المخلافي لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر الكويت فرصة تاريخية لليمنيين لإحلال السلام

قبل انطلاق محادثات السلام بالكويت.. الميليشيات تضلل أتباعها بالحديث عن فترة انتقالية ودستور جديد

عبد الملك المخلافي خلال لقاء سابق بنائب مبعوث الأمم المتحدة كيني جلوك في الرياض بحضور عدد من المستشارين (سبأ)
عبد الملك المخلافي خلال لقاء سابق بنائب مبعوث الأمم المتحدة كيني جلوك في الرياض بحضور عدد من المستشارين (سبأ)
TT

المخلافي لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر الكويت فرصة تاريخية لليمنيين لإحلال السلام

عبد الملك المخلافي خلال لقاء سابق بنائب مبعوث الأمم المتحدة كيني جلوك في الرياض بحضور عدد من المستشارين (سبأ)
عبد الملك المخلافي خلال لقاء سابق بنائب مبعوث الأمم المتحدة كيني جلوك في الرياض بحضور عدد من المستشارين (سبأ)

استبقت الأطراف اليمنية المجتمعة اليوم في الكويت برعاية الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ، بتصريحات صحافية أرادت من خلالها الأطراف المتحاورة إيصال رسائل معينة تعبر عن موقفها من القضايا المثارة في جلسات المفاوضات.
وأكد رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عبيد بن دغر أن مؤتمر الكويت سيناقش الحل السياسي وليس الانتقال السياسي.
وقال إن هناك فرقًا بين الدعوة للحل السياسي لوقف الحرب وبين عملية الانتقال السياسي، لافتا إلى أن الانقلابيين يضللون ويروجون للانتقال السياسي الذي هو غير مطروح للنقاش في مفاوضات الكويت المزمع انطلاقها اليوم.
وأفاد الدكتور عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني، رئيس الوفد المفاوض عن الشرعية اليمنية، خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» بأن الحكومة ذاهبة للكويت من أجل مباحثات سلام، مشددا على أن الحكومة لن تكتفي بذلك، «بل ستحرص على صناعة السلام وإحلاله في البلاد، والسعي للوصول إلى نتائج إيجابية مرضية وفقًا للقرار الأممي (2216)، والعمل على استعادة الدولة واستقرارها وإنهاء الانقلاب». وأضاف: «نحن نأمل أن يلتزم الطرف الآخر (الحوثيون) بالمتطلبات التي وضعتها الأمم المتحدة، وجرى الاتفاق عليها بالمرجعيات الثلاث التي أكدتها أيضًا إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن، وهي: القرار (2216)، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني».
وأشار المخلافي إلى أن تنفيذ الانسحابات الذي يأتي ضمن النقاط الخمس للمبعوث الأممي؛ ومنها تسليم السلاح، والانسحاب الفوري من المناطق المحتلة، والإفراج عن المعتقلين، سيكون مدخلا للتوصل لاتفاق نهائي لاستئناف العملية السياسية ومدخلا أيضًا لإعادة الأوضاع في البلاد إلى الاستقرار.
وبدا المخلافي أكثر تفاؤلا بإحلال السلام في المحادثات المرتقبة في الكويت، مؤكدًا أن الحكومة الشرعية ترغب في السلام الحقيقي والدائم، مع تجنيب الشعب اليمني الحرب، مبينًا أن سنة واحدة من التباحث والمفاوضات أفضل من يوم واحد للحرب في ميدان القتال.
وأكد أن الحكومة وقعت على كل الاتفاقيات والعهود بشأن وقف إطلاق النار، أو الاتفاق مع الأمم المتحدة، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم، على أن يدعم بما يتوصل إليه في الكويت، مشيرا إلى وجود خروقات لا تزال ترتكب في بعض المناطق، داعيًا إلى ضرورة التزام الطرف الآخر (الحوثيون وصالح) بشأن العهود والمواثيق التي أبرموها.
وأفاد بأن الطرف الآخر (الحوثيون وصالح) لا يزال يتصرف – حتى الآن - على أساس أنه لن يذهب إلى مفاوضات سلام، مبينًا أنه على الرغم من تلك التصرفات، فإن الحكومة سوف تمارس أعلى درجات الصبر وضبط النفس والحرص على السلام.
وأشار المخلافي إلى أن الحكومة اليمنية عملت كل ما في وسعها مع المبعوث الأممي إلى اليمن، ووقعت على كل العهود والمواثيق، لافتًا إلى أن مشاورات السلام اليمنية برعاية الأمم المتحدة التي ستنطلق اليوم بالكويت، تمثل حدثا تاريخيا يجب عدم التفريط فيه، وأن على الطرف الآخر أن يقدم ما يضمن تخليه عن أسلوب الحرب، وأن عليه أن ينصاع إلى متطلبات السلام مع وجود حسن نية من قبلهم، مفيدًا بأن الكويت تشكل من حيث الموقع مكانا تاريخيا، وأن الكويت عملت ما في وسعها لإنجاح هذه المباحثات.
وأضاف أن هناك تغيرات ستطرأ على الوفد المفاوض عن الحكومة اليمنية، وهي الأسماء نفسها التي ذهب للمحادثات الأخيرة في سويسرا، باستثناء سالم الخنفسي بدلاً من الدكتور أحمد بن دغر الذي أصبح رئيسا للوزراء، وإضافة شخصين إضافيين هما عثمان مجلي وزير الدولة اليمني، والدكتورة ميرفت مجلي، على أن يكون العدد الإجمالي للوفد 14 فردا.
