حكومة الوفاق تتسلم مقرات في طرابلس.. وتصويت مرتقب للبرلمان لمنح الثقة

وزير خارجية بريطانيا: لندن ستقدم 10 ملايين جنيه لدعم الأمن والاقتصاد الليبي

فايز السراج رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية التي تدعمها الأمم المتحدة يصافح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
فايز السراج رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية التي تدعمها الأمم المتحدة يصافح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

حكومة الوفاق تتسلم مقرات في طرابلس.. وتصويت مرتقب للبرلمان لمنح الثقة

فايز السراج رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية التي تدعمها الأمم المتحدة يصافح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
فايز السراج رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية التي تدعمها الأمم المتحدة يصافح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

تسلمت حكومة الوفاق الوطني الليبية أمس مقري وزارتين في طرابلس، وذلك للمرة الأولى منذ دخولها العاصمة وبدء عملها من قاعدتها البحرية، فيما يعقد البرلمان المعترف به جلسة مرتقبة للتصويت على منحها الثقة.
وتزامن ذلك مع قيام وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بزيارة دعم إلى الحكومة، وذلك قبيل اجتماع لوزراء الخارجية والدفاع الأوروبيين مساء أمس لبحث طبيعة المساندة التي ستقدمها دولهم لحكومة الوفاق وآلية تطبيقها.
ونشر موقع البرلمان في طبرق (شرق) على موقعه جدول أعمال جلسة أمس، التي تشمل التصويت على منح الثقة لحكومة الوفاق، وتعديل الدستور لتضمينه اتفاق السلام الموقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقال نائبان، فضلا عدم كشف هويتيهما، إن النواب الذين حضروا إلى مقر البرلمان أجروا مناقشات حيال حكومة الوفاق الوطني قبيل بدء الجلسة، وهو ما أدى إلى تأخير انطلاقها باعتبار أن جلسات البرلمان عادة ما تعقد عند فترة الظهر. ومن جهته، أعلن رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر في تغريدة أنه وصل إلى طبرق للقاء عقيلة صالح، وتشجيع النواب على التصويت. وكان البرلمان قد فشل نحو عشر مرات في عقد جلسة للتصويت على الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بفعل عدم اكتمال النصاب القانوني لهذه الجلسات، في ظل غياب عدد كبير من النواب، الذين يتهمون أعضاء آخرين رافضين للحكومة بتهديدهم.
وفي ظل فشل البرلمان في طبرق في عقد جلسات للتصويت على الحكومة، وقع مائة نائب من 198 من أعضاء هذا البرلمان بيان تأييد لحكومة الوفاق. فيما، تواجه حكومة الوفاق الوطني عقبة رئيسية في سعيها لبسط سيطرتها على البلاد تتمثل في رفض الحكومة الموازية في شرق ليبيا، والتي كانت تحظى باعتراف المجتمع الدولي حتى ولادة حكومة الوفاق، تسليمها السلطة قبل نيلها الثقة في البرلمان. ومنذ وصولها إلى طرابلس في نهاية مارس (آذار) الماضي، تعمل حكومة الوفاق الوطني من قاعدة طرابلس البحرية التي تتخذها مقرا لها.
وتسلمت الحكومة للمرة الأولى أمس مقري وزارتين، حتى قبل معرفة نتيجة تصويت البرلمان، إذ قال بيان صادر عن المكتب الإعلامي للحكومة إن وزير الدولة في حكومة الوفاق محمد عماري قام بتسلم مقري الوزارتين «ممثلا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني». وأوضح مسؤول في المكتب الإعلامي أن الوزارتين اللتين تم تسلم مقرهما هما الشؤون الاجتماعية والإسكان، بينما تم تأجيل تسلم مقر وزارة الشباب والرياضة إلى وقت لاحق.
وكان نائب رئيس حكومة الوفاق أحمد معيتيق قد أعلن أول من أمس خلال مؤتمر صحافي في طرابلس مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر، ردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية «نحن نسعى لتسلم المقرات الرئيسية للحكومة.. فهناك أكثر من ستة مقرات جاهزة للتسليم، ثلاثة منها سيتم تسليمها يوم الغد (أمس) وسيكون التسليم إداريا». والوزارات الثلاث هي الإسكان والمرافق، والشباب والرياضة، والشؤون الاجتماعية.
