الشارع اليمني متشائم إزاء الوصول لحل سلمي في مشاورات الكويت

تخلف الحوثيين عن اليوم الأول للمفاوضات يؤكد عدم جديتهم في السلام

مسلحون حوثيون عند نقطة تفتيش في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)
مسلحون حوثيون عند نقطة تفتيش في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)
TT

الشارع اليمني متشائم إزاء الوصول لحل سلمي في مشاورات الكويت

مسلحون حوثيون عند نقطة تفتيش في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)
مسلحون حوثيون عند نقطة تفتيش في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (رويترز)

يسود التشاؤم الشارع اليمني من نجاح مشاورات الكويت بعد تعذر انعقاد الجلسة الافتتاحية لتخلف المتمردين الحوثيين وحليفهم صالح عن الحضور لطاولة المحادثات في اليوم الأول، رغم الضغوط الدولية التي مارستها الأمم المتحدة والدول الـ18 على طرفي المحادثات للوصول إلى حل يفضى لإنهاء الحرب التي مزقت البلاد ونشرت الدمار والدماء في كل مدينة دخلها الانقلابيون.
وعلى الرغم من الأمل الذي تحاول الأمم المتحدة أن تروج لها في وقف دائم وشامل لإطلاق النار، واستئناف العملية السياسية المتوقفة فإن كثيرًا من اليمنيين يعتقدون أن الحوثيين لن يلتزموا بأي اتفاق ولن يخضعوا لأي قرارات يجري الاتفاق عليها، ويجمع عدد من السياسيين والأكاديميين لـ«الشرق الأوسط» على أن المحادثات ستكون كسابقاتها لن تقدم شيئا لليمن، مع إصرار الانقلابيين على رفع السلاح وقتل اليمنيين وحصارهم في مدنهم.
يقول مأرب الورد، محلل سياسي: «المحادثات ستفشل كسابقاتها ولن يحصل أي تقدم»، ويضيف: «الحوثي وصالح يبحثان عن وقف غارات التحالف فقط ليتفرغوا للداخل ويتمددوا مطمئنين، وهذا ما نراه من خلال حشودهم وعملياتهم على الأرض وتأخرهم عن الحضور لمحادثات اليوم الأول وربط موافقتهم بوقف كامل لإطلاق النار والمقصود به وقف القصف الجوي بينما يستمرون بالقتال بالداخل بحجة أن ذلك شأن محلي لا تشمله الهدنة».
وتعتقد إلهام عامر أن الحوثيين ومنذ أولى لحظات الهدنة لم يلتزموا بها، ولم يكونوا جادين في طريق السلام، وتقول: «لأنهم جماعة موت لا تؤمن بالحياة، وترتكب عشرات الانتهاكات التي لا تزال مستمرة، وتعقد أن عدم التزامهم بالموعد المحدد للمشاورات هو محاولة لابتزاز المجتمع الدولي»، وتوضح: «لن تفضي مباحثات الكويت إلى شيء، ولن تكون محطة قصيرة لتعود الحرب من جديد، لسبب بسيط يتمثل في أن الطرف المنقلب خصوصا الحوثيين لا يستطيعون الاستغناء عن السلاح؛ لأنهم لا يمكن أن يكونوا قوة من دون السلاح».
الدكتور وديع العزعزي، أستاذ الإعلام المشارك بجامعتي صنعاء وأم القرى، يرى أن أي مفاوضات لا يكتب لها النجاح إذا لم تكن هناك نوايا صادقة لأطرافها في إنجاحها، وهذه النوايا الصادقة لها مؤشرات ودلائل فعلية على أرض الواقع وهو غير موجود حاليا، ويتابع: «قضية إطلاق المعتقلين والأسرى، والالتزام بوقف إطلاق النار وإيقاف الاعتداءات على المدنيين في تعز، وفك الحصار عنها والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إليها، كلها لم تقدم الميليشيات ما يثبت جديها». موضحا: «بغير ذلك فإن المشاورات أو المفاوضات تتحول إلى غاية بحد ذاتها وليست وسيلة تؤدي إلى نتائج محددة؛ لأنه تم استنفادها كوسيلة».
ويلفت إلى أن الانقلابيين وبعد المفاوضات العبثية السابقة ما زالوا عند النقطة التي بدأوا منها ولا يريدون أن يقدموا شيئا يوحي بجديتهم، بل هم عازمون على استخدام المفاوضات رافعة لتحقيق أهداف معينة، ويقال: «المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، لكن واقع الحال يقول إننا لدغنا من نفس الجحر ألف مرة، وكأننا استمرأنا الأمر وتعايشنا معه، وعلى استعداد لقبول المزيد». وأشار العزعزي إلى أن ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح تخرق يوميا ما يسمى الهدنة، وتقتل المدنيين، وتعتدي على مؤسسات الدولة وآخرها جامعة صنعاء، وتواصل الحشد والتعبئة والإمداد في كل مكان من اليمن.
من جانبه يبدي علي عويضة، من محافظة مأرب، عدم تفاؤله من المشاورات، ويقول: «المعطيات على الأرض توضح أن الحوثيين ليسوا جادين فيها، وهناك حشود عسكرية كبيرة على أكثر من جبهة، إضافة إلى أن الخروقات مستمرة في جبهات محافظة مأرب، وبالتالي لا نأمل كثيرًا في المشاورات التي أنظر إليها كفرصة جديدة للحوثيين لالتقاط أنفاسهم وتعزيز جبهات القتال في ظل توقف طيران التحالف والتزامه بالهدنة».
ويشير سمير الصلاحي، محلل سياسي، إلى أن الشارع اليمني ينظر إلى مفاوضات الكويت المرتقبة بأنها حبل النجاة للخروج من هذا النفق المظلم الذي تعيشه البلاد منذ سبتمبر (أيلول) 2014. ويؤكد أن «المواطن اليمني يتمنى أن يتجاوز طرفا الحوار حالة الانقسام الحاد ويقدموا التنازلات حتى لو كانت مؤلمة لعودة الأمن والاستقرار والسلام إلى بلادهم»، ويستدرك: «لكن المعطيات الأخيرة ليوم المشاورات مع إعلان تأجيلها بسبب تأخر وفد الحوثيين وصالح أحبط الشارع».
محمد المقبلي، كاتب ومحلل سياسي، يعتقد أن مفاوضات الكويت مرتبطة بنقطة واحدة تثبت جديتها من عدمها، يقول: «مستقبل استعادة الدولة التي تعرضت للاختطاف من قبل تحالف الانقلاب، تمثل الحصان الأسود في المفاوضات، وإذا تمت فيمكن بعدها التفاوض على نقاط القرار الأممي إلا وهي نزع سلاح ميليشيا الانقلاب وتسليمها لمؤسسات الدولة الشرعية متمثلة بالجيش الوطني المعترف به من قبل الشرعية»، ويتابع: «إذا تم التحايل على تلك النقطة فإن المفاوضات ستكون ماء على غربال لن تقدم ولن تؤخر لكنه ستحضر لصراعات أشد عنفا في المستقبل».
ومن عدن يربط عبد الرقيب الهدياني، التفاؤل بنجاح المشاورات وبين انعقادها في دولة الكويت، ويقول: «نتفاءل كثيرا باحتضان الكويت لمثل هذه اللقاء التي لم تكن الأولى، فقد عقدت مشاورات سابقة في مراحل تاريخية لليمن، وكانت أرض الكويت دائما باعثة على الأمل والتفاؤل وأنتجت مشاريع وئام وتوحدا وسلاما»، وأضاف: «لا خوف اليوم من أي انقسام في اليمن، فالكويت ستضبط بوصلة الإرادة اليمنية كالعادة وسيتفق المتحاورون على ما ينفع اليمن ويحقق أمنه واستقراره وستغلب الحكمة اليمانية بعيدا عن احتقانات اللحظة في الشارع سواء في الجنوب أو الشمال».
ويعتقد الهدياني أن «مقومات الأمل بنجاح مشاورات الكويت أقوى من الفشل؛ لأن الجميع سيذهب محملا بثقل الحرب وأوجاعها، ويحاول المتمردون من خلالها البحث عن طوق نجاة».
فيما يرى راكان الجبيحي، من محافظة تعز التي لا تزال تحت الحصار، أن الخطاب الإعلامي الذي ينتهجه الانقلابيون بتقبلهم للمفاوضات يناقض ما هو موجود على الأرض، فهم مستمرون في خرق الهدنة ويرفضون لليوم فك الحصار عن تعز، وهو ما يؤكد عدم جديتهم في الوصول إلى حل سلمي لإيقاف الحرب». ويرى أن الهدنة استغلها الحوثيون وصالح، في ترتيب صفوفهم وتقوية مواقعهم بمختلف الجبهات.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.