ومن المنتظر، وبحسب التسريبات الأولية، أن يعقد مؤتمر صحافي اليوم (الاثنين)، يجمع وزير الخارجية الكويتي مع المبعوث الأممي إلى اليمن.
وقالت مصادر حكومية في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» «إن المفاوضات ترتكز على خمس نقاط رئيسية، هي: تسليم السلاح الثقيل والمتوسط، والانسحاب من المدن، واستعادة مؤسسات الدولة، والمعتقلين، واستئناف الحوار».
وكشفت عن شروط جديدة طرحتها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية لتسليم السلاح الثقيل إلى الدولة وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي (2216)، مشيرة إلى أن هذه الشروط وإذا ما تمت فإنها ستعود بالعملية السياسية الواقفة جراء الحرب إلى ما قبل الحوار والحرب.
وأشارت إلى أن هذه الشروط هي عبارة عن ملاحظات قدمت من قبل الميليشيات التابعة للحوثي وصالح، وهذه الملاحظات تتعلق بمسودة القضايا المزمع مناقشتها في جلسات المباحثات.
وقالت إن من الاشتراطات المقترحة من الميليشيات تتعلق بتسليم السلاح الثقيل والمتوسط، وكذا الاعتراف بالشرعية ممثلة بالرئاسة والحكومة، إذ تقترح قيادة الميليشيات تسليم السلاح والاعتراف بالسلطة الشرعية فترة انتقالية، يتم خلالها الاتفاق على دستور البلاد الجديد غير الدستور الذي باتت مسودته جاهزة، وهي نتاج نقاشات وحوارات مؤتمر الحوار اليمني.
وأضافت أن الميليشيات الانقلابية ترفض مسودة الدستور المقر في الحوار الوطني، معللة رفضها بكون الدولة الاتحادية المقترحة في مؤتمر الحوار توزع البلاد إلى ستة أقاليم، مطالبة بإعادة صياغة الدولة الاتحادية، وعلى نحو يرضي كل الأطراف المتصارعة.
وحذرت من مغبة الاستجابة لتلك الاشتراطات التي اعتبرتها ناسفة لكل ما سبق وتوافقت عليه القوى اليمنية، وحصلت على دعم دول الإقليم والعالم، وكذا الشرعية الدولية المؤيدة بقرارات داعمة ومؤكدة للمبادرة الخليجية ووثيقة الحوار الوطني.
ولفتت إلى أن مفاوضات الكويت هي امتداد لمفاوضات جنيف الأولى والثانية، وجميعها تنطلق من مرجعية التسوية السياسية المتمثلة أساسا بمبادرة دول الخليج وقرارات مجلس الأمن الدولي وخصوصا القرار الدولي 2216، منوهة بأن أي مباحثات أو تفاهمات أو مفاوضات مرجعيتها هذه المبادرة والحوار الوطني وقرارات الشرعية الدولية، وأي التفاف عليها يعني نسفًا لكل ما سبق.
من جهته، قال الناطق باسم جماعة الحوثيين ورئيس وفد الجماعة إلى مفاوضات الكويت، محمد عبد السلام، إن جماعته مستعدة لحل الأزمة اليمنية حلا عادلا، واستبق عبد السلام مفاوضات الكويت بتطمينات أراد إيصالها للداخل والخارج.
وقال ناطق الجماعة في منشور له على صفحته في «الفيسبوك»: «مستعدون في مفاوضات الكويت لحل عادل لقضية الجنوب، وقضية صعدة، وأن يتفق اليمنيون على شكل الدولة الاتحادية».
وأضاف: «مطلبنا هو أن تكون هناك سلطة توافقية في مرحلة انتقالية محددة يتم خلالها البت في كل مسائل الخلاف السياسي المتعلق بمخرجات الحوار الوطني، معربًا عن استعداد جماعته لتسليم السلاح الثقيل إلى الدولة».
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قال إن المشاورات المقبلة بين ممثلين عن الحكومة اليمنية والانقلابيين الحوثيين وأتباع الرئيس صالح تهدف إلى التوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الصراع، واستئناف حوار وطني جامع وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2216 وقرارات مجلس الأمن الأخرى ذات الصلة.
وأضاف ولد الشيخ في كلمته أمام جلسة مجلس الأمن الجمعة الماضية أن المحادثات ستركز على إطار يمهد للعودة إلى انتقال سلمي ومنظم بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وأشار إلى أنه سيطلب من المشاركين في المشاورات «وضع خطة عملية لكل من النقاط التي سوف ننطلق منها وهي الاتفاق على إجراءات أمنية انتقالية، وانسحاب الميليشيات والمجموعات المسلحة؛ وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة؛ وإعادة مؤسسات الدولة، واستئناف حوار سياسي جامع، وإنشاء لجنة خاصة للسجناء والمعتقلين».
إلى ذلك ما زال مصير علي عبد الله صالح، رئيس اليمن السابق الذي حكم البلاد 33 عاما إلى أن أطاحت به احتجاجات الربيع العربي عام 2012 والذي تحالف مع الحوثيين غير محسوم، وهذا من شأنه أن يعقد خطط التحول السياسي. ويشارك حزب صالح في المحادثات لكن الرئيس السابق رفض مغادرة المشهد السياسي اليمني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.