لمن يعدون الأكثر خطرا. وهذا يعني أن هناك نحو 14 حارسا لكل سجين في الوقت الحالي».
والعمل داخل المعتقل يحتاج إلى كثير من الأيدي العاملة. وتتحرك مجموعات من الحراس بخوذاتهم الواقية داخل ممر مظلم مقبض في وقت الغداء؛ تأهبا لنقل الوجبات في المعسكر رقم 6 الذي يؤوي أكثر النزلاء تعاونا.
كان السجناء يتصرفون على سجيتهم؛ إذ لم يكونوا يدركون أن هناك أعينا تتابعهم وتسجل حركاتهم وسكناتهم من وراء الزجاج الحاجب للصوت. ولوّح أحدهم للحارس شاكيا من نقص الأقلام اللازمة ليواصل عمله الفني، بينما جلس آخر على منضدة من الصلب وأخذ يكتب. وفي واشنطن يستعد المشرعون الجمهوريون لمعركة قانونية إن حاول أوباما نقل السجناء إلى الولايات المتحدة.
وتعتمد خطة أوباما، التي أعلنها قبل شهرين، على نقل ربما عشرات السجناء المتبقين، الذين يعدون خطرا لدرجة تحول دون إطلاق سراحهم، إلى الولايات المتحدة. لكن هذا سينتهك حظرا للكونغرس على القيام بعمليات النقل هذه.
مشاكل رغم العدد الأقل
لا يستبعد مسؤولون في الإدارة أن يسعى أوباما للالتفاف حول الكونغرس واللجوء لإجراء تنفيذي بإغلاق السجن، لكنهم يقولون فيما بينهم «إنه لن يتخذ قرارا على الأرجح قبل إجراء انتخابات الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني)». ويتعهد دونالد ترامب، متصدر سباق الجمهوريين للترشح لانتخابات الرئاسة، وكذلك منافسوه في حزبه بإبقاء السجن مفتوحا إن هم دخلوا البيت الأبيض.
كان معتقل غوانتانامو يضم يوما ما يقرب من 800 سجين؛ فأصبح رمزا لتجاوزات الحرب على الإرهاب، ومرادفا لاتهامات التعذيب. ووصفه أوباما، الذي يرجع تاريخ وعده بإغلاق السجن إلى حملته الانتخابية في 2008، بأنه «أداة لتجنيد إرهابيين»، والآن يتحدث مسؤولو المعتقل عن تحسن استجابة السجناء لفكرة أن الإفراج يقترب. ومعظمهم محتجز منذ ما يزيد على 10 سنوات بلا تهمة ولا محاكمة. وقال الكولونيل ديفيد هيث، قائد قوة الحرس في غوانتانامو: إن هناك سجينين فقط مدرجين على قائمة سوء السلوك التي تنطوي على أفعال تبدأ بمهاجمة الحرس بدنيا، وتنتهي «برشهم بسوائل تخرج من الجسم».
أما المضربون عن الطعام الذين كان عددهم يزيد على المائة في ذروة احتجاجهم عام 2013، فلم يعودوا الآن سوى قلة قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة، ولم تعد هناك حاجة إلى فرق خاصة لجرهم من زنازينهم وإخضاعهم لجلسات «التغذية القسرية»، وفقا لما ذكره الكابتن بحري ريتش كواترون، رئيس وحدة المنشآت الطبية، وأكد أن العملية «آمنة وإنسانية». لكن عمر فرح، محامي اليمني طارق باعودة، الذي كان مضربا عن الطعام وفقد نصف وزنه، وكان بين المجموعة التي تم ترحيلها إلى السعودية، قال: إن التغذية القسرية «مهينة تماما».
ولا يزال المسؤولون في غوانتانامو يدركون، أن «هناك أشياء قد تثير المشاكل، خاصة في ظل الحساسيات الدينية».
على سبيل المثال.. عندما دخلت مراسلة زنزانة لتتعرف على أحوال المعيشة بالداخل همّت بفحص المطبوعات على رف للكتب فاندفع المسؤولون بالمكان وطلبوا منها «ألا تمس المصحف، وطلبوا من مصورها حذف المشهد».
وأحيانا ما يقدم بعض النزلاء على خطوات أشد. فعلى نسخة بالعربية من مجلة ناشيونال جيوجرافيك خدش أحدهم جزءا على الغلاف «ليخفي معالم وجه امرأة بلا نقاب».



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.