وصول 200 مدرعة إماراتية إلى حضرموت لتحرير المكلا من «القاعدة»

قيادة معسكر حضرموت تنفي تمدد التنظيم المتطرف نحو عدن

مقاتل من قوات الشرعية على جبهة حمك جنوبي مدينة إب وسط اليمن ({الشرق الأوسط})
مقاتل من قوات الشرعية على جبهة حمك جنوبي مدينة إب وسط اليمن ({الشرق الأوسط})
TT

وصول 200 مدرعة إماراتية إلى حضرموت لتحرير المكلا من «القاعدة»

مقاتل من قوات الشرعية على جبهة حمك جنوبي مدينة إب وسط اليمن ({الشرق الأوسط})
مقاتل من قوات الشرعية على جبهة حمك جنوبي مدينة إب وسط اليمن ({الشرق الأوسط})

أكدت مصادر عسكرية في محافظة حضرموت، شرقي البلاد لـ«الشرق الأوسط» وصول نحو 200 مدرعة عسكرية إماراتية حديثة إلى معسكر المسيلة التابع لقوات الحماية للمنشآت النفطية، قادمة من منفذ الوديعة البري، الذي يصل المملكة باليمن.
وأضافت المصادر أن هذه القوات، التي وصلت الثلاثاء إلى معسكر الخالدية في منطقة رماه، تم نقلها إلى معسكر وادي نحب في منطقة المسيلة النفطية استعدادا لمعركة تحرير مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، من عناصر تنظيم القاعدة الذي سيطر على المدينة الساحلية منذ مطلع أبريل (نيسان) من العام الماضي 2015م.
وأوضحت المصادر أن هذه القوات تمثل طلائع القوات العسكرية المشتركة، التي ستشارك في تطهير مدينة المكلا ومحافظة حضرموت عامة من عناصر تنظيم القاعدة، مشيرة إلى أن عملية تجنيد الشباب قائمة في مديريات حضرموت بدعم من دول التحالف العربي، ممثلة بالإمارات والسعودية، إلى جانب قوات عسكرية من دول أخرى ضمن التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب.
وكشفت هذه المصادر عن تحضيرات عسكرية ضخمة من قبل دول التحالف العربي، التي يزمع أن تقود معركة التحرير لأكبر محافظات البلاد مساحة بعد نجاحها في دعم ومساندة الجيش والمقاومة الجنوبية في محافظتي عدن ولحج جنوبي البلاد في معركة تحريرهما من تنظيم القاعدة الذي ظلت عناصره تسيطر على مدينتي المنصورة في عدن والحوطة عاصمة محافظة لحج، إلى أن تم طرده من المدينتين خلال الأسابيع الماضية.
وأشارت المصادر إلى أن مقاتلات التحالف قصفت خلال الفترة القليلة الماضية مواقع ومعسكرات وعتادا ومخازن أسلحة وذخيرة في محافظة حضرموت، مؤكدة أن العمليات الجوية أحدثت أضرارا بالغة بشرية ومادية في تنظيم القاعدة، وأن القوات العسكرية ستشارك فيها آليات ومدرعات وعتاد حربي متطور إلى جانب مساندة مقاتلات التحالف في المعركة المرتقبة.
وتحدثت تقارير في وقت سابق عن طلب إماراتي من الولايات المتحدة دعما لعملية عسكرية في اليمن، وتحديدا في محافظة حضرموت التي تسيطر فيها «القاعدة» على مركز المحافظة والميناء والمطار والقاعدة الجوية.
ولهذا فقد طلبت الإمارات العربية المتحدة من الولايات المتحدة أن تساعدها في مجابهة تنظيم القاعدة في اليمن. وقال مسؤولون أميركيون: «إن الولايات المتحدة تدرس طلبا إماراتيا بهذا الخصوص للحصول على دعم عسكري يساعد في شن هجوم جديد ضد التنظيم». وقد تتيح حملة عسكرية إماراتية، تدعمها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، فرصة للمساعدة على توجيه ضربة جديدة للتنظيم الذي يقوم بعمليات إرهابية، منها انتحارية واغتيالات. وقال المسؤولون الأميركيون: «إن الإمارات طلبت مساعدة الولايات المتحدة في عمليات إجلاء طبية، وبحث وإنقاذ خلال القتال ضمن طلب أكبر بدعم جوي ومخابراتي ولوجيستي أميركي». لكن رفض البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية التعليق، ولم يجب مسؤولون حكوميون في الإمارات على طلبات وكالة رويترز للتعليق على الموضوع.
