«مهرجان طرابلس للأفلام» يجتذب نجوم السينما إلى مدينة لبنانية منسية

يقدم العرض الأول لفيلم «بتوقيت القاهرة» بحضور درة وسمير صبري

مشهد من فيلم «بتوقيت القاهرة» ({الشرق الأوسط})
مشهد من فيلم «بتوقيت القاهرة» ({الشرق الأوسط})
TT

«مهرجان طرابلس للأفلام» يجتذب نجوم السينما إلى مدينة لبنانية منسية

مشهد من فيلم «بتوقيت القاهرة» ({الشرق الأوسط})
مشهد من فيلم «بتوقيت القاهرة» ({الشرق الأوسط})

عجزت غالبية الأنشطة الثقافية المغرية التي شهدتها طرابلس، وبشكل كثيف وحيوي، في السنوات الثلاث الأخيرة، بعد هدوء الحرب الطاحنة بين جبل محسن وباب التبانة، عن إقناع البيروتيين بأن في المدينة ما يستحق أن يُكتشف. «مهرجان طرابلس للأفلام» الذي افتتح دورته الثالثة مساء الأربعاء الفائت، كسر الحواجز، لم يأت بأهل بيروت فقط، بل جاء ضيوفه من مصر وفرنسا وألمانيا وسويسرا، وغيرها، وتمكن تدريجيًا، وبوقت وجيز، من أن يحول افتتاحه إلى مناسبة بمقدورها أن تجذب النجوم وجديد الأفلام، وتلك التي حازت على جوائز في مهرجان «كان».
المهرجان الذي خرج من رحم المعارك، وعشرين جولة قتال، وأصر على أن تكون طرابلس مركزه، كسب الرهان. المشوار لا يزال في أوله، لكن التقدم حثيث ومتواصل. هذه السنة من أصل 227 فيلما وصلت للمهرجان، تمكن من اختيار 8 أفلام طويلة ونحو 40 فيلما قصيرا، في حين لم يكن أمامه للاختيار في دورته الأولى سوى 59 فيلما، واكتفى بالأفلام الوثائقية ولم يتمكن من الحصول على أي فيلم طويل واحد حينها. وبعد أن كانت لجنة التحكيم محلية وتكتفي بمن هم في المحيط، تشكلت اللجنة هذه السنة من الناقد الفرنسي فيليب جالادو، والروائية والسينمائية اللبنانية الفرنسية، ياسمين خلاط، والمخرج المصري أمير رمسيس، والمخرجة اللبنانية ميشال تيان، والكاتب والناقد السينمائي اللبناني نديم جرجورة، والمنتج اللبناني محمود القرق.
الافتتاح في «مركز الصفدي الثقافي» لبس حلة المهرجانات الدولية. أعلام الدول المشاركة ترفرف حول المبنى، السجادة الحمراء لدخول الضيوف باللباس الرسمي. تألق نجوم فيلم «بتوقيت القاهرة» الذي حضر ضيوفه بمناسبة اختيار فيلمهم ليكرم كآخر ما مثله نور الشريف قبل رحيله، واحتفاء بالعرض الأول للفيلم على الأراضي اللبنانية. سمير صبري إلى جانب الفنانة درة بكامل هندامها، كاتب الفيلم ومخرجه أمير رمسيس، والمنتج سامح العجمي، إضافة إلى ضيوف آخرين رافقوا أفلامهم، وجاءوا ليساهموا في الإجابة على أسئلة المتفرجين بعد العروض.
مهرجان السينما الذي بدأ صغيرا ومتواضعا حقق وثبة مفاجئة. مدير المهرجان إلياس خلاط، وصاحب المبادرة، بدا سعيدًا جدًا بعرض فيلم التحريك القصير «موج 98»، للمخرج اللبناني الشاب إيلي داغر، الذي نال السعفة الذهبية في مهرجان «كان» العام الماضي، في حفل الافتتاح. إنجاز صغير لكنه خطوة مهمة. يقول خلاط: «بعض الأفلام التي تعرض هنا تذهب إلى (كان) مباشرة بعد ذلك. هذا أمر ليس بقليل لمهرجان يحبو في مدينة هُمشت طويلا، وبقيت خارج الخريطة الثقافية اللبنانية».
على الرغم من أن طرابلس كانت رائدة في الدور الذي أدته في السينما اللبنانية، أو في أسبقيتها إلى افتتاح صالاتها السينما وكثافة عددها، فإنها عاشت انتكاسة كبرى، ها هو السعي كبير لإخراجها منها.
خصص المهرجان عرضا خاصا من خارج المسابقة لفيلم «بتوقيت القاهرة»، ونظم لقاء مع نجوم الفيلم وصناعه، في اليوم التالي للافتتاح. الفيلم الحائز على 16 جائزة في مهرجانات دولية، قدم للمرة الأولى في عرض للصحافيين صباحًا، وعرض آخر مساء قبل أن يطلق في الصالات اللبنانية. القصص الثلاث المتوازية التي تجري في يوم واحد، تروي قصة الممثل سامح كمال (سمير صبري) والممثلة ليلى السماحي (ميرفت أمين) بعد انطفاء الشهرة، وذبول المجد، ومريض الألزهايمر (نور الشريف) والشاب الذي يتاجر ببيع المخدرات (شريف رمزي)، والشاب والشابة سلمى ووائل (أيتن عامر وكريم قاسم) اللذين يعيشان قصة حب منذ ثلاث سنوات، وينفردان للمرة الأولى في شقة بمفردهما وما يعانيانه من ارتباك في المعايير والقيم في هذه اللحظات. تنتهي القصص جميعها إلى مصب واحد، في انتصار للحياة على التطرف والحب على الخديعة.
تُعرض أفلام المهرجان في «مركز الصفدي الثقافي» و«بيت الفن» في طرابلس، وخصصت عروض ثلاثة للشباب في «جامعة بيروت العربية» يوم 26 أبريل (نيسان) الحالي. ومن لطيف مبادرات هذا المهرجان تخصيصه عرضًا لفيلم «بتوقيت القاهرة» في الهواء الطلق في باب التبانة، وتحديدًا في شارع سوريا الذي لا تزال آثار المعارك ماثلة للعيان، لكل من يزوره، وعرضًا آخر لفيلم فلسطيني طويل يحمل عنوان «حب وسرقة ومشاكل أخرى» في جبل محسن. ومن الأنشطة المميزة الموازية للمهرجان «منتدى» يعقد على مدى يومين متتاليين، يتناول موضوع إشكالية الإنتاج السينمائي في لبنان وفرص التمويل المتاحة، ويشارك حصريًا في حلقاته سينمائيون منتجون وموزعون، وصناديق دعم للإنتاج السينمائي في لبنان والخارج، وهذه فعالية مغلقة ومقتصرة على أهل الاختصاص.
ويبقى المهرجان الذي يحمل شعارًا يصور ورقة شجرة الليمون، التي اشتهرت بها طرابلس، يعمل أيضا بهمة متطوعين شباب من أهل المدينة، ارتأوا مساندته كجزء من وفائهم لمدينتهم.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».