مقتدى الصدر لـ {الشرق الأوسط}: الإرهاب هو الحاكم في العراق

أكد أن العلاقة مع السعودية «مقدسة» وأقر بتدخل إيران في البلاد

مقتدى الصدر {الشرق الأوسط}
مقتدى الصدر {الشرق الأوسط}
TT

مقتدى الصدر لـ {الشرق الأوسط}: الإرهاب هو الحاكم في العراق

مقتدى الصدر {الشرق الأوسط}
مقتدى الصدر {الشرق الأوسط}

قبيل الوصول إلى منزله في حي «الحنانة»، وهو من الأحياء النجفية العريقة، نمر بجانب شاهد عبارة عن منارة صغيرة بنيت من المرمر الأبيض تتصدره صورة آية الله محمد محمد صادق الصدر، ونجليه مؤمل ومصطفى. هنا في هذا المكان بالذات تم اغتيال السيد الصدر ونجليه في 14 فبراير (شباط) 1999.
يقول مرافقي لي، وهو شاهد عيان، واصفا الحدث: «كانت سيارة القتلة، من نوع (أولدزموبيل)، تتربص بهم هناك عند زاوية الشارع، وما إن استدارت سيارة السادة في طريقهم إلى بيتهم حتى انهال عليهم الرصاص من كل جانب، فجنحت السيارة واصطدمت بشجرة سدر كانت في المكان، وفر المجرمون». وأشار إلى أن «قصي صدام حسين (نجل الرئيس الراحل) كان مسؤول جهاز الأمن الخاص، وهو من خطط وأشرف على تنفيذ الجريمة»، حسب قوله.
نجتاز بوابة يقف عندها اثنان من الحراس، علما بأن الحراسة ليست مشددة، بل بسيطة قياسا بحراسات شخصيات حكومية أقل وزنا. يستقبلنا مساعده السيد عون، وهو شاب نبيه ولبق، يرتدي الزي الإسلامي والعمامة السوداء ليقودنا مباشرة إلى بيت السيد مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، الذي استقبلنا بحفاوة وابتسامة خففت الكثير من معاناة التوقعات المسبقة لأول لقاء بيني وبين الزعيم الشيعي الشاب، الذي خص «الشرق الأوسط» بأول حوار مطول له لصحيفة عربية هي.
الصالة تتصدرها صورتا عمه آية الله محمد باقر الصدر، المفكر الإسلامي والأب الروحي لحزب الدعوة، الذي جرى إعدامه في مساء يوم 9 أبريل (نيسان) 1980 مع شقيقته بنت الهدي بأمر من الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وصورة والده الراحل آية الله محمد محمد صادق الصدر. ما يميز الحديث مع زعيم التيار الصدري هو بساطته، فهو يقول ما يؤمن به مباشرة، وتقشفه في الإجابة وكذلك في أثاث بيته وحياته، حتى إنه يشعر المتحاور معه بالراحة مختصرا المسافة أمامه. وما يجعله مختلفا أنه نجل المرجع العراقي العربي الوحيد بين مراجع خلفياتهم إيرانية وباكستانية وأفغانية.. وفي هذا الحوار كشف الصدر عن خطورة الأوضاع بروح ليست متفائلة.
وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف ترى الأوضاع في العراق.. وإلى أين تمضي في اعتقادكم؟
- قلت.. وما زلت أقول إن الأوضاع في العراق في خطر.. وليس العراق اليوم في قمة الخطر وحسب، بل إن هناك ما هو أكثر من ذلك مقبل على العراق. فالعراق بات الآن أسير الإرهاب، وأسير التشدد والعنف. فالحاكم في العراق هو الإرهاب والسيارات المفخخة والقتل والدم، وليس من أي شيء يحكم وليس من قوانين سوى الموت هو الذي يحكم.. هذا هو العراق وهذه هي أوضاعه.
* كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد.. ومن قادها إلى هذا الوضع؟
- برأيي سبب ذلك هو عدم وجود شخصية أبوية حاكمة.. لو كان هناك حاكم أب راعٍ لكل أطياف المجتمع لما آل الوضع إلى ما هو عليه.. بالإضافة إلى السبب الرئيس وهو «هدام» (صدام حسين) والاحتلال.
* أنتم من أوصلتم من يحكم العراق اليوم، ولنسمِّه نوري المالكي، رئيس وزراء العراق، إلى الحكم للمرة الثانية، واليوم تتحدثون ضده؟
- نعم، هذا صحيح.. فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم.
* ما وجه الاضطرار في الموضوع؟
- حاولت أن يتم تكليف غيره لرئاسة الحكومة.. حاولت في سوريا أن يتم تكليف الدكتور إياد علاوي ولم ننجح.. حاولت أن يتم تكليف الدكتور عادل عبد المهدي (القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي ونائب رئيس الجمهورية السابق) ولم ننجح، وحاولت مع أطراف أخرى وأيضا لم ننجح حتى إنه تمت تسميتي بصانع الملوك. كان مجيئه واقعا.. كان هناك ثوب وألبسوه إياه.. بل كان تقريبا قد لبسه وأنا أتممت إلباسه له.
* هل كانت هناك ضغوط خارجية دفعت إلى اختيار المالكي لرئاسة الحكومة؟
- ضغوط بالمعنى الحقيقي؟.. لا.. وإنما ومثلما قلت لكم هو اضطرار.. وليس هناك أفضل من وصف الاضطرار لأنه صارت علي ضغوط عامة حتى من قبل الشعب.. وقيل إن من يؤخر تشكيل الحكومة هو مقتدى، لهذا اضطررت إلى أن لا أكون في مواجهة الشعب وأن أتهم بتأخير الحكومة، لهذا اضطررت إلى أن أختار ما هو موجود (هلموجود) إن جاز التعبير.
* هل تعتقدون أن المالكي سيبقى لولاية ثالثة كرئيس للحكومة؟
- سيبقى.. مع هذا الوضع الشعبي والوضع السياسي سيبقى ولمدى الحياة.
* مع أن الوضع الشعبي يبدو ضده (المالكي)؟
- يبدو ضده.. لكن في الحقيقة هناك معطيات أخرى غير الوضع الشعبي.. هناك مفوضية الانتخابات، وهناك الأعوان، وهناك الدعم الخارجي، ودعم داخلي.. هناك أمور كثيرة ومقومات أخرى تقوم الحكومة وليس فقط الشعب، هذا ما عدا وجود المخططات السياسية، وقد يتعاون مع الأكراد من جديد، ويتعاون مع (أسامة) النجيفي من جديد، ويتعاون مع (العرب) السنة من جديد، وقد تحدث قصة جديدة ويحصل من خلالها على الأصوات من أجل أن يبقى. هذا ما أقوله أنا.. وأرجو أن تكتب ذلك وتثبته، هذا إذا قامت انتخابات برلمانية في العراق من أصله، مرة أخرى وفي موعدها.. قد يتم تأجيلها وقد تؤجل إلى أجل غير مسمى. وقد تحدث أمور أخرى.
* هل تعتقدون أنه مثلا قد تفرض أحكام عرفية أو طوارئ في العراق تمكن المالكي من البقاء في الحكم من دون الحاجة إلى الانتخابات؟
- أحسنت.. هي هذه الأمور الأخرى.. وما قد يترتب على إلغاء الانتخابات فأنت كإعلامي تعرف.
* لكن بعض المراقبين يقولون إن الحكومة القادمة سيشكلها التيار الصدري.. ما رأيكم في ذلك؟
- إذا كتب للتيار الصدري تشكيل الحكومة القادمة بروح وطنية وبروح أبوية فأنا معه، وإلا فأنا ضد التيار الصدري إذا اقترف هذه الذنوب التي تقترفها الحكومة اليوم. أنا لست صاحبا (صديقا) لأحد، أنا صاحب الشعب العراقي.. أنا صاحب العراق. إذا العراق استفاد فأنا معه وإذا لا.. فلست معه. أنا معروف عني أستنكر وأصدر تعليمات كصاكيص (أي الأوراق القصيرة المقصوصة) ضد من ينتمي إلي أكثر مما أصدرها بحق الآخرين.
* ما قصة اعتزالكم للعمل السياسي ومن ثم عودتكم عن هذا القرار؟
- هذا من اليأس.. ليس اعتزالا من العمل السياسي، بل من اليأس.. المثل يقول اليد الواحدة لا تصفق. أنا أسمع الكثير من الملاحظات والتعليقات ضدي مثل: أنت صرت ضد الشيعة، أو أنت تغرد خارج السرب، أو يصفونني بأني أمشي خارج القواعد السياسية والقانونية. أنا أمشي مع القواعد الشعبية، مع القواعد الإلهية. الذي أجده يمليه علي ضميري وقواعد الشعب ومخافة الله أنفذه. هناك عجلة تقدم خارجية وداخلية في العراق، وأنا صرت عصا في داخل هذه العجلة، ويريدون أن يكسروني ولا يستطيعون ذلك.
* ما المسافة بينكم كتيار وبين الهيئة السياسية وكتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري البرلمانية؟
- العلاقة جيدة لكن انتقاداتي مستمرة للبعض الذي يقصر في عمله ولمن يسيء، وهذا موجود، ونحن لا نقول إن كتلة الأحرار البرلمانية أو الهيئة السياسية معصومة من الخطأ، ولعلي أستطيع القول إنها أقل سوءا من الآخرين.
* هل هناك فساد مالي في التيار الصدري أو الهيئة السياسية أو كتلة الأحرار؟
- لا أخفي عليك، أنا أبحث وأرصد أي حالة فساد في التيار الصدري أو الهيئة السياسية أو كتلة الأحرار، وإذا اكتشفت وجود فساد فسوف أكشفه للعالم اليوم قبل الغد.
* ما قصة استقالة قصي السهيل، نائب رئيس البرلمان وقيادي في التيار الصدري، وعودته؟
- نحن نسميها «طنة».. يعني زعلة خفيفة، وعاد، وليس هناك أي إشكال، لكننا نتمنى منه أن يكون جادا في عمله أكثر، ونافعا للمجتمع أكثر، هذا ما نريده منه.. أنا شديد معهم، وأضغط عليهم كثيرا، وهذا يعرفه عني المقربون مني، لهذا هم ينفرون قليلا.
* هل تتابعون تفاصيل عمل ونشاط ورواد التيار الصدري أو كبار المسؤولين منهم؟
- ليس جميعهم، لكني أتابع بعضهم بالتفاصيل، ولا أخفي عليك أتابع محافظ بغداد أولا بأول وبالتفاصيل المملة.
* هل اكتفيتم بدراستكم الحوزوية أم ستعود إليها في قم؟
- أنا اكتفيت ولكن فوق كل ذي علم.. عليم، امنحني الفرصة والوقت وسأواصل الدراسة، لكن مشكلات العراق ومشكلات شعبنا والمشكلات السياسية قد ألهتني عن مواصلة الدراسة، إضافة إلى وجود ظروف اجتماعية أخرتني عن الدراسة.
* هل ستتصدى للمرجعية (أن تكون مرجعا)؟
- أقول لك هم وأنا بهذا الوضع لا يتحملونن،ي فكيف إذا بي أتصدى للمرجعية وأصير مرجعا دينيا؟ بالتأكيد هذا هدفي، وهو أن أكون مجتهدا (فقهيا)، والتصدي للمرجيعة هو غير الاجتهاد، فعلى الأقل أن أكون إماما ربيا (منضبطا)، أموري في الاجتهاد الفقهي، أما المرجعية فهذا أمر آخر.
* الفقه الشيعي لا يميز بين مرجع عربي عراقي وآخر غير عربي وليس عراقيا، ولكن لماذا ليس هناك مرجع شيعي عربي عراقي؟ أم أنه ليس من حقنا أن نطرح مثل هذا السؤال؟
- بالتأكيد من حقكم. وإجابة على سؤالكم أقول إن ظروف العراق هي التي حتمت هذه الأوضاع، ففي إيران مثلا هناك استقرار أمني، والظروف مهيأة للدراسة، وأنا اطلعت وعشت نظامهم الحوزوي في إيران، وهو نظام رائع حيث هناك انسيابية في الدراسة، يمضي الدارس في دراسته حتى يصير مجتهدا. هنا (في النجف) هناك آلاف العراقيل حتى يصير الشخص طالب حوزة وليس حتى يكون مجتهدا، مجرد لبس العمامة يواجه المئات من العراقيل، هنا نحتاج إلى انسيابية. ثم إن هناك في إيران يوجد رأس هرم بينما هنا في العراق رأس الهرم هذا تقريبا غير موجود، كل واحد يجر نحو جهة معينة، هذا يقول أنا من الطرف الفلاني وذاك يقول أنا من الطرف الفلاني، لهذا ضائعة هنا بعض الشيء.
* هل تقصدون برأس الهرم المرجعية؟
- في الحوزة العلمية عامة، بالإضافة إلى الظروف السياسية التي عمت في العراق، الجميع يريد مغنما سياسيا، لم يعد أحد يريد مغنما حوزويا.
* هل لا يزال جيش المهدي الذي هو تحت قيادتكم، موجودا؟
- نعم، لكنه مجمد.
* ما مدى علاقتكم بعصائب أهل الحق، هل لا تزال متوترة؟
- هم الآن (خطية) يأتون إلينا ويجلسون معنا ويعودون إلى صفوف التيار ويوحدونها، لا يوجد عصائب، بل يتركون العصائب ويعودون إلى التيار وينضمون إلينا إذا جاز التعبير، وما بقي من العصائب صارت أقرب للحكومة، ولنسمِّها ميليشيات مدعومة.
* مدعومة مِن قبل مَن؟
- من قبل الحكومة، وهذا أمر أنا لا أقبله.
* ما دمت تحدثت عن الحكومة، نسألكم عن مدى رضاكم عن أدائها، فالشعب العراقي خرج في المحافظات الجنوبية قبل أكثر من أسبوع يهتف «لمن نشتكي؟.. كلهم حرامية»، ويعنون الحكومة أو ربما البرلمان.
- لكن الشعب لم يوحد صفوفه في المظاهرات، ولو وحد صفوفه كان حصل على نتيجة. أما إذا كنت تسألني عن أداء الحكومة فأقول إذا كان هناك أداء فأنا أقيمه، لكن إذا لم يوجد أي أداء فكيف لي أن أقيمه؟
* لا يوجد هناك أي أداء باعتقادكم؟
- لا، ليس هناك أي أداء.. الأداء الوحيد للحكومة هو الحفاظ على الكرسي فقط، وقد نجحوا فيه ولله الحمد.
* وما هدفهم من الحفاظ علي الكرسي؟
- هو الكرسي هدفهم.. الحفاظ على الكرسي صار هدفا.
* وماذا عن الفساد؟
- لا نستطيع أن نصف ما يحدث بالفساد، إذا عندكم وصف أكبر من هذا سيكون ذلك أفضل. أنا لا تحضرني الآن كلمة أخرى، لكن إذا عندك كلمة أكبر أرجوك أن تقولها.
* الشعب وصفهم بتلك الصفة علنا وفي مظاهرات كبيرة، وهذا باعتقادنا وصف قاسٍ جدا.
- الشعب من حقه.. ومن حقه أن يطلق أي وصف، لكن الحكومة مشلولة ولا تستطيع أن تفعل أي شيء.
* من أقرب لكم من بين الكتل والتيارات السياسية في الساحة العراقية؟
- إن شاء الله كلهم قريبون منا.. علاقتنا جيدة مع الأكراد، وعلاقتنا مع المجلس الأعلى الإسلامي (بزعامة عمار الحكيم) أعتبرها جيدة جدا وتربطنا بهم أفضل العلاقات، وكذلك مع القائمة العراقية وبعض أعضائها، وخصوصا مع الدكتور إياد علاوي، حيث تربطنا به علاقة جيدة، ومع دولة القانون (بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي) أحاول أن أطور العلاقات معهم، لكنّ هناك جدارا عاليا وقويا لم نستطع اختراقه، لكن هناك علاقات تربط بعضنا ببعض أعضاء الكتلة.
* هل هذا الجدار سياسيا.. أم سببه محاولة السيطرة على النفوذ الشيعي؟
- سياسي، جدار سياسي، ولا علاقة للشيعة به، بل العكس إن أعضاء كتلة دولة القانون ورئيسها هم من حزب الدعوة، وهذا يعني أنهم من جماعة عمي (محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة)، ووالدي (محمد محمد صادق الصدر)، ودائما أنا أكرر المقولة التي تقول: «حكمت فينا رعايانا».
* هل تعتقدون أن حزب الدعوة الذي يقوده اليوم المالكي هو ذاته الذي أسسه عمكم من أجل العدالة والقيم النبيلة؟
- هم (كتلة المالكي) يقولون هذا وليس أنا. يقولون إن هذا هو حزب الدعوة الذي تأسس في أحضان الشهيد الأول، محمد باقر الصدر، والشهيد الثاني، محمد محمد الصدر.
* وماذا تقولون أنتم؟
- لقد تغيرت الكثير من قواعده ومبادئه، لكن هناك القدماء من أعضاء حزب الدعوة أشهد لهم بروحهم الوطنية وإخلاصهم لكنهم للأسف غير مسيطرين على مقاليد الحزب، بل تم إبعادهم عن الواجهة وسيطر أشخاص جدد على الحزب وغيروا بعض المبادئ، ومع ذلك أتمنى لهم التوفيق.
* هل أنتم من وصفتم حزب الدعوة بالحزب الحاكم؟
- نعم، ولو مجازا، نعم هو الحزب الحاكم.
* ما رأيكم بتجربة إقليم كردستان العراق مع الانتخابات البرلمانية الأخيرة؟
- لقد شهد دوليا بشفافية هذه الانتخابات، وما داموا حصلوا على هذه الشهادة فأدعو لهم بالتوفيق من الله لتحقيق الديمقراطية الحقيقية.
* وما رأيك بتجربة إدارة الإقليم والممارسات الديمقراطية هناك؟
- يحتاجون إلى القليل من الانفتاح لأن الأمور لا تأتي دفعة واحدة، ونيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، صديقي وهناك اتصالات مستمرة بيننا، وهو يحاول أن يصلح ويبني ويعمر ويبدع بكل جهده. هناك في أربيل عمل متواصل وعلاقات طيبة بين الشعب والحكومة، إذ إنهم يحاولون تقديم إنجازات كبيرة، لكن هنا، في باقي مناطق العراق، لا يوجد هذا الشيء.
* باعتقادكم لماذا لم تحاول بغداد الاستفادة من تجربة الأكراد في إقليم كردستان لبناء وتطوير العراق. هل سببه تعالٍ على تجربة الأكراد؟
- بل سببه الصراع السياسي. لقد أخبرني الدكتور برهم صالح، نائب رئيس الحكومة العراقية ورئيس حكومة إقليم كردستان سابقا، بأنه بعث بشركة كي تقيم مشروع لإنتاج الطاقة الكهربائية في النجف لكنهم رفضوا، وقال لي (صالح) لقد قلنا لهم سنقيم هذه المحطة مجانا لأهالي النجف لكنهم رفضوها ورفضوها بقوة حتى لا يحسب هذا إنجازا للأكراد.
* باعتقادكم من المسؤول عن إهدار الدم العراقي.. أطفال مدارس ومجالس عزاء ومساجد وحسينيات.. قتل يومي للعراقيين الأبرياء من الشيعة والسنة والمسيحيين والصابئة واليزيديين وغيرهم من العرب وغير العرب؟
- الجميع مسؤولون عن هذا الدم ودون استثناء.. لكن هذه المسؤولية تتفاوت درجاتها ما بين القيادة والشعب والمرجعية والحكومة والجهات الأمنية والمخابرات والاستخبارات وغيرها.
* إذا أردنا أن نحاسب المسؤول عن إهدار الدم العراقي، باعتقادكم سنحاسب من؟
- في الأساس كانت مسؤولية صدام (حسين)، ولكن ليس من المعقول أن نصحح الخطأ بالخطأ، وأنا دائما أذكر قصة وجود فأر في البيت وأرادوا التخلص منه فأتوا بقطة، ثم تحولت القطة إلى مشكلة فجاءوا بكلب للتخلص منها، وتحول الكلب إلى مشكلة فاتوا بفيل لإخراجه، لكن الفيل هو الآخر صار مشكلة كبيرة فاضطروا إلى جلب فأر ليتخلصوا من الفيل، هذا ما يحدث في العراق اليوم، وهو حل السيئ بالأسوأ. والمسؤولون الأمنيون، القائد العام للقوات المسلحة، ووزارتا الدفاع والداخلية، وبقية القادة الأمنيين، هم من يتحمل المسؤولية، لكن علينا أن لا نحملهم كل المسؤولية.
* وماذا عن العامل الخارجي في هذا الشأن؟
- هذه ملاحظة جيدة، نعم، العامل الخارجي يتدخل في هذا الموضوع بقوة، ويؤثر على الأوضاع الداخلية سلبا.
* هل فعلا أن إيران تتدخل بالشأن الداخلي العراقي؟
- بالتأكيد. وإيران تعترف ولا تخفي هذا الموضوع، فالكل يسعى لدعم دولته، ومعروف أن السيطرة على العراق هو دعم لإيران وسياستها.
* وماذا عن تركيا، هل تعتبرون تدخلها سلبيا في الشأن العراقي؟
- كلا.. لا أعتبر تدخلها سلبيا في الشأن العراقي. تدخلت في المظاهرات الغربية الموصلية والأنبارية والسامرائية وغير ذلك لم تتدخل في الشأن الداخلي.
* بهذه المناسبة كيف تنظرون إلى هذه المظاهرات، أعني مظاهرات المحافظات الغربية؟
- شعبية وشرعية ما دامت سلمية.
* هل تدعمونها؟
- أدعمها بالكلام، معنويا، أنا أيضا لي مظاهراتي وهي محتاجة إلى دعمي.
* ألا يمكن توحيد مظاهراتكم مع مظاهرات المحافظات الغربية؟
- لا.. كون مناطقهم بعيدة عن مناطقنا، يعني فرض علينا التقسيم الطائفي على الرغم منا.
* بسبب العامل الجغرافي فقط؟
- بسبب العامل الجغرافي وأيضا لخوفهم من التشدد السني أكثر مما أنا أخاف من التشدد الشيعي. وأرجو أن يكونوا أكثر شجاعة بوجه التشدد السني، أنا عندما أجد متشددا شيعيا أعلنه وأقول هذا متشدد، هم أيضا عليهم أن يستنكروا التفجيرات التي تحدث بحق الشيعة ويقولون هذا خطأ، ولست وحدي أقول إن تفجير الأماكن السنية خطأ، وعندما يساء إلى عمر أخرج. وأقول هذا خطأ.. وعليهم أن يقولوا من الخطأ شتم الإمام علي. لقد تم الإساءة إلى الإمام علي في المساجد السنية، ولم يظهر شخص شجاع ويقول هذا خطأ، لكني، وليس مدحا لنفسي، شجاع وأخرج واستنكر الإساءة إلى عمر.
* موقفكم باستنكار الإساءة إلى عمر مؤخرا، هل قدره العراقيون من الشيعة والسنة؟
- هذه مسألة طائفية وقلت تحل من قبل العقلاء.
* ألا تعتقدون أنه يجب تشريع قانون يمنع الإساءة إلى الأئمة والخلفاء والصحابة؟
- القانون هو من العقلاء، ليتم تشريع قانون بهذا الاتجاه.
* كيف تنظرون إلى قرارات منع المظاهرات؟
- هل هناك قرارات بمنع المظاهرات؟
* نعم، منعوا المظاهرات ببغداد عدة مرات.
- علنا؟؟!
* نعم.
- هذا قرار غير ديمقراطي ومنافٍ للحريات وفيه قمع للشعب العراقي.
* من الغريب أن التيار الصدري لم يدعُ لأية مظاهرات خلال الفترة القريبة الماضية!
- نحن دعونا إلى مظاهرات مليونية مرات كثيرة حتى تعبنا، وكما يقال: «اللي علينا سويناه». لا أريد أن يتحمل التيار الصدري كل شيء، فهو جزء من الشعب، وقد تكون هناك آراء أخرى لشعبنا ولا نريد مصادرتها بمظاهراتنا، وإذا الشعب العراقي توحد فأنا معه تماما، وإذا خرجت مظاهرة مليونية وليس بينها التيار الصدري عند ذاك اسألني.
* التيار الصدري جهة معارضة ويؤيدها غالبية كبيرة من العراقيين ومن كلا المذهبين، هل تحاولون تحويله إلى تيار عام بعيد عن المذهبية بحيث يضم الشيعي والسني والكردي وغير المسلم؟
- أولا يجب أن تكون هذه المعارضة بناءة وليست هدامة، الأمر الثاني هو أننا لن نتخلى عن إسلاميتنا، ولكن أن لا نكون فقط للمسلمين، وهذا من أكبر الأخطاء، فإسلاميتنا أبوية وتمارس أبوتها على الإسلامي وغير الإسلامي، وتيارنا أبوي، وأكررها، أبوي، ويلم الجميع بلا استثناء، سواء كان إسلاميا أو غير إسلامي، علماني مدني أو تنويري، مسلم أو مسيحي أو من أي دين، يجب أن يجتمع كل هؤلاء تحت عباءة التيار والرسول محمد (ص) أول من جمع الطوائف والأديان ولم يفرق بينهم أبدا.
