صندوق «الاستثمارات العامة».. محور جديد في تنويع مصادر دخل السعودية

يستهدف قطاعات جديدة لمواجهة التقلبات والأزمات الاقتصادية

صندوق «الاستثمارات العامة».. محور جديد  في تنويع مصادر دخل السعودية
TT

صندوق «الاستثمارات العامة».. محور جديد في تنويع مصادر دخل السعودية

صندوق «الاستثمارات العامة».. محور جديد  في تنويع مصادر دخل السعودية

أعطت تصريحات الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد السعودي، حول توجه المملكة في إدارة استثماراتها في المرحلة المقبلة، رؤية واضحة لما ستكون عليه تلك التوجهات، التي شكل فيها صندوق الاستثمارات العامة وشركة «أرامكو» نماذج في كيفية التعاطي مع متطلبات المرحلة المقبلة، التي ستكون فيها 50 في المائة من الميزانية السعودية قادمة من عوائد الاستثمارات. ويمنح هذا التوجه شكلا جديدا في سياق إدارة الاستثمارات السعودية، التي ستزيد من مرونة التفاعل والتعاطي مع التقلبات والأزمات الاقتصادية؛ وهو ما يجعل المخاطر موزعة من حيث الزمان والمكان من جهة، واختلاف القطاعات التي يستثمر فيها الصندوق السيادي السعودي الجديد وتنوعها، الذي سيصل رأس ماله إلى ما يقارب تريليونَي دولار. ونشرت وكالة بلومبيرغ العالمية، أول من أمس، تصريحات جديدة لولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي كشفت عن أن السعودية ستعلن «رؤية المملكة» في 25 من شهر أبريل (نيسان) الجاري، وهي الخطة الواسعة التي تتضمن برامج اقتصادية وتنموية واجتماعية، لتجهيز المملكة لمرحلة ما بعد النفط.
وجاء في تصريحات ولي ولي العهد السعودي، أن «هذه الرؤية ستشمل تحول شركة (أرامكو) من شركة نفط إلى شركة طاقة صناعية، إضافة إلى الشكل الجديد لصندوق الاستثمارات العامة وتحوله إلى أكبر صندوق سيادي في العالم»؛ الأمر الذي يوحي بالاستفادة من المكتسبات الماضية وتطويرها لتتواكب مع الاستراتيجية الجديدة في رؤية المملكة، وهو ما يغير شكل الاقتصاد السعودي، ويعطي انعكاسات جديدة من شأنها تقديم نماذج مطورة من تحقيق أهداف الرؤية الجديدة لاقتصاد البلاد.
ومن الملاحظ أن صندوق الاستثمارات السعودي، الذراع الاستثمارية للحكومة السعودية، عمل خلال الفترة الماضية على المشاركة في مشاريع محلية وإقليمية ودولية؛ وهو ما يعزز التوجه السعودي في تحقيق 50 في المائة من العائدات من الاستثمارات، والتي تسعى فيها السعودية إلى أن تسهم في تعزيز توجهاتها في عالم ما بعد النفط، في ظل الحراك الكبير الذي يقوم به ولي ولي العهد السعودي من خلال التأسيس لشراكات نوعية تحقق الفائدة لجميع الأطراف.
هذا التوجه في التنوع الاقتصادي يبتكر نموذجا جديدا في مساعي السعودية لتأسيس خط اقتصادي جديد، لا يتوقف فقط لتحقيق عوائد للبلاد، وإنما أيضا يحقق داعما رئيسيا في رفع النمو الاقتصادي، سواء في البلاد أو خارجها، من خلال عمل محركات الاستثمار في الإنتاج، وهو ما ينعكس على الاقتصاد العالمي، خاصة أن السعودية بالتوجهات الجديدة ستدفع النمو الاقتصادي عبر البرامج الجديدة، التي تسعى من خلالها المملكة إلى تحقيق عوائد جديدة من مصادر متنوعة تحافظ على رتم العائدات، بغض النظر عن التقلبات الاقتصادية.
ومما يدل على التوجه الجديد، أيضا، التحرك لعقد شراكات استثمارية دولية تدعم تلك التوجهات في إدارة الاستثمارات في السعودية، بتحقيق التنمية في تلك الشركات الدولية والإقليمية، عبر الاستثمارات، التي كان من ضمنها ما شمله البيان الختامي لزيارة الأمير محمد بن سلمان إلى العاصمة الأردنية، عمان، بعد لقاء الملك عبد الله الثاني، العاهل الأردني مؤخرا، تعزيز الاستثمارات المشتركة في المشروعات التنموية والاستثمارية، التي يمكن تنفيذها مع القطاع الخاص، وتوقيع مذكرة تفاهم بخصوص تأسيس صندوق استثماري مشترك بين البلدين.
وكان الأمير محمد بن سلمان قد قال في وقت سابق لوكالة بلومبيرغ: إن صندوق الاستثمارات العامة هو أحد البرامج التي ستكون ضمن «رؤية المملكة»، التي يهدف منها إلى رفع حجم صندوق الاستثمارات العامة، من خلال إعادة هيكلة صناديق وشركات وأصول مملوكة من قبل صندوق الاستثمارات السيادية حاليا، حيث أشار إلى وجود فرصة عظيمة لرفع الربحية من خلال تقديم أصول جديدة، أهمها شركة «أرامكو»، وكذلك مجموعة ضخمة من العقارات.
وأشار إلى أنه بعد تحويل أسهم شركة «أرامكو» إلى صندوق الاستثمارات العامة، سيصبح الصندوق الأكبر عالميا، كما أن الفائدة ستمتد لشركة أرامكو، عبر فوائد أخرى للاقتصاد، حيث إن الهدف من تحويل «أرامكو» هو تنويع الدخل المالي لاقتصاد البلاد.
وقال: «أغلب الاستثمارات في النفط، وما بقي أمامنا الآن هو تنويع الاستثمارات، وخلال 30 سنة من الآن سنصبح دولة ذات اقتصاد لا يعتمد بشكل رئيسي على النفط، وهذا سيتم من خلال عوائد صندوق الاستثمارات، وكذلك من مصادر أخرى للدخل نستهدفها، وهذا واحد من فوائد إدراج شركة «أرامكو» في سوق الأسهم، إضافة إلى الفائدة التي ستجنيها السوق ذاتها، والمنفعة التي سيحققها الاقتصاد السعودي بشكل عام، فضلا عن استمرارية شركة (أرامكو) ونموها».
وتأتي خطوة تنويع مصادر الدخل من خلال الصندوق السيادي مبادرة جديدة تعمل على تعزيز قدرات البلاد في مجالات عدة؛ وهو ما سيدعم الاستثمارات الداخلية والخارجية في قطاعات عدة.
ويعزز تنويع مصادر الدخل في التحويل إلى اقتصاد منتج، عبر الكيانات التي ستكون تحت مظلة صندوق الاستثمارات العامة كشركة أرامكو، التي ستتغير في توجهاتها واستراتيجيتها نحو شركة طاقة صناعية؛ الأمر الذي يفتح الباب إلى تعزيز تنافسيتها، كما هو الحال في شركة «سابك» التي يمتلك فيها الصندوق نسبة كبيرة؛ الأمر الذي سيغير من خريطة الاستثمارات السعودية في المستقبل القريب.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.