الجزائر تتهم باريس بتدبير مناورة ضد الرئيس بوتفليقة

أويحي يتحدث عن وجود حقودين لم يقتنعوا بأن البلاد نالت استقلالها

الجزائر تتهم باريس بتدبير مناورة ضد الرئيس بوتفليقة
TT

الجزائر تتهم باريس بتدبير مناورة ضد الرئيس بوتفليقة

الجزائر تتهم باريس بتدبير مناورة ضد الرئيس بوتفليقة

عبرت الحكومة الجزائرية عن استياء بالغ من رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس؛ وذلك بسبب نشره صورة له مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بدا فيها متعبا للغاية؛ وهو ما أثار من جديد الجدل حول «مدى قدرته على الاستمرار في الحكم». فيما يجري بالجزائر حاليا، حديث عن «مرحلة ما بعد بوتفليقة».
وجاء رد فعل الحكومة أمس على لسان وزير الدولة ومدير الديوان بالرئاسة، أحمد أويحي، الذي قال بالعاصمة في اجتماع لكوادر الحزب الذي يتزعمه «التجمع الوطني الديمقراطي»: إن «فرنسا تريد إقامة شراكة مميزة مع الجزائر، لكن يوجد فيها حقودون لم يقتنعوا بعد بأن الجزائر الخاضعة للوصاية، في نظرهم، قد زالت منذ أكثر من نصف قرن، وأن الجزائر مستقلة وكاملة السيادة بفضل تضحية مليون ونصف مليون شهيد، رحمهم الله وأسكنهم فسيح جنانه».
وهاجم أويحي «مستعمرين لا يمكنهم قبول أن تكون جزائر مستقلة تدافع على مصالحها، ولا يهضمون كذلك جزائر تندد بالمساس بمؤسساتها، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، كما لا يروق لهم رؤية جزائر تدافع عن مصالحها الاقتصادية».
ويقصد أويحي بكلامه صورة وضعها فالس في حسابه بـ«تويتر»، الأحد الماضي بمناسبة زيارة رسمية للجزائر، ظهر فيها إلى جانب الرئيس الجزائري، وبدا على ملامح بوتفليقة الإرهاق في الصورة، وقد خلف ذلك انطباعا بأن حالته الصحية تزداد سوءا، علما بأن السلطات الجزائرية شديدة الحساسية لما يقوله الأجانب عن صحة بوتفليقة.
وأضاف أويحي، منتقدا الفرنسيين: «لقد كان رد فعل أولئك الحقودين في فرنسا (ضد حرص الجزائر على الدفاع عن مصالحها)، عبر استغلال دنيء لصورة الرئيس بوتفليقة، وكأننا لم نشاهد نحن كذلك صورة مسؤولين سامين فرنسيين، حتى وهم يتمتعون بكامل صحتهم، يستسلمون للنوم العميق خلال نشاطات رسمية»، في إشارة ضمنية لصورة تم تداولها العام الماضي في شبكات التواصل الاجتماعي لوزير خارجية فرنسا السابق لوران فابيوس، يظهر فيها نائما في مؤتمر دولي.
وطال هجوم أويحي أيضا أحزابا ووسائل إعلام جزائرية، تناولت الصورة من الجانب الذي يخدم الفرنسيين، حسب وزير الدولة؛ إذ قال بهذا الخصوص «لقد راهن أولئك الحقودون في الخارج على أبواقهم هنا في الجزائر لزعزعة الرأي العام الوطني، وذلك من خلال الاستغلال الدنيء لصورة فخامة رئيس الجمهورية.. وإننا في التجمع الوطني الديمقراطي نندّد بأقصى شدة بهذا العمل الشنيع الذي قام به أولئك الحقودون في فرنسا، وكذا بتصرف بعض وسائل الإعلام الفرنسية التي سارت على خطاهم، كما نندّد بنفس الشدّة بأبواق أولئك الحقودين الأجانب المتواجدة هنا في الجزائر».
وتابع خطابه الناري ضد معارضي بوتفليقة في الداخل بقوله «سبق لي في إحدى مداخلاتي أن استنكرت جزءا من المعارضة في بلادنا لكونها تتواصل مع الحقودين على بلادنا في الخارج لنقل رسائلهم هنا في الجزائر، وها نحن نعيش حاليا حلقة جديدة من ذلك المساس بالجزائر، من خلال قصة صورة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وفي الواقع ما هذه القصة إلا مناورة مدبّرة ومنسّقة في باريس وفي الجزائر».
وبحسب أويحي، فإنه «حتى لو أن الوعكة الصحية التي أصابت رئيسنا، شفاه الله وأطال في عمره، قلّصت من قدراته البدنية، إلا أنها عززت في الوقت نفسه، تضامن شعبنا والتفافه القوي حول المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الجمهورية، وما على المشككين في ذلك إلا أن يسألوا مواطنينا ومواطناتنا في عمق الجزائر، وفي أحياء مدنها. إن شعبنا يثق كل الثقة في رئيسه الذي يتولى تسيير شؤون البلاد بخبرته العالية، وبإيمانه القوي، وبوطنيته الخالصة».
وأضاف مجددا ولاءه للرئيس «إن الشعب الجزائري السيد هو الذي أعاد انتخاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوم 17 أبريل (نيسان) 2014 لتولي سدّة الحكم في البلاد، وبدوره عزم فخامة رئيس الجمهورية، بعون الله، على العمل بتفان وإخلاص طوال عهدته الخماسية، مثلما أكده شخصيا منذ فترة وجيزة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.