جباري لـ«الشرق الأوسط»: لدينا كامل الصلاحيات للتوقيع على اتفاق يضمن تنفيذ {2016}

قال إن الحديث عن اتفاق «السلم» كلام «عبثي» بهدف إفشال مشاورات الكويت

عبد العزيز جباري
عبد العزيز جباري
TT

جباري لـ«الشرق الأوسط»: لدينا كامل الصلاحيات للتوقيع على اتفاق يضمن تنفيذ {2016}

عبد العزيز جباري
عبد العزيز جباري

وسط تعقيدات مربكة بالمشهد اليمني وتناقضات الأحداث على الأرض والتصريحات التي يطلقها المتمردون، تنطلق اليوم المشاورات اليمنية في الكويت بين الفريق الحكومي، وفريق المتمردين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. ويضغط المجتمع الدولي عبر الأمم المتحدة والدول الـ18 المشرفة، على الأطراف للتوصل لاتفاق يفضي لتطبيق القرارات الدولية، والخروج بحل سلمي يضمن إنهاء الحرب التي تعيشها البلاد منذ أكثر من سنة وراح ضحيتها الآلاف.
وقال لـ«الشرق الأوسط» عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية عضو الفريق الحكومي، إن القيادة السياسية أعطت الفريق كامل الصلاحيات للتوقيع على أي اتفاق يفضي لعودة مؤسسات الدولة وانسحاب الميليشيات، وإطلاق سراح المحتجزين والمختطفين، بما يضمن مصلحة الشعب اليمني ويعيد الاستقرار للبلاد.
وأضاف جباري أن مرتكزات مشاورات الكويت تم الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة، وهي القرار الدولي «2216»، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، التي تعد جميعها المرجعيات الأساسية والوحيدة للمشاورات الحالية أو أي مشاورات مقبلة.
وكشف الوزير جباري أن الجلسة الافتتاحية ستتضمن كلمات ترحيبية من قبل المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وكذا حضور نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، إضافة إلى مسؤولين في مجلس التعاون الخليجي. وسوف تلقي الوفود كلمات افتتاحية. وتابع: «في الجلسة الثانية، سيتم الحديث عن القضايا الأساسية؛ وهي: تطبيق قرار مجلس الأمن، والانسحاب من المدن، وتسليم مؤسسات الدولة، وسلاح الجيش، إضافة إلى إطلاق سراح المختطفين والمحتجزين».
وفي رده على حديث الحوثيين وصالح عن تشكيل سلطة انتقالية على أساس ما يسمى اتفاق «السلم والشراكة» قال جباري: «إن هذا دليل على استمرارهم في اللعب بالأوراق بهدف إفشال مشاورات الكويت، والالتفاف على القضايا المطروحة فيها»، مضيفا: «عليهم أن يسعوا لإنجاح المشاورات، وأن يحضروا بجدية ورغبة كاملة في الالتزام بالقرار الدولي».
وأوضح الوزير جباري أن اتفاق «السلم والشراكة» جرى توقيعه في أجواء ما بعد سيطرة الميليشيات على صنعاء، و«قد ارتضت القوى السياسية آنذاك بالاتفاق بهدف الحفاظ على مؤسسات الدولة وإمكاناتها، وحفظ مؤسسة الجيش، لكن ما حدث بعدها، كان مخالفا للاتفاق، وكان الانقلابيون هم أول من نقضه وانقلبوا عليه، لذا الحديث عن مثل هذه المشاريع نوع من العبث».
وبخصوص المختطفين والمحتجزين، لفت جباري إلى أن الحكومة لديها قاعدة وسجل بيانات بجميع المختطفين والمحتجزين، و«هم من القيادات العسكرية والسياسية والناشطين، وعلى رأسهم وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي والعميد فيصل رجب، ومنصور هادي، ومحمد قحطا، وسيتم طرح قضيتهم ضمن أوليات النقاشات في الكويت».
وكان الحوثيون وقبل يوم من المشاورات استدعوا ما يسمى «اتفاق السلم والشراكة» الذي وقعته الأحزاب اليمنية ليلة احتلال العاصمة صنعاء من قبل ميليشيات الحوثي وصالح في سبتمبر (أيلول) 2014.
وذكرت المصادر التابعة للانقلابيين أن «المجلس السياسي»، وهو أعلى هيئة سياسية بالجماعة، عقد اجتماعا مع أحزاب سياسية موالية وقعت على اتفاق السلم، بصنعاء. الاجتماع طرح مقترح سلطة انتقالية جديدة، تتمثل في مجلس رئاسي وحكومة توافقية، مشددين على أهمية تحديد أجندة وجدول أعمال المشاورات المقبلة بشكل واضح، بما يكفل أولوية الحل السياسي، و«التوافق على سلطة انتقالية جديدة تمثل الوعاء التوافقي الجامع لتنفيذ الآليات والترتيبات المطلوبة».
ويعد «اتفاق السلم والشراكة» أولى خطوات الانقلاب على الحكومة الشرعية، التي أرغمت على التوقيع مع الحوثيين وصالح على الاتفاق تحت تهديد البنادق، وبعد اجتياح صنعاء بأكثر من 30 ألف جندي من الميليشيات.
ويقول الدكتور نجيب غلاب، رئيس «مركز الجزيرة للدراسات»، لـ«الشرق الأوسط» إن «اتفاق السلم والشراكة» كان «بوابة الولوج لشرعنة الانقلاب الذي خطط له عبر تحالفات معقدة، ولم يكتشف دور الخلية الإيرانية فيه إلا بعد خراب مالطا»، مضيفا: «الاتفاق كان البيان الأول للانقلاب، والتعامل معه يمثل خيانة سياسية للبلاد وللمبادرة الخليجية، لأنه كان فخا متقنا، وكل ما حدث باليمن بعده كان مرتكزا على هذه الاتفاق السيئ».
وأوضح غلاب: «حديث الانقلابيين عن هذا الاتفاق وقبيل المشاورات هو محاولة لإحياء هذا الاتفاق، والإيحاء بإمكانية بعثه، وبناء سلطة الأمر الواقع على أساسه، وتجاوز مقررات مجلس الأمن والمبادرة الخليجية، والهدف ممارسة الضغط لتقوية موقفهم التفاوضي ومخططاتهم التي ترتكز على خلق اتفاق جديد يتجاوز كل الاتفاقات السابقة وينتج وثيقة جديدة قريبة من (وثيقة السلم والشراكة)». ولفت إلى أن «أطراف الانقلاب لا تزال تقامر وهي مذعنة، وما زال صالح يتلاعب بها رغم أنه رهينة بين يديها، وهي تداريه، وتحاول تطمينه لتنقض عليه».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.