عرض أفلام من كل نوع.. لكن أفضلها غير قابل للتصنيف

عبر تقييم الإيرادات في الأشهر الثلاثة الأولى من العام

من «فارس الكبة» لترنس مالك و فيلم «باتمان ضد سوبرمان»: 827 مليون دولار والعرض ما زال مستمرًا
من «فارس الكبة» لترنس مالك و فيلم «باتمان ضد سوبرمان»: 827 مليون دولار والعرض ما زال مستمرًا
TT

عرض أفلام من كل نوع.. لكن أفضلها غير قابل للتصنيف

من «فارس الكبة» لترنس مالك و فيلم «باتمان ضد سوبرمان»: 827 مليون دولار والعرض ما زال مستمرًا
من «فارس الكبة» لترنس مالك و فيلم «باتمان ضد سوبرمان»: 827 مليون دولار والعرض ما زال مستمرًا

مع مرور ثلاثة أشهر من العام، وأيام من الشهر الرابع، تتيح لنا أرقام الإيرادات المسجلة عالميًا الإطلال على الذوق السائد للمشاهدين مرّة أخرى. ذلك أن الأفلام العشرة الأولى التي سجلت أعلى الإيرادات من حي شبرا إلى حي بروكلين، ومن شارع هوتونغ في الصين إلى منطقة لستر سكوير في لندن لم تدخل أي مسابقات فنية، ولا نالت أي جوائز ولا حتى نجحت في استقطاب غالبية من نقاد الإنترنت.
سبعة من هذه الأفلام أميركية وثلاثة منها صينية، مما يعزز السوق الصينية التي تم اعتبارها منذ عامين بأنها ثاني أكبر الأسواق بعد السوق الأميركية الشمالية (الولايات المتحدة، وكندا، والمكسيك). أما أول فيلم لا أميركي ولا صيني في القائمة فهو الإيطالي «Quo Vado‪?‬» وهو كوميديا حول موظف من عائلة ميسورة يعمل موظّفًا في الحكومة، لكن تبعًا لوضع اقتصادي جاف تم تخفيض راتبه ومنزلته. الفيلم سجل نحو 71 مليون دولار، وهذا أفضل مما سجلته أفلام أميركية اعتبرت مرشّحة لنجاحات أعلى مثل «مرحى.. قيصر» و«زولاندر 2» و«نمر وثاب.. تنين مختبئ 2».

كم كرتوني

الفيلم الأعلى إيرادًا منذ مطلع العام هو «Zootopia»، وهو رسوم متحركة من «وولت ديزني» الذي جمع 301 مليون دولار من الولايات المتحدة وأضاف إليها قرابة 575 مليونًا من باقي العالم ما يجعل المجموع أعلى من 876 مليون دولار.
يتبعه عن كثب (بفارق نحو 50 مليون دولار) «باتمان ضد سوبرمان» (827 مليون دولار) و«دَدبول» (قرابة 761 مليون دولار) وكلاهما من صنف «الكوميكس». وهناك فيلمان أنيميشن أيضًا، كحال «زوتوبيا»، أولهما «كونغ فو باندا 3» («فوكس»: في المركز الخامس بـ497 مليون) و«كتاب الغابة» وهو رسوم غرافيكس ومشاهد حيّة في وقت واحد.
وفي حين سكنت حركة الفيلمين الكرتونيين «زوتوبيا» و«كونغ فو باندا»، فإن «كتاب الغابة» ما زال طري العود في عروضه مما يعني أن مكانته سترتفع لاحقًا. آخر رقم مسجل له هو 120 مليون دولار أميركي و300 مليون دولار عالميًا.
«زوتوبيا» و«كتاب الغابة» (ولو أنه نحو مختلف من الأنيميشن) من بين ستة أفلام من النوع ذاته عُرضت في الأشهر الثلاث الماضية أو مع مطلع هذا الشهر. الأفلام الثلاث الأخرى هي «نورم الشمالي» (توزيع ليونزغايت) و«دم باتمان السيئ» («وورنر») و«مجلس العدل ضد الأباطرة الشبان» («وورنر»). لجانب أسبوعين في صالات محدودة، ذهب هذا الأخير (الذي هو من إنتاج DC Comics) إلى سوق الأسطوانات حيث راج قليلاً أكثر.
هذا الكم الكرتوني ليس الأعلى.
بالنظر إلى تصنيف الأفلام حسب نوعيات حبكتها، فإن أفلام التشويق (ثريلرز) وأفلام الكوميديا هي صاحبة النسبة الأعلى من الأفلام التي غزت صالات السينما في أميركا والعالم: اثنا عشر فيلمًا كوميديًا وعشرة أفلام تشويقية. بعد ذلك نجد ستة أفلام رعب وستة أنيميشن، كما تقدم، ثم توزعت الأفلام الأخرى بين الخيال العلمي (3 أفلام) والحربي (2) والوسترن (2) والرومانسية (3) والتاريخية (2) وفيلم مختلف لا يمكن إدراجه تحت أي تصنيف هو «فارس الكُبّة» لترنس مالك.

نماذج

إنه من الاعتيادي تمامًا اعتبار «فارس الكُبة» أفضل ما هبط الصالات في هذه الفترة من أفلام أميركية. ترنس مالك فنان بعين مختلفة وبأسلوب يضاهيها منذ أن وطأ أرض السينما بفيلمه الأول «بادلاندز» سنة 1973. لم يكن يجرؤ وقد باشر مهنته حديثًا أن يهرب من ممثليه ويلتفت إلى ملامح الحياة الأخرى كما يفعل الآن، لكنه كان دومًا عاشقًا للطبيعة وللمساحات الكبيرة فوقها. وفي أحيان كان يرصد الوضع من خلال لقطة تستمر لبعض دقائق، مثل ذلك المشهد الكبير للحريق في «أيام الجنة» (1978) حيث تلتهم النار البيت الكبير في حين تتوارد خواطر المشاهدين عما قاد إلى ذلك من تراكمات عاطفية ونفسية. في ذلك الفيلم هناك تلك اللقطة الطائرة فوق قطار محمّل بالمهاجرين، أيام البؤس الاقتصادي، الباحثين عن مستقبل أفضل في مكان آخر من أميركا. في آن معًا رسم الوضع الشخصي لبطليه بين جموع المهاجرين (وهما رتشارد غير وبروك أدامز) ووضع البلاد الاقتصادي. وفي بعد ثالث، فعل ذلك بلقطة شعرية جميلة.
لكن أيامها كانت أفلامه أوضح قليلاً، وبقيت كذلك إلى حين قريب. عندما أخرج «شجرة الحياة» سنة 2001، و«إلى العجب» (2013)، ترك العديد من المشاهدين حيارى فيما قد يكون المقصود. وفي هذا الفيلم الحالي قد يدهم مالك مشاهديه بلقطات تبدو مثل علامات سؤال، أو بمشاهد لا نهايات لتفسيراتها. لكن من يكترث فعلاً؟! هو فنان ومبدع وعليه أن يحافظ على درجته من الحرية الفنية. وفي هذا النطاق إنما يعمل بمقتضى ما ذكره المخرج الروسي الراحل أندريه تاركوفسكي عندما قال: «إذا تنازلت قليلاً، تنازلت كثيرًا»، قاصدًا بذلك التأكيد على أن الفنان يجب أن لا يتنازل عن رؤيته.
بالعودة إلى الأفلام الأميركية ذاتها، فإن هوليوود تابعت تقديم أنواعها بدرجات مختلفة، بل متباينة، من الجودة أو عدمها:
> أنيميشن (ولو مدمجًا بالحي): «كتاب الغابة»: إعادة صنع لفيلم الستينات الذي كان بكامله من الرسوم المتحركة متناولاً حكاية الصبي الذي تحاول بعض الحيوانات الصديقة دفعه لمغادرة الغابة حفاظًا على حياته.
> حربية (أو لها علاقة بالحروب) فيلمان فقط أحدهما هاذر بلا قيمة فنية بعنوان «13 ساعة: الهجوم السري على بنغازي» لمايكل باي و«عين في السماء» لكفن هود، وهو أفضلهما ويدور حول طائرات القصف الأميركية التي من دون طيار على غرار الفيلم السابق «قتل جيد» (2015).
> وسترن: الحياة عادت إلى هذا النوع ورفوف الأسطوانات مليئة بالأفلام الجديدة منه. على الشاشات الكبيرة شوهد فيلمان أفضلهما «فأس عظمي» لمخرج شاب اسمه س. كريغ زولر حول امرأة مخطوفة من قبل قبيلة (ليست هندية) من آكلي لحوم البشر، ومحاولة رجل القانون واثنين معه إنقاذها. الفيلم الآخر «جين امتلكت مسدسًا» الذي كان تعرض لمتاعب كبيرة خلال الإنتاج مما أثر عليه فنيًا الآن.
> الكوميديا: أفلام النوع المتكاثرة ليس من بينها ما يستطيع الناقد الإشادة به، حتى فيلم الأخوين كووَن «مرحى.. قيصر» جاء مهزلة غير ممتعة في نتيجته. والأسوأ «عطلة بي وي الكبيرة» من بطولة الكوميدي المضطرب عصبيًا بي وي الذي كان توقف عن التمثيل منذ عقدين ولا أحد يعلم لماذا عاد في فيلم مقعد خالٍ من أي ومضة.
> تشويق: في هذا النوع يكمن التدرج الأكبر بين المقبول والمرفوض. في التصنيف الأول «معرّض» وفي الثاني «لندن سقطت». الأول أعلى السلم القصير والثاني أسفله.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز