البشير يعلن تحقيق انتصارات حاسمة على الحركات المتمردة

الخارجية السودانية تدعو مصر للتفاوض لحل قضية حلايب وشلاتين

البشير يعلن تحقيق انتصارات حاسمة على الحركات المتمردة
TT

البشير يعلن تحقيق انتصارات حاسمة على الحركات المتمردة

البشير يعلن تحقيق انتصارات حاسمة على الحركات المتمردة

أعلن الرئيس السوداني عمر البشير أن دبلوماسية بلاده واصلت الانفتاح على الكثير من الدول الصديقة والشقيقة، والمنظمات الإقليمية والدولية، وعملت بشكل دؤوب لاستعادة دور السودان الدولي والإقليمي، وفي غضون ذلك جدد البشير الإعلان عن تحقيق الجيش السوداني لانتصارات حاسمة ضد الحركات المتمردة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وهو الأمر الذي تنفيه هذه الحركات المسلحة، التي تقول هي الأخرى إنها انتصرت على القوات السودانية، لا سيما في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وقال الرئيس عمر البشير في خطابه بمناسبة افتتاح الانعقاد الثالث لغرفتي الهيئة التشريعية القومية (المجلس الوطني «البرلمان» ومجلس الولايات) إن مشاركة السودان في عمليات (عاصفة الحزم) تعد دليلاً على تطور ومتانة علاقات السودان على المستويين العربي والإسلامي، وتؤكد صدق علاقاته بمحيطه العربي، وسعيه لتحقيق وحدة الهدف والمصير.
وقطع البشير بأن علاقات بلاده بدول الجوار تقوم على أساس الإخاء وخدمة المصالح المشتركة، واحترام السيادة الوطنية للدول، وإقامة علاقات استراتيجية مع بعض الدول الصديقة والمؤثرة على الصعيد الدولي، بما في ذلك تفعيل العلاقات مع الصين، لافتًا إلى ما أسماه التطور المضطرد في علاقات السودان مع تركيا والهند والبرازيل وروسيا وألمانيا، بما يخدم المصالح المشتركة لكل الأطراف، وما يرفع من مستوى التنسيق الاقتصادي والسياسي بين السودان والمجتمع الدولي.
وكشف البشير في كلمته عن تشكيل لجنة عليا مشتركة للتنسيق للاحتفال بمناسبة مرور 60 عامًا على العلاقات السودانية - الروسية في القريب العاجل، ويهدف الاحتفال بهذه المناسبة لتطوير علاقات البلدين. وبالنسبة للشأن الأفريقي، قال الرئيس السوداني إن علاقات بلاده تترسخ يومًا بعد يوم، وإن الاتحاد الأفريقي ومنظمة البحيرات العظمى والبرلمان الأفريقي، ومنظمة «الإيقاد»، تدعم السودان في المحافل الدولية كافة، وفي مختلف الأصعدة السياسية والأمنية.
أما على الصعيد السياسي، فقد تناول البشير فعاليات الحوار الوطني الحالية بالبلاد، ووصفها بأنها شهدت مشاركة غير مسبوقة، واتسمت جلساتها بالشفافية والصراحة في مناقشة القضايا المطروحة كافة، وأضاف موضحا أن «الحوار الوطني تزامن مع الحوار المجتمعي، باعتبارهما يشكلان مرحلة مهمة في تاريخ السودان، سينتج عنها وثيقة قومية تكون ركيزة للدستور القادم للبلاد».
ونوه البشير في حديثه لغرفتي البرلمان السوداني إلى العمليات التي نفذها الجيش السوداني والقوات النظامية الأخرى، وقال إنها كانت عملية نوعية أدت إلى تحقيق انتصارات حاسمة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وإن الواجب والضرورة اقتضيتا فرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون في مناطق الصراعات.
وجزم البشير بأن العمليات النوعية التي نفذتها قواته أدت للقضاء على حركات التمرد نهائيًا بتلك المناطق، ومكنت من حماية المواطنين وممتلكاتهم، وأسهمت في نشر الأمن والاستقرار في أنحاء البلاد، وأضاف مؤكدا أنه «تم التوجه بنزع السلاح من أيدي الأفراد والمجموعات، وقصره على القوات النظامية فقط، لتعود بذلك البلاد آمنة كما كانت».
من جهة أخرى، دعت الخارجية السودانية مصر للتفاوض المباشر لحل قضية النزاع الحدودي على منطقتي حلايب وشلاتين، أو للجوء إلى التحكيم الدولي امتثالا للقوانين والمواثيق الدولية، باعتباره فيصلاً في هذه الحالات. وقالت في بيان صدر مساء أول من أمس إنها ستواصل اتخاذ ما يلزم من إجراءات وترتيبات تصون الحقوق السودانية السيادية الراسخة في منطقتي حلايب وشلاتين، وذلك للمحافظة على ما أسمته (حقوق السودان كاملة غير منقوصة)، والتأكد من أن ما تم من اتفاق لا يمس حقوق السودان السيادية والتاريخية والقانونية في منطقتي حلايب وشلاتين، وما يجاورهما من شواطئ.
وقال البيان إن السودان أودع منذ عام 1958 مذكرة شكوى لدى مجلس الأمن الدولي، يؤكد فيها حقوقه السيادية على منطقتي حلايب وشلاتين، وظل يجددها مؤكدا فيها حقه السيادي. ودعت الخارجية السودانية مصر للجلوس والتفاوض المباشر لحل القضية، أو اللجوء للتحكيم الدولي امتثالا للقوانين والمواثيق الدولية، باعتباره الفيصل في مثل هذه الحالات، كما حدث في إعادة منطقة طابا للسيادة المصرية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم