مؤشرات غير مطمئنة في مشاورات الفرصة الأخيرة بالكويت

الرعيني: انتصارات الجيش أجبرت الميليشيات على الإذعان للمفاوضات

مؤشرات غير مطمئنة في مشاورات الفرصة الأخيرة بالكويت
TT

مؤشرات غير مطمئنة في مشاورات الفرصة الأخيرة بالكويت

مؤشرات غير مطمئنة في مشاورات الفرصة الأخيرة بالكويت

تتجه الأنظار اليوم الخميس للعاصمة الكويتية، لبدء المشاورات اليمنية بين الوفد الحكومي ووفد الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح، والتي كانت تأجلت بعد رفض الانقلابيين حضور الجلسة الافتتاحية التي كانت مقررة الاثنين الماضي، ووافقوا على الحضور بعد ضغوط المجتمع الدولي والأمم المتحدة المشرفة على المشاورات. وبحسب مسؤولين بالحكومة اليمنية وسياسيين وقيادات بالمقاومة الشعبية، فإن هذه المشاورات تعد الفرصة الأخيرة للوصول للحل السلمي لإنهاء الانقلاب وتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وقال ياسر الرعيني، وزير الدولة لشؤون الحوار الوطني لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحكومة على الرغم من المؤشرات غير الجيدة التي سبقت المشاورات، فإنها تسعى لتحقيق السلام والاستقرار وإنهاء معاناة اليمنيين مهما كلف الأمر»، وأضاف: «ذهب الوفد الحكومي لهدف واحد وهو إنهاء الانقلاب بالطرق السلمية، استجابة لتطلعات الشعب والمجتمع الإقليمي والدولي، ووفق المرجعيات الوطنية المتمثلة في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي توافق عليها جميع اليمنيين، وأيضا وفق مرجعية إقليمية في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، إضافة إلى المرجعية الدولية التي صدرت بها قرارات من مجلس الأمن الدولي خاصة القرار (2216)».
وأوضح الرعيني أن «الطرف الانقلابي لم يلتزم بكل ما قدمه للمبعوث الأممي، وماطلوا في الحضور لجلسة المشاورات الأولى، وهي مؤشرات سلبية تؤكد أنهم غير جادين في تنفيذ القرارات الدولية، وعلى الرغم من ذلك فإن الحكومة الشرعية أثبتت للمجتمع الدولي والإقليمي أنها جادة في موقفها تجاه الخيار السلمي من أجل تحقيق السلام والاستقرار، بمساعدة المجتمع الدولي الذي يبذل جهودا كبيرة في هذا الطريق».
ولفت الوزير الرعيني إلى أن «الميليشيات استجابت للضغط الدولي، وأعلنت التزامها إعلاميا بالحضور إلى المشاورات، لكنهم في اللحظات الأخيرة تخلفوا، وبعد يومين من الضغط الدولي وتهديدات الدول الخمس رضخوا ووافقوا على الحضور»، مضيفا أن «الحوثيين يستغلون صبر المجتمع الدولي ورغبة الحكومة الشرعية في السلام، في استغلال الوقت والتلكؤ في الالتزام بكل ما جرى التوافق عليه، وحدث ذلك عند صدور القرارات الدولية، كانوا رافضين لها، ثم وافقوا بعدها، وأثناء مشاورات سويسرا، كانوا يماطلون ويختلقون الأعذار، وحاليا في مشاورات الكويت تخلفوا عن موعد اليوم الأول، رغم أن لقاءات كثيرة سبقتها بأسابيع مع المبعوث الأممي».
وأكد وزير الدولة لشؤون الحوار الوطني، أن «ما حققه الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبدعم من التحالف العربي، خلال الفترة الماضية، كان له نتائج إيجابية في إخضاع الانقلابيين للمشاورات الأممية، والحل السلمي، على الرغم من الضجيج الذي يحدثونه حول ذلك، لكنهم في الحقيقة يبحثون عن مخرج آمن لهم»، موضحا أن «المجتمع الدولي ومجلس الأمن يدرك جيدا أنه يتعامل مع ميليشيات، وقد انكشفت حقيقتهم في موقفهم من تنفيذ القرارات الدولية التي يحاولون حرف مسارها بهدف إطالة الوقت واستغلاله». ودعا الرعيني منظمات المجتمع الدولي والأمم المتحدة الإنسانية لزيارة المناطق التي تعاني من وضع إنساني صعب، خاصة في تعز، التي لا تزال محاصرة، رغم توقيع اتفاق لفتح المنافذ، لكنه لم ينفذ لليوم.
فيما أكد منصور الحنق، قائد المقاومة الشعبية في محافظة صنعاء، أن المجتمع الدولي يشهد حاليا على الفرصة الأخيرة للانقلابيين في مشاورات الكويت، ويضغط باتجاه العودة لجادة الصواب والاستسلام للشرعية وتنفيذ القرارات الأممية والقرار «2216»، الذي ينص على الانسحاب من المدن، وتسليم سلاح الجيش، وتسليم مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، والإفراج عن المختطفين والمحتجزين قسرا.
وحذر الحنق في لقائه أمس زعماء وأعيان قبليين، ميليشيات الحوثي وصالح من عدم خضوعهم للخيار السلمي، وقال: إن البديل لذلك هو «تنفيذ الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبدعم قوات التحالف القرار الدولي بقوة السلاح والحسم العسكري»، ولفت إلى أن لا خيار أمام الانقلابيين إلا التسليم عبر لقاء الكويت أو الاستسلام لأبطال الجيش والمقاومة، الذين باتوا بمحيط صنعاء وما تبقى من محافظات تحت الاحتلال، موضحا أن المتمردين كانوا قد استسلموا منذ شهر، وما يقومون به حاليا هو تضليل لأتباعهم، حتى يحصلوا على ضمانات دولية بعدم محاكمة قياداتهم الملطخة أياديهم بدماء الشعب اليمني.
من جانبه قال علي الأحمدي، القيادي في المقاومة الجنوبية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحكومة الشرعية قدمت كل التنازلات المطلوبة، وتجاوبت بشكل كبير مع رغبة المجتمع الإقليمي والدولي للوصول لحل سلمي للأزمة اليمنية»، مضيفا: «ورغم ذلك وجدنا موقفا مسيئا من قبل الطرف الانقلابي، وإهانتهم للمجتمع الدولي عبر عدم الالتزام بموعد المشاورات، وكانت رسالتهم واضحة، أنهم غير جادين في الوصول للحل»، معتبرا أن موقف المجتمع الدولي تجاه الانقلابيين «لم يكن بحجم الإهانة التي تلقتها المنظمة الدولية الكبرى، وكان من المفترض أن يدينوا ذلك ويكون لها موقف حازم وقوي».
ولفت الأحمدي إلى أن المؤشرات التي سبقت المشاورات توضح عدم رغبة الحوثيين وصالح في الوصول لحل، فهم «مستمرون في الحشد العسكري وخرق الهدنة وقتل اليمنيين في منازلهم، واختطاف المزيد منهم، لذا فإن مثل هذه الميليشيات لن يكون الحديث معها عن حل سلمي مجديا، فالحسم العسكري لإنهاء الانقلاب بالقوة وقطع دابر الميليشيات بشكل كامل هو الخيار البديل لذلك».
فيما يصف عبد الله إسماعيل (محلل سياسي) موقف الانقلابيين بمحاولة ابتزاز مارسوها خلال الأيام الماضية، وانعكست سلبا عليهم، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كان موقف الحكومة إيجابيا ومسؤولاً، لذا سارعت الأمم المتحدة ورعاة الحوار للضغط على الميليشيات لوضع حد للمراوغات والمماطلة وخضوعهم لطاولة المشاورات».
وأوضح إسماعيل أن المتمردين «وضعوا العراقيل مبكرا أمام مشاورات ناجحة في الكويت، ولم يقدموا أي إجراءات مرتبطة ببناء الثقة أو ضمانات بأنهم سينفذون ما يتم الاتفاق عليه، لذا كل المعطيات تدل على أن مشاورات الكويت لن تكون أفضل من سابقاتها، وأن الانقلابيين لا يهدفون من كل ذلك إلا الوصول إلى هدنة تتيح لهم التقاط الأنفاس وإعادة التموضع»، مستدركا: «رغم ذلك فإن التفاؤل بحل سلمي لتنفيذ القرارات الدولية هو رغبة وتطلعات كل اليمنيين لتأسيس حل نهائي يخرج اليمن من دوائر العنف ومنزلق الدمار الذي عاشه اليمنيون طوال أكثر من عام».



«التضخم» يعود للارتفاع بمصر ويثير المخاوف من «انفلات» الأسواق

رئيس جهاز حماية المستهلك في مصر يقود حملة لمتابعة ضبط الأسعار (مجلس الوزراء المصري)
رئيس جهاز حماية المستهلك في مصر يقود حملة لمتابعة ضبط الأسعار (مجلس الوزراء المصري)
TT

«التضخم» يعود للارتفاع بمصر ويثير المخاوف من «انفلات» الأسواق

رئيس جهاز حماية المستهلك في مصر يقود حملة لمتابعة ضبط الأسعار (مجلس الوزراء المصري)
رئيس جهاز حماية المستهلك في مصر يقود حملة لمتابعة ضبط الأسعار (مجلس الوزراء المصري)

استقبل محمد ربيع، وهو موظف في منتصف الأربعينيات من عمره، الأرقام الرسمية الصادرة عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في مصر بزيادة معدلات التضخم الشهر الماضي بمزيد من التوجس، وعبّر عن مخاوفه من تكرار أزمات سابقة كانت فيها معدلات التضخم سبباً في «انفلات» الأسواق مع وجود زيادات غير منطقية وسريعة في أسعار كثير من السلع الرئيسية.

وعاد معدل التضخم السنوي في مدن مصر للارتفاع خلال أكتوبر (تشرين الأول) بعد سلسلة من التراجعات على مدى 4 أشهر، وارتفع إلى 12.5 في المائة مقابل 11.7 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً لبيانات أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، الاثنين، وذلك بعد رفع أسعار الوقود الشهر الماضي.

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أثناء تفقده أحد الأسواق (أرشيفية - مجلس الوزراء)

ويشير ربيع، الذي يقطن في منطقة فيصل بمحافظة الجيزة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أسعار المنتجات الغذائية بمختلف أنواعها كانت هي الأكثر تأثراً خلال الفترة الماضية منذ زيادة أسعار الوقود، وانعكس ذلك على الخبز السياحي والجبن والألبان والزيوت وبعض الأنواع من الخضراوات والفاكهة، إلى جانب الزيادة الأكثر وضوحاً في تكاليف وسائل النقل.

قال: «تبقى المشكلة كما هي دون حل، فمحلات البقالة تقوم بتسعير المنتجات وفقاً لأهوائها، وإن كانت الفوارق محدودة خلال الأشهر الماضية التي شهدت تحسناً في سعر العملة المحلية مع تراجع معدلات التضخم، لكن عند الإعلان عن وجود مؤشرات عامة تبيّن ارتفاعات الأسعار تنتشر العدوى، ويجدها التجار فرصة لزيادة أسعار سلعهم».

وحسب «جهاز الإحصاء المصري»، زاد التضخم بنسبة 1.8 في المائة في أكتوبر الماضي على أساس شهري مقارنة بالشهر السابق، وزادت مجموعة الطعام والمشروبات 1.5 في المائة على أساس سنوي، و1.2 في المائة على أساس شهري.

مبادرات لخفض الأسعار

تتخوف ميرفت سمير، وهي ربة منزل في أواخر الثلاثينيات، من ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن وغيرها من أنواع البروتين التي شهدت استقراراً خلال الفترة الماضية.

وقالت: «انخفاض أسعار الدواجن والبيض سمح لنا بزيادة الاعتماد على البروتينات في وجبة الغداء، وإن كانت هناك ارتفاعات موازية في الخضراوات، لكن مع وجود مؤشرات تصاعدية للتضخم يمكن أن ينتقل ذلك لكثير من السلع الأخرى».

وأضافت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أسكن بالقرب من سوق الناصرية الشهير بالقرب من وسط القاهرة، وهو سوق تتوفر به السلع بأسعار جيدة. لكن على بعد أمتار قليلة نجد تفاوتاً في الأسعار في بعض المحال، ما يؤكد وجود حاجة للرقابة على الأسواق».

وانخفض معدل التضخم السنوي في مصر من مستوى قياسي بلغ 38 في المائة في سبتمبر 2023، مدعوماً بحزمة دعم مالي بقيمة ثمانية مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في مارس (آذار) 2024.

مسؤولون يتفقدون أحد الأسواق (مجلس الوزراء)

ويشكو المصريون غالباً مما يصفونه بـ«جشع التجار»، ويطالبون الحكومة بالتدخل لضبط الأسواق. وفي المقابل توسعت جهات حكومية خلال السنوات الماضية في تدشين مبادرات تهدف إلى خفض الأسعار أبرزها «كلنا واحد» و«أهلاً رمضان»، وكان أحدثها مبادرة «خفض الأسعار» التي أُطلقت في أغسطس (آب) الماضي.

وحينها أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن المبادرة جرى تدشينها مع «اتحاد الغرف التجارية والغرفة الصناعية، وكبار المنتجين والسلاسل التجارية»، بشأن العمل على تقديم أكبر خفض ممكن لأسعار السلع بالأسواق.

لكن قبل أيام قال عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية أيمن قرة، في تصريحات إعلامية، إن شركات زيوت الطعام الخاصة اضطرت للخروج من المبادرة التي كانت تلتزم فيها بأسعار محددة بسبب ارتفاع أسعار الخام عالمياً.

تأثير زيادة أسعار الوقود

وفيما يتعلق بزيادة أسعار المحروقات، قال الخبير الاقتصادي علي الإدريسي إن من الطبيعي أن يكون لها تأثير على معدلات التضخم نتيجة ارتفاع تكاليف النقل واللوجيستيات والمواصلات، متوقعاً استمرار ذلك التأثير على الأسواق خلال الفترة المقبلة؛ «إذ إن استيعاب الأسواق للزيادات واستقراره ثم العودة للانخفاض مرة أخرى يأخذ وقتاً طويلاً».

وبعد أن رفعت الحكومة المصرية أسعار مجموعة واسعة من المحروقات بنسبة تقارب 13 في المائة في 17 أكتوبر الماضي، رصدت «بوابة الأسعار المحلية والعالمية» التابعة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري ارتفاعات عديدة في الأسعار شملت اللحوم والأجبان والعدس والفول والطماطم والزيت والشاي والسكر والمكرونة والأرز والسمسم والدقيق.

وقال الإدريسي لـ«الشرق الأوسط»: «معدلات التضخم كان من الممكن أن تتسارع على نحو أكبر عقب رفع أسعار الوقود، لكن استقرار سعر الصرف وتراجع الدولار أمام الجنيه لعب دوراً محورياً في أن تكون الزيادة ضئيلة؛ لكن في المقابل، تبنِّي الحكومة سياسة نقدية قائمة على خفض معدلات الفائدة يعد عاملاً مساعداً لزيادة معدلات التضخم بعدما كانت تتخذ من رفع معدلات الفائدة وسيلة للحد منه».

وارتفع صافي الاحتياطيات الأجنبية في مصر إلى مستوى قياسي جديد خلال أكتوبر 2025، ليصل إلى 50.07 مليار دولار بزيادة قدرها 537.8 مليون دولار، تزامناً مع استمرار تحسّن الجنيه أمام الدولار.

وكان آخر خفض لأسعار الفائدة في مصر الشهر الماضي بواقع 100 نقطة أساس، ليبلغ سعر الفائدة حالياً 22 في المائة للإقراض و21 في المائة للإيداع، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.


انخفاض معدلات التدخين في مصر... ثمرة توعية أم ارتفاع للأسعار؟

إحصائيات رسمية تشير إلى انخفاض معدلات التدخين في مصر (أ.ف.ب)
إحصائيات رسمية تشير إلى انخفاض معدلات التدخين في مصر (أ.ف.ب)
TT

انخفاض معدلات التدخين في مصر... ثمرة توعية أم ارتفاع للأسعار؟

إحصائيات رسمية تشير إلى انخفاض معدلات التدخين في مصر (أ.ف.ب)
إحصائيات رسمية تشير إلى انخفاض معدلات التدخين في مصر (أ.ف.ب)

أثار انخفاض معدلات التدخين في مصر تساؤلات حول أسباب هذا التراجع، وما إذا كان ثمرة حملات التوعية، أم بسبب ارتفاع أسعار التبغ.