ولم يتضح إذا ما كان سيشمل الطلب الإماراتي إرسال قوات أميركية خاصة، والتي تواجه أعباء عسكرية في ظل الصراعات الدائرة في العراق وسوريا وأفغانستان.
وقال المسؤولون، الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم: «إن الإمارات تجهز لشن حملة على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، لكنهم رفضوا الإدلاء بتفاصيل. وتلعب الإمارات دورا رئيسيا في التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران.
وفي ظل الفوضى الأمنية في اليمن، سيطر تنظيم القاعدة على ميناء المكلا ومد سيطرته ونفوذه نحو 600 كيلومتر على طول الساحل الجنوبي لليمن وصوب مركز الحكومة في عدن.
إلى ذلك، قالت قيادة معسكر حضرموت بأن الخبر الذي نشره أحد المواقع اليمنية، لا أساس له من الصحة، مطالبة وسائل الإعلام بتحري الدقة وعدم التطرق إلى أي تحركات عسكرية من شأنها تخدم العدو.
وأضاف البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «مع الأسف نشر موقع حضرموت (إنترناشيونال) اليوم أخبار لا أعلم من أين مصدرها ومن أين أتى بها ويفترض به حتى وإن صحت أخباره عدم نشر أي تحركات عسكرية مع العلم أن الموقع نشر صورة أرشيفية».
وفي محافظة الضالع جنوبي البلاد، تم الاتفاق على تثبيت وقف إطلاق النار بين ممثلين عن السلطة الشرعية وممثلين عن الميليشيات الانقلابية.
وفي الاجتماع الذي عقدته لجنة تثبيت وقف إطلاق النار، أول من أمس، في مدينة دمت 60 كم شمال مدينة الضالع اتفق على وقف شامل لإطلاق النار في مختلف الجبهات وإيقاف كافة الأعمال العسكرية بما فيها التعزيزات والحشود، بالإضافة إلى تشكيل لجنة لمراقبة تنفيذ البندين السابقين. واتفق الطرفان على تسهيل مهام الهلال الأحمر أو غيره للقيام بعمليات تبادل الجثث بين الطرفين، وتسهيل دخول المساعدات الغذائية، بالإضافة إلى منع التعسف واعتقال المسافرين، وتسليم خرائط الألغام المزروعة.
وأفصحت الوثيقة المبرمة بين الطرفين عن عدد من النقاط التي تشمل وقفا لإطلاق النار بكافة أشكاله وصوره وفي جميع جبهات القتال ومن بينها مريس ودمت شمال شرقي مدينة قعطبة، وجبهة حمك نقيل الخشبة جنوبي مدينة إب وسط البلاد، بدءا من العاشرة مساء من يوم أول من أمس الأربعاء.
وشملت الوثيقة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها إيقاف كافة أشكال العمليات العسكرية بما فيها التعزيزات والحشود والانتشار واستحداث مواقع في عموم المناطق القتالية.
ومن ضمن بنود الوثيقة إشراف اللجان المحلية المباشر على وقف إطلاق النار وتشكيل غرف عمليات للجنة الرصد ومراقبة والتواصل والتنسيق، إلى جانب نقاط أخرى بينها تسهيل مرور ودخول المساعدات الإنسانية. اللجنة الخاصة بالأسرى كلفت بمتابعة حصر الأسماء والمعتقلين من الطرفين والتنسيق مع لجنة الأسرى المركزية لاستكمال إجراءات التبادل وإطلاق سراحهم.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.