{انتفاضة} البرلمان العراقي على الطائفية.. أم معها؟

تساؤلات إن كان المكون السني مستهدفا أم يدفع ثمن انقسامه

{انتفاضة} البرلمان العراقي على الطائفية.. أم معها؟
TT

{انتفاضة} البرلمان العراقي على الطائفية.. أم معها؟

{انتفاضة} البرلمان العراقي على الطائفية.. أم معها؟

سابقتان خطيرتان حصلتا الخميس الماضي في العراق: الأولى إعصار كبير ضرب محافظة ميسان (400 كلم جنوب بغداد) في ظاهرة مناخية لم يشهدها العراق ولا تحصل عادة إلا في المحيطات، وهو ما يؤشر على بداية تحول مناخي هو الأخطر في تاريخ هذا البلد الصحراوي الذي يوصف مناخه في كتب الجغرافيا بأنه «حار جاف صيفًا.. بارد ممطر شتاء»، وهو المناخ الذي ترك بصماته على الشخصية العراقية التي توصف بمزاج متقلب.
والثانية هي ما يمكن تسميته بانتفاضة البرلمان العراقي ضد نفسه، وتاليًا ضد العملية السياسية منذ عام 2003، أي تاريخ الاحتلال الأميركي للعراق التي مرت ذكراه الثالثة عشرة منذ نحو أسبوع. فللمرة الأولى يحصل أن يتفق نواب من كتل وأحزاب ومكوّنات مختلفة على ضرب المحاصصة الطائفية والعرقية من تحت الحزام لكن البعض يرى أن هذا التغيير في ظاهرة إلغاء الطائفية، باطنه حقد استهدف المكون السياسي ممثلا في رأس البرلمان.

في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ العراق الحديث تجري عملية إقالة لهيئة رئاسة البرلمان من دون حصول توافقات يصمّمها زعماء الكتل وقادة الخط الأول في البلاد الذين كانوا على مدار السنوات الماضية هم من يحدد مسار الأمور في البلاد على كل المستويات.
إلا أنه طبقًا لمسار الأحداث التي وقعت يوم الخميس الماضي فإن نحو 174 عضوا في البرلمان العراقي من الكتل التي تؤلف البرلمان (وهي «التحالف الوطني» الذي يمثل الشيعة، و«تحالف القوى العراقية» الذي يمثل السنّة و«التحالف الكردستاني» الذي يمثل الكرد، فضلا عن «ائتلاف الوطنية» الذي يتزعمه إياد علاوي، ولكن أغلبية نوابه من المكوّن السنّي، بالإضافة إلى الكتل الصغيرة التي تمثل التركمان والمسيحيين والصابئة) اعتصموا منذ يوم الاثنين الماضي كردة فعل بدت عفوية أول الأمر. وكان المبرّر الظاهر في حينه رفضهم التشكيلة الوزارية التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي، والتي رأوا أنها لا تمثل طموحات الشعب العراقي الذي رفع منذ يوليو (تموز) عام 2015 شعار التغيير والإصلاح الشامل.
وبعد انضمام نواب جدد من الكتل نفسها، وانسحاب نواب لأسباب مختلفة، بقي العدد كبيرًا، مما جعلهم يعقدون جلسة الخميس بعد مطالبتهم رئيس البرلمان (المُقال الآن) الدكتور سليم الجبوري بالحضور لكي يقدموا له طلبا رسميا بحل هيئة الرئاسة.
الجبوري عاد إلى كتلته (تحالف القوى العراقية) لكي يقدم استقالته إليها، وهو ما جعل الأمور تزداد تعقيدا بعدما باتت العملية وكأنها استهداف لشخص رئيس البرلمان الذي يمثل السنّة طبقا لمبدأ المحاصصة الذي أوصل الرؤساء الثلاثة (رؤساء الجمهورية والبرلمان والوزراء) إلى السلطة عبر سلة واحدة. وبالتالي فإن إقالة أي واحد منهم لا بد أن تسري على الاثنين الآخرين، وهو ما يعني أن إقالة الجبوري نفسه تُعد من وجهة نظر «تحالف القوى العراقية»، الذي أصدر بيانًا بهذا الخصوص، وكأنها استهداف للمكوّن السنّي طبقا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» عضو البرلمان العراقي عن «التحالف» محمد الكربولي. ولقد أضاف الكربولي في حديثه أن «تحالف القوى العراقية هو أول المطالبين بالإصلاح، لأن السنّة هم المتضرّر الأكبر منذ عام 2003 وحتى اليوم لأنهم لم يشاركوا ويشتركوا في إدارة العملية السياسية في البلاد إلا في الأطر الشكلية».