* هل تطبق المرجعية الدينية هذه الأبوة؟
- إن شاء الله، ولو أنني لست ناطقا باسم المرجعية، وهي الآن في منأى عن السياسة في العراق.
* علاقاتكم العربية منحسرة. ما السبب؟
- أين هم العرب؟ كلهم منشغلون بثورات الربيع العربي تقريبا، عندنا مشروع لزيارة البحرين للتقريب بين وجهات النظر وإبعاد شبح الفتنة إن شاء الله، أما السعودية فهي من الدول المقدسة بالنسبة لنا وفيها مكة والمدينة المنورة.
* هل عندكم حل للوضع في البحرين؟
- سأحاول وأسعى ولا أعد الآن بشيء، والتوفيق من الله.
* باعتقادكم، ما سبب التكريس للطائفية في العراق وغيره؟
- هذه خطط أميركا وإسرائيل وبريطانيا، لم ينفعهم احتلال العراق حيث أخرجناهم من أراضينا فلجأوا إلى الطائفية لإضعافنا والسيطرة علينا، وبالفعل الطائفية شتتنا.
* من أخرج القوات الأميركية من العراق؟
- المقاومة العسكرية.. كل المقاومة العراقية السنية والشيعية. كل العراقيين قاوموا الاحتلال.
* المالكي يقول هو من أخرج القوات الأميركية.
- هذا رأيه، وليقل ما يريد.
* هناك معتقلون من التيار الصدري، ماذا جرى لهم؟
- نعم، لدينا معتقلون حتى يومنا هذا، والمشكلة أنه لم يتم تقديمهم للمحكمة ولم توجه إليهم أية اتهامات، ولو كانوا متهمين وهناك أدلة ضدهم لا أقف معهم. أنا أريد الأبرياء والمقاومين يخرجون من المعتقلات، مهاجمة دبابات الاحتلال ليست تهمة، بل هي مقاومة على الرغم من أن رئيس الوزراء قال ليس هناك مقاومون، لكن أحد رجال القانون سلمني ملفات بعض المقاومين الذي كتب على ملفه أن تهمته هي استهداف دبابة أميركية وتم اعتباره إرهابيا.. هذا عيب.. عيب، حتى أميركا لا تعتبر ذلك إرهابا، وبوش أعتقد قال لو احتل بلدي لقاومت.
* هل ستشاركون في الانتخابات القادمة بزخم قوي؟
- نعم، ولكني أحاول توحيد الصف الشيعي، وإذا تمكنت من ذلك سنشارك في الانتخابات، وأن تقل المساوئ لأن هناك احتمالا كبيرا أن يحدث عزوف من قبل المواطنين من المشاركة في الانتخابات، وهذا أمر مخيف.
* هل تعتقدون أن الحس الوطني انحسر عند العراقيين؟
- جدا.. أنا قلت إن الخوف ليس من الطائفية السياسية، بل إن الشعب يكون طائفيا.
* أنتم تتنقلون ما بين النجف وقم في إيران، فأين تستقر روحك؟
- في النجف طبعا، أرض الأجداد المقدسة.
* هل تشعرون هنا بتهديد أمني؟
- أنا لا أخشى التهديد الأمني، بل أخشى القتل المعنوي وليس القتل المادي.
* ما البرنامج اليومي للسيد مقتدى الصدر؟
- القراءة، ومتابعة الناس بشكل مباشر أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أحب الرياضة، وخصوصا المشي والسباحة، هنا لا تتوفر لي الفرصة لممارسة الرياضة، وأحيانا أمارس السباحة في قم، وهذا يحدث في أوقات نادرة جدا.
* هل تتواصل عبر «فيس بوك» و«تويتر»؟
- بالتأكيد.
* هل هناك موقع باسمكم؟
- باسمي، لا، هذا موضوع سري لا أقوله لك (يضحك).
* سؤال أخير.. كيف ترى المستقبل القريب للعراق؟
- المستقبل القريب.. سيئ.. وسوف يمضي إلى ما هو أسوأ.



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.