قيادة عسكرية تصل إلى منطقة «160» استعدادًا لتطهير منفذ طريبيل

مخاطر الموت تهدد أرواح آلاف المدنيين في الرمادي

قيادة عسكرية تصل إلى منطقة «160» استعدادًا لتطهير منفذ طريبيل
TT

قيادة عسكرية تصل إلى منطقة «160» استعدادًا لتطهير منفذ طريبيل

قيادة عسكرية تصل إلى منطقة «160» استعدادًا لتطهير منفذ طريبيل

أعلنت قيادة عمليات الأنبار، أمس، عن وصول تعزيزات عسكرية إلى منطقة «160»، استعدادًا لتطهير منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن ومدينة الرطبة غرب الأنبار.
وقال قائد عمليات الأنبار، اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «تعزيزات عسكرية وقتالية مختلفة وصلت إلى منطقة الـ160 على الطريق الدولي السريع غرب مدينة الرمادي، استعدادا لشن عملية عسكرية واسعة لتطهير منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن ومدينة الرطبة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي».
وأضاف المحلاوي أن «التعزيزات القتالية والعسكرية التي وصلت من بغداد والمقرات العسكرية في الأنبار تتمثل في قوات من الجيش ودروع ودبابات وأفواج من الشرطة الاتحادية، وقوات من مقاتلي العشائر»، وأكد أن «تحريرهما سيساهم في إعادة الحركة التجارية وتبادل السلع بين العراق والأردن، وتأمين سير العجلات والشاحنات والطريق البري بالكامل، وقطع خطوط تمويل وحركة التنظيم الإرهابي في المناطق الغربية».
وفي سياق متصل، أفاد مسؤول ملف إعادة إعمار مدينة الرمادي، المهندس مشعان إبراهيم، بأن محافظة الأنبار «بحاجة إلى سنتين لرفع مخلفات الحرب وإزالة المتفجرات منها». وقال مشعان، خلال مؤتمر صحافي، إن «البنى التحتية في محافظة الأنبار وصلت مرحلة الدمار بها إلى أكثر من 90 في المائة، وفي مركز مدينة الرمادي وصل عدد الأبنية التي تضررت إلى 5 آلاف و800 مبنى».
وتابع بالقول إن «محافظة الأنبار تتطلب جهدًا دوليًا كبيرًا، وبالتكاتف مع الموجودين في البلد، من أجل إعادة الحياة بالحد الأدنى للسكن البشري في المدينة». وأوضح إبراهيم أن «الأمم المتحدة أعدت برنامجًا زمنيًا واضحًا لإجراء عمليات المسح الميداني من قبل شركات عالمية متخصصة في هذا المجال، إضافة إلى شركات إقليمية، لتنظيف المنطقة من الألغام والمتفجرات والإشعاع».
ومن جانب آخر، عادت مخاطر الموت تهدد أرواح آلاف المدنيين من سكان مدينة الرمادي الذين عادوا من رحلة النزوح، حيث تساقط العشرات نتيجة انفجار منازلهم المفخخة عليهم أثناء دخولهم إليها.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار، طه عبد الغني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «العشرات من أبناء مدينة الرمادي سقطوا قتلى في مناطق متفرقة أثناء انفجار منازلهم عليهم عند دخولهم إليها، وترك التنظيم الإرهابي المئات من الدور في معظم الإحياء السكنية في مدينة الرمادي بعد أن قام بتفخيخها بالعبوات الناسفة».
وأكد عبد الغني أن «هذه الحوادث أخذت في الازدياد، خصوصًا بعد تدفق الأهالي وعودتهم إلى المدينة، حيث تستقبل مدينة الرمادي وبشكل يومي مئات العائلات التي قررت العودة»، وأضاف أن «خمسة شبان لقوا مصرعهم في أحد المنازل المفخخة في حي التأميم مساء أمس، بعدما دخلوه بغية تنظيفه، تمهيدًا لعودة عائلتهم إليه، وانفجر المنزل بالكامل حال دخولهم، دون علمهم بأنه ملغم بالمتفجرات من قبل تنظيم داعش، وبسبب إعلان الحي مُطهرا بالكامل من العبوات التي رفعت بتحرير المنطقة من المسلحين في وقت سابق».
وأشار إلى أن «جميع الأعضاء في مجلس الأنبار عبروا عن استيائهم من تأخر بدء عمل الشركة الأميركية، التي اتفقت معها الحكومة المحلية في محافظة الأنبار لإزالة العبوات الناسفة التي خلفها تنظيم داعش في منازل وأحياء مدينة الرمادي». وأضاف: «كما لم تحضر شركة أجنبية أخرى من إحدى دول التحالف الدولي التي كان من المقرر وصولها قبل أيام لتنضم إلى عمل الأولى، وسيكون لنا لقاء مع ممثلها للاطلاع على سبب تأخر العمل والتشديد على تسريع وتيرة إزالة العبوات».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.