وأردف الكربولي: «وجهة نظرنا كان ينبغي أن تسير الأمور طبقا للأطر الدستورية، لأن رئيس البرلمان غير متمسك بالمنصب. وبالتالي فإنه كان الأولى بمَن يقول إنه يملك الأغلبية داخل البرلمان أن يطرح عملية إقالة هيئة الرئاسة بحضور الرئيس ونائبيه، ولكنه ما لم يحصل. ثم إننا كمكوّن سنّي مستعدون لأن نتخلى عن منصب رئاسة البرلمان، الذي هو من حصتنا طبقا للمحاصصة، ونعطيه للإخوة المسيحيين شريطة أن يتخلى الشيعة عن منصب رئاسة الوزراء ويعطوه للتركمان أو الإيزيديين، وكذلك الأكراد يتخلون عن منصب رئاسة الجمهورية ويعطونه للشّبك أو لأي أقلية، أما أن تقتصر عملية التغيير وضرب المحاصصة على السنّة فقط، فهذا يعني أن المكوّن السنّي بالذات هو المستهدف».
* بداية التفكّك
في سياق ذلك، رفض رئيس البرلمان المُقال الدكتور الجبوري ما حصل، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده والذي أكد من خلاله أن «ما جرى شابه الكثير من الأخطاء، وما حصل ممارسة لا يترتب عليها أي أثر قانوني ولا يلتفت له».
الجبوري أضاف أن «عجلة العملية السياسية لا يمكن أن تمضي بتهميش مكوّنات أساسية ومهمّة، ومنعها من الحضور في اتخاذ قرارات داخل البرلمان، وعدم إمكانية أن تمضي الحياة المدنية في ظل فوضى قد تدخل الشعب في متاهة وهو يعيش في متاهات».
ولكن مع استمرار الجدل القانوني والدستوري بين من يرى أن ما حصل لم يكن أمرًا مشروعًا ومن يرى أنه مستوفٍ للشروط القانونية، قال الخبير القانوني طارق حرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «جلسة الخميس صحيحة مائة في المائة، والنتائج التي ترتبت عليها صحيحة كذلك». وتابع حرب أن «أي شكوى من قبل رئيس مجلس النواب المُقال للمحكمة الاتحادية لن تكون مُجدية».
أما رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي وصل إلى منصبه كرئيس للوزراء طبقا لمبدأ المحاصصة الذي انتفض ضده هذا العدد الكبير من أعضاء البرلمان - من بينهم نواب من حزب «الدعوة» الذي يرأس العبادي مكتبه السياسي، ومن الائتلاف الذي ينتمي إليه «دولة القانون» - فقد حذّر مما سماه «الفوضى»، وقال في كلمة له «لقد وُضعنا أمام خيار الاستسلام للفوضى والانقسام والخلافات وجرّ البلاد إلى المجهول والسقوط في الهاوية. وهذا خيار لا يمكننا الرضوخ له ونرفضه بشدة». وأما رئيس الجمهورية فؤاد معصوم (كردي) فإنه وطبقًا لبيان رئاسي أكد عدم حضوره جلسة البرلمان الخميس لانعدام ما سماه «المبرّرات الدستورية والقانونية».
* لا معايير ولا أطر
في العراق لا يستند ما هو مشروع أو لا مشروع إلى أطر ومعايير تحكمه وتتحكم به. فما يُعد من وجهة نظر البعض استحقاقًا انتخابيًا، يُعد من وجهة نظر طرف آخر استحقاقًا مكوّناتيًا، ومن يرى أن التوازن الوطني غير المحاصصة فإن ثمة من يرى أن تقاسم المناصب ليس محاصصة بقدر ما هو توازن تحدّده صناديق الاقتراع ونتائج الانتخابات. ولذلك فإنه حتى داخل المكوّنات نفسها بدأت تحصل إشكالات أساسية ما جعل ما يُسمى البيوت الشيعية والسنّية والكردية تشهد انشقاقات وتكتلات هي التي سهلت بالنتيجة الانتفاضة الحالية.
فهناك خلافات بينية بين مكوّنات «التحالف الوطني» (البيت الشيعي) لا سيما بين ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وكل من «المجلس الأعلى الإسلامي» الذي يتزعمه عمّار الحكيم و«التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر، وهو ما أدى بدايةً إلى تفكك «التحالف الوطني» على الرغم من المحاولات الحثيثة التي بذلتها إيران لتحاشي وصول الأمور داخل التحالف الشيعي إلى هذه المرحلة التي بات واضحًا فيها اليوم أن «التحالف الوطني» لم يعد هو الكتلة الأكثر تماسكًا.
وفي الاتجاه نفسه، فإن كتلة «تحالف القوى العراقية»، التي تمثل المكون السنّي في العراق، فإن تفككها بدأ منذ انتخابات عام 2010 وفوزها بالمرتبة الأولى حين كان اسمها «القائمة العراقية» بزعامة إياد علاوي، إذ نتيجةً لقرار المحكمة الاتحادية بشأن تعريف مفهوم «الكتلة الأكبر» أعطيت رئاسة الوزراء إلى «التحالف الوطني» الذي تشكل داخل البرلمان، مما أدى إلى خروج علاوي بكتلة اسمها «الوطنية»، بينما أطلق على من تبقى من «العراقية» اسم كتلة «تحالف القوى العراقية». وفيما يتعلق بكتلة «التحالف الكردستاني»، فإن الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين («الاتحاد الوطني الكردستاني» و«الحزب الديمقراطي الكردستاني»، ومعهما «حركة التغيير»، التي كانت تنحصر من قبل في الغالب في إقليم كردستان، ولا تمتد إلى بغداد)، حاليًا بسبب الأزمة المالية في الإقليم أخذت تؤثر على طبيعة التماسك الكردي بصفة عامة.
* أزمة حكومة أم نظام؟
في العراق حيث يشترك الجميع في الحكم، موالاةً ومعارضةً، فإن ما حصل في البرلمان أخيرًا لم يبتعد كثيرًا عن المصطلح الذي صاغه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، زعيم «التيار الصدري» وهو «شلع قلع».. من حيث تغيير آليات العملية السياسية التي قامت منذ عام 2003 وحتى الخميس الماضي وفق مبدأ الكعكة التي لا بد من تقاسمها بين الأفرقاء.
تعبير «الشلع قلع» لا يعني تغيير الوجوه التي يحتاج بعضها إلى آليات دستورية مفروغ منها، وفي مقدمة هذه الآليات الانتخابات، فإن الأهم من تغيير الوجوه هو «التحرش» بالآليات الخاطئة التي استندت عليها العملية السياسية، والتي بدأت بإقالة الهيئة الرئاسية للبرلمان المكونة من رئيس سني (سليم الجبوري) ونائبي رئيس شيعي (همام حمودي) وكردي (آرام شيخ محمد).
وفي هذا السياق يقول الناطق الرسمي باسم النواب المعتصمين هيثم الجبوري، وهو ينتمي إلى ائتلاف «دولة القانون» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «النواب المعتصمين قرّروا التمرد على المحاصصة العرقية والطائفية التي دمّرت البلاد وأوصلت الأوضاع إلى مرحلة من السوء ما عاد يمكن احتمالها، وهو ما جعلنا ننسجم مع موقف الشعب المنتفض منذ شهور ضد المحاصصة بكل أشكالها». وأضاف الجبوري أن «الكابينة (التشكيلة) الأولى التي كان قدّمها العبادي لنيل الثقة كانت معقولة إلى حد كبير لكن رئيس البرلمان (سليم الجبوري) وقادة الكتل السياسية أرادوا اختيار وزراء من كتلهم وأحزابهم، وهو ما جعل العبادي ينسجم معهم، بحيث قدّم الاثنين الماضي كابينة وزارية تضم وزراء من نفس الكتل والأحزاب، مما يعني استمرار المحاصصة، وهذا ما جعلنا نتخذ هذا الموقف. وبالتالي قررنا أن نبدأ عملية الإصلاح بدءًا بإقالة هيئة رئاسة البرلمان». السؤال المطروح هنا هو: هل الذي حصل مجرد «أزمة حكومة» تمثلت بعد التوافق على الأسماء التي قدمها رئيس الوزراء إلى البرلمان، ورفضت من قبل الكتل السياسية.. أم هي «أزمة نظام» نخرته المحاصصة العرقية والطائفية، ولم يعد صالحًا لإدارة البلاد التي تعاني أزمات متلاحقة أخطرها الحرب ضد تنظيم داعش الذي لا يزال يحتل نحو 30 في المائة من الأراضي العراقية والأزمة المالية بسبب انخفاض أسعار النفط؟
«التيار المدني الديمقراطي»، الذي أسهم في إطلاق شرارة مظاهرات يوليو الكهربائية، من القوى التي تعتبر التطور الأخير في البرلمان أمرًا مطلوبًا ولا يشكل مخالفة للدستور. وصرّح الدكتور علي الرفيعي رئيس «التيار المدني الديمقراطي» خلال حوار مع «الشرق الأوسط» بأن «الذي حصل (الخميس الماضي) من قبل المعتصمين في البرلمان إنما هو تجسيد لما طالب به التيار المدني الديمقراطي، ليس طوال الشهور الماضية، بل طوال السنوات الماضية.. حيث كنا منذ البداية رافضين للمحاصصة بكل أشكالها، ولكن المشكلة كانت ولا تزال في الطبقة السياسية التي لم تكن تحرك ساكنًا حتى حصل ما لم نكن نتوقعه حين ينسلخ نواب هم جزء من هذه المحاصصة، ويعبرون عن انسجامهم مع إرادة الشعب».
وردًا على سؤال بشأن لا دستورية ما حصل طبقًا لما أعلنته الرئاسة الشرعية للبرلمان، قال الرفيعي - الذي هو رجل قانون أيضًا حيث كان يشغل منصب عميد كلية القانون بجامعة بغداد -: «كرجل قانون أقول إنه لا توجد مخالفة دستورية، لأنه بموجب المادة 11 من الدستور العراقي يحق للنواب إعفاء هيئة الرئاسة بعد تحقق النصاب للجلسة وهو ما حصل، حيث أعلنوا أن الجلسة مكتملة النصاب».
وأوضح الرفيعي أن «سليم الجبوري يتحمّل مسؤولية كبيرة عما حصل، لأنه يجيد المناورات، وبالتالي، هو من جعل الكابينة (التشكيلة) الوزارية تشهد تغييرًا لصالح القوى والأحزاب السياسة التي تحكّمت على مدى العقد الماضي بكل تفاصيل العملية السياسية، وبالتالي جعلت البلد يصل إلى هذا المستوى من الخراب». واستطرد الرفيعي موضحًا أن «المشكلة الأخرى هي أن العبادي ليس صاحب قرار، وأنه خضع لما تريده الكتل السياسية إلى حد أن توقيعهم (وثيقة الشرف) قبل يوم من انتفاضة البرلمان إنما أرادوا من خلاله الحفاظ على دور كتلهم السياسية وبقائها تتسيد المشهد السياسي».
من جهته، يختلف فادي الشمري، القيادي في «المجلس الأعلى الإسلامي»، الذي لم تشارك كتلته البرلمانية (المواطن) بالاعتصامات مع ما يراه الرفيعي. بل قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الذي حصل في البرلمان أمر غير صحيح وخطوة متسرعة بدءًا من قضية النصاب القانوني، وهي غير محسومة حتى الآن، وهذا يعني بقاء الأمور على ما هي عليه حتى يحسم الجدل بشأن دستورية عقد الجلسة». وأضاف أن «السؤال الذي يطرح نفسه هو من أين أتوا بالـ171 نائبًا، بينما هناك كتل أساسية لم تنضم إليهم، وهي كتلة (المواطن) التابعة لـ(المجلس الأعلى) و(بدر) و(مستقلون) و(الفضيلة) و(تحالف القوى) و(التحالف الكردستاني)، وهؤلاء يبلغ عددهم نحو 170 نائبًا، فكيف يمكن أن يكون نصابهم مكتملاً؟».
ومضى الشمري قائلا إن «المسألة المهمة الأخرى هي أن الخوض في مشاريع مجهولة المصير يمكن أن تترتب عليه فراغات دستورية من شأنها أن تفتح باب المجهول، وتبعدنا عن المطالب الحقيقية بالإصلاح المنشود. إننا نرى أن هذه الخطوة المتسرعة إنما هي ضرب لمبدأ الإصلاح المنشود». ومن ثم تساءل عن «الكيفية التي يمكن من خلالها أن نفهم ما يقال إن النواب تخلوا عن كتلهم وزعاماتهم.. في حين أن أكبر كتلة في الاعتصام، وهي كتلة (الأحرار) الصدرية لا يمكن أن تخرج عن طاعة السيد مقتدى الصدر؟».واعتبر الشمري أن «المشكلة الكبرى تكمن في تفتت البيت السنّي مما يجعل من الصعب التعامل مع كتلة (تحالف القوى) ككتلة موحّدة، وبالتالي، فإن التخلخل فيها هو أحد العوامل التي أدت إلى هذا الخلل».
* الجبوريون الأربعة
على صعيد آخر، لعل الظاهرة الأكثر لفتًا للنظر في معادلة التصحيح في العراق تتمثل في بروز أربع شخصيات تتصدّر الأزمة الحالية جميعهم ينتمون إلى قبيلة واحدة هي قبيلة الجبور الكبيرة في العراق، والتي لها امتدادات من الشمال حيث الغالبية سنّية إلى الجنوب، حيث الغالبية شيعية. وهم رئيس البرلمان سليم الجبوري (سنّي) ومشعان الجبوري وأحمد الجبوري (سنّيّان) وهيثم الجبوري (شيعي). وإذا كان سليم الجبوري الضحية الأولى لخطوة البرلمان، وبالتالي، يعدها باطلة من الناحية القانونية فإن «الجبوريين» الثلاثة الآخرين (مشعان وأحمد وهيثم) هم أكثر من صعّد ضده داخل البرلمان، لكن من منطلق رفض المحاصصة، كما يقولون، وليس من أي منطلق عشائري أو شخصي.
وفي هذا السياق، شرح النائب مشعان الجبوري لـ«الشرق الأوسط» أن «الاعتصام كان له مطلب واحد هو إلغاء المحاصصة العرقية والطائفية التي أضرّت بالبلد كثيرًا، وكانت السبب الرئيسي في كل ما حل به من دمار وخراب». وردا على سؤال حول الكيفية التي يمكن من خلالها تنفيذ مثل هذا الطلب. قال مشعان الجبوري إن «الرغبة كانت أول الأمر إقالة هيئة رئاسة البرلمان لكن رئيس البرلمان طلب من رئيس الجمهورية معصوم الحضور إلى البرلمان لكي يتحوّل الطلب إلى إقالة رئيس الوزراء، وهو ما يعني دخولنا بقضية معقدة لا يمكن أن نخرج منها بسهولة». وأردف قائلا: «إن خطوة سليم الجبوري إنما كانت محاولة لإحداث انقسام بين النواب المعتصمين بحيث نتحوّل إلى قسمين: قسم يطالب بإقالة رئاسة البرلمان، وقسم يطالب بإقالة رئيس الوزراء، وبالتالي تنتهي الاعتصامات، وهو الهدف المطلوب الآن».
وفي السياق نفسه، رأى جاسم محمد جعفر عضو البرلمان العراقي عن «ائتلاف دولة القانون» (المالكي) في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما شهده البرلمان العراقي منذ يومين إنما هو حراك يحصل للمرة الأولى بعد عام 2003، وهو أمر مهم من أجل إلغاء المحاصصة العرقية والطائفية» وبيّن أن «نحو 170 نائبًا وقعوا على إقالة هيئة رئاسة النواب التي لا تتطلب آليات معقدة، مثل الاستجواب وغيرها، بينما العدد المطلوب لذلك هو 165 نائبًا». وأضاف جعفر أن «الذي حصل في الواقع عملية التفاف من قبل رئيس البرلمان وذلك باستدعاء رئيس الجمهورية لكي يتحوّل الطلب إلى إقالة رئيس الوزراء، وهذه خطوة توقعنا في إشكاليات معقدة، في حين أن الهدف أول الأمر هو إقالة رئاسة البرلمان واختيار رئاسة جديدة ليس على أساس المحاصصة الحزبية بل من المكوّنات. وهو ما يعني أنه في حال بقي المنصب من حصة المكوّن السنّي فإن النواب السنّة المعتصمين يختارون من بينهم رئيسًا، وكذلك الأكراد والشيعة. وبالتالي، فإن دعوة رئيس الجمهورية للحضور إنما كانت عملية التفاف على مطالب النواب ومحاولة عرقلة الحراك». وحول النواب الأكراد قال جعفر إن «النواب الأكراد الذين شاركوا في الاعتصام كانوا من كتلة (التغيير) الكردية لكنهم انسحبوا جميعًا».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».