خبراء: أزمة تمويل الصحة تهدد الدول النامية

خبراء: أزمة تمويل الصحة تهدد الدول النامية
TT

خبراء: أزمة تمويل الصحة تهدد الدول النامية

خبراء: أزمة تمويل الصحة تهدد الدول النامية

قال خبراء إن الملايين في الدول النامية يواجهون خطر غياب معظم الخدمات الصحية الأساسية، بسبب نقص الإنفاق المحلي على الصحة مع بطء معدلات النمو في المعونات الدولية المخصصة لهذا القطاع.
وأوضحت دراستان نشرتا في دورية «لانسيت» الطبية أن نحو النصف تقريبًا من 80 دولة نامية قد لا تلبي بحلول عام 2040 الهدف المراد تحقيقه دوليًا بالنسبة إلى الرعاية الصحية، الذي يقضي بتوفيرها للجميع مع إنفاق 86 دولارًا على كل فرد سنويًا.
وقال جوزيف ديليمان، من معهد تقييم الصحة ومعاييرها ومقره سياتل بالولايات المتحدة، في بيان: «على الرغم من الاحتياجات الهائلة تبين نتائجنا احتمالات حدوث نمو متواضع في الإنفاق على الصحة في كثير من الدول الأكثر فقرًا مع تفشي أضخم موجات من أعباء الأمراض خلال السنوات الخمس وعشرين القادمة.. قد تكون لهذه التغيرات في النمو والتركيز على المعونة الدولية آثار خطيرة على أكثر من 15 مليون نسمة ممن يتناولون علاجات مضادة للفيروسات الارتجاعية في الدول النامية وعلى الخدمات الصحية في بعض الدول ذات الدخول المنخفضة لا سيما في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، حيث لا تزال أمراض الإيدز والسل والملاريا تمثل مخاطر كبيرة على الصحة».
وقال الباحثون إن من المتوقع أن يصل حجم الإنفاق العالمي على الصحة إلى 28.‏18 تريليون دولار بحلول عام 2040 لكن من المتوقع أن تنفق الدول ذات الدخول المحدودة للسكان مجرد 03.‏0 دولار عن كل دولار ينفق في الدول ذات الدخول المرتفعة لأفرادها.
وأضافوا أن من المتوقع أن تنفق الدول ذات الدخول الكبيرة 9019 دولارا للفرد في المتوسط على الصحة في عام 2040.
ومضى الباحثون يقولون إن الإنفاق على الصحة سيظل منخفضًا في دول هي في أمس الحاجة إلى أكبر زيادة في حجم الخدمات الصحية منها جمهورية الكونغو الديمقراطية التي أنفقت 24 دولارا وجمهورية أفريقيا الوسطى التي أنفقت 26 دولارًا فقط للفرد عام 2013.
وقال ديليمان: «حتى تتمكن الدول ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة للسكان بلوغ الأهداف الدولية للإنفاق وسد تلك الفجوة يجب زيادة التمويل المحلي والدولي في قطاع الصحة بما يتجاوز معدلات النمو التاريخية».
وقال الباحثون إن معدل النمو السنوي للمساعدات التنموية في مجال الصحة تراجع إلى 2.‏1 في المائة فقط في العام بين عامي 2010 و2015 من نحو 11 في المائة سنويًا بين عامي 2000 و2009.
وتولت مؤسسة بيل وميليندا غيتس تمويل هذا البحث وتناول بالتحليل الإنفاق الصحي في 184 دولة بين عامي 2013 و2024 استنادًا إلى بيانات من منظمة الصحة العالمية ومعهد تقييم الصحة ومعاييرها ومقره سياتل علاوة على توجهات المساعدات التنموية بين عامي 1900 و2015.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.