في غضون ذلك، تواصلت زيارات الدعم الأوروبية إلى حكومة الوفاق، حيث وصل وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إلى طرابلس أمس في زيارة غير معلنة التقى خلالها فايز السراج رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية وأعضاء حكومته، وأكد هاموند في مؤتمر صحافي دعم بلاده لهذه الحكومة، واستعدادها لتدريب قوات ليبية، معتبرا أنه «إذا كانت الظروف ملائمة لهذا البرنامج (التدريب) بأن ينفذ في ليبيا أو في دولة مجاورة، فإنه سيكون أكثر نجاحا من محاولة تنفيذه في أوروبا»، وأضاف هاموند موضحا «أنا مسرور بإعلان أن بريطانيا تلتزم تقديم مساعدة بقيمة عشرة ملايين جنيه إلى حكومة الوحدة».
وتأتي زيارة هاموند إلى العاصمة الليبية في إطار سلسلة زيارات دبلوماسية تهدف إلى إظهار الدعم الأوروبي لعمل حكومة الوفاق الوطني، علما بأنه زار طرابلس على مدى الأسبوع الماضي وزراء خارجية إيطاليا وفرنسا وألمانيا، وكذلك سفراء فرنسا وإسبانيا وبريطانيا، ما أنهى قطيعة سياسية فرضها المجتمع الدولي على العاصمة لأكثر من عام ونصف عام. كما أعلن كوبلر في طرابلس أول من أمس أن موظفي البعثة الأممية عادوا إلى العاصمة الليبية للعمل منها، بعد أكثر من عام ونصف عام من مغادرتها والعمل من تونس.
وتأتي زيارة هاموند قبل ساعات من اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ووزراء دفاعه مساء أمس لمناقشة الأزمة الليبية وسبل دعم حكومة الوفاق الوطني، على أن يشارك السراج في جلسة المناقشة عبر الفيديو. وفي هذا السياق شددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أمس في لوكسمبورغ على أن الاتحاد «يعمل على مشاريع ملموسة»، دعما لحكومة الوفاق الليبية على الصعيدين الاقتصادي والأمني. فيما قال وزير الخارجية الفرنسية جان مارك إيرولت لدى وصوله إلى لوكسمبورغ «لا بد من أن تبدأ حكومة الوفاق الوطني العمل في أفضل الظروف».
وتبدي دول الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة لليبيا قلقها من سعي تنظيم داعش إلى التمدد في هذا البلد بعد سيطرته على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، وهجومه على موانئ النفط الرئيسية في شرق البلاد. كما تتطلع أيضا دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها إيطاليا، إلى تفعيل عملية مكافحة الهجرة غير الشرعية انطلاقا من ليبيا التي يبحر من سواحلها في الأسابيع الأخيرة آلاف المهاجرين سعيا للوصول إلى السواحل الأوروبية، التي تبعد نحو 300 كلم فقط عن ليبيا.
وقال وزير الخارجية البريطاني إن بلاده تقف مع حكومة الوفاق وسوف تدعمها وستقدم 10 ملايين جنيه إسترليني لدعم إعادة الأمن والاقتصاد، مشددا على الأهمية التي توليها بلاده والاتحاد الأوروبي للتصدي لتنظيم داعش والهجرة غير الشرعية، واعتبر أن «مقاتلة داعش والهجرة غير الشرعية هما جزء من المعركة نفسها، ويعود إلى الشعب والحكومة الليبيين أن يقررا كيفية استعادة بلادهما من غزاة داعش».
وفي هذا السياق، يعتزم الأوروبيون تعديل تفويض مهمة «صوفيا» الأوروبية البحرية التي بدأت في صيف 2015 لوقف دخول مهربي المهاجرين إلى المياه الليبية، وذلك «لمعرفة كيفية دعم (وتدريب) خفر السواحل، والتأكد من عدم نقل أسلحة إلى تنظيم داعش»، وفق ما قال وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز.
غير أن دبلوماسيين أشاروا إلى أن أولوية السراج في الوقت الحالي يجب أن تكون بسط سلطة حكومته في ليبيا، حيث الرأي العام والمجموعات المسلحة يرفضان أي إمكان لتدخل خارجي، وهو ما لن يشجع الحكومة على طلب مساعدة الاتحاد الأوروبي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.