ففي حين تحدث تقرير حكومي عن تأثيرات إيجابية للحملات القومية والتشريعات التي تقيد التدخين في الأماكن العامة، رأى خبراء أن السبب الرئيسي يعود لارتفاع أسعار السجائر.

ووفق تقرير نشره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، الاثنين، فإن جهود مكافحة استهلاك التبغ أسفرت عن انخفاض نسبة المدخنين من إجمالي السكان «من 15 عاماً فأكثر»، لتصل إلى 14.2 في المائة عام 2024، مقارنة بـ17 في المائة عام 2022، و17.7 في المائة عام 2020، فضلاً عن تحسُّن وضع مصر في مؤشر التبغ العالمي بعدما انخفض لـ63 درجة عام 2023، مقارنة بـ73 درجة عام 2019.

وتحدث التقرير عن جهود الدولة لحماية صحة المواطنين، وبناء مجتمع خالٍ من التدخين، من خلال استراتيجية متكاملة تجمع بين التوعية والردع، وتشمل إطلاق حملات وطنية للتوعية بمخاطر التدخين، ومبادرات للفحص والاكتشاف المبكر لأمراض الرئة، كما تتضمن هذه الجهود تطبيق إجراءات قانونية صارمة للحد من التدخين في الأماكن العامة والمنشآت الصحية، إلى جانب توفير خدمات المساعدة للإقلاع عن التدخين.

مقر «الشركة الشرقية للدخان» في مصر (الصفحة الرسمية للشركة)

واتفق خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» على أن البعد الاقتصادي يعد العامل الرئيسي في انخفاض معدلات التدخين في مصر، وأن صعوبات توفير ثمن السجائر تسببت في تراجع معدلات استهلاك التبغ مع الارتفاعات المستمرة في أسعارها.

وقال رئيس «شعبة الدخان» باتحاد الصناعات المصرية، إبراهيم إمبابي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار وراء تراجع معدلات التدخين في مصر، حيث انخفضت القوة الشرائية»، مقللاً من تأثير حملات التوعية، مشيراً إلى أن علبة السجائر مكتوب عليها عبارة «التدخين يؤدي للوفاة»، ومع ذلك يشتريها المدخنون.

وتطرق التقرير الحكومي إلى المبادرات الوطنية للتوعية بمخاطر التدخين، وتقديم الفحص الطبي، ومن بينها حملة «متحدون ضد التبغ» التي أطلقت عام 2022، ووصلت إلى أكثر من 30 مليون شخص في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وحملة «من غيرها أحسن»، فضلاً عن المبادرات الصحية المتنوعة لمعالجة المخاطر الصحية لمنتجات التبغ.

ونقل التقرير عن منظمة الصحة العالمية تأكيدها «التزام مصر بتنفيذ سياسات شاملة لمكافحة التبغ، بوصفها من الدول الموقَّعة على الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ، حيث اختيرت من بين 15 دولة في أبريل (نيسان) عام 2017 للمشاركة في المشروع العالمي «اتفاقية مكافحة التبغ 2030»، وانضمت كذلك إلى بروتوكول القضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ في يناير (كانون الثاني) 2021.

وفي رأي الخبير الاقتصادي وائل النحاس، فإن ارتفاع الأسعار هو سبب رئيسي لتراجع معدلات التدخين، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأزمة الاقتصادية، وتواصل ارتفاع أسعار السجائر سببان لانخفاض معدلات التدخين في مصر».

وشهدت أسعار السجائر في مصر زيادات متتالية خلال العامين الأخيرين، كما سبق أن أقر مجلس النواب في فبراير (شباط) 2020 تعديلات على بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر عام 2016، تضمنت «فرض ضرائب ورسوم على السجائر ومنتجات التبغ يتم تحميلها على سعر البيع للمستهلك، على أن يتم تحصيلها من المنتج أو المستورد».

ويمكن أن يفسر ذلك ما جاء في تقرير مجلس الوزراء الذي أشار إلى زيادة متوسط الإنفاق السنوي على التدخين للأسر المصرية بنسبة 104.8 في المائة، ليصل إلى 12.9 ألف جنيه عام 2024، مقابل 6.3 ألف جنيه عام 2020». (الدولار يساوي 47.25 جنيه بالبنوك المصرية)

واتفق أيضاً المقرر المساعد لـ«لجنة الصحة» في «الحوار الوطني المصري» الدكتور محمد حسن خليل مع الرأي القائل إن الوضع الاقتصادي هو سبب تراجع معدلات التدخين في مصر، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «انخفاض أو زيادة معدلات التدخين في أي بلد يرتبط بمجموعة عوامل، منها، توافر المال كي يتمكن المدخن من الشراء. وأيضاً ارتفاع درجة التحضر والثقافة بالمجتمع يؤدي إلى تراجع عدد المدخنين».

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن إجمالي الخسائر الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن استخدام التبغ بلغ أكثر من 5 مليارات دولار، ويشمل التكاليف النسبية موزعة على النحو التالي: 75 في المائة وفيات مبكرة، و8 في المائة حضور غير منتج، و8 في المائة رعاية صحية، و6 في المائة فترات التدخين، و3 في المائة غياب عن العمل».

وتوقع تقرير مجلس الوزراء المصري أن يحقق الاستثمار في تنفيذ تدابير مكافحة التبغ عائداً اقتصادياً خلال 15عاماً؛ «إذ يحقق كل دولار يُستثمر في تطبيق حزمة شاملة من تدابير مكافحة التبغ 107 دولارات من الفوائد الاقتصادية».


مصر تشدد على أولوية العلاقات مع دول الخليج

المشاركون في «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» بالقاهرة يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)
المشاركون في «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» بالقاهرة يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تشدد على أولوية العلاقات مع دول الخليج

المشاركون في «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» بالقاهرة يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)
المشاركون في «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» بالقاهرة يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)

شددت مصر على أولوية العلاقات مع دول الخليج، وأهمية مواصلة العمل على تعزيزها، وذلك خلال استضافة القاهرة، الاثنين، فعاليات «منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي».

وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن دول الخليج تُعد من أهم شركاء مصر على الصعيدين التجاري والاستثماري، مشدداً على أهمية منح العلاقات دفعة قوية لكي تستمر دول مجلس التعاون الخليجي الشريك الاقتصادي والتجاري الأول لمصر.

وأشار مدبولي، خلال المنتدى الذي يستمر يومين تحت عنوان «خريطة طريق نحو تعزيز التعاون الاقتصادي المصري الخليجي»، إلى أن المنتدى يعد «شاهداً على متانة العلاقات الاقتصادية المصرية الخليجية، ويعبر عن حِرْص الجانبين المصري والخليجي على تعزيز أواصر علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك، والارتقاء بها إلى آفاق أرحب».

وشدد على أن تنظيم المنتدى «يتناسب مع عمق ومتانة وخصوصية تلك العلاقات على الصعيد السياسي، لا سيما في الوقت الذي تُواجه فيه المنطقة تحديات جسيمة، فضلاً عما يشهده واقع الاقتصاد العالمي من تحديات اقتصادية وجُمركية كبيرة تُلقي بظلالها السلبية على اقتصادات المنطقة».

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أثناء كلمته بـ«منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي» يوم الاثنين (مجلس الوزراء المصري)

بينما أشار وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في كلمته بالمنتدى إلى «اعتزاز مصر باستضافة المنتدى المهم في توقيتٍ تشهد فيه علاقات التعاون بين مصر ودول مجلس التعاون طفرة نوعية في مختلف المجالات».

وقال إن العلاقات المصرية - الخليجية «لها جذور تاريخية راسخة، تزخر بمحطات متعددة من التضامن والتكامل في مواجهة مختلف التحديات»، مشيراً إلى «الأولوية» التي يوليها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتلك العلاقات وتوجيهاته بمواصلة العمل على تعزيزها.

وشارك في المنتدى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، ووزير التجارة بالسعودية ماجد عبد الله القصبي، ووزير التجارة والصناعة بالكويت خليفة عبد الله العجيل، ورئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي الشيخ فيصل عبد الله الرواس، وكبار المسؤولين الاقتصاديين والتجاريين من دول الخليج، وعدد من الوزراء المصريين.

«مجابهة التهديدات الأمنية»

ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، أن مجالات التعاون بين مصر ودول الخليج واسعة للغاية «وإلى جانب التعاون والتنسيق السياسي، هناك تعاون اقتصادي واستثماري وثقافي وتعليمي وسياحي، وهي مجالات تضاف إلى أطر التعاون في مجابهة التهديدات الأمنية ومكافحة الإرهاب والتعاون العسكري، وهو ما يشكل حصانة للحفاظ على علاقات راسخة ومستقرة مع دول الخليج».

وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الاستثمارات الخليجية الكبيرة في مصر تشكل رابطاً عملياً للتكامل بينها وبين دول مجلس التعاون، إذ إنها تحقق عوامل استفادة مشتركة بين مصر والخليج، وتترتب عليها مكاسب تنموية مهمة لمصر إلى جانب عوائد مهمة للقائمين على هذه المشروعات.

ومضى قائلاً: «الروابط الاستراتيجية والسياسية التي تربط مصر بدول الخليج تعزز التعاون الاقتصادي، خصوصاً أن هناك تحديات مشتركة تواجه الأمن العربي، وتفرض مسألة توطيد التعاون في مجالات مختلفة».

مشاركة واسعة في «منتدى التجارة الاستثمار المصري الخليجي» (مجلس الوزراء المصري)

وقبل أيام، وقَّعت شركة «الديار» القطرية والحكومة المصرية اتفاقاً لإقامة مشروع عمراني وسياحي ضخم بمنطقة «علم الروم» في الساحل الشمالي على البحر المتوسط، بتكلفة تقدر بنحو 29.7 مليار دولار.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّعت شركة «إعمار مصر للتنمية» اتفاقية مع شركاء سعوديين وإماراتيين لبناء مشروع سياحي على ساحل البحر الأحمر في مصر يحمل اسم «مراسي ريد»، باستثمارات تزيد على 18.5 مليار دولار، وعلى مساحة تمتد إلى 10 ملايين متر مربع.

التعاون الاستثماري

وقال مساعد وزير الخارجية، الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب جمال بيومي إن مصر لديها رغبة في دفع معدلات النمو إلى 7 أو 8 في المائة لمجاراة الزيادة السكانية، والحفاظ على وضع اقتصادي مستقر، وهو ما يحققه تكثيف التعاون الاستثماري مع دول مجلس التعاون الخليجي، والذي يتركز على جذب المستثمرين من دول الخليج لإقامة مشروعات متنوعة.

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «تهدف مصر لجذب حصة من الاستثمارات الخليجية خارج نطاق المنطقة العربية وتوجيهها إلى الفرص المتاحة بعد أن قامت بنهضة على مستوى البنية التحتية، وتسهيل إجراءات إقامة المشروعات الاستثمارية، مع التأكيد على أهمية ألا تبقى الاستثمارات فقط على مستوى مشروعات البناء والفندقة».

وذكر أن التعاون الاقتصادي العربي يجب أن يركز على تصنيع الآلات المستخدمة في المصانع، وتصنيع ترسانة نقل عربية تصل إلى حد تصنيع سفن تعمل في نقل البترول إلى جانب الغذاء مع وجود فجوة غذائية يُقدَّر حجمها بنحو 55 مليار دولار.

وخلال كلمته بالمنتدى، نوَّه الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي إلى أن حجم التبادل التجاري بين مجلس التعاون الخليجي ومصر سجل 167 مليار دولار منذ 2016 وحتى 2024، مع استهداف زيادتها في الفترة المقبلة.

ودعا مدبولي الوزراء والمستثمرين ورجال الأعمال من دول مجلس التعاون إلى ضخ مزيد من الاستثمارات في مصر، لا سيما في القطاعات ذات الأولوية للجانبين بما يحقق المنفعة المشتركة، مُؤكداً الثقة في أهمية ومحورية دور القطاع الخاص في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين مصر ودول الخليج العربية، بوصفه المحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية.

وقفزت تدفقات الاستثمارات الخليجية في مصر إلى نحو 41 مليار دولار خلال عامي 2023 و2024، لتمثل الحصة الكبرى من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفق وزير الاستثمار والتجارة الخارجية حسن الخطيب، الذي أكد خلال كلمته بالمنتدى أن حجم التجارة البينية بين مصر ودول الخليج بلغ نحو 14 مليار دولار عام 2024، مقارنة بتسعة مليارات دولار عام 2020.