القلب القوي.. يحافظ على «شباب العقل» ويقوي الذاكرة

يسهم في حماية الكبار من الخرف الوعائي

القلب القوي.. يحافظ على «شباب العقل» ويقوي الذاكرة
TT

القلب القوي.. يحافظ على «شباب العقل» ويقوي الذاكرة

القلب القوي.. يحافظ على «شباب العقل» ويقوي الذاكرة

كشفت نتائج علمية جديدة عن وجود صلة بين مستوى الصحة الأفضل للقلب وبين تحسن مهارات التفكير والذاكرة لدى الأفراد الأكبر سنًا.
وخلصت دراسة جديدة إلى أن التمارين الرياضية التي تزيد سرعة معدلات نبضات القلب والتنفس وتحافظ على تمتع القلب وأوعيته بحالة جيدة، تسهم في الوقت ذاته في التمتع بقدرات ذهنية أعلى، الأمر الذي يسلط الضوء على جوانب جديدة من العلاقة بين القلب والعقل.
* القلب والعقل
في هذا السياق، أوضح الدكتور جون راتي، الأستاذ المشارك في الطب العقلي في كلية هارفارد للطب ومؤلف كتاب «الشرارة: الثورة العلمية الجديد الرابطة بين التمارين والمخ»، أن «الأمر لا يقتصر على مجرد نقل مزيد من الأكسجين للمخ، وإن ظل هذا جزءًا من المسألة»، مشيرًا إلى أن التمتع بقلب صحي سليم يسهم في حماية الإنسان من الخرف الوعائي vascular dementia، الذي يحدث عندما تتعرض الأوعية الدموية المغذية للمخ للانسداد أو التضييق، ما يسفر عن مشكلات في الذاكرة واضطرابات إدراكية أخرى.
إضافة لذلك، فإن التمارين الرياضية تحفز نمو أوعية دموية جديدة داخل المخ، علاوة على نمو واستمرار خلايا جديدة بالمخ، حسبما شرح د.راتي. وتشير دراسات اعتمدت على مسح للمخ إلى أن المناطق الجوهرية داخل المخ المسؤولة عن التفكير والذاكرة أكبر داخل الأفراد الذين يمارسون تمارين رياضية عن الآخرين الذين لا يمارسونها.
* تقدير لياقة القلب
من بين التحديات القائمة في مجال الأبحاث حول التمارين الرياضية، التباينات الكبيرة في التعريفات التي يطرحها الباحثون للتمارين الرياضية المعتدلة والأخرى القوية. وفي محاولة لتجنب هذه النقطة الخلافية، اعتمدت بعض الدراسات الحديثة على مقياس لمستوى لياقة القلب يدعى «في أو 2 ماكس» (VO2 max)، الذي يقيم مدى كفاءة عمل القلب والرئتين والعضلات خلال التمارين المكثفة. بعد ذلك، تجري مقارنة هذه القيم بنتائج الاختبارات الإدراكية ومسح المخ.
وتوصلت واحدة من هذه الدراسات إلى وجود ارتباط بين مستويات لياقة القلب وعملية التنفس من ناحية والقدرة الأفضل على التفكير بوجه عام، وكذلك أداء أفضل في اختبارات الذاكرة والمهارات الحركية وما يطلق عليه الوظائف التنفيذية، وهي المهارات الذهنية الخاصة بإدارة الوقت والتخطيط والتنظيم وتذكر التفاصيل من ناحية أخرى. كانت الدراسة التي نشرت نتائجها في عدد دورية «نيورولوجي» الصادر في الثاني من فبراير (شباط) الماضي، قد اعتمدت على بيانات تتعلق بقرابة 900 شخص بالغ يبلغ متوسط أعمارهم 69 عامًا.
عندما قسم الباحثون المشاركين إلى 4 مجموعات تبعًا لقيم «في أو 2 ماكس» التي حصلوا عليها، رصدوا تباينات كبيرة في الوظائف التنفيذية بين أصحاب المستويات الأعلى والآخرين أصحاب المستويات الأدنى. كما رصدوا نتائج مشابهة فيما يخص الذاكرة والقدرات العامة على التفكير.
* اتصال أفضل في المخ
وفي إطار تقرير آخر نشرته دورية «نيوروإميدج» العام الماضي، خضع المشاركون لاختبار تصوير بالرنين المغناطيسي، الذي يرصد التغييرات التي تطرأ أثناء استجابة منطقة ما من المخ خلال أداء مهام متنوعة. وتوصل الباحثون إلى وجود صلات أقوى بين مناطق مختلفة من المخ داخل الأفراد أصحاب المستويات الأعلى من لياقة القلب. وقد كشفت دراسات سابقة عن صلات بين مستويات لياقة القلب ونشاط الفص الأمامي للمخ - الجزء المسؤول عن المهام التنفيذية.
بصورة مجملة، توحي تلك النتائج إلى احتمالية أن تساعد التمارين الرياضية في الإبقاء على حيوية المخ، أو على الأقل الإبطاء من وتيرة التردي الطبيعي في مهارات التفكير المرتبط بالتقدم في العمر.
من ناحيته، أعرب د.راتي عن اعتقاده بأن الإرشادات المرتبطة بالنشاط البدني الصادرة عن الولايات المتحدة تعتبر مناسبة في هذا الصدد. وتبعًا لهذه الإرشادات، فإن الأهداف الأسبوعية لجميع البالغين تبلغ ساعتين ونصف الساعة من النشاط الحركي متوسط الكثافة، مثل السير بخطوات سريعة، أو ساعة و15 دقيقة من النشاط البدني المكثف، مثل النشاطات الرامية لتقوية العضلات وذلك على مدار يومين أو أكثر.
ويقول د.راتي: «إذا كنت تبلغ 65 عامًا أو أكثر، وتعاني مشكلة مزمنة في القلب، عليك التمتع بالنشاط في الحدود التي تسمح بها حالتك الصحية». وأضاف: «أعلم أن كثيرين من كبار السن يسيرون بمساعدة أدوات مساعدة، ومع ذلك يحرصون على السير 10000 خطوة يوميًا. كل ما في الأمر، أن هذا يستغرق منهم وقتًا أطول».

* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».



بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
TT

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

وذكرت أن قبل خمس سنوات، سمع العالم التقارير الأولى عن مرض غامض يشبه الإنفلونزا ظهر في مدينة ووهان الصينية، والمعروف الآن باسم «كوفيد - 19».

وتسبب الوباء الذي أعقب ذلك في وفاة أكثر من 14 مليون شخص، وأصيب نحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة، وكذلك في صدمة للاقتصاد العالمي، وأدرك زعماء العالم أن السؤال عن جائحة أخرى ليس «ماذا إذا ظهرت الجائحة؟»، بل «متى ستظهر؟»، ووعدوا بالعمل معاً لتعزيز أنظمة الصحة العالمية، لكن المفاوضات تعثرت في عام 2024، حتى مع رصد المزيد من التهديدات والطوارئ الصحية العامة العالمية.

وإذا ظهر تهديد وبائي جديد في عام 2025، فإن الخبراء ليسوا مقتنعين بأننا سنتعامل معه بشكل أفضل من الأخير، وفقاً للصحيفة.

ما التهديدات؟

في حين يتفق الخبراء على أن جائحة أخرى أمر لا مفر منه، فمن المستحيل التنبؤ بما سيحدث، وأين سيحدث، ومتى سيحدث.

وتظهر تهديدات صحية جديدة بشكل متكرر، وأعلن مسؤولو منظمة الصحة العالمية تفشي مرض الملاريا في أفريقيا، كحالة طوارئ صحية عامة دولية في عام 2024. ومع نهاية العام، كانت فرق من المتخصصين تستكشف تفشي مرض غير معروف محتمل في منطقة نائية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعتقد الآن أنه حالات من الملاريا الشديدة وأمراض أخرى تفاقمت بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشعر القائمة بأعمال مدير إدارة التأهب للأوبئة والوقاية منها في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، بالقلق إزاء وضع إنفلونزا الطيور، فالفيروس لا ينتشر من إنسان إلى إنسان، ولكن كان هناك عدد متزايد من الإصابات البشرية في العام الماضي.

وقالت إنه في حين أن هناك نظام مراقبة دولياً يركز بشكل خاص على الإنفلونزا، فإن المراقبة في قطاعات مثل التجارة والزراعة، حيث يختلط البشر والحيوانات، ليست شاملة بما فيه الكفاية.

وتؤكد أن القدرة على تقييم المخاطر بشكل صحيح «تعتمد على الكشف والتسلسل وشفافية البلدان في مشاركة هذه العينات».

تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهمية الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

وتقول إن جائحة «كوفيد - 19» تركت أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم «مهتزة حقاً»، وتبعتها قائمة طويلة من الأزمات الصحية الأخرى.

وأضافت: «بدأت الإنفلونزا الموسمية في الانتشار، وواجهنا الكوليرا، والزلازل، والفيضانات، والحصبة، وحمى الضنك. إن أنظمة الرعاية الصحية تنهار تحت وطأة العبء، وتعرضت القوى العاملة الصحية لدينا على مستوى العالم لضربة شديدة، ويعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومات الكثيرون».

وقالت إن العالم لم يكن في وضع أفضل من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالخبرة والتكنولوجيا وأنظمة البيانات للكشف السريع عن التهديد.

وتضيف أن توسيع قدرات التسلسل الجينومي في معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوصول إلى الأكسجين الطبي والوقاية من العدوى ومكافحتها، تظل «مكاسب كبيرة حقاً» بعد جائحة «كوفيد - 19». وهذا يعني أن إجابتها عمّا إذا كان العالم مستعداً للوباء التالي هي: «نعم ولا».

وتقول: «من ناحية أخرى، أعتقد أن الصعوبات والصدمة التي مررنا بها جميعاً مع (كوفيد) ومع أمراض أخرى، في سياق الحرب وتغير المناخ والأزمات الاقتصادية والسياسية، لسنا مستعدين على الإطلاق للتعامل مع جائحة أخرى، ولا يريد العالم أن يسمعني على شاشة التلفزيون أقول إن الأزمة التالية تلوح في الأفق».

وتقول إن عالم الصحة العامة «يكافح من أجل الاهتمام السياسي، والمالي، والاستثمار، بدلاً من أن تعمل الدول على البقاء في حالة ثابتة من الاستعداد».

وذكرت أن الحل الطويل الأجل «يتعلق بالحصول على هذا المستوى من الاستثمار الصحيح، والتأكد من أن النظام ليس هشاً».

هل الأموال متاحة للاستعداد للوباء؟

وجد وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا نفسه يتعامل مع تفشي مرضين رئيسيين في عام 2024: حالة الطوارئ الصحية العامة في أفريقيا، و66 حالة إصابة بفيروس «ماربورغ» في بلاده.

ويشارك في رئاسة مجلس إدارة صندوق الأوبئة، الذي أُنشئ في 2022 كآلية تمويل لمساعدة البلدان الأكثر فقراً على الاستعداد للتهديدات الوبائية الناشئة.

ويحذر نسانزيمانا مما إذا وصل الوباء التالي في عام 2025 بقوله: «للأسف، لا، العالم ليس مستعداً، ومنذ انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب (كوفيد) العام الماضي، حوّل العديد من القادة السياسيين انتباههم ومواردهم نحو تحديات أخرى، ونحن ندخل مرة أخرى ما نسميه دورة الإهمال، حيث ينسى الناس مدى تكلفة الوباء على الأرواح البشرية والاقتصادات ويفشلون في الانتباه إلى دروسه».

وقال إن صندوق الأوبئة «يحتاج بشكل عاجل إلى المزيد من الموارد للوفاء بمهمته»،

وفي عام 2022، بدأت منظمة الصحة العالمية مفاوضات بشأن اتفاق جديد بشأن الجائحة من شأنه أن يوفر أساساً قوياً للتعاون الدولي في المستقبل، لكن المحادثات فشلت في التوصل إلى نتيجة بحلول الموعد النهائي الأولي للجمعية العالمية للصحة السنوية في 2024، ويهدف المفاوضون الآن إلى تحديد موعد نهائي لاجتماع هذا العام.

جائحة «كورونا» غيّرت الكثير من المفاهيم والعادات (إ.ب.أ)

وتقول الدكتورة كلير وينهام، من قسم السياسة الصحية في كلية لندن للاقتصاد: «حتى الآن، أدت المحادثات في الواقع إلى تفاقم مستويات الثقة بين البلدان»، ولا يوجد اتفاق حول «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم الفوائد»، وكذلك الضمانات التي تُمنح للدول الأكثر فقراً بأنها ستتمكن من الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد مرض وبائي مستقبلي، في مقابل تقديم عينات وبيانات تسمح بإنشاء هذه العلاجات».

وتشير الأبحاث إلى أن المزيد من المساواة في الوصول إلى اللقاحات في أثناء جائحة «كوفيد - 19» كان من الممكن أن ينقذ أكثر من مليون حياة.

وذكرت وينهام: «الحكومات متباعدة للغاية، ولا أحد على استعداد حقاً للتراجع».

وقالت آن كلير أمبرو، الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض الحكومية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية: «نحن بحاجة إلى اتفاق بشأن الجائحة يكون ذا معنى».