المطاعم اللبنانية.. سفيرة بامتياز

تشهد أعلى نسبة انتشار في العالم العربي من خلال قطاع الامتياز

«عبد الوهاب} عنوان الأكل اللبناني اللذيذ  في بيروت ودبي
«عبد الوهاب} عنوان الأكل اللبناني اللذيذ في بيروت ودبي
TT

المطاعم اللبنانية.. سفيرة بامتياز

«عبد الوهاب} عنوان الأكل اللبناني اللذيذ  في بيروت ودبي
«عبد الوهاب} عنوان الأكل اللبناني اللذيذ في بيروت ودبي

لا يزال المطبخ اللبناني بعراقته وجودته يشق طريقه إلى العالمية بشكل لافت. فهو أصبح منتشرا بصورة كبيرة في بلدان العالم أجمع ولا سيما في الدول العربية.
وقد ساهم هذا الانتشار في ترك آثاره الإيجابية، أن لدى اللبناني المقيم في تلك الدول، أو لدى المواطن ابن البلد المستضيف لتلك المطاعم.
فالقاعدة الذهبية التي يرتكز عليها هذا الانتشار، تتمثّل بالجودة والنوعية اللتين تسودان تلك الخدمة بكلّ تفاصيلها. فاليوم يتصدّر لبنان لائحة قطاع التراخيص «الفرانشيز» بين سائر البلدان العربية الأخرى، بحيث تؤكّد الجمعية الخاصة بهذا القطاع بأنه يساهم في نموّ 4 في المائة من الاقتصاد اللبناني.
«كاسبر أند غامبيني» و«السلطان إبراهيم» و«أم شريف» و«عبد الوهاب» و«حلويات البابا» و«كبابجي» و«سمسم» و«كيف» و«كريباواي» و«ديو» و«بابل» وغيرها، تشكّل اللائحة الطويلة التي تضمّ أسماء تلك المطاعم اللبنانية والتي يصل عددها إلى المائة.
وتعدّ المطاعم اللبنانية واحدة من المنتجات الأكثر رواجا والتابعة لهذا القطاع، بحيث يملك بعضها أكثر من فرع، كما أنها لا تقتصر فقط على المطبخ اللبناني بل أيضا على كل المطابخ العالمية.
قطاع «الفرانشيز»
سفير لبنان فوق العادة
يصف رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز شارل عربيد قطاع «الامتياز» أو Franchise، بأنه بمثابة سفير فوق العادة للبنان. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هو سفير بامتياز كونه يقدّم الصورة المشرقة للبنان، ومن خلاله ينتشر اسم بلاد الأرز في أرجاء العالم.» ويضيف: «كما أن هذا القطاع يؤمّن 99 ألف وظيفة وأكثر من 5500 نقطة بيع في لبنان. فلقد أصبح لدينا اليوم 1500 مفهوم تسويقي بين امتيازات لبنانية وأجنبية مصدرها لبنان، وقوّة هذا القطاع تكمن في كونه يستطيع تحمّل الصدمات الاقتصادية أكثر من غيره ولو بنسبة قليلة».
ويتابع: «إن أي منتج يتبع «الفرانشيز» فهو يدخل بصورة مباشرة في خانة الجودة كونه علامة معروفة. وهذه الضمانة نستمدّها من الانتشار الواسع وتراكم في الخبرة». وعن سبب تحقيق اللبناني أكثر من غيره نجاحا في هذا المجال يردّ شارل عربيد: «لأننا وبكل بساطة نعتبر مجتمعا اقتصاديا قائما على الفنّ والذوق والإبداع. والقيمة الإضافية التي في استطاعتنا تقديمها أيضا، تاتي في مجال جودة منتجاتنا وخدماتنا في هذا القطاع الذي يعتبر صناعيا أيضا».
وهنا تجدر الإشارة إلى أن كلمة «فرانشيز» تعني التعاون التجاري بين شركتين مستقلّتين كلّيا، فقطاع الامتياز يرتكز على هذا المبدأ، بحيث تستثمر شركة خارجية اسم مطعم معيّن، إلا أن تواصلا مستمرًا يسود هذه العلاقة للإبقاء على هويتها الأصلية.
«مشكلات كثيرة لدينا في لبنان، إلا أن عندنا مناعة كافية لتخطّي جميع العقبات، ولعلّ هذه الامتيازات التي تترجم أسلوب عيشنا، تبقى أفضل وسيلة للحفاظ على وجه لبنان السلام». يختم شارل عبيد حديثه.
*مطاعم ومقاهي لبنانية الهوية وأخرى أوروبية الأسلوب حلّق بها اللبناني في سماء العالمية
لا يقتصر دخول قطاع «الامتياز» اللبناني البلدان العربية فقط، فهو استطاع دخول بلدان أوروبية وأفريقية وأميركية أيضا.

«سمسم»

ينتشر مطعم «سمسم» في عدد من الدول العربية والأجنبية معا. فإضافة إلى فرعه الأساسي في لبنان، لديه فروعه في الكويت والسعودية وعمان وأميركا.
أما مطبخه فهو يدمج ما بين الأطباق اللبنانية التقليدية وتلك النابعة من المطبخ الحديث.
فطبق التبولة مع العدس مثلا والمستوحى من إحدى القرى اللبنانية، والحمّص بالطحينة مع السماق والصعتر، الذي هو واحد من ابتكارات فريق الطهاة العاملين فيه، وكذلك كبّة الدجاج تعدّ من أشهر أطباقه المعروفة. وقد آثر أصحابه على أن يكون هذا المطعم خير مثال عن المطبخ اللبناني الذي يحلمون به. ولذلك فهو يتمتّع بهوية مطبخ خاصة فيه.

«كاسبر أند غامبيني»

شهرة مطعم «كاسبر أند غامبيني»، تعود إلى عام 1996، جعلته يلامس بلدانا كثيرة. فهو يوجد في الكويت والسعودية ومصر كما في الأردن وقطر والبحرين وكردستان وعمان وبريطانيا.
أما هويّة هذا المطعم الذي يصنّف من نوع (المقهى - المطعم) ويعود لآل معلوف فتتمثّل بأطباقه الخفيفة والحديثة معا.
وقد حاز على أكثر من جائزة عالمية وقد صنف الأول في مسابقة «الكوب الذهبي»، من خلال خليط القهوة التي يعتمدها بخصائص أميركية. وكذلك جاء في المركز الأول في «توب شيف» العربي، والأول في بطولة تحضير قهوة «باريستا» على مدى ثماني سنوات متتالية.

«سوشيكو»

تأسس مطعم «سوشيكو» في عام 2002، ونال شهرة واسعة في لبنان كونه أول من قدّم أطباقا شهيّة من المطبخ الياباني. شهرته هذه أوصلته إلى رومانيا حيث يملك فيها اليوم أربعة فروع.
بدأ عمله في كشك خشبي صغير مركزه في منطقة انطلياس، فاتسّم بطابع (الدلفيري)، كون مجمل طلباته كانت محليّة وتقوم على إيصالها إلى البيوت. بعدها تطوّرت أعماله لتصبح مؤلّفة من سبعة فروع، أربعة منها في لبنان وثلاثة في بوخارست.

«ليلى»

كان هدف مطعم «ليلى» منذ تأسيسه في عام 2006، أن يحمل الأطباق اللبنانية التقليدية لتكون بمثابة أيقونة في مجال الغذاء ولتصبح بعدها جواز سفر ينقلها إلى العالمية. أطباقه المعدّة بدقّة من مكوّنات طعام اختيرت من القرية اللبنانية، كالفتّوش والتبولة والمتبّل وجبنة الحلوم المشوية مع مربى التين وغيرها. فـ«ليلى» حسبما تذكر القصة الخيالية المتعلّقة بتاريخه، كانت تساعد جدّتها في تحضير الطعام من حديقة منزلهما الخاصة. وعندما كبرت حلمت بأن تأخذ أطباق جدّتها إلى العاصمة. ومن هناك كبر حلمها ليصل إلى الكويت والبحرين ودولة الإمارات العربية ومصر وقطر.

«عبد الوهاب»

عندما افتتح مطعم «عبد الوهاب» أبوابه في عام 2000 في منطقة الأشرفية، أخذ على عاتقه تقديم أطباق المازة اللبنانية على أصولها، إضافة إلى أطباق أخرى تقليدية كالكباب والدجاج واللحم المشوي.
ولم تقتصر نوعية زبائنه على أعمار من فئة محددة، فهدفه كان استقطاب الشباب اللبناني كما الأعمار المتوسطّة، وغيرهم من ذوّاقي الأطباق اللبنانية الشهية. كما أن أجواءه المريحة وديكوراته البسيطة جذبتا اللبنانيين كما السياح الأجانب فصار عنوانا معروفا لديهم.
تنتشر فروع «عبد الوهاب» في عدد من البلدان العربية، في السعودية وفي إماراتي دبي وأبوظبي والبحرين ومصر وأربيل وقطر.

«ديو»

يشتهر بتقديم أطباق من مختلف مطابخ العالم. فلائحته غنيّة بأطباق إيطالية ويابانية وفرنسية ومجموعة من السلطات اللذيذة.
استرعى «ديو» انتباه زبائنه منذ اللحظة الأولى لافتتاح أبوابه، فقد جاهد كي يؤمّن لهم الأجواء التي تناسب كلّ شريحة أعمار تقصده. فهو عادة ما يواكب الشباب بأطباق مميزة يطلقها بين الحين والآخر لمساندة حركة إنسانية أو جمعية خيرية. اليوم وسّع مطعم «ديو» نشاطاته لتصل إلى دولة الإمارات العربية وليصبح واحدا من بين مطاعمها المعروفة.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.