تونس: أبرز قياديي «النهضة» يشكك في استمرار الائتلاف الرباعي في الحكم

الاتحاد الأوروبي يعد بمضاعفة الجهود لمساعدة البلاد على تجاوز أزماتها

تونس: أبرز قياديي «النهضة» يشكك في استمرار الائتلاف الرباعي في الحكم
TT

تونس: أبرز قياديي «النهضة» يشكك في استمرار الائتلاف الرباعي في الحكم

تونس: أبرز قياديي «النهضة» يشكك في استمرار الائتلاف الرباعي في الحكم

قال لطفي زيتون، مستشار رئيس حزب حركة النهضة الإسلامية، إن هناك شكوكا في استمرار التحالف الرباعي داخل الحكومة التونسية، إذ كشف القيادي البارز في الحركة في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية عن شكوكه في استمرار الائتلاف الحكومي، في ظل حالة التململ والنزاعات الداخلية، التي يعيشها عدد من الأحزاب المشاركة في الحكومة.
وأوضح زيتون أن «القاعدة الصلبة للتحالف بين حزبي حركة نداء تونس والنهضة قادرة على الاستمرار. لكن التحالف الرباعي بدأ يهتز».
ويقود حزب حركة نداء تونس، الفائز بالانتخابات الرئاسية والتشريعية في سنة 2014، الائتلاف إلى جانب حزب حركة النهضة الإسلامية التي حلت ثانية، وحزبي الاتحاد الوطني الحر، وآفاق تونس. ولكن بعد مرور 14 شهرا من الحكم بدأ التصدع يدب داخل الأحزاب، وهو ما أدى إلى انقسام الحزب الأول إلى نصفين، واستقالات في الاتحاد الوطني الحر، وآفاق تونس.
وألقت الخلافات بظلالها على تجانس كتل الأحزاب الحاكمة في البرلمان ومدى تأييدها للحكومة، وقد ظهر ذلك خاصة في التصويت المحدود للمصادقة على القانون الأساسي، الذي ينظم عمل البنك المركزي مؤخرا.
وفي هذا السياق أضاف زيتون موضحا «لا نعرف بعد ما إذا كانت هذه الاهتزازات ستفضي إلى الإطاحة به (الرباعي)، أم هي أزمة كشف عنها التصويت الأخير في البرلمان على قانون تنظيم عمل البنك المركزي»، مؤكدا أن «الحكومة مزكاة بـ160 صوتا في البرلمان. بينما لم يحصل قانون البنك المركزي سوى على 75 صوتا بفارق صوتين فقط عن النصاب القانوني».
وعلقت المعارضة في البرلمان على ذلك بأن التصويت على قانون أحد المؤسسات المهمة في البلاد كان بمثابة تصويت على الثقة بالحكومة، وهو مؤشر لا يعكس وضعا مستقرا في الحكومة.
وتمثل حركة النهضة، التي تستعد لعقد مؤتمرها الوطني العاشر في مايو (أيار) المقبل، الكتلة الأولى في البرلمان بـ69 مقعدا بعد انقسام النداء، لكنها تعد الأقل تمثيلا في حكومة الحبيب الصيد بحقيبة وزارية يشغلها وزير التشغيل زياد العذاري، ومنصب وزير مستشار لدى رئيس الحكومة يشغله نجم الدين الحمروني.
وتابع زيتون قائلا: «سيكون مطلوبا من المؤتمر القادم أن يضع الأسس الفكرية والسياسية للمسار الذي توخته النهضة، باعتباره حزبا سياسيا يريد تأهيل نفسه حتى يشارك في تسيير الدولة».
وقادت حركة النهضة، التي كانت محظورة قبل الثورة، أول حكومة بعد انتخابات عام 2011، لكنها تنحت عن الحكم في 2014 في ذروة الأزمة السياسية التي عرفتها تونس في 2013 لتتولى حكومة مستقلة قيادة البلاد حتى الانتخابات التي جرت نهاية 2014.
وأوضح مستشار رئيس الحركة أن «الحزب قام بمراجعات سياسية. والمؤتمر الوطني سيحسم في مسألة الفصل بين الدعوي والسياسي، وهناك توافق حتى الآن داخل النخبة القيادية حول هذه المسألة».
وبشأن إمكانية تقدم زعيم الحركة راشد الغنوشي إلى منصب سياسي، قال زيتون بأن «هذا قد يكون من بين المواضيع التي ستطرح للنقاش في المؤتمر الوطني»، مضيفا أن «الغنوشي لا يريد منصبا. لكن من الوارد جدا أن تشارك حركة النهضة في الانتخابات الرئاسية المقبلة».
ولم تقدم النهضة مرشحا للرئاسة في انتخابات 2014. ما مهد للرئيس الحالي الباجي قايد السبسي للصعود إلى الحكم أمام منافسه الرئيس السابق المنصف المرزوقي.
من جهة ثانية، وعد الاتحاد الأوروبي أمس بـ«مضاعفة الجهود» لمساعدة تونس في انتقالها السياسي بعد خمسة أعوام من ثورتها، وذلك بهدف تجاوز الصعوبات الاقتصادية والهجمات الجهادية التي تعرضت لها البلاد.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني، إلى جانب نظيرها التونسي خميس الجهيناوي إثر اجتماع في لوكسمبورغ: «نحن ندرك تماما أن تونس تواجه تحديات هائلة ومترابطة، وخصوصا أمنية واقتصادية».
وأضافت موغيريني أن «حشد كل جهودنا دعما للحكومة والشعب التونسيين هو ضرورة، وأمر مؤكد بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي بهدف السماح بنجاح الانتقال السياسي ونجاح البلاد».
وإذ لفت إلى أن «الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس يتطلب مبادرات جديدة وعاجلة»، تعهد الاتحاد الأوروبي في بيان مشترك «مضاعفة الجهود لتحديد كل إمكانات المساعدة الإضافية». لكن البيان دعا تونس، من جهتها، إلى اتخاذ «إجراءات من أجل استيعاب أفضل للمساعدة الدولية، وتعزيز التنسيق بين الجهات المانحة الدولية».
وذكرت موغيريني بأن الاتحاد الأوروبي، وهو شريك أساسي لتونس منذ ثورة 2011، «ضاعف مساعدته المالية للبلاد» لتتجاوز مليار يورو في خمسة أعوام. وقد تم في فبراير (شباط) الماضي رصد دفعة بقيمة 500 مليون يورو اتخذت شكل قروض.
ورغم نجاح الانتقال السياسي في تونس على صعيد الانتخابات والدستور، فإن البلاد ما تزال تواجه أزمة اقتصادية حادة، أضيفت إليها الاعتداءات الدامية العام الفائت في العاصمة ومدينة سوسة، والتي شكلت ضربة للقطاع السياحي.
ويتفاوض الاتحاد الأوروبي حاليا مع تونس حول اتفاق تبادل حر كامل ومعمق، ويعد بتسهيل الرحلات وزيارات الدراسة والبحث التي يقوم بها الشبان التونسيون لأوروبا. كما بادرت بروكسل أيضا إلى زيادة كمية زيت الزيتون التونسي المعفى من الجمارك، والذي يستورده الاتحاد الأوروبي خلال فترة 2016 - 2017.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».