الأردن يقرر التوقف عن تركيب كاميرات في المسجد الأقصى

النسور: فوجئنا بردود أفعال في فلسطين تتوجس من المشروع وتشكك في مراميه

الأردن يقرر التوقف عن تركيب كاميرات في المسجد الأقصى
TT

الأردن يقرر التوقف عن تركيب كاميرات في المسجد الأقصى

الأردن يقرر التوقف عن تركيب كاميرات في المسجد الأقصى

أعلن رئيس الوزراء الأردني، عبد الله النسور، أمس، أن بلاده قررت التوقف عن المضي في تنفيذ مشروع تركيب الكاميرات في المسجد الأقصى، لأنها وجدت أن المشروع لم يعد يعكس توافقًا، بل قد يكون محل خلاف.
وقال النسور في تصريح نقلته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا): «إننا قررنا التوقف في المشروع، لأننا فوجئنا، منذ إعلان نيتنا عن تنفيذه، بردود أفعال بعض أهلنا في فلسطين، تتوجس منه، وتبدي ملاحظات عليه، وتشكك في مراميه وفي أهدافه. كما أننا نحترم الآراء جميعها في فلسطين عامة وفي القدس الشريف خاصة». وأضاف: «إننا نؤكد دوما دعمنا الكامل والتاريخي لخيارات وتطلعات الشعب الفلسطيني وسيادته على ترابه الوطني، ومن ضمنه الحرم القدسي الشريف، ووقوفنا إلى جانبه في كل الظروف والأحوال». مؤكدًا على أن الأردن كان، على الدوام ولا يزال وسيبقى، في طليعة المدافعين عن فلسطين وعن قضيتها وأرضها وشعبها ومقدساتها.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي من التوجه والطرح الأردني لنصب الكاميرات في ساحات الحرم القدسي الشريف، وليس داخل المساجد، وذلك لرصد وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأماكن المقدسة في الحرم القدسي الشريف، بكامل مساحته البالغة 144 دونما. وقال: «إن الهدف من وجود هذه الكاميرات، كان لجني فوائد قانونية وسياسية وإعلامية، في مواجهة الاعتداءات المتكررة على حرمة المقدسات، التي كان يتنصل منها الإسرائيليون بسبب عدم توثيقها. إضافة إلى الفائدة الكبرى، حيث ستزيد من ربط المسلمين في كل أصقاع العالم بالأماكن المقدسة، ومن تعاطفهم ودعمهم لها». مضيفًا: «إن إسرائيل حاولت، في البداية، عرقلة المشروع بأساليب مختلفة، إلا أننا تغلبنا عليها».
وجدد رئيس الوزراء الأردني التأكيد على موقف بلاده الثابت في الدفاع عن القدس والمقدسات على كل الصعد الدبلوماسية والقانونية والإعلامية وفي كل المحافل الدولية.
وكان الأردن قد رفض مؤخرًا، على لسان وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، هايل داود، تصريحات رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل، الشيخ رائد صلاح، التي اعتبر فيها مشروع تركيب الكاميرات في الأقصى، «عينا» للسلطات الإسرائيلية. مؤكدًا على أن الكاميرات مشروع أردني يهدف إلى مراقبة ساحات الأقصى التي تقع على مساحة 144 دونما، لتوثيق أي اعتداء سيمارسه الإسرائيليون بحق المقدسات الإسلامية في القدس الشريف وأهل القدس.
يشار إلى أن الأردن وإسرائيل توصلا في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إلى تفاهمات لنصب كاميرات في الحرم القدسي، وهو ما عارضته أيضًا القوى اليمينية الإسرائيلية بشدة، لأنها تعي تمامًا أن هذا المشروع سيقوي من الوجود الأردني في المسجد الأقصى.
كما أن معاهدة السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل في عام 1994، والمعروفة باتفاقية «وادي عربة»، تنص في مادتها التاسعة، على أن يمنح كل طرف للآخر حرية الوصول إلى الأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية، وأن تحترم إسرائيل، وفق إعلان واشنطن، الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية في الأماكن المقدسة بمدينة القدس، والإشراف الإداري على المقدسات في القدس الشرقية المحتلة عام 1